Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 47, Ayat: 29-31)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى : { أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ ٱللَّهُ أَضْغَانَهُمْ } ؟ أي أيعتقد المنافقون أن الله لا يكشف أمرهم لعباده المؤمنين ؟ بل سيوضح أمرهم ويجليه حتى يفهمه ذوو البصائر ، وقد أنزل الله تعالى في ذلك سورة براءة فبين فيها فضائحهم ، ولهذا كانت تسمى الفاضحة ، والأضغان جمع ضغن وهو ما في النفوس من الحسد والحقد للإسلام وأهله والقائمين بنصره ، وقوله تعالى : { وَلَوْ نَشَآءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ } ، يقول عزَّ وجلَّ : ولو نشاء يا محمد لأريناك أشخاصهم فعرفتهم عياناً ، ولكن لم يفعل تعالى ذلك في جميع المنافقين ، ستراً منه على خلقه ، وحملاً للأمور على ظاهر السلامة ، ورداً للسرائر إلى عالمها { وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ ٱلْقَوْلِ } أي فيما يبدو من كلامهم الدال على مقاصدهم ، يفهم المتكلم من أي الحزبين هو بمعاني كلامه وفحواه ، وهو المراد من لحن القول ، كما قال أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه : ما أسر أحد سريرة إلاّ أبداها الله على صفحات وجهه ، وفلتات لسانه ، وفي الحديث : " ما أسر أحد سريرة إلاّ كساه الله تعالى جلبابها ، إن خيراً فخير ، وإن شراً فشر " ، وقد ورد في الحديث تعيين جماعة من المنافقين ، قال عقبة بن عمرو رضي الله عنه : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة فحمد الله تعالى وأثنى عليه ، ثم قال : " إن منكم منافقين فمن سميت فليقم - ثم قال - قم يا فلان ، قم يا فلان ، قم يا فلان ، حتى سمى ستة وثلاثين رجلاً ؟ . ثم قال : - إن فيكم أو منكم - منافقين فاتقوا الله " ، قال فمرّ عمر رضي الله عنه برجل ممن سمى مقنع قد كان يعرفه ، فقال : ما لك ؟ فحدثه بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : بعداً لك سائر اليوم . وقوله عزَّ وجلَّ : { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ } أي لنختبرنكم بالأوامر والنواهي { حَتَّىٰ نَعْلَمَ ٱلْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَٱلصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَاْ أَخْبَارَكُمْ } ، وليس في تقدم علم الله تعالى بما هو كائن شك ولا ريب ، فالمراد حتى نعلم وقوعه ، ولهذا يقول ابن عباس في مثل هذا : إلاّ لنعلم ، أي لنرى .