Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 66-73)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى : هل ينتظر هؤلاء المشركون المكذبون للرسل { إِلاَّ ٱلسَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } أي فإنها كائنة لا محالة وواقعة ، وهؤلاء غافلون عنها ، فإذا جاءت إنما تجيء وهم لا يشعرون بها ، فحينئذٍ يندمون كل الندم حيث لا ينفعهم ولا يدفع عنهم ، وقوله تعالى : { ٱلأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ } أي كل صداقة وصحابة لغير الله ، فإنها تنقلب يوم القيامة عداوة إلا ما كان لله عزّ وجلّ ، فإنه دائم بدوامه ، وهذا كما قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام لقومه : { إِنَّمَا ٱتَّخَذْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَوْثَاناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّاصِرِينَ } [ العنكبوت : 25 ] قال ابن عباس ومجاهد : صارت كل خلة عداوة يوم القيامة إلا المتقين . وروى الحافظ ابن عساكر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو أن رجلين تحابا في الله أحدهما بالمشرق والآخر بالمغرب لجمع الله تعالى بينهما يوم القيامة ، يقول هذا الذي أحببته فيَّ " وقوله تبارك وتعالى : { يٰعِبَادِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ } ثم بشرهم فقال : { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ مُسْلِمِينَ } أي آمنت قلوبهم وبواطنهم ، وانقادت لشرع الله جوارحهم وظواهرهم ، قال المعتمر بن سليمان عن أبيه : إذا كان يوم القيامة فإن الناس حين يبعثون لا يبقى أحد منهم إلا فزع فينادي منادٍ { يٰعِبَادِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ } فيرجوها الناس كلهم ، قال : فيتبعها : { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ مُسْلِمِينَ } قال : فييأس الناس منها غير المؤمنين { ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ } أي يقال لهم : ادخلوا الجنة { أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ } أي نظراؤكم { تُحْبَرُونَ } أي تتنعمون وتسعدون ، وقد تقدم تفسيرها في سورة الروم . { يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ } أي زبادي آنية الطعام { وَأَكْوَابٍ } وهي آنية الشراب أي من ذهب لا خراطيم لها ولا عرى { وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ ٱلأَنْفُسُ } ، وقرأ بعضهم تشتهي الأنفس : { وَتَلَذُّ ٱلأَعْيُنُ } أي طيب الطعم والريح وحسن المنظر ، روى عبد الرزاق عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن أدنى أهل الجنة منزلة وأسفلهم درجة لرجل لا يدخل الجنة بعده أحد ، يفسح له في بصره مسيرة مائة عام ، في قصور من ذهب وخيام من لؤلؤ ، ليس فيها موضع شبر إلا معمور ، يغدى عليه ويراح بسبعين ألف صحفة من ذهب ليس فيها صحفة إلا فيها لون ليس في الأخرى مثله ، شهوته في آخرها كشهوته في أولها ، لو نزل به جميع أهل الأرض لوسع عليهم مما أُعْطي ، لا ينقص ذلك مما أوتي شيئاً " . وقوله تعالى : { وَأَنتُمْ فِيهَا } أي في الجنة { خَالِدُونَ } أي لا تخرجون منها ولا تبغون عنها حولاً ، ثم قيل لهم على وجه التفضل والامتنان : { وَتِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِيۤ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } أي أعمالكم الصالحة كانت سبباً لشمول رحمة الله إياكم ، فإنه لا يدخل أحداً عملُه الجنة ولكن برحمة الله وفضله ، وإنما الدرجات ينال تفاوتها بحسب الأعمال الصالحات . روى ابن أبي حاتم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " كل أهل النار يرى منزله من الجنة فيكون له حسرة ، فيقول : { لَوْ أَنَّ ٱللَّهَ هَدَانِي لَكُـنتُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ } ، وكل أهل الجنة يرى منزله من النار فيقول : { وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلاۤ أَنْ هَدَانَا ٱللَّهُ } فيكون له شكراً " ، قال : وما من أحد إلا وله منزل في الجنة ومنزل في النار ، الكافر يرث المؤمن منزله من النار ، والمؤمن يرث الكافر منزله في الجنة " وذلك قوله تعالى : { وَتِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِيۤ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } ، وقوله تعالى : { لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ } أي من جميع الأنواع { مِّنْهَا تَأْكُلُونَ } أي مهما اخترتم وأردتم ، ولما ذكر الطعام والشراب ذكر بعده الفاكهة لتتمم النعمة والغبطة ، والله تعالى أعلم .