Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 50, Ayat: 23-29)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مخبراً عن الملك الموكل بعمل آدم ، أنه يشهد عليه يوم القيامة بما فعل ويقول : { هَـٰذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ } أي معتد محضر بلا زيادة ولا نقصان ، وقال مجاهد : هذا كلام الملك السائق يقول : هذا ابن آدم الذي وكلتني به قد أحضرته ، وقد اختار ابن جرير أنه يعم السائق والشهيد ، وله اتجاه وقوة ، فعند ذلك يحكم الله تعالى في الخليقة بالعدل فيقول : { أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ } ، وقد اختلف النحاة في قوله : { أَلْقِيَا } فقال بعضهم : هي لغة لبعض العرب يخاطبون المفرد بالتثنية ، والظاهر أنها مخاطبة مع السائق والشهيد ، فالسائق أحضره إلى عرصة الحساب ، فلما أدى الشهيد عليه ، أمرهما الله تعالى بإلقائه في نار جهنم وبئس المصير { أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ } أي كثير الكفر والتكذيب بالحق { عَنِيدٍ } معاند للحق معارض له بالباطل مع علمه بذلك ، { مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ } أي لا يؤدي ما عليه من الحقوق ، لا بر ولا صلة ولا صدقة ، { مُعْتَدٍ } أي فيما ينفقه ويصرفه ، يتجاوز فيه الحد . وقال قتادة : معتد في منطقه وسيره وأمره ، { مُّرِيبٍ } أي شاك في أمره ، مريب لمن نظر في أمره ، { ٱلَّذِي جَعَلَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ } أي أشرك بالله فعبد معه غيره ، { فَأَلْقِيَاهُ فِي ٱلْعَذَابِ ٱلشَّدِيدِ } ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " يخرج عنق من النار يتكلم يقول : وكلت اليوم بثلاثة : بكل جبار عنيد . ومن جعل مع الله إلهاً آخر ، ومن قتل نفساً بغير نفس ، فتنطوي عليهم فتقذفهم في غمرات جهنم " { قَالَ قرِينُهُ } قال ابن عباس ومجاهد : هو الشيطان الذي وكل به ، { رَبَّنَا مَآ أَطْغَيْتُهُ } أي يقول عن الإنسان الذي قد وافى القيامة كافراً يتبرأ منه شيطانه فيقول { رَبَّنَا مَآ أَطْغَيْتُهُ } أي أضللته ، { وَلَـٰكِن كَانَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ } أي بل كان هو في نفسه ضالاً ، معانداً للحق ، كما أخبر سبحانه في قوله : { وَقَالَ ٱلشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ ٱلأَمْرُ إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ ٱلْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَٱسْتَجَبْتُمْ لِي } [ إبراهيم : 22 ] الآية . وقوله تبارك وتعالى : { قَالَ لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَيَّ } يقول الرب عزّ وجلّ للإنسي وقرينه من الجن ، وذلك أنهما يختصمان بين يدي الحق تعالى ، فيقول الإنسي : يا رب هذا أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني ، ويقول الشيطان : { رَبَّنَا مَآ أَطْغَيْتُهُ وَلَـٰكِن كَانَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ } أي عن منهج الحق ، فيقول الرب عزّ وجلّ لهما { لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَيَّ } أي عندي ، { وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِٱلْوَعِيدِ } أي قد أعذرت إليكم على ألسنة الرسل ، وأنزلت الكتب وقامت عليكم الحجج والبراهين ، { مَا يُبَدَّلُ ٱلْقَوْلُ لَدَيَّ } قال مجاهد : يعني قد قضيت ما أنا قاض ، { وَمَآ أَنَاْ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ } أي لست أعذب أحداً بذنب أحد ، ولكن لا أعذب أحداً إلاّ بذنبه ، بعد قيام الحجة عليه .