Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 9-14)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى : ولئن سألت يا محمد ، هؤلاء المشركون بالله العابدين معه غيره { مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ ٱلْعَزِيزُ ٱلْعَلِيمُ } أي ليعترفن بأن الخالق لذلك هو الله وحده ، وهم مع هذا يعبدون معه غيره ، من الأصنام والأنداد ، ثم قال تعالى : { ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ مَهْداً } أي فراشاً قراراً ثابتة ، تسيرون عليها وتقومون وتنامون ، مع أنها مخلوقة على تيار الماء ، لكنه أرساها بالجبال لئلا تميد ، { وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً } أي طرقاً بين الجبال والأودية { لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } أي في سيركم من بلد إلى بلد ، وقطر إلى قطر ، { وَٱلَّذِي نَزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ } أي بحسب الكفاية لزروعكم وثماركم ، وشربكم لأنفسكم ولأنعامكم ، { فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً } أي أرضاً ميتة ، فلما جاءها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج ، ثم نبَّه تعالى بإحياء الأرض على إحياء الأجساد يوم المعاد بعد موتها فقال : { كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ } . ثم قال عزّ وجلّ : { وَٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَزْوَاجَ كُلَّهَا } أي مما تنبت الأرض من سائر الأصناف ، من نبات وزروع وثمار وغير ذلك ، ومن الحيوانات على اختلاف أجناسها ، وأصنافها ، { وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلْفُلْكِ } أي السفن { وَٱلأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ } أي ذللها لكم وسخَّرها ويسّرها ، لأكلكم لحومها وشربكم ألبانها وركوبكم ظهورها ، ولهذا قال جلّ وعلا { لِتَسْتَوُواْ عَلَىٰ ظُهُورِهِ } أي لتستووا متمكنين مرتفقين { عَلَىٰ ظُهُورِهِ } أي على ظهور هذا الجنس ، { ثُمَّ تَذْكُرُواْ نِعْمَةَ رَبِّكُمْ } أي فيما سخر لكم { إِذَا ٱسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُواْ سُبْحَانَ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَـٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ } أي مقاومين ، ولولا تسخير الله لنا هذا ما قدرنا عليه . قال ابن عباس : { مُقْرِنِينَ } أي مطيقين ، { وَإِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ } أي لصائرون إليه بعد مماتنا ، وإليه سيرنا الأكبر ، وهذا من باب التنبيه بسير الدنيا على سير الآخرة ، كما نبه بالزاد الدنيوي على الزاد الأخروي في قوله تعالى : { وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقْوَىٰ } [ البقرة : 197 ] وباللباس الدنيوي على الأخروي في قوله تعالى : { وَرِيشاً وَلِبَاسُ ٱلتَّقْوَىٰ ذٰلِكَ خَيْرٌ } [ الأعراف : 26 ] . ( ذكر الأحاديث الواردة عند ركوب الدابة ) ( حديث علي بن أبي طالب ) : عن علي بن ربيعة قال : " رأيت علياً رضي الله عنه أتي بدابة ، فلما وضع رجله في الركاب قال : باسم الله ، فلما استوى عليها قال : الحمد لله { سُبْحَانَ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَـٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ } ، ثم حمد الله تعالى ثلاثاً وكبّر ثلاثاً ، ثم قال سبحانك لا إلٰه إلا أنت قد ظلمت نفسي ، فاغفر لي ، ثم ضحك ، فقلت له : مما ضحكت يا أمير المؤمنين ؟ فقال رضي الله عنه : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل مثل ما فعلت ، ثم ضحك ، فقلت : مم ضحكت يا رسول الله ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : " يعجب الرب تبارك وتعالى من عبده إذا قال : رب اغفر لي ، ويقول : علم عبدي أنه لا يغفر الذنوب غيري " " . ( حديث عبد الله بن عمر ) : روى الإمام أحمد ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : " إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ركب راحلته كبر ثلاثاً ثم قال : { سُبْحَانَ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَـٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ } ، ثم يقول : " اللهم إني أسألك في سفري هذا البر والتقوى ، ومن العمل ما ترضى ، اللهم هوّن علينا السفر ، واطوِ لنا البعد ، اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل ، اللهم أصبحنا في سفرنا واخلفنا في أهلنا " . وكان صلى الله عليه وسلم إذا رجع إلى أهله قال : " آيبون تائبون إن شاء الله ، عابدون لربنا حامدون " " .