Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 52-55)

Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ذٰلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِٱلْغَيْبِ } قيل : إنه من كلام امرأة العزيز متصلاً بما قبله ، والضمير في يعلم وأخنه على هذا ليوسف عليه السلام أي : ليعلم يوسف أني لم أكذب عليه في حال غيبته ، والإشارة بذلك إلى توقفه عن الخروج من السجن حتى تظهر براءته { وَمَآ أُبَرِّىءُ نَفْسِيۤ } اختلف أيضاً هل هو من كلام امرأة العزيز ، أو من كلام يوسف ، فإن كان من كلامها فهو اعتراف بعد الاعتراف ، وإن كان من كلامه فهو اعتراف بما همْ به على وجه خطورة على قلبه ، لا على وجه العزم والقصد ، وقاله في عموم الأحوال على وجه التواضع { إِنَّ ٱلنَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِٱلسُّوۤءِ } النفس هنا للجنس والنفوس ثلاثة أنواع : أمارة بالسوء ، ولوّامة وهي التي تلوم صاحبها ، ومطمئنة { إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيۤ } استثناء من النفس إذ هي بمعنى النفوس ، أي الأنفس المرحومة وهي المطمئنة ، فما على هذا بمعنى الذي ، ويحتمل أن تكون ظرفية أي إلا حين رحمة الله { أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي } أي : أجعله خاصتي وخلاصتي قال أولاً ائتوني به ، فلما تبين له حاله قال : أستخلصه لنفسي { فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ ٱلْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ } أي فلما رأى حُسن كلامه وعرف وفور عقله وعلمه قال : إنك اليوم لدينا مكين أمين ، والمكين من التمكين ، والأمين من الأمانة { قَالَ ٱجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَآئِنِ ٱلأَرْضِ } لما فهم يوسف من الملك أنه يريد تصريفه والاستعانة به قال له ذلك ، وإنما طلب منه الولاية رغبة منه في العدل وإقامة الحق والإحسان ، وكان هذا الملك كافراً ، ويستدل بذلك على أنه يجوز للرجل الفاضل أن يعمل للرجل الفاجر إذا علم أنه يصلح بعض الأحوال ، وقيل : إن الملك أسلم ، وأراد بقوله خزائن الأرض : أرض مصر إذ لم يكن للملك غيرها ، والخزائن كل ما يخزن من طعام ومال وغير ذلك { إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ } صفتان تعمان وجوه المعرفة والضبط للخزائن وقيل : حفيظ للحساب عليم بالألسن ، واللفظ أعم من ذلك ، ويستدل بذلك أنه يجوز للرجل أن يعرف بنفسه ويمدح نفسه بالحق إذا جعل أمره وإذا كان في ذلك فائدة .