Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 25-25)

Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ ٱلْمُحْصَنَٰتِ ٱلْمُؤْمِنَٰتِ } معناها إباحة تزويج الفتيات ، وهنّ الإماء للرجل إذا لم يجد طولاً للمحصنات ، والطوْل هنا هو السعة في المال ، والمحصنات هنا يراد بهنّ ؛ الحرائر غير المملوكات . ومذهب مالك وأكثر أصحابه أنه : لا يجوز للحر نكاح أمة إلاّ بشرطين : أحدهما : عدم الطول ؛ وهو ألا يجد ما يتزوج به حرة ، والآخر : خوف العنت ، وهو الزنا لقوله بعد هذا : { ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ ٱلْعَنَتَ مِنْكُمْ } ، وأجاز ابن القاسم نكاحهن دون الشرطين على القول بأن دليل الخطاب لا يعتبر ، واتفقوا على اشتراط الإسلام في الأمة التي تتزوج لقوله تعالى : { مِّن فَتَيَٰتِكُمُ ٱلْمُؤْمِنَٰتِ } إلاّ أهل العراق فلم يشترطوه ، وإعراب طولاً : مفعولاً بالاستطاعة ، وأن ينكح بدل منه وهو في موضع نصب بتقدير لأن ينكح ؛ ويحتمل أن يكون طولاً منصوباً على المصدر والعامل فيه الاستطاعة لأنها بمعنى يتقارب ، وأن ينكح على هذا مفعول بالاستطاعة أو بالمصدر { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَٰنِكُمْ } معناه أنه يعلم بواطن الأمور ولكم ظواهرها ، فإذا كانت الأمة ظاهرة الإيمان ، فنكاحها صحيح ، وعلم باطنها إلى الله { بَعْضُكُمْ مِّن بَعْضٍ } أي إماؤكم منكم ، وهذا تأنيس بنكاح الإماء ، لأن بعض العرب كان يأنف من ذلك { فَٱنكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ } أي بإذن ساداتهن المالكين لهنّ { وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } أي صدقاتهن ، وهذا يقتضي أنهنّ أحق بصدقاتهنّ من ساداتهنّ ، وهو مذهب مالك { بِٱلْمَعْرُوفِ } أي بالشرع على ما تقتضيه السنة { مُحْصَنَٰتٍ غَيْرَ مُسَافِحَٰتٍ } أي عفيفات غير زانيات ، وهو منصوب على الحال والعامل فيه فانكحوهنّ { وَلاَ مُتَّخِذَٰتِ أَخْدَٰنٍ } جمع خدن وهو الخليل ، وكان من نساء الجاهلية من تتخذ خدناً تزني معه خاصة ، ومنهن من كانت لا تردّ يد لامس { فَإِذَآ أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَٰحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى ٱلْمُحْصَنَٰتِ مِنَ ٱلْعَذَابِ } معنى ذلك أن الأمة إذا زنت بعد أن أحصنت فعليها نصف حدّ الحرة ، فإن الحرة تجلد في الزنا مائة جلدة ، والأمة تجلد خمسين ، فإذا أحصن يريد به هنا تزوّجن ، والفاحشة هنا الزنا ، والمحصنات هنا الحرائر ، والعذاب هنا الحدّ فاقتضت الآية حدّ الأمة إذا زنت بعد أن تزوّجت ، ويؤخذ حدّ غير المتزوّجة من السنة ؛ وهو مثل حدّ المتزوّجة وهذا على قراءة أُحصنَّ بضم الهمزة وكسر الصاد ، وقرئ بفتحهما ، ومعناه أسلمن ، وقيل : تزوّجن { ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ ٱلْعَنَتَ مِنْكُمْ } الإشارة إلى تزوّج الأمة أي إنما يجوز لمن خشي على نفسه الزنا ، لا لمن يملك نفسه { وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ } المراد الصبر عن نكاح الإماء ، وهذا يندب إلى تركه ، وعلته ما يؤدي إليه من استرقاق الولد .