Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 37-37)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مخبراً عن نبيه صلى الله عليه وسلم ، أنه قال لمولاه ( زيد بن حارثة ) رضي الله عنه ، وهو الذي ( أنعم الله عليه ) أي بالإسلام ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم { وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ } أي بالعتق من الرق ، وكان سيداً كبير الشأن جليل القدر ، حبيباً إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقال له ( الحب ) ويقال لابنه أسامة ( الحب ابن الحب ) قالت عائشة رضي الله عنها : ما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية إلا أمّره عليهم ، ولو عاش بعده لاستخلفه ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد زوّجه بابنة عمته ( زينب بنت جحش ) الأسدية رضي الله عنها ، وأصدقها عشرة دنانير وستين درهماً وخماراً وملحفة ودرعاً ؛ فمكثت عنده قريباً من سنة أو فوقها ، ثم وقع بينهما فجاء زيد يشكوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له : " أمسك عليك زوجك واتق الله " قال الله تعالى : { وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى ٱلنَّاسَ وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ } . روى ابن أبي حاتم عن علي بن زيد بن جدعان قال : سألني علي بن الحسين رضي الله عنهما ما يقول الحسن في قوله تعالى : { وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ } ، فذكرت له ، فقال لا ، ولكن الله تعالى أعلم نبيه أنها ستكون من أزواجه قبل أن يتزوجها ، فلما أتاه زيد رضي الله عنه ليشكوها إليه قال : " اتق الله وأمسك عليك زوجك " فقال : قد أخبرتك أني مزوجكها وتخفي في نفسك ما الله مبديه . وروى ابن جرير عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : لو كتم محمد صلى الله عليه وسلم شيئاً مما أوحي إليه من كتاب الله تعالى لكتم { وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى ٱلنَّاسَ وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ } ، وقوله تعالى : { فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا } الوطر : هو الحاجة والأرب ، أي لما فرغ منها وفارقها زوجناكها ، وكان الذي ولي تزويجها منه الله عزَّ وجلَّ ، بمعنى أنه أوحى إليه أن يدخل عليها بلا ولي ولا عقد ولا مهر ولا شهود من البشر ، عن أنس رضي الله عنه قال : " لما انقضت عدة زينب رضي الله عنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة : " اذهب فاذكرها عليَّ " فانطلق حتى أتاها وهي تخمر عجينها قال : فلما رأيتها عظمت في صدري ، حتى ما أستطيع أن أنظر إليها وأقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرها ، فوليتها ظهري ونكصت على عقبي ، وقلت : يا زينب أبشري أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرك ، قالت : ما أنا بصانعة شيئا حتى أؤمر ربي عزَّ وجلَّ ، فقامت إلى مسجدها ، ونزل القرآن ، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدخل عليها بغير إذن ، ولقد رأيتنا حين دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأطعمنا عليها الخبز واللحم ، فخرج الناس وبقي رجال يتحدثون في البيت بعد الطعام ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم واتبعته ، فجعل صلى الله عليه وسلم يتتبع حجر نسائه يسلم عليهن ويقلن : يا رسول الله كيف وجدت أهلك ؟ فما أدري أنا أخبرته أن القوم قد خرجوا أو أخبر ، فانطلق حتى دخل البيت فذهبت أدخل معه ، فألقى الستر بيني وبينه ونزل الحجاب ووعظ القوم بما وعظوا به { لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ ٱلنَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ } الآية كلها " ، وقد روى البخاري رحمه الله عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : " إن زينب بنت جحش رضي الله عنها كانت تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، فتقول : زوجكن أهاليكن ، وزوجني الله تعالى من فوق سبع سماوات " وقوله تعالى : { لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِيۤ أَزْوَاجِ أَدْعِيَآئِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً } أي إنما أبحنا لك تزويجها وفعلنا ذلك لئلا يبقى حرج على المؤمنين في تزويج مطلقات الأدعياء ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قبل النبوة قد تبنّى ( زيد بن حارثة ) رضي الله عنه ، فكان يقول له ( زيد بن محمد ) فلما قطع الله تعالى هذه النسبة بقوله تعالى : { وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَآءَكُمْ أَبْنَآءَكُمْ } [ الأحزاب : 4 ] زاد ذلك بياناً وتأكيداً بوقوع تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش رضي الله عنها لما طلقها زيد بن حارثة ، ولهذا قال تعالى في آية التحريم { وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ ٱلَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ } [ النساء : 23 ] ليحترز من الابن الدعي ، فإن ذلك كان كثيراً فيهم ، وقوله تعالى : { وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ مَفْعُولاً } أي وكان هذا الأمر الذي وقع قد قدره الله تعالى وحتمه ، وهو كائن لا محالة ، كانت زينب رضي الله عنها في علم الله ستصير من أزواج النبي صلى الله عليه سلم .