Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 117-118)

Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَنِ ٱعْبُدُواْ } أن حرف عبارة وتفسير أو مصدرية بدل من الضمير في به { إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } فيها سؤالان الأول كيف قال وإن تغفر لهم وهم كفار والكفار لا يغفر لهم ؟ والجواب أن المعنى تسليم الأمر إلى الله ، وأنه إن عذب أو غفر فلا اعتراض عليه ، لأن الخلق عباده ، والمالك يفعل في ملكه ما يشاء ، ولا يلزم من هذا وقوع المغفرة للكفار ، وإنما يقتضي جوازها في حكمة الله تعالى وعزته ، وفرق بين الجواز والوقوع ، وأما على قول من قال : إن هذا الخطاب لعيسى عليه السلام حين رفعه الله إلى السماء ، فلا إشكال ، لأن المعنى إن تغفر لهم بالتوبة ، وكانوا حينئذ أحياء ، وكل حيّ معرض للتوبة ، السؤال الثاني : ما مناسبة قوله : فإنك أنت العزيز الحكيم ، لقوله : وإن تغفر لهم والأليق مع ذكر المغفرة أن لو قيل : فإنك أنت الغفور الرحيم ؟ والجواب من ثلاثة أوجه . الأول : يظهر لي أنه لما قصد التسليم لله والتعظيم له ، كان قوله : { فَإِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } أليق ، فإن الحكمة تقتضي التسليم له ، والعزة تقتضي التعظيم له ، فإن العزيز هو الذي يفعل ما يريد ، ولا يغلبه غيره ، ولا يمتنع عليه شيء أراده ، فاقتضى الكلام تفويض الأمر إلى الله في المغفرة لهم أو عدم المغفرة ؛ لأنه قادر على كلا الأمرين لعزته وأيهما فعل فهو جميل لحكمته . الجواب الثاني : قاله شيخنا الأستاذ أبو جعفر بن الزبير : إنما لم يقل الغفور الرحيم ؛ لئلا يكون في ذلك تعريض في طلب المغفرة لهم . فاقتصر على التسليم والتفويض دون الطلب . إذ لا تطلب المغفرة للكفار ، وهذا قريب من قولنا . الثالث : حكى شيخنا الخطيب أبو عبد الله بن رشيد عن شيخه إمام البلغاء في وقته حازم بن حازم أنه كان يقف على قوله : { وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ } ويجعل فإنك أنت العزيز استئنافاً وجواب إن في قوله فإنهم عبادك كأنه قال إن تعذبهم وإن تغفر لهم فإنهم عبادك على كل حال .