Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 24-30)

Tafsir: Fatḥ al-qadīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما ذكر الله سبحانه ما تقدّم من متاع الدنيا ، جاء بكلام مستأنف يضمن بيان حالها وسرعة تقضيها ، وأنها تعود بعد أن تملأ الأعين برونقها ، وتجتلب النفوس ببهجتها . وتحمل أهلها على أن يسفكوا دماء بعضهم بعضاً ، ويهتكوا حرمهم حباً لها ، وعشقاً لجمالها الظاهري ، وتكالباً على التمتع بها ، وتهافتاً على نيل ما تشتهي الأنفس منها بضرب من التشبيه المركب ، فقال { إِنَّمَا مَثَلُ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ ٱلسَّمَاء } إلى آخر الآية . والمعنى أن مثلها في سرعة الذهاب والاتصاف بوصف يضادّ ما كانت عليه ويباينه ، مثل ما على الأرض من أنواع النبات في زوال رونقه ، وذهاب بهجته ، وسرعة تقضيه ، بعد أن كان غضاً مخضراً طرياً قد تعانقت أغصانه المتمايلة ، وزهت أوراقه المتصافحة ، وتلألأت أنوار نوره ، وحاكت الزهر أنواع زهره ، وليس المشبه به هو ما دخله الكاف في قوله { كَمَآء أَنزَلْنَاهُ مِنَ ٱلسَّمَاء } بل ما يفهم من الكلام ، والباء في { فَٱخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ ٱلأَرْضِ } للسببية ، أي فاختلط بسببه نبات الأرض بأن اشتبك بعضه ببعض ، حتى بلغ إلى حدّ الكمال ، ويحتمل أن يراد أن النبات كان في أوّل بروزه ، ومبدأ حدوثه غير مهتز ولا مترعرع ، فإذا نزل الماء عليه اهتز وربا ، حتى اختلط بعض الأنواع ببعض { مِمَّا يَأْكُلُ ٱلنَّاسُ وَٱلأَنْعَـٰمُ } من الحبوب والثمار ، والكلأ والتبن ، وأخذت الأرض زخرفها . قال في الصحاح الزخرف الذهب ، ثم يشبه به كل مموّه مزوّر . انتهى . والمعنى أن الأرض أخذت لونها الحسن المشابه بعضه للون الذهب ، وبعضه للون الفضة ، وبعضه للون الياقوت ، وبعضه للون الزمرّد . وأصل ازينت تزينت أدغمت التاء في الزاي ، وجىء بألف الوصل لأن الحرف المدغم مقام حرفين أولهما ساكن . والساكن لا يمكن الابتداء به . وقرأ ابن مسعود ، وأبيّ بن كعب « وتزينت » على الأصل . وقرأ الحسن والأعرج وأبو العالية « وأزينت » على وزن أفعلت أي أزينت بالزينة التي عليها ، شبهها بالعروس التي تلبس الثياب الجيدة المتلونة ألواناً كثيرة . وقال عوف بن أبي جميلة قرأ أشياخنا « وازيانت » على وزن اسوادّت ، وفي رواية المقدمى « وازانت » والأصل فيه تزاينت على وزن تفاعلت . وقرأ الشعبي ، وقتادة « أزينت » ، ومعنى هذه القراءات كلها هو ما ذكرنا { وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا } أي غلب على ظنونهم أو تيقنوا أنهم قادرون على حصادها والانتفاع بها ، والضمير في عليها للأرض ، والمراد النبات الذي هو عليها { أَتَاهَا أَمْرُنَا } جواب إذا ، أي جاءها أمرنا بإهلاكها واستئصالها وضربها ببعض العاهات { فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا } أي جعلنا زرعها شبيهاً بالمحصود في قطعه من أصوله . قال أبو عبيدة الحصيد المستأصل { كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِٱلأَمْسِ } أي كأن لم يكن زرعها موجوداً فيها بالأمس مخضرّاً طرياً ، من غنى بالمكان بالكسر يغنى بالفتح إذا أقام به ، والمراد بالأمس الوقت القريب ، والمغاني في اللغة المنازل . وقال قتادة كأن لم تنعم ، قال لبيد @ غنيت سنيناً قبل مجرى داحس لو كان للنفس اللجوج خلود @@ وقرأ قتادة " كن لم يغن " بالتحتية بإرجاع الضمير إلى الزخرف . وقرأ من عداه { تَغْنَ } بالفوقية بإرجاع الضمير إلى الأرض { كَذٰلِكَ } أي مثل ذلك التفصيل البديع { نُفَصّلُ ٱلآيَـٰتِ } القرآنية التي من جملتها هذه الآية { لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } فيما اشتملت عليه ، ويجوز أن يراد الآيات التكوينية . قوله { وَٱللَّهُ يَدْعُو إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلاَمِ } لما نفر عباده عن الميل إلى الدنيا بما ضربه لهم من المثل السابق ، رغبهم في الدار الآخرة بإخبارهم بهذه الدعوة منه عزّ وجلّ إلى دار السلام ، قال الحسن وقتادة السلام هو الله تعالى ، وداره الجنة . وقال الزجاج المعنى والله يدعو إلى دار السلامة . ومعنى السلام والسلامة واحد كالرضاع والرضاعة . ومنه قول الشاعر @ تحيـى بالسلامة أمّ بكر وهل لك بعد قومك من سلام @@ وقيل أراد دار السلام الذي هو التحية لأن أهلها ينالون من الله السلام بمعنى التحية ، كما في قوله { تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَـٰمٌ } إبراهيم 23 . وقيل السلام اسم لأحد الجنان السبع أحدها دار السلام ، والثانية دار الجلال ، والثالثة جنة عدن ، والرابعة جنة المأوى ، والخامسة جنة الخلد ، والسادسة جنة الفردوس ، والسابعة جنة النعيم . وقيل المراد دار السلام الواقع من المؤمنين بعضهم على بعض في الجنة ، وقد اتفقوا على أن دار السلام هي الجنة ، وإنما اختلفوا في سبب التسمية بدار السلام { وَيَهْدِى مَن يَشَاء إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } جعل سبحانه الدعوة إلى دار السلام عامة ، والهداية خاصة بمن يشاء أن يهديه ، تكميلاً للحجة وإظهاراً للاستغناء عن خلقه . ثم قسم سبحانه أهل الدعوة إلى قسمين ، وبين حال كل طائفة فقال { لّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ } أي الذين أحسنوا بالقيام بما أوجبه الله عليهم من الأعمال ، والكفّ عما نهاهم عنه من المعاصي ، والمراد بالحسنى المثوبة الحسنى . قال ابن الأنباري العرب توقع هذه اللفظة على الخصلة المحبوبة المرغوب فيها ، ولذلك ترك موصوفها وقيل المراد بالحسنى الجنة ، وأما الزيادة فقيل المراد بها ما يزيد على المثوبة من التفضل ، كقوله { لِيُوَفّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مّن فَضْلِهِ } فاطر 30 وقيل الزيادة النظر إلى وجهه الكريم . وقيل الزيادة هي مضاعفة الحسنة إلى عشر أمثالها . وقيل الزيادة غرفة من لؤلؤ ، وقيل الزيادة مغفرة من الله ورضوان . وقيل هي أنه سبحانه يعطيهم في الدنيا من فضله ما لا يحاسبهم عليه . وقيل غير ذلك ، مما لا فائدة في ذكره ، وسيأتي بيان ما هو الحق في آخر البحث { وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ } معنى { يرهق } يلحق ، ومنه قيل غلام مراهق ، إذا لحق بالرجال ، وقيل يعلو ، وقيل يغشى ، والمعنى متقارب والقتر الغبار ، ومنه قول الفرزدق @ متوّج برداء الملك يتبعه موج ترى فوقه الرايات والقترا @@ وقرأ الحسن « قتر » بإسكان المثناة ، والمعنى واحد ، قاله النحاس ، وواحد القتر قترة ، والذلة ما يظهر على الوجه من الخضوع والإنكسار والهوان ، والمعنى أنه لا يعلو وجوههم غبرة ، ولا يظهر فيها هوان وقيل القتر الكآبة ، وقيل سواد الوجوه ، وقيل هو دخان النار { أُوْلَـئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ } الإشارة إلى المتصفين بالصفات السابقة هم أصحاب الجنة الخالدون فيها ، المتنعمون بأنواع نعيمها { وَٱلَّذِينَ كَسَبُواْ ٱلسَّيّئَاتِ جَزَاء سَيّئَةٍ بِمِثْلِهَا } هذا الفريق الثاني من أهل الدعوة ، وهو معطوف على { لّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ } كأنه قيل وللذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها ، أو يقدر . وجزاء الذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها أي يجازي سيئة واحدة بسيئة واحدة ، لا يزاد عليها ، وهذا أولى من الأوّل ، لكونه من باب العطف على معمولي عاملين مختلفين ، والمراد بالسيئة إما الشرك ، أو المعاصي التي ليست بشرك ، وهي ما يتلبس به العصاة من المعاصي ، قال ابن كيسان الباء زائدة ، والمعنى جزاء سيئة مثلها وقيل الباء مع ما بعدها الخبر ، وهي متعلقة بمحذوف قامت مقامه ، والمعنى جزاء سيئة كائن بمثلها ، كقولك إنما أنا بك ، ويجوز أن يتعلق بجزاء ، والتقدير جزاء سيئة بمثلها كائن ، فحذف خبر المبتدأ ، ويجوز أن يكون { جَزَاء } مرفوعاً على تقدير فلهم جزاء سيئة ، فيكون مثل قوله { فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } البقرة 184 أي فعليه عدّة . والباء على هذا التقدير متعلقة بمحذوف ، كأنه قال لهم جزاء سيئة ثابت بمثلها ، أو تكون مؤكدة أو زائدة . قوله { تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ } أي يغشاهم هوان وخزي . وقرىء « يرهقهم » بالتحتية { لَهُمْ مّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ } أي لا يعصمهم أحد كائناً من كان من سخط الله وعذابه ، أو مالهم من جهة الله ومن عنده من يعصمهم كما يكون للمؤمنين ، والأوّل أولى ، والجملة في محل نصب على الحالية ، أو مستأنفة { كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِّنَ ٱلْلَّيْلِ مُظْلِماً } قطعاً جمع قطعة ، وعلى هذا يكون مظلماً منتصباً على الحال من الليل أي أغشيت وجوههم قطعاً من الليل في حالة ظلمته . وقد قرأ بالجمع جمهور القراء . وقرأ الكسائي وابن كثير " قطعا " بإسكان الطاء ، فيكون { مظلماً } على هذا صفة لـ { قطعا } ، ويجوز أن يكون حالاً من { الليل } . قال ابن السكيت القطع طائفة من الليل { أُوْلَـٰئِكَ } أي الموصوفون بهذه الصفات الذميمة { أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ } وإطلاق الخلود هنا مقيد بما تواتر في السنة من خروج عصاة الموحدين . قوله { وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً } الحشر الجمع ، وجميعاً منتصب على الحال { وَيَوْمَ } منصوب بمضمر أي أنذرهم يوم نحشرهم ، والجملة مستأنفة لبيان بعض أحوالهم القبيحة . والمعنى أن الله سبحانه يحشر العابد والمعبود لسؤالهم { ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ } في حالة الحشر ، ووقت الجمع تقريعاً لهم على رءوس الأشهاد ، وتوبيخاً لهم مع حضور من يشاركهم في العبادة ، وحضور معبوداتهم { مَكَانَكُمْ } أي الزموا مكانكم ، واثبتوا فيه ، وقفوا في موضعكم { أَنتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ } هذا الضمير تأكيد للضمير الذي في مكانكم لسدّه مسدّ الزموا ، و { شركاؤكم } معطوف عليه . وقرىء بنصب { شركاؤكم } على أن الواو واو مع . قوله { فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ } أي فرّقنا وقطعنا ما كان بينهم من التواصل في الدنيا يقال زيلته فتزيل أي فرقته فتفرق ، والمزايلة المفارقة ، يقال زايله مزايلة ، وزيالاً إذا فارقه ، والتزايل التباين . قال الفراء وقرأ بعضهم " فزايلنا " والمراد بالشركاء هنا الملائكة . وقيل الشياطين ، وقيل الأصنام ، وإن الله سبحانه ينطقها في هذا الوقت . وقيل المسيح ، وعزير ، والظاهر أنه كل معبود للمشركين كائناً ما كان ، وجملة { وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ } في محل نصب على الحال بتقدير قد ، والمعنى وقد قال شركاؤهم الذين عبدوهم وجعلوهم شركاء لله سبحانه ما كنتم إيانا تعبدون ، وإنما عبدتم هواكم وضلالكم ، وشياطينكم الذين أغووكم ، وإنما أضاف الشركاء إليهم مع أنهم جعلوهم شركاء لله سبحانه ، لكونهم جعلوا لهم نصيباً من أموالهم ، فهم شركاؤهم في أموالهم من هذه الحيثية . وقيل لكونهم شركاؤهم في هذا الخطاب ، وهذا الجحد من الشركاء وإن كان مخالفاً لما قد وقع من المشركين من عبادتهم ، فمعناه إنكار عبادتهم إياهم عن أمرهم لهم بالعبادة { فَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ } إن كنا أمرناكم بعبادتنا ، أو رضينا ذلك منكم { إِن كُنَّا عَن عِبَادَتِكُمْ لَغَـٰفِلِينَ } " إن " هي المخففة من الثقيلة ، واللام هي الفارقة بينها وبين النافية ، والقائل لهذا الكلام هم المعبودون . قالوا لمن عبدهم من المشركين إنا كنا عن عبادتكم لنا لغافلين ، والمراد بالغفلة هنا عدم الرضا بما فعله المشركون من العبادة لهم ، وفي هذا دليل على أن هؤلاء المعبودين غير الشياطين ، لأنهم يرضون بما فعله المشركون من عبادتهم ، ويمكن أن يكونوا من الشياطين ، ويحمل هذا الجحد منهم على أنهم لم يجبروهم على عبادتهم ، ولا أكرهوهم عليها . { هُنَالِكَ تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ } أي في ذلك المكان وفي ذلك الموقف ، أو في ذلك الوقت على استعارة اسم الزمان للمكان تذوق كل نفس وتختبر جزاء ما أسلفت من العمل ، فمعنى { تبلو } تذوق وتختبر . وقيل تعلم . وقيل تتبع ، وهذا على قراءة من قرأ « تبلو » بالمثناة الفوقية بإسناد الفعل إلى كل نفس وأما على قراءة من قرأ « نبلو » بالنون ، فالمعنى أن الله يبتلي كل نفس ويختبرها ، ويكون ما أسلفت بدلاً من كل نفس . والمعنى أنه يعاملها معاملة من يختبرها ويتفقد أحوالها . قوله { وَرُدُّواْ إِلَى ٱللَّهِ مَوْلَـٰهُمُ ٱلْحَقّ } معطوف على { زيلنا } ، والضمير في { ردّوا } عائد إلى الذين أشركوا أي ردّوا إلى جزائه ، وما أعدّ لهم من عقابه ، و { مولاهم } ربهم ، و { الحق } صفة له أي الصادق الربوبية دون ما اتخذوه من المعبودات الباطلة ، وقرىء « الحق » بالنصب على المدح ، كقولهم الحمد لله أهل الحمد { وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } أي ضاع وبطل ما كانوا يفترون من أن الآلهة التي لهم حقيقة بالعبادة ، لتشفع لهم إلى الله وتقرّبهم إليه . والحاصل أن هؤلاء المشركين يرجعون في ذلك المقام إلى الحق ، ويعترفون به ، ويقرّون ببطلان ما كانوا يعبدونه ويجعلونه إلهاً ، ولكن حين لا ينفعهم ذلك . وقد أخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، عن ابن عباس ، في قوله { فَٱخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ ٱلأَرْضِ } قال اختلط فنبت بالماء كل لون { مِمَّا يَأْكُلُ ٱلنَّاسُ } كالحنطة والشعير ، وسائر حبوب الأرض والبقول والثمار ، وما تأكله الأنعام والبهائم من الحشيش والمراعي . وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن قتادة في قوله { وَٱزَّيَّنَتْ } قال أنبتت وحسنت ، وفي قوله { كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِٱلأَمْسِ } قال كأن لم تعش ، كأن لم تنعم . وأخرج ابن جرير ، عن أبيّ بن كعب ، وابن عباس ، ومروان بن الحكم ، أنهم كانوا يقرءون بعد قوله { وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا } وما كان الله ليهلكها إلا بذنوب أهلها . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، أنه كان يقرأ وما أهلكناها إلا بذنوب أهلها " كذلك نفصل الأيات " . وأخرج ابن المنذر ، وأبو الشيخ ، عن أبي مجلز ، قال كان مكتوب في سورة يونس إلى حيث هذه الآية { حَتَّىٰ إِذَا أَخَذَتِ ٱلأَرْضُ زُخْرُفَهَا } إلى { يَتَفَكَّرُونَ } ، ولو أن لابن آدم واديين من مال لتمني وادياً ثالثاً ، ولا يشبع نفس ابن آدم إلا التراب ، ويتوب الله على من تاب ، فمحيت . وأخرج أبو نعيم ، والدمياطي في معجمه من طريق الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، في قوله { وَٱللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارُ ٱلسَّلَـٰمِ } يقول يدعو إلى عمل الجنة . والله السلام ، والجنة داره . وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن قتادة ، نحوه . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن أبي العالية ، في قوله { وَيَهْدِى مَن يَشَاء } قال يهديهم للمخرج من الشبهات والفتن والضلالات . وأخرج أحمد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، والبيهقي في الشعب ، عن أبي الدرداء ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما من يوم طلعت شمسه إلا وكل بجنبتيها ملكان يناديان نداء يسمعه خلق الله كلهم إلا الثقلين يا أيها الناس ، هلموا إلى ربكم ، فما قلّ وكفى خير مما كثر وألهى ، ولا آبت شمسه إلا وكل بجنبتيها ملكان يناديان نداء يسمعه خلق الله كلهم غير الثقلين اللهم أعط منفقاً خلفاً ، وأعط ممسكاً تلفاً { وَٱلَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ * وَٱلنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ } إلى قوله { لِلْعُسْرَىٰ } الليل 1 ــ 10 " وأخرج ابن جرير ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، والبيهقي في الدلائل ، عن سعيد بن أبي هلال ، سمعت أبا جعفر محمد بن عليّ وتلا { وَٱللَّهُ يَدْعُو إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلاَمِ وَيَهْدِى مَن يَشَاء إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } فقال حدّثني جابر قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فقال " إني رأيت في المنام كأن جبريل عند رأسي ، وميكائيل عند رجلي ، يقول أحدهما لصاحبه اضرب له مثلاً ، فقال اسمع سمعت أذنك ، واعقل عقل قلبك ، إنما مثلك ومثل أمتك مثل ملك اتخذ داراً ، ثم بنى فيها بيتاً ، ثم جعل فيها مأدبة ، ثم بعث رسولاً يدعو الناس إلى طعامه ، فمنهم من أجاب الرسول ، ومنهم من ترك فالله هو الملك ، والدار الإسلام ، والبيت الجنة ، وأنت يا محمد رسول ، فمن أجابك دخل الإسلام ، ومن دخل الإسلام دخل الجنة ، ومن دخل الجنة أكل منها " وقد روي معنى هذا من طرق . وأخرج أحمد في الزهد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن قتادة ، في قوله { وَٱللَّهُ يَدْعُواْ إِلَى دَارُ ٱلسَّلَـٰمِ } قال ذكر لنا أن في التوراة مكتوباً يا باغي الخير هلمّ ، ويا باغي الشرّ اتقه . وأخرج أبو الشيخ ، عن الحسن ، أنه كان إذا قرأ { وَٱللَّهُ يَدْعُواْ إِلَى دَارُ ٱلسَّلَـٰمِ } قال لبيك ربنا وسعديك . وأخرج أحمد ، ومسلم ، والترمذي ، وابن ماجه ، وابن خزيمة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، وغيرهم ، عن صهيب « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية { لّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ } قال " إذا دخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار نادى مناد يا أهل الجنة ، إن لكم عند الله موعداً يريد أن ينجزكموه ، فيقولون وما هو ؟ ألم يثقل موازيننا ، ويبيض وجوهنا ، ويدخلنا الجنة ، ويزحزحنا عن النار قال فيكشف لهم الحجاب فينظرون إليه ، فوالله ما أعطاهم الله شيئاً أحبّ إليهم من النظر إليه ، ولا أقرّ لأعينهم " وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والدارقطني في الرؤية ، وابن مردويه ، عن أبي موسى ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله يبعث يوم القيامة منادياً ينادي بصوت يسمعه أوّلهم وآخرهم إن الله وعدكم الحسنى وزيادة " فالحسنى الجنة ، والزيادة النظر إلى وجه الرحمن . وأخرج ابن جرير ، وابن مردويه ، والبيهقي في الرؤية ، عن كعب بن عجرة ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، في قوله { لّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ } قال " الزيادة النظر إلى وجه الرحمن " وأخرج هؤلاء والدارقطني ، وابن أبي حاتم ، عن أبيّ بن كعب ، أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله { لّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ } قال " الذين أحسنوا أهل التوحيد ، والحسنى الجنة ، والزيادة النظر إلى وجه الله " وأخرج ابن مردويه ، عن ابن عمر ، مرفوعاً نحوه . وأخرج أبو الشيخ ، والدارقطني ، وابن مردويه ، والخطيب ، وابن النجار ، عن أنس مرفوعاً نحوه . وأخرج أبو الشيخ ، عن أبي هريرة نحوه . وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن خزيمة ، وابن المنذر ، وأبو الشيخ ، والدارقطني ، وابن مردويه ، والبيهقي ، عن أبي بكر الصدّيق ، في الآية قال الحسنى الجنة ، والزيادة النظر إلى وجه الله . وأخرج ابن مردويه ، من طريق الحرث ، عن عليّ بن أبي طالب في الآية مثله . وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وأبو الشيخ ، والدارقطني ، والبيهقي ، عن حذيفة في الآية قال الزيادة النظر إلى وجه الله . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، والدارقطني ، والبيهقي ، عن أبي موسى نحوه . وأخرج ابن مردويه ، والبيهقي في الأسماء والصفات ، من طريق عكرمة ، عن ابن عباس نحوه . وأخرج ابن أبي حاتم ، واللالكائي عن ابن مسعود ، نحوه . وأخرج سعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، والبيهقي ، عن عليّ قال الزيادة غرفة من لؤلؤة واحدة لها أربعة أبواب غرفها وأبوابها من لؤلؤة واحدة . وأخرج ابن جرير ، عن ابن عباس ، في قوله { وَزِيَادَةٌ } قال هو مثل قوله { وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ } قۤ 35 يقول يجزيهم بعملهم ، ويزيدهم من فضله . وقال { مَن جَاء بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا } الأنعام 160 . وقد روى عن التابعين ومن بعدهم روايات في تفسير الزيادة غالبها أنها النظر إلى وجه الله سبحانه . وقد ثبت التفسير بذلك من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يبق حينئذ لقائل مقال ، ولا التفات إلى المجادلات الواقعة بين المتمذهبة الذين لا يعرفون من السنة المطهرة ما ينتفعون به ، فإنهم لو عرفوا ذلك لكفوا عن كثير من هذيانهم ، والله المستعان . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس ، في قوله { وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ } قال لا يغشاهم { قَتَرٌ } قال سواد الوجوه . وأخرج أبو الشيخ عن عطاء في الآية قال القتر سواد الوجه . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن مجاهد ، في الآية قال خزي . وأخرج أبو الشيخ ، وابن مردويه ، عن صهيب عن النبيّ { وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ } قال " بعد نظرهم إليه عزّ وجلّ " وأخرج أبو الشيخ ، عن السديّ ، في قوله { وَٱلَّذِينَ كَسَبُواْ ٱلسَّيّئَاتِ } قال الذين عملوا الكبائر { جَزَاء سَيّئَةٍ بِمِثْلِهَا } قال النار { كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِّنَ ٱلْلَّيْلِ مُظْلِماً } القطع السواد . نسختها الآية في البقرة { بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيّئَةً } البقرة 81 الآية . وأخرج ابن جرير ، عن ابن عباس ، في قوله { وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ } قال تغشاهم ذلة وشدّة . وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عنه ، في قوله { مَّا لَهُمْ مّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ } يقول من مانع . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن مجاهد ، في قوله { وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ } قال الحشر الموت . وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن ابن زيد ، في قوله { فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ } قال فرّقنا بينهم . وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن مجاهد ، قال تنصب الآلهة التي كانوا يعبدونها من دون الله ، فيقول هؤلاء الذين كنتم تعبدون من دون الله ؟ فيقولون نعم ، هؤلاء الذين كنا نعبد ، فتقول لهم الآلهة . والله ما كنا نسمع ولا نبصر ، ولا نعقل ، ولا نعلم ، أنكم كنتم تعبدوننا ، فيقولون بلى والله لإياكم كنا نعبد ، فتقول لهم الآلهة { فَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَـٰفِلِينَ } . وأخرج ابن مردويه ، عن ابن مسعود ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يمثل لهم يوم القيامة ما كانوا يعبدون من دون الله ، فيتبعونهم حتى يؤدّوهم النار " ، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم { هُنَالِكَ تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ } . وأخرج أبو الشيخ ، عن السديّ { هُنَالِكَ تَبْلُواْ } يقول تتبع . وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن مجاهد ، قال { تبلو } تختبر . وأخرج ابن جرير ، وأبو الشيخ ، عن ابن زيد ، { تبلو } قال تعاين { تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ } ما عملت { وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } ما كانوا يدعون معه من الأنداد . وأخرج أبو الشيخ ، عن السديّ في قوله { وَرُدُّواْ إِلَى ٱللَّهِ مَوْلَـٰهُمُ ٱلْحَقّ } قال نسخها قوله { ٱللَّهَ مَوْلَى ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَأَنَّ ٱلْكَـٰفِرِينَ لاَ مَوْلَىٰ لَهُمْ } محمد 11 .