Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 57-58)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا تنفير من موالاة أعداء الإسلام الذين يتخذون شرائع الإسلام المطهرة المحكمة ، المشتملة على كل خير دنيوي وأخروي ، يتخذونها هزواً ويستهزئون بها ، ولعباً يعتقدون أنها نوع من اللعب في نظرهم الفاسد ، وفكرهم البارد ، وقوله تعالى : { مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَٱلْكُفَّارَ } " من " هٰهنا لبيان الجنس كقوله : { فَٱجْتَنِبُواْ ٱلرِّجْسَ مِنَ ٱلأَوْثَانِ } [ الحج : 30 ] ، والمراد بالكفار هٰهنا ( المشركون ) ، { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } أي اتقوا الله أن تتخذوا هؤلاء الأعداء لكم ولدينكم أولياء ، أن كنتم مؤمنين بشرع الله الذي اتخذه هؤلاء هزواً ولعباً ، كما قال تعالى : { لاَّ يَتَّخِذِ ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ آل عمران : 28 ] . وقوله : { وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاَةِ ٱتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً } أي وكذلك إذا أذنتم داعين إلى الصلاة التي هي أفضل الأعمال لمن يعقل ويعلم من ذوي الألباب { ٱتَّخَذُوهَا } أيضاً { هُزُواً وَلَعِباً ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ } معاني عبادة الله وشرائعه ، وهذه صفات اتباع الشيطان الذي إذا سمع الأذان أدبر ، فإذا قضى التأذين أقبل ، فإذا ثوَّب للصلاة أدبر ، فإذا قضى التثويب أقبل ، حتى يخطر بين المرء وقلبه ، فيقول : اذكر كذا ، اذكر كذا ، لما لم يكن يذكر ، حتى يظل الرجل لا يدري كم صلى ، فإذا وجد أحدكم ذلك فليسجد سجدتين قبل السلام . كما هو في الصحيحين ، وقال الزهري : قد ذكر الله التأذين في كتابه فقال : { وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاَةِ ٱتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ } . وقال السدي في قوله : { وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاَةِ ٱتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً } قال : كان رجل من النصارى بالمدينة إذا سمع المنادي ينادي : أشهد أن محمداً رسول الله ، قال : حرق الكذاب ، فدخلت خادمه ليلة من الليالي بنار وهو نائم وأهله نيام فسقطت شرارة ، فأحرقت البيت ، فاحترق هو وأهله . رواه ابن جرير وابن أبي حاتم . وذكر محمد بن إسحاق في السيرة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة عام الفتح ومعه بلال ، فأمره أن يؤذن وأبو سفيان بن حرب وعتاب بن أسيد والحارث بن هشام جلوس بفناء الكعبة ، فقال عتاب بن أسيد : لقد أكرم الله أسيداً أن لا يكون سمع هذا فيسمع منه ما يغيظه ، وقال الحارث بن هشام : أما والله لو أعلم أنه محق لاتبعته ، فقال أبو سفيان لا أقول شيئاً لو تكلمت لأخبرت عني هذه الحصى ، فخرج عليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " قد علمت الذي قلتم " ، ثم ذكر ذلك لهم فقال الحارث وعتاب : نشهد أنك رسول ، ما اطلع على هذا أحد كان معنا فنقول أخبرك " وقال الإمام أحمد " عن عبد الله بن محيريز وكان يتيماً في حجر أبي محذورة قال : قلت لأبي محذورة يا عم إني خارج إلى الشام ، وأخشى أن أسأل عن تأذينك ، فأخبرني أن أبا محذورة قال له : نعم ، خرجت في نفر وكنا في بعض طريق حنين ، مقفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من حنين ، فلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض الطريق ، فأذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعنا صوت المؤذن ونحن متنكبون ، فصرخنا نحكيه ونستهزىء به ، فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل إلينا إلى أن وقفنا بين يديه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيكم الذي سمعت صوته قد ارتفع " ؟ فأشار القوم كلهم إلي ، وصدقوا ، فأرسل كلهم وحبسني ، وقال : " قم فأذن " . فقمت ولا شيء أكره إلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا مما يأمرني به ، فقمت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فألقي عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم التأذين هو بنفسه ، قال : " قل : الله أكبر ، أشهد أن لا إلٰه إلاّ الله ، أشهد أن لا إلٰه إلا الله ، أشهد أن محمداً رسول الله أشهد أن محمداً رسول الله ، حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إلٰه إلاّ الله " ، ثم دعاني حين قضيت التأذين ، فأعطاني صرة فيها شيء من فضة ، ثم وضع يده على ناصية أبي محذورة ، ثم أمرَّها على وجهه ، ثم بين ثدييه ، ثم على كبده حتى بلغت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم سرة أبي محذورة ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بارك الله فيك وبارك عليك " ، فقلت : يا رسول الله مرني بالتأذين بمكة ، فقال : " قد أمرتك به " ، وذهب كل شيء كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم من كراهة ، وعاد ذلك كله محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقدمت على عتاب بن أسيد عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذنت معه بالصلاة عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأخبرني ذلك من أدركت من أهلي ممن أدرك أبا محذورة على نحو ما أخبرني عبد الله بن محيريز " هكذا رواه الإمام أحمد ، وقد أخرجه مسلم في صحيحه وأهل السنن الأربعة .