Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 50, Ayat: 30-35)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى أنه يقول لجهنم يوم القيامة هل امتلأت ؟ وهي تقول : هل من مزيد ؟ أي هل بقي شيء تزيدوني ؟ هذا هو الظاهر من سياق الآية ، وعليه تدل الأحاديث ، روى البخاري عند تفسير هذه الآية ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يلقى في النار وتقول هل من مزيد ؟ حتى يضع قدمه فيها فتقول : قط قط " وروى الإمام أحمد . عن أنس رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد ؟ حتى يضع رب العزة قدمه فيها فينزوي بعضها إلى بعض وتقول قط قط وعزتك وكرمك ، ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشىء الله لها خلقاً آخر فيسكنهم الله تعالى في فضول الجنة " ( حديث آخر ) : وروى البخاري ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تحاجت الجنة والنار ، فقالت النار : أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين ؛ وقالت الجنة : مالي لا يدخلني إلاّ ضعفاء الناس وسقطهم ؟ قال الله عزَّ وجلَّ ، للجنة : أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي ، وقال للنار : إنما أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي ، ولكل واحدة منكما ملؤها . فأما النار فلا تمتلىء حتى يضع رجله فيها فتقول : قط قط فهنالك تمتلىء وينزوي بعضها إلى بعض ، ولا يظلم الله عزَّ وجلَّ من خلقه أحداً ، وأما الجنة فإن الله عزَّ وجلَّ ينشىء لها خلقاً آخر " ( حديث آخر ) : روى مسلم في " صحيحه " ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " احتجت الجنة والنار فقالت النار : فيّ الجبارون والمتكبرون ، وقالت الجنة : فيّ ضعفاء الناس ومساكينهم ، فقضى بينهما ؛ فقال للجنة : إنما أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي ، وقال للنار ، إنما أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي ولكل واحدة منكما ملؤها " وعن عكرمة { وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ } : وهل فيَّ مدخل واحد ؟ قد امتلأت . وقال مجاهد : لا يزال يقذف فيها حتى تقول قد امتلأت ، فتقول : هل فيّ مزيد ؟ وعن عبد الرحمٰن بن زيد بن أسلم نحو هذا ، فعند هؤلاء أن قوله تعالى : { هَلِ ٱمْتَلأَتِ } إنما هو بعد ما يضع عليها قدمه فتنزوي وتقول حينئذٍ : هل بقي فيَّ مزيد يسع شيئاً ؟ قال العوفي عن ابن عباس : وذلك حين لا يبقى فيها موضع يسع إبرة ، والله أعلم . وقوله تعالى : { وَأُزْلِفَتِ ٱلْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ } قال قتادة والسدي : { وَأُزْلِفَتِ } أدنيت وقربت من المتقين ، { غَيْرَ بَعِيدٍ } وذلك يوم القيامة وليس ببعيد لأنه واقع لا محالة وكل ما هو آت قريب ، { هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ } أي رجاع تائب مقلع ، { حَفِيظٍ } أي يحفظ العهد فلا ينقضه ولا ينكثه ، وقال عبيد بن عمير : الأواب الحفيظ الذي لا يجلس مجلساً فيقوم حتى يستغفر الله عزَّ وجلَّ ، { مَّنْ خَشِيَ ٱلرَّحْمَـٰنَ بِٱلْغَيْبِ } أي من خاف الله في سره حيث لا يراه أحد إلاّ الله عزَّ وجلَّ كقوله صلى الله عليه وسلم : " ورجل ذكر الله تعالى خالياً ففاضت عيناه " { وَجَآءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ } أي ولقي الله عزَّ وجلَّ ، يوم القيامة بقلب منيب سليم إليه خاضع لديه { ٱدْخُلُوهَا } أي الجنة { بِسَلاَمٍ } قال قتادة : سَلِموا من عذاب الله عزّ وجلّ وسلّم عليهم ملائكة الله ، وقوله سبحانه وتعالى : { ذَلِكَ يَوْمُ ٱلُخُلُودِ } أي يخلدون في الجنة فلا يموتون أبداً ولا يظعنون أبداً ولا يبغون عنها حولاً ، وقوله جلت عظمته : { لَهُم مَّا يَشَآءُونَ فِيهَا } أي مهما اختاروا وجدوا من أي أصناف الملاذ طلبوا أحضر لهم ، عن كثير بن مرة قال : " من المزيد أن تمر السحابة بأهل الجنة فتقول : ماذا تريدون فأمطره لكم ؟ فلا يدعون بشيء إلاّ أمطرتهم " . وفي الحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : " إنك لتشتهي الطير في الجنة فيخر بين يديك مشوياً " وروى الإمام أحمد ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا اشتهى المؤمن الولد في الجنة كان حمله ووضعه وسنه في ساعة واحدة " وقوله تعالى : { وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ } كقوله عزّ وجلّ : { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ } [ يونس : 26 ] ، وقد تقدم في " صحيح مسلم " عن صهيب بن سنان الرومي أنها النظر إلى وجه الله الكريم ، وقد روى البزار ، عن أنس بن مالك في قوله عزّ وجلّ { وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ } قال : " يظهر لهم الرب عزّ وجلّ في كل جمعة " . وروى الإمام أحمد ، عن أبي سعيد رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الرجل في الجنة ليتكىء في الجنة سبعين سنة قبل أن يتحوّل ، ثم تأتيه امرأة تضرب على منكبيه فينظر وجهه في خدها أصفى من المرآة ، وإن أدنى لؤلؤة عليها تضيء ما بين المشرق والمغرب فتسلم عليه فيرد السلام ، فيسألها : من أنت ؟ فتقول : أنا من المزيد ، وإنه ليكون عليها سبعون حلة أدناها مثل النعمان من طوبى ، فينفذها بصره حتى يرى مخ ساقها من وراء ذلك ، وإن عليها من التيجان ، إنَّ أدنى لؤلؤة منها لتضيء ما بين المشرق والمغرب " .