Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 15-17)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مخبراً عن عظمته وكبريائه ، وارتفاع عرشه العظيم العالي على جميع مخلوقاته ، كالسقف لها كما قال تعالى : { تَعْرُجُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } [ المعارج : 4 ] . وقد ذكر غير واحد أن العرش من ياقوتة حمراء اتساع ما بين قطريه مسيرة خمسين ألف سنة ، وارتفاعه عن الأرض السابعة مسيرة خمسين ألف سنة ، وقوله تعالى : { يُلْقِي ٱلرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ } ، كقوله جلت عظمته : { يُنَزِّلُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ بِٱلْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوۤاْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنَاْ فَٱتَّقُونِ } [ النحل : 2 ] ، وكقوله تعالى : { نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلأَمِينُ * عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُنْذِرِينَ } [ الشعراء : 193 - 194 ] ، ولهذا قال عزّ وجلّ : { لِيُنذِرَ يَوْمَ ٱلتَّلاَقِ } ، قال ابن عباس : { يَوْمَ ٱلتَّلاَقِ } اسم من أسماء يوم القيامة حذر الله منه عباده ، يلتقي فيه آدم وآخر ولده ، وقال ابن زيد : يلتقي فيه العباد . وقال قتادة والسدي : يلتقي فيه أهل السماء وأهل الأرض والخالق والخلق ، وقال ميمون بن مهران : يلتقي الظالم والمظلوم ، وقد يقال إن يوم التلاق يشمل هذا كله ويشمل أن كل عامل سيلقى ما عمله من خير وشر كما قاله آخرون . وقوله جلّ جلاله : { يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لاَ يَخْفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ } أي ظاهرون بادون كلهم ، لا شيء يكنهم ولا يظلهم ولا يسترهم ، { لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ } قد تقدم في حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه تعالى يطوي السماوات والأرض بيده ، ثم يقول : أنا الملك ، أنا الجبار ، أنا المتكبر . أين ملوك الأرض ؟ أين الجبارون ؟ وفي حديث الصور أنه عزّ وجلّ إذا قبض أرواح جميع خلقه ، فلم يبق سواه وحده لا شريك له ، حينئذٍ يقول : { لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ } ؟ ثلاث مرات ، ثم يجيب نفسه قائلاً : { لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ } أي الذي قهر كل شيء وغلبه ، وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما : ينادي مناد بين يدي الساعة يا أيها الناس أتتكم الساعة فيسمعها الأحياء والأموات ، قال ، وينزل الله عزّ وجلّ إلى السماء الدنيا ويقول : { لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ } ، وقوله جلَّت عظمته : { ٱلْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَـسَبَتْ لاَ ظُلْمَ ٱلْيَوْمَ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } ، يخبر تعالى عن عدله في حكمه بين خلقه ، أنه لا يظلم مثقال ذرة من خير ولا من شر ، بل يجزي بالحسنة عشر أمثالها وبالسيئة واحدة ، ولهذا قال تبارك وتعالى : { لاَ ظُلْمَ ٱلْيَوْمَ } ، كما ثبت في " صيحيح مسلم " : " يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا - إلى أن قال - يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها عليكم ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيراً فليحمد الله تبارك وتعالى ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه " ، وقوله عزّ وجلّ : { إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } أي يحاسب الخلائق كلهم كما يحاسب نفساً واحدة ، كما قال جلّ وعلا : { مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ } [ لقمان : 28 ] .