Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 44-51)

Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَقَالَ ٱلَّذِي نَجَا مِنْهُمَا } هو ساقي الملك { وَٱدَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ } أي بعد حين { يُوسُفُ أَيُّهَا ٱلصِّدِّيقُ } يقدر قبله محذوف لا بد منه وهو فأرسلوه فقال : يا يوسف ، وسماه صديقاً لأنه كان قد جرب صدقه في تعبير الرؤيا وغيرها ، والصديق مبالغة من الصدق { أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَٰتٍ } أي فيمن رأى سبع بقرات وكان الملك قد رأى سبع بقرات سمان أكلتهن سبع عجاف فعجب كيف علتهن وكيف وسعت في بطونهنّ ، ورأى سبع سنبلات خضر ، وقد التفت بها سبع يابسات حتى غطت خضرته { تَزْرَعُونَ سَبْعُ سِنِينَ } هذا تعبير للرؤيا ، وذلك أنه عبر البقرات السمان بسبع سنين مخصبة وعبر البقرات العجاف بسبع سنين مجدبة فكذلك السنبلات الخضر واليابسة { دَأَباً } بسكون الهمزة وفتحها مصدر دأب على العمل إذا داوم عليه ، وهو مصدر في موضع الحال { فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ } هذا رأيٌ أرشدهم يوسف إليه ، وذلك أن أرض مصر لا يبقى فيها الطعام عامين ، فعلمهم حيلة يبقى بها من السنين المخصبة إلى السنين المجدبة ، وهي أن يتركوه في سنبله غير مدروس ، فإن الحبة إذا بقيت في غشائها انحفظت { إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ } أي لا تدرسوا منه إلا ما يحتاج إلى الأكل خاصة { سَبْعٌ شِدَادٌ } يعني سبع سنين ذات شدّة وجوع { يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ } أي تأكلون فيهنّ ما اخترتم من الطعام في سنبله ، وأسند الأكل إلى السنين مجازاً { مِّمَّا تُحْصِنُونَ } أي تخزنون وتخبئون { ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذٰلِكَ عَامٌ } هذا زيادة على ما تقتضيه الرؤيا ، وهو الإخبار بالعام الثامن { يُغَاثُ ٱلنَّاسُ } يحتمل أن يكون من الغيث يمطرون ، أو من الغوث : أي يفرج الله عنهم { وَفِيهِ يَعْصِرُونَ } أي يعصرون الزيتون والعنب والسمسم وغير ذلك مما يعصر { وَقَالَ ٱلْمَلِكُ ٱئْتُونِي بِهِ } قيل : هنا محذوف ، وهو فرجع الرسول إلى الملك فقص عليه مقالة يوسف ، فرأى علمه وعقله ، فقال : ائتوني به { قَالَ ٱرْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ } لما أمر الملك بإخراج يوسف من السجن ، وإتيانه إليه أراد يوسف أن يبرئ نفسه مما نسب إليه ، من مراودة امرأة العزيز عن نفسها ، وأن يعلم الملك وغيره أنه سجن ظلماً ، فذكر طرفاً من قصته لينظر الملك فيها فيتبين له الأمر ، وكان هذا الفعل من يوسف صبراً وحلماً ، إذا لم يُجِبْ إلى الخروج من السجن ساعةَ دُعِيَ إلى ذلك بعد طول المدّة ، ومع ذلك فإنه لم يذكر امرأة العزيز رعياً لذمام زوجها وستراً لها ، بل ذكر النسوة التي قطعن أيديهنّ { قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ } الآية جمع الملك النسوة وامرأة العزيز معهن ، فسألهنّ عن قصة يوسف ، وأسند المراودة إلى جميعهن ، لأنه لم يكن عنده علم بأنّ امرأة العزيز هي التي راودته وحدها { قُلْنَ حَٰشَ للَّهِ } تبرئة ليوسف أو تبرئة لأنفسهن من مراودته وتكون تبرئة ليوسف بقولهن : ما علمنا عليه من سوء { ٱلآنَ حَصْحَصَ ٱلْحَقُّ } اي تبين وظهر ، ثم اعترفت على نفسها بالحق .