Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 41, Ayat: 13-18)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى : قل يا محمد لهؤلاء المشركين المكذبين بما جئتهم به من الحق ، إن أعرضتم عما جئتكم به من عند الله تعالى ، فإني أنذركم حلول نقمة الله بكم ، كما حلَّت بالأُمم الماضين من المكذبين بالمرسلين { صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } أي ومن شاكلهما ممن فعل كفعلهما ، { إِذْ جَآءَتْهُمُ ٱلرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ } ، كقوله تعالى : { وَقَدْ خَلَتِ ٱلنُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ } [ الأحقاف : 21 ] أي ما أحل الله بأعدائه من النقم ، وما ألبس أولياءه من النعم ، ومع هذا ما آمنوا ولا صدقوا بل كذبوا وجحدوا وقالوا : { لَوْ شَآءَ رَبُّنَا لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً } أي لو أرسل الله رسلاً لكانوا ملائكة من عنده { فَإِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ } أي أيها البشر { كَافِرُونَ } أي لا نتبعكم وأنتم بشر مثلنا ، قال الله تعالى : { فَأَمَّا عَادٌ فَٱسْتَكْبَرُواْ فِي ٱلأَرْضِ } أي بغوا وعتوا وعصوا { وَقَالُواْ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً } ؟ أي منوا بشدة تركيبهم وقواهم واعتقدوا أنهم يمتنعون بها من بأس الله ، { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً } أي أفما يتفكرون فيمن يبارزون بالعداوة ، فإنه العظيم الذي خلق الأشياء وركب فيها قواها الحاملة لها ، وأن بطشه شديد فلهذا قال : { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً } قال بعضهم : وهي شديدة الهبوب ، وقيل : الباردة ، وقيل : هي التي لها صوت . والحق أنها متصفة بجميع ذلك ، فإنها كانت ريحاً شديدة قوية ، وكانت باردة شديدة البرد جداً ، وكانت ذات صوت مزعج . وقوله تعالى : { فِيۤ أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ } أي متتابعات كقوله : { فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ } [ القمر : 19 ] أي ابتدِئوا بهذا العذاب في يوم نحس عليهم واستمر بهم هذا النحس { سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً } [ الحاقة : 7 ] حتى أبادهم عن آخرهم ، واتصل بهم خزي الدنيا بعذاب الآخرة ، ولهذا قال : { لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ ٱلْخِزْيِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَخْزَىٰ } أشد خزياً لهم ، { وَهُمْ لاَ يُنصَرُونَ } أي في الأخرى كما لم ينصروا في الدنيا ، وقوله عزّ وجلّ : { وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ } قال ابن عباس : بيّنّا لهم ، وقال الثوري : دعوناهم { فَٱسْتَحَبُّواْ ٱلْعَمَىٰ عَلَى ٱلْهُدَىٰ } أي بصرناهم وبيّنّا لهم ووضَّحنا لهم الحق على لسان نبيّهم صالح عليه الصلاة والسلام ، فخالفوه وكذبوه وعقروا ناقة الله تعالى التي جعلها آية وعلامة على صدق نبيهم ، { فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ ٱلْعَذَابِ ٱلْهُونِ } أي بعث الله عليهم صيحة ورجفة ، وذلاً وهواناً ، وعذاباً ونكالاً ، { بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } أي من التكذيب والجحود ، { وَنَجَّيْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } أي من بين أظهرهم لم يمسهم سوء ، ولا نالهم من ذلك ضرر ، بل نجاهم الله تعالى مع نبيهم صالح عليه الصلاة والسلام بإيمانهم وتقواهم لله عزّ وجلّ .