Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 4-4)

Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يَسْأَلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمْ } سببها أن المسلمين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يحل لهم من المأكل ؟ وقيل : لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب ، سألوه ماذا يحل لنا من الكلاب ؟ فنزلت مبينة للصيد بالكلاب { قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَٰتُ } هي عند مالك الحلال ، وذلك مما لم يرد تحريمه في كتاب ولا سنة وعند الشافعي : الحلال المستلذ ، فحرم كل مستقذر كالخنافس والضفادع وشبهها لأنها من الخبائث { وَمَا عَلَّمْتُمْ مِّنَ ٱلْجَوَارِحِ } عطف على الطيبات على حذف مضاف تقديره وصيد ما علمتم ، أو مبتدأ وخبره فكلوا مما أمسكن عليكم وهذا أحسن ، لأنه لا خلاف فيه ، والجوارح هي الكلاب ونحوها مما يصطاد به وسميت جوارح لأنها كواسب لأهلها ، فهو من الجرح بمعنى الكسب ولا خلاف في جواز الصيد بالكلاب ، واختلف فيما سواها ومذهب الجمهور الجواز ، للأحاديث الواردة في البازات وغيرها ، ومنع بعض ذلك لقوله : مكلبين ، فإنه مشتق من الكلب ونزلت الآية بسبب عدي بن حاتم ، وكان له كلاب يصطاد بها ، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يحل من الصيد و { مُكَلِّبِينَ } أي معلمين للكلاب الاصطياد ، وقيل : معناه أصحاب الكلاب وهو منصوب على الحال من ضمير الفاعل في علمتم ويقتضي قوله : علمتم ومكلبين أنه لا يجوز الصيد إلاّ بجارح معلم ، لقوله : وما علمتم وقوله مكلبين على القول الأول لتأكيده ذلك بقوله : تعلمونهنّ ، وحدّ التعليم عند ابن القاسم : أن يعلم الجارح الإشلاء والزجر ، وقيل : الإشلاء خاصة ، وقيل : وقيل الزجر خاصة ، وقيل : أن يجيب إذا دعي { تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ ٱللَّهُ } أي تعلمونهن من الحيلة في الاصطياد وتأتي تحصيل الصيد ، وهذا جزء مما علمه الله الإنسان ، فمن للتبعيض ، ويحتمل أن تكون لابتداء الغاية ، والجملة في موضع الحال أو استئناف { فَكُلُواْ مِمَّآ أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ } الأمر هنا للإباحة ويحتمل أن يريد بما أمسكن ، سواء أكلت الجوارح منه أو لم تأكل ، وهو ظاهر إطلاق اللفظ ، وبذلك أخذ مالك ، ويحتمل أن يريد مما أمسكن ولم يأكل منه ، وبذلك فسره رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : " فإن أكل منه فلا تأكل فإنه إنما أمسك على نفسه " وقد أخذ بهذا بعض العلماء ، وقد ، ورد في حديث آخر : " إذا أكل فكل " وهو حجة لمالك { وَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهِ } هذا أمر بالتسمية على الصيد ، ويجري الذبح مجراه ، وقد اختلف الناس في حكم التسمية ، فقال الظاهرية : إنها واجبة حملاً للأمر على الوجوب ، فإن تركت التسمية عمداً أو نسياناً ، لم تؤكل عندهم وقال الشافعي : إنها مستحبة ، حملاً للأمر على الندب وتؤكل عنده ، سواء تركت التسمية عمداً أو نسياناً ، وجعل بعضهم الضمير في عليه عائداً على الأكل فليس فيها على هذا أمر بالتسمية على الصيد ومذهب مالك أنه : إن تركنا التسمية عمداً لم تؤكل ، وإن تركت نسياناً أكلت فهي عنده واجبة مع الذكر ، ساقطة مع النسيان .