Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 111-112)

Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَإِذْ أَوْحَيْتُ } معطوف على ما قبله ، فهو من جملة نعم الله على عيسى والوحي هنا يحتمل أن يكون وحي إلهام أو وحي كلام { وَٱشْهَدْ } يحتمل أن يكون خطاباً لله تعالى أو لعيسى عليه السلام { إِذْ قَالَ ٱللَّهُ يٰعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ } [ المائدة : 110 ] نداؤهم له باسمه : دليل على أنهم لم يكونوا يعظمونه كتعظيم المسلمين لمحمد صلى الله عليه وسلم ، فإنهم كانوا لا ينادونه باسمه ، وإنما يقولون : يا رسول الله يا نبي الله ، وقولهم ابن مريم : دليل على أنهم كانوا يعتقدون فيه الاعتقاد الصحيح من نسبته إلى أمّ دون والد ، يخلاف ما اعتقده النصارى { هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ } ظاهر هذا اللفظ أنهم شكوا في قدرة الله تعالى على إنزال المائدة وعلى هذا أخذه الزمخشري ، وقال ما وصفهم الله بالإيمان ، ولكن حكى دعواهم في قولهم : آمناً . وقال ابن عطية وغيره : ليس كذلك لأنهم شكوا في قدرة الله ، لكنه بمعنى هل يفعل ربك هذا ، وهل يقع منه إجابة إليه ، وهذا أرجح ، لأن الله أثنى على الحواريين في مواضع من كتابه ، مع أنّ في اللفظ بشاعة تنكر ، وقرئ تستطيع بتاء الخطاب ربك بالنصب أي هل تستطيع سؤال ربك ، وهذه القراءة لا تقتضي أنهم شكوا ، وبها قرأت عائشة رضي الله عنها ، وقالت : كان الحواريون أعرف بربهم من أن يقولوا : هل يستطيع ربك { أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } موضع أن مفعول بقوله يستطيع على القراءة بالياء ، ومفعول بالمصدر ، وهو السؤال المقدّر على القراءة بالتاء ، والمائدة هي التي عليها طعام ، فإن لم يكن عليها طعام فهي خوان { قَالَ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ } فقوله لهم : اتقوا الله ؛ يحتمل أن يكون زجراً عن طلب المائدة ، واقتراح الآيات ، ويحتمل أن يكون زجراً عن الشك الذي يقتضيه قولهم : هل يستطيع ربك على مذهب الزمخشري ، أو عن البشاعة التي في اللفظ وإن لم يكن فيه شك ، وقوله : إن كنتم مؤمنين : هو على ظاهره على مذهب الزمخشري ، وأما على مذهب ابن عطية وغيره ، فهو تقرير لهم كما تقول : افعل كذا إن كنت رجلاً ، ومعلوم أنه رجل ، وقيل : إنّ هذه المقالة صدرت منهم في أوّل الأمر قبل أن يروا معجزات عيسى .