Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 23-24)

Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَإِن كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ } الآية إثبات لنبوّة محمد صلى الله عليه وسلم بإقامة الدليل على أنّ القرآن جاء به من عند الله ، فلما قدّم إثبات الألوهية أعقبها بإثبات النبوة ، فإن قيل : كيف قال إن كنتم في ريب ، ومعلوم أنهم كانوا في ريب وفي تكذيب ؟ فالجواب أنه ذكر حرف إن إشارة إلى أنّ الريب بعيد عند العقلاء في مثل هذا الأمر الساطع البرهان ، فلذلك وضع حرف التوقع والاحتمال في الأمر الواقع ، لبعد وقوع الريب وقبحه عند العقلاء وكما قال تعالى : { لاَ رَيْبَ فِيهِ } [ البقرة : 2 ] . { عَلَىٰ عَبْدِنَا } هو النبي صلى الله عليه وسلم ، والعبودية على وجهين : عامة ، وهي التي بمعنى الملك ، وخاصة وهي التي يراد بها التشريف والتخصيص ، وهي من أوصاف أشراف العباد . ولله در القائل : @ لا تدعني إلاّ بيا عبدها فإنّه أشرف أسمائي @@ { فَأْتُواْ بِسُورَةٍ } أمر يراد به التعجيز { مِّن مِّثْلِهِ } الضمير عائد على ما أنزلنا وهو القرآن ، ومن لبيان الجنس ، وقيل : يعود على النبي صلى الله عليه وسلم ، فمن على هذا : لابتداء الغاية من بشر مثله ، والأول أرجح لتعيينه في يونس وهود ، وبمعنى مثله في فصاحته وفيما تضمنه من العلوم والحكم العجيبة والبراهين الواضحة { شُهَدَآءَكُم } آلهتكم أو أعوانكم أو من يشهد لكم { مِّن دُونِ ٱللَّهِ } أي غير الله ، وقيل : هو من الدين الحقير ، فهو مقلوب اللفظ { وَلَن تَفْعَلُواْ } اعتراض بين الشرط وجوابه فيه مبالغة وبلاغة ، وهو إخبار ظهير مصداقه في الوجود إذ لم يقدر أحد أن يأتي بمثل القرآن ، مع فصاحة العرب في زمان نزوله ، وتصرفهم في الكلام ، وحرصهم على التكذيب ، وفي الإخبار بذلك معجزة أخرى ، وقد اختلف في عجز الخلق عنه على قولين : أحدهما : أنه ليس في قدرتهم الإتيان بمثله وهو الصحيح ، والثاني : أنه كان في قدرتهم وصرفوا عنه ، والإعجاز حاصل على الوجهين ، وقد بينّا سائر وجوه إعجازه في المقدّمة { فَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ } أي فآمنوا لتنجوا من النار ، وعبر باللازم عن ملازمه ، لأن ذكر النار أبلغ في التفخيم والتهويل والتخويف { وَقُودُهَا } حطبها { ٱلنَّاسُ } قال ابن مسعود : هي حجارة الكبريت لسرعة اتقادها وشدّة حرها وقبح رائحتها ، وقيل : الحجارة المعبودة ، وقيل : الحجارة على الإطلاق { لِلْكَٰفِرِينَ } دليل على أنها قد خلقت ، وهو مذهب الجماعة وأهل السنة ، خلافاً لمن قال : إنها تخلق يوم القيامة ، وكذلك الجنة .