Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 67, Ayat: 20-27)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى للمشركين الذين عبدوا معه غيره يبتغون عندهم نصراً ورزقاً منكراً عليهم : { أَمَّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُمْ مِّن دُونِ ٱلرَّحْمَـٰنِ } ؟ أي ليس لكم من دونه من ولي ولا واق ، ولا ناصر لكم غيره ، ولهذا قال تعالى : { إِنِ ٱلْكَافِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُورٍ } . ثم قال تعالى : { أَمَّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ } ؟ أي من هذا الذي إذا قطع الله عنكم رزقه يرزقكم بعده ؟ أي لا أحد يعطي ويمنع ، ويخلق ويرزق إلاّ الله وحده لا شريك له ، قال تعالى : { بَل لَّجُّواْ } أي استمروا في طغيانهم وإفكهم وضلالهم ، { فِي عُتُوٍّ } أي في معاندة واستكبار { وَنُفُورٍ } على إدبارهم عن الحق ، لا يسمعون له ولا يتبعونه ، ثم قال تعالى : { أَفَمَن يَمْشِي مُكِبّاً عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّن يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } ؟ وهذا مثل ضربه الله للمؤمن والكافر ، فالكافر مثله فيما هو فيه كمثل من يمشي { مُكِبّاً عَلَىٰ وَجْهِهِ } أي يمشي منحنياً لا مستوياً { عَلَىٰ وَجْهِهِ } أي لا يدري أين يسلك ولا كيف يذهب ، بل تائه حائر ضال ، أهذا أهدى { أَمَّن يَمْشِي سَوِيّاً } أي منتصب القامة { عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } ؟ أي على طريق واضح بيّن ، هذا مثلهم في الدنيا ، وكذلك يكونون في الآخرة ، فالمؤمن يحشر يمشي سوياً على صراط مستقيم ، مفض به إلى الجنة الفيحاء ، وأما الكافر فإنه يحشر يمشي على وجهه إلى نار جهنم { فَٱهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْجَحِيمِ } [ الصافات : 23 ] . عن أنَس بن مالك قال ، " قيل : يا رسول الله كيف يحشر الناس على وجوههم ؟ فقال : " أليس الذي أمشاهم على أرجلهم قادراً على أن يمشيهم على وجوههم " وقوله تعالى : { قُلْ هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَكُمْ } أي ابتدأ خلقكم بعد أن لم تكونوا شيئاً مذكوراً ، { وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ } أي العقول والإدراك ، { قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ } أي قلّما تستعملون هذه القوى ، التي أنعم الله بها عليكم في طاعته وامتثال أوامره وترك زواجره ، { قُلْ هُوَ ٱلَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ } أي بثكم ونشركم في أقطار الأرض ، منع اختلاف ألسنتكم ولغاتكم وألوانكم ، { وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } أي تجمعون بعد هذا التفرق والشتات ، يجمعكم كما فرقكم ويعيدكم كما بدأكم ، ثم قال تعالى مخبراً عن الكفار ، المنكرين للمعاد ، المستبعدين وقوعه { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } ؟ أي متى يقع هذا الذي تخبرنا عنه ، { قُلْ إِنَّمَا ٱلْعِلْمُ عِنْدَ ٱللَّهِ } أي لا يعلم وقت ذلك على التعيين إلاّ الله عزَّ وجلَّ ، لكنه أمرني أن أخبركم أن هذا كائن وواقع لا محالة فاحذروه { وَإِنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } أي وإنما عليَّ البلاغ وقد أديته إليكم ، قال الله تعالى : { فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي لما قامت القيامة وشاهدها الكفّار ، ورأوا أن الأمر كان قريباً ، فلما وقع ما كذبوا به ساءهم ذلك ، وجاءهم من أمر الله ما لم يكن لهم في بال ولا حساب ، { وَبَدَا لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُواْ يَحْتَسِبُونَ } [ الزمر : 47 ] ، ولهذا يقال لهم على وجه التقريع والتوبيخ { هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ } أي تستعجلون .