Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 6-6)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
علم الله تعالى شفقة رسوله صلى الله عليه وسلم على أمته ونصحه لهم ، فجعله أولى بهم من أنفسهم ، وحكمه فيهم مقدمٌ على اختيارهم لأنفسهم ، كما قال تعالى : { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } [ النساء : 65 ] ، وفي الصحيح : " والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين " وفي الصحيح أيضاً " أن عمر رضي الله عنه قال : يا رسول الله ، والله لأنت أحب إليَّ من كل شيء إلاّ من نفسي ، فقال صلى الله عليه وسلم : " لا يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك " فقال : يا رسول الله والله لأنت أحب إليَّ من كل شيء حتى من نفسي ، فقال صلى الله عليه وسلم : الآن يا عمر " ؛ ولهذا قال تعالى في هذه الآية : { ٱلنَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } ، وقال البخاري عند هذه الآية الكريمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من مؤمن إلاّ وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة ، إقرأوا إن شئتم : { ٱلنَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } . فأيما مؤمن ترك مالاً فليرثه عصبته من كانوا ، وإن ترك ديناً أو ضياعاً فليأتني فأنا مولاه " وقال تعالى : { وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ } أي في الحرمة والاحترام ، والتوقير والإكرام والإعظام ، ولكن لا تجوز الخلوة بهن ولا ينتشر التحريم إلى بناتهن وأخواتهن بالإجماع . وقوله تعالى : { وَأُوْلُو ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ } أي في حكم الله { مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُهَاجِرِينَ } أي القرابات أولى بالتوارث من المهاجرين والأنصار ، وهذه ناسخة لما كان قبلها من التوارث بالحلف والمؤاخاة التي كانت بينهم ، كما قال ابن عباس وغيره : كان المهاجري يرث الأنصاري دون قراباته وذوي رحمه للأخوة التي آخى بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال : أنزل الله عزَّ وجلَّ فينا خاصة معشر قريش والأنصار : { وَأُوْلُو ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ } ، وذلك أنا معشر قريش لما قدمنا من المدينة قدمنا ولا أموال لنا ، فوجدنا الأنصار نعم الإخوان فواخيناهم ووارثناهم ، فآخى أبو بكر رضي الله عنه ( خارجة بن زيد ) ، وآخى عمر رضي الله عنه فلاناً ، وآخى عثمان رضي الله عنه رجلاً من بني زريق ( ابن سعد الزرقي ) ويقول بعض الناس غيره ، قال الزبير رضي الله عنه وواخيت أنا ( كعب بن مالك ) فجئته فابتعلته ، فوجدت السلاح قد ثقله فيما يرى ، فوالله يا بني لو مات يومئذٍ عن الدنيا ما ورثه غيري ، حتى أنزل الله تعالى هذه الآية فينا معشر قريش ، والأنصار خاصة ، فرجعنا إلى مواريثنا . وقوله تعالى : { إِلاَّ أَن تَفْعَلُوۤاْ إِلَىٰ أَوْلِيَآئِكُمْ مَّعْرُوفاً } أي ذهب الميراث وبقي النصر والبر والصلة والإحسان والوصية ، وقوله تعالى : { كَانَ ذَلِكَ فِي ٱلْكِتَابِ مَسْطُوراً } أي هذا الحكم ، وهو أن أولي الأرحام بعضهم أولى ببعض ، حكم من الله مقدر مكتوب في الكتاب الأول الذي لا يبدل ولا يغير ، وإن كان تعالى قد شرع خلافه في وقت ، لما له في ذلك من الحكمة البالغة وهو يعلم أنه سينسخه إلى ما هو جار في قدره الأزلي وقضائه القدري الشرعي والله أعلم .