Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 166-170)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما تضمن قوله تعالى : { إِنَّآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ } [ النساء : 163 ] إلى آخر السياق إثبات نبوته صلى الله عليه وسلم والرد على من أنكر نبوته من المشركين وأهل الكتاب قال الله تعالى ؛ { لَّـٰكِنِ ٱللَّهُ يَشْهَدُ بِمَآ أَنزَلَ إِلَيْكَ } ، أي وإن كفر به من كفر به ممن كذبك وخالفك ، فالله يشهد لك بأنك رسوله الذي أنزل عليه الكتاب وهو القرآن العظيم الذي : { لاَّ يَأْتِيهِ ٱلْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } [ فصلت : 42 ] ، ولهذا قال : { أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ } ، أي فيه علمه الذي أراد أن يطلع العباد عليه من البينات والهدى والفرقان ، وما يحبه الله ويرضاه ، وما يكرهه ويأباه ، وما فيه من العلم بالغيوب من الماضي والمستقبل ، وما فيه من ذكر صفاته تعالى المقدسة التي لا يعلمها نبي مرسل ولا ملك مقرب إلا أن يعلمه الله به ، كما قال تعالى : { وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَآءَ } [ البقرة : 255 ] وقال : { وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً } [ طه : 110 ] . وقال ابن أبي حاتم عن عطاء بن السائب قال : أقرأني أبو عبد الرحمٰن السلمي القرآن ، وكان إذا قرأ عليه أحدنا القرآن قال : قد أخذت علم الله ، فليس أحد اليوم أفضل منك إلا بعمل ، ثم يقرأ قوله : { أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً } . قوله : { وَٱلْمَلاۤئِكَةُ يَشْهَدُونَ } أي بصدق ما جاءك وأوحى إليك وأنزل عليك مع شهادة الله تعالى بذلك ، { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً } قال محمد بن إسحاق عن ابن عباس قال : دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من اليهود ، فقال لهم : " إني لأعلم والله إنكم لتعلمون أني رسول الله " ، فقالوا : ما نعلم ذلك ، فأنزل الله عزَّ وجلَّ : { لَّـٰكِنِ ٱللَّهُ يَشْهَدُ بِمَآ أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ } الآية . وقوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ قَدْ ضَلُّواْ ضَلَٰلاً بَعِيداً } أي كفروا في أنفسهم فلم يتبعوا الحق ، وسعوا في صد الناس عن اتباعه والاقتداء به ، قد خرجوا عن الحق وضلوا عنه وبعدوا منه بعداً عظيماً شاسعاً ، ثم أخبر تعالى عن حكمه في الكافرين بآياته وكتابه ورسوله ، الظالمين لأنفسهم بذلك وبالصد عن سبيله ، وارتكاب مآثمه ، وانتهاك محارمه بأنه لا يغفر لهم { وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً } أي سبيلاً إلى الخير { إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ } ، وهذا استثناء منقطع { خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً } الآية . ثم قال تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَكُمُ ٱلرَّسُولُ بِٱلْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُواْ خَيْراً لَّكُمْ } ، أي قد جاءكم محمد صلوات الله وسلامه عليه بالهدى ودين الحق والبيان الشافي من الله عزَّ وجلَّ ، فآمنوا بما جاءكم به واتبعوه يكن خيراً لكم ، ثم قال : { وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي فهو غني عنكم وعن إيمانكم ، ولا يتضرر بكفرانكم كما قال تعالى : { وَقَالَ مُوسَىۤ إِن تَكْفُرُوۤاْ أَنتُمْ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ } [ إبراهيم : 8 ] ، وقال هٰهنا : { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً } أي بمن يستحق منكم الهداية فيهديه ، وبمن يستحق الغواية فيغويه { حَكِيماً } أي في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره .