Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 49, Ayat: 13-13)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مخبراً للناس أنه خلقهم من نفس واحدة ، وجعل منها زوجها وهما ( آدم ) و ( حواء ) وجعلهم شعوباً وهي أعم من القبائل ، وبعدها مراتب أُخر ، كالفصائل والعشائر والأفخاذ وغير ذلك ، فجميع الناس في الشرف بالنسبة الطينية ، إلى آدم وحواء عليهما السلام سواء ، وإنما يتفاضلون بالأمور الدينية ، وهي طاعة الله تعالى ومتابعة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولهذا قال تعالى بعد النهي عن الغيبة ، واحتقار بعض الناس بعضاً ، منبهاً على تساويهم في البشرية : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوۤاْ } أي ليحصل التعارف بينهم كل يرجع إلى قبيلته . وقال مجاهد : { لِتَعَارَفُوۤاْ } كما يقال فلان ابن فلان من قبيلة كذا وكذا ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم ، فإن صلة الرحم محبة في الأهل مثراة في المال منسأة في الأثر " وقوله تعالى : { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَاكُمْ } ، أي إنما تتفاضلون عند الله تعالى بالتقوى لا بالأحساب . وقد وردت الأحاديث بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فروى البخاري عن أبي هريرة قال : " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الناس أكرم ؟ قال : " أكرمهم عند الله أتقاهم " ، قالوا : ليس على هذا نسألك ، قال : فأكرم الناس يوسف نبي الله ، ابن نبي الله ، ابن نبي الله ابن خليل الله ، قالوا : وليس عن هذا نسألك ، قال : " فعن معادن العرب تسألوني " ؟ قالوا : نعم ، قال : " فخياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا " " حديث آخر : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " حديث آخر : وروى الإمام أحمد ، عن أبي ذر رضي الله عنه قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : " انظر فإنك لست بخير من أحمر ولا أسود إلا أن تفضله بتقوى الله " حديث آخر : وعن حبيب بن خراش العصري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " المسلمون أخوة لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى " حديث آخر : وعن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كلكم بنو آدم وآدم خلق من تراب ولينتهين قوم يفخرون بآبائهم أو ليكونن أهون على الله تعالى من الجعلان " حديث آخر : قال ابن أبي حاتم ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : " طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة على ناقته القصواء يستلم الأركان بمحجن في يده ، فما وجد لها مناخاً في المسجد حتى نزل صلى الله عليه وسلم على أيدي الرجال ، فخرج بها إلى بطن المسيل فأنيخت ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبهم على راحلته فحمد الله تعالى وأثنى عليه بما هو له أهل ، ثم قال : " يا أيها الناس إن الله تعالى قد أذهب عنكم عيبة الجاهلية وتعظمها بآبائها ، فالناس رجلان : رجل بر تقي كريم على الله تعالى ، ورجل فاجر شقي هيّنٌ على الله تعالى ، إن الله عزّ وجلّ يقول : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوۤاْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } " . ثم قال صلى الله عليه وسلم : " أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم " وقوله تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } أي عليم بكم خبير بأموركم ، فيهدي من يشاء ويضل من يشاء ، ويرحم من يشاء ويعذب من يشاء ، وهو الحكيم العليم الخبير .