Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 62, Ayat: 5-8)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذاماً لليهود ، الذين أُعطوا التوراة وحملوها للعمل بها ، ثم لم يعملوا بها ؛ مثلهم في ذلك { كَمَثَلِ ٱلْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً } أي كمثل الحمار إذا حمل كتباً لا يدري ما فيها ، فهو يحملها حملاً حسياً ولا يدري ما عليه ، وكذلك هؤلاء في حملهم الكتاب الذي أوتوه ، حفظوه لفظاً ولم يتفهموه ، ولا عملوا بمقتضاه ، فهم أسوأ حالاً من الحمار ، لأن الحمار لا فهم له ، وهؤلاء لهم فهوم لم يستعملوها ، كما قال تعالى : { أُوْلَـٰئِكَ كَٱلأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْغَافِلُونَ } [ الأعراف : 179 ] ، وقال تعالى هٰهنا : { بِئْسَ مَثَلُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } . عن ابن عباس قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب ، فهو كمثل الحمار يحمل أسفاراً ، والذي يقول له : أنصت ليس له جمعة " ، ثم قال تعالى : { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ هَادُوۤاْ إِن زَعمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَآءُ لِلَّهِ مِن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } أي إن كنتم تزعمون أنكم على هدى ، وأنّ محمداً وأصحابه على ضلالة ، فادعوا بالموت على الضال من الفئتين { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } أي فيما تزعمونه ، قال الله تعالى : { وَلاَ يَتَمَنَّونَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْديهِمْ } أي بما يعملون من الكفر والظلم والفجور { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ } وقد قدمنا الكلام في سورة البقرة على هذه المباهلة لليهود حيث قال تعالى : { قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ ٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ عِندَ ٱللَّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمينَ } [ البقرة : 94 - 95 ] كما تقدمت مباهلة النصارى في آل عمران { فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ } [ آل عمران : 61 ] الآية . عن ابن عباس قال ، " قال أبو جهل لعنه الله : إن رأيت محمداً عند الكعبة لآتينه حتى أطأ على عنقه ، قال ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو فعل لأخذته الملائكة عياناً ، ولو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا ورأوا مقاعدهم من النار ، ولو خرج الذين يباهلون رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجعوا لا يجدون أهلاً ولا مالاً " " ، وقوله تعالى : { قُلْ إِنَّ ٱلْمَوْتَ ٱلَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } ، كقوله تعالى في سورة النساء : { أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ ٱلْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ } [ النساء : 78 ] ، وفي " معجم الطبراني " عن الحسن عن سمرة مرفوعاً : " مثل الذي يفر من الموت كمثل الثعلب تطلبه الأرض بدين ، فجاء يسعى حتى إذا أعيا وانبهر دخل جحره : فقالت له الأرض ، يا ثعلب ديني ، فخرج له حصاص فلم يزل كذلك حتى تقطعت عنقه فمات " .