Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 32-33)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى : يريد هؤلاء الكفار من المشركين وأهل الكتاب { أَن يُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ } : أي ما بعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الهدى ودين الحق بمجرد جدالهم وافترائهم ، فمثلهم في ذلك كمثل من يريد أن يطفئ شعاع الشمس أو نور القمر بنفخه ، وهذا لا سبيل إليه فكذلك ما أرسل به رسول الله صلى الله عليه وسلم لا بد أن يتم ويظهر ، ولهذا قال تعالى مقابلاً لهم فيما راموه وأرادوه : { وَيَأْبَىٰ ٱللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَافِرُونَ } والكافر هو الذي يستر الشيء ويغطيه ، ثم قال تعالى : { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ } فالهدى هو ما جاء به من الإخبارات الصادقة والإيمان الصحيح والعلم النافع ( ودين الحق ) هو الأعمال الصحيحة النافعة في الدنيا والآخرة { لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ } : أي على سائر الأديان ، كما ثبت في " الصحيح " عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الله زوي لي الأرض مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها " وعن تميم الدارمي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله هذا الدين يعز عزيزاً ويذل ذليلاً ، عزاً يعز الله به الإسلام ، وذلاً يذل الله به الكفر " ، فكان تميم الدارمي يقول : قد عرفت ذلك في أهل بيتي لقد أصاب من أسلم منهم الخير والشرف والعز ، ولقد أصاب من كان كافراً منهم الذل والصغار والجزية وفي " المسند " أيضاً عن عدي بن حاتم قال : " دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " ما عدي أسلم تسلم " فقلت : إني من أهل دين ، قال : " أنا أعلم بدينك منك " ، فقلت أنت أعلم بديني مني ؟ قال : " نعم ألست من الركوسية وأنت تأكل مر باع قومك ؟ " قلت بلى ! قال : " فإن هذا لا يحل لك في دينك " قال : فلم يعد أن قالها فتواضعت لها ، قال : أما إني أعلم ما الذي يمنعك من الإسلام ، تقول إنما اتبعه ضعفة الناس ومن لا قوة له ، وقد رمتهم العرب ، أتعرف الحيرة " ؟ قلت : لم أرها وقد سمعت بها . قال : " فوالذي نفسي بيده ليتمن الله هذا الأمر حتى تخرج الظعينة من الحيرة حتى تطوف بالبيت من غير جوار أحد ، ولتفتحن كنوز كسرى بن هرمز " قلت كسرى بن هرمز ؟ قال : نعم كسرى بن هرمز ، وليبذلن المال حتى لا يقبله أحد " قال عدي بن حاتم : فهذه الظعينة تخرج من الحيرة فتطوف بالبيت من غير جوار أحد ، ولقد كنت فيمن فتح كنوز كسرى بن هرمز ، والذي نفسي بيده لتكونن الثالثة ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قالها " وعن عائشة رضي الله عنها قالت : " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى " فقلت : يا رسول الله إن كنت لأظن حين أنزل الله عزَّ وجلَّ : { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ } الآية ، أن ذلك تام ، قال : " إنه سيكون من ذلك ما شاء الله عزَّ وجلَّ ، ثم يبعث الله ريحاً طيبة ، فيتوفى كل من كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان ، فيبقى من لا خير فيه فيرجعون إلى دين آبائهم " " .