Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 65, Ayat: 6-6)

Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم } أمر الله بإسكان المطلقة طول العدة ، فأما المطلقة غير المبتوتة فيجب لها على زوجها السكنى والنفقة باتفاق ، وأما المبتوتة ففيها ثلاثة أقوال : أحدها : أنها يجب لها السكنى دون النفقة ، وهو مذهب مالك والشافعي ، والثاني : يجب لها السكنى والنفقة وهو مذهب أبي حنيفة ، والثالث : أنها ليس لها سكنى ولا نفقة ، فحجة مالك حديث فاطمة بنت قيس ، وهو أن زوجها طلقها البتة ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس لك عليه نفقة ، فيوخذ من هذا أن لها السكنى دون النفقة ، وحجة من أوجب لها السكنى قول عمر بن الخطاب : لا ندع آية من كتاب ربنا لقول امرأة . إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول : لها السكنى والنفقة ، وحجة من لا يجعل لها لا سكنى ولا نفقة أن في بعض الروايات عنها أنها قالت : لم يجعل لي رسول الله صلى الله عليه وسلم نفقة ولا سكنى . وقوله : { مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم } معناه : أسكنوهن مكاناً من بعض مساكنكم ، فمن للتبعيض ، ويفسر ذلك قول قتادة : لو لم يكن له إلا بيت واحد أسكنها في بعض جوانبه { مِّن وُجْدِكُمْ } الوجد هو الطاقة والسعة في المال فالمعنى : أسكنوهن مسكناً مما تقدرون عليه ، وإعرابه عطف بيان لقوله : حيث سكنتم ، ويجوز في الوجد ضم الواو وفتحها وكسرها وهو بمعنى واحد ، والضم أكثر وأشهر . { وَإِن كُنَّ أُوْلاَتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُواْ عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } اتفق العلماء على وجوب النفقة في العدة للمطلقة الحامل عملاً بهذه الآية ؛ سواء كان الطلاق رجعياً أو بائناً ، واتفقوا على أن للمطلقة غير الحامل النفقة في العدة إذا كان الطلاق رجعياً ، فإن كان بائناً فاختلفوا في نفقتها حسبما ذكرناه ، وأما المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملاً فلا نفقة لها عند مالك والجمهور ، لأنهم رأوا هذه الآية إنما هي في المطلقات ، وقال قوم : لها النفقة في التركة { فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } المعنى إن أرضع هؤلاء الزوجات المطلقات أولادكم فآتوهن أجرة الرضاع ، وهي النفقة وسائر المؤن حسبما ذكر في كتب الفقه { وَأْتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ } هذا خطاب للرجال والنساء ، والمعنى أن يأمر كل واحد صاحبه بخير من المسامحة والرفق والإحسان ، وقيل : معنى ائتمروا تشاوروا ومنه : { إِنَّ ٱلْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ } [ القصص : 20 ] { وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ } المعنى إن تشططت الأم على الأب في أجرة الرضاع ، وطلبت منه كثيراً ، فللأب أن يسترضع لولده امرأة أخرى بما هو أرفق له ، إلا أن لا يقبل الطفل غير ثدي أمه ، فتجبر حينئذ على رضاعه بأجرة مثلها ومثل الزوج .