Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 163-165)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال ابن عباس ، قال سكن وعدي بن زيد : يا محمد ما نعلم أن الله أنزل على بشر من شيء بعد موسى ، فأنزل الله في ذلك من قولهما : { إِنَّآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ كَمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ نُوحٍ وَٱلنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ } إلى آخر الآيات . ثم ذكر فضائحهم ومعايبهم وما كانوا عليه وما هم عليه الآن من الكذب والافتراء ، ثم ذكر تعالى أنه أوحى إلى عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم كما أوحى إلى غيره من الأنبياء المتقدمين ، فقال : { إِنَّآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ كَمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ نُوحٍ وَٱلنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ } ، إلى قوله : { وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً } والزبور اسم الكتاب الذي أوحاه الله إلى داود عليه السلام ، وسنذكر ترجمة كل واحد من هؤلاء الأنبياء عليهم من الله أفضل الصلاة والسلام عند قصصهم من سورة الأنبياء إن شاء الله وبه الثقة وعليه التكلان . وقوله تعالى : { وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ } ، أي من قبل هذه الآية ، يعني في السور المكية وغيرها وهذه تسمية الأنبياء الذين نص الله على أسمائهم في القرآن وهم : ( آدم ، وإدريس ونوح وهود وصالح وإبراهيم ولوط وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ويوسف وأيوب وشعيب وموسى وهارون ويونس وداود وسليمان وإلياس واليسع وزكريا ويحيى وعيسى وكذا ذو الكفل ، عند كثير من المفسرين وسيدهم محمد صلى الله عليه وسلم ) وقوله : { وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ } أي خلقاً آخرين لم يذكروا في القرآن ، وقد اختلف في عدة الأنبياء والمرسلين ، والمشهور في ذلك حديث أبي ذر الطويل ، وذلك فيما رواه ابن مردويه رحمه الله في تفسيره عن أبي ذر قال ، قلت : " يا رسول الله كم الأنبياء ؟ قال : " مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً " ، قلت : يا رسول الله كم الرسل منهم ؟ قال : " ثلاثمائة وثلاثة عشر ، جم غفير " ، قلت : يا رسول الله من كان أولهم ؟ قال : " آدم " ، قلت : يا رسول الله نبي مرسل ؟ قال : " نعم خلقه الله بيده ثم نفخ فيه من روحه ثم سواه قبيلاً " وقد روي هذا الحديث من وجه آخر عن صحابي آخر ، فقال ابن أبي حاتم عن أبي أمامة ، قال ، قلت : " يا نبي الله كم الأنبياء ؟ قال : " مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً ، والرسل من ذلك ثلثمائة وخمسة عشر ، جماً غفيراً " " . وقوله تعالى : { وَكَلَّمَ ٱللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيماً } ، وهذا تشريف لموسى عليه السلام بهذه الصفة ، ولهذا يقال له الكليم ، وقد قال الحافظ أبو بكر بن مردويه : جاء رجل إلى أبي بكر بن عياش ، فقال : سمعت رجلاً يقرأ { وكلم الله موسى تكليماً } ، فقال أبو بكر : ما قرأ هذا إلا كافر . قرأت على الأعمش ، وقرأ الأعمش على يحيى بن وثاب ، وقرأ يحيى بن وثاب على أبي عبد الرحمٰن السلمي ، وقرأ أبو عبد الرحمٰن السلمي على علي بن أبي طالب ، وقرأ علي بن أبي طالب على رسول الله : { وكلم اللَّهُ موسى تكليماً } ، وإنما اشتد غضب أبي بكر بن عياش رحمه الله على من قرأ كذلك ، لأنه حرّف لفظ القرآن ومعناه ، وكان هذا من المعتزلة الذين ينكرون أن يكون الله كلم موسى عليه السلام أو يكلم أحداً من خلقه كما رويناه عن بعض المعتزلة أنه قرأ على بعض المشايخ { وكلم الله موسى تكليماً } ، فقال له : يا ابن اللخناء ! كيف تصنع بقوله تعالى : { وَلَمَّا جَآءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ } [ الأعراف : 143 ] يعني أن هذا لا يحتمل التحريف ولا التأويل . وقد روى الحاكم في مستدركه وابن مردويه عن ابن مسعود قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كان على موسى يوم كلمه ربه جبة صوف ، وكساء صوف ، وسراويل صوف ، ونعلان من جلد حمار غير ذكي " . وقوله تعالى : { رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ } أي يبشرون من أطاع الله ، واتبع رضوانه بالخيرات ، وينذرون من خالف أمره وكذب رسله بالعقاب والعذاب ، وقوله : { لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ ٱلرُّسُلِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً } ، أي أنه تعالى أنزل كتبه وأرسل رسله بالبشارة والنذارة ، وبين ما يحبه ويرضاه مما يكرهه ويأباه ، لئلا يبقى لمعتذر عذر ، كما قال تعالى : { وَلَوْ أَنَّآ أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُواْ رَبَّنَا لَوْلاۤ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَىٰ } [ طه : 134 ] ، وكذا قوله : { وَلَوْلاۤ أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } [ القصص : 47 ] الآية ، وقد ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا أحد أغير من الله ، من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، ولا أحد أحب إليه المدح من الله عزَّ وجلَّ ، من أجل ذلك مدح نفسه ، ولا أحد أحب إليه العذر من الله ، من أجل ذلك بعث النبيين مبشرين ومنذرين " ، وفي لفظ آخر : " من أجل ذلك أرسل رسله وأنزل كتبه " .