Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 59-64)

Tafsir: Fatḥ al-qadīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أشار سبحانه بقوله { قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّا أَنزَلَ ٱللَّهُ } إلخ إلى طريق أخرى غير ما تقدّم في إثبات النبوّة ، وتقرير ذلك ما حاصله أنكم تحكمون بتحليل البعض ، وتحريم البعض ، فإن كان بمجرد التشهي والهوى فهو مهجور باتفاق العقلاء ، مسلمهم وكافرهم ، وإن كان لاعتقادكم أنه حكم الله فيكم وفيما رزقكم ، فلا تعرفون ذلك إلا بطريق موصلة إلى الله ، ولا طريق يتبين بها الحلال من الحرام إلا من جهة الرسل الذين أرسلهم الله إلى عباده ، ومعنى { أرأيتم } أخبروني ، و { مَا } في محل نصب بأرأيتم المتضمن لمعنى أخبروني ، وقيل إن { ما } في محل الرفع بالابتداء وخبرها { آلله أذن لكم } و { قل } في قوله { قُلِ ٱللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ } تكرير للتأكيد والرابط محذوف ، ومجموع المبتدأ والخبر في محل نصب بـ { أرأيتم } والمعنى أخبروني الذي أنزل الله إليكم من رزق ، فجعلتم منه حراماً وحلالاً ، آلله أذن لكم في تحليله وتحريمه { أَمْ عَلَى ٱللَّهِ تَفْتَرُونَ } وعلى الوجهين ، فمن في { منه حراماً } للتبعيض ، والتقدير فجعلتم بعضه حراماً وجعلتم بعضه حلالاً ، وذلك كما كانوا يفعلونه في الأنعام حسبما سبق حكاية ذلك عنهم في الكتاب العزيز ومعنى إنزال الرزق كون المطر ينزل من جهة العلوّ ، وكذلك يقضي الأمر في أرزاق العباد في السماء على ما قد ثبت في اللوح المحفوظ من ذكره سبحانه وتعالى ، لكل شيء فيه . وروى عن الزجاج أن { ما } في موضع نصب بـ { أنزل } ، وأنزل بمعنى خلق ، كما قال { وَأَنزَلَ لَكُمْ مّنَ ٱلأَنْعَـٰمِ ثَمَـٰنِيَةَ أَزْوٰجٍ } الزمر 6 { وَأَنزْلْنَا ٱلْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ } الحديد 25 وعلى هذا القول والقول الأوّل يكون قوله { قُلِ ٱللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ } مستأنفاً ، قيل ويجوز أن تكون الهمزة في { ٱللَّهِ أَذِنَ لَكُمْ } للإنكار ، وأم منقطعة بمعنى بل أتفترون على الله ، وإظهار الإسم الشريف وتقديمه على الفعل للدلالة على كمال الافتراء . وفي هذه الآية الشريفة ما يصكّ مسامع المتصدرين للإفتاء لعباد الله في شريعته ، بالتحليل والتحريم والجواز وعدمه ، مع كونهم من المقلدين الذين لا يعقلون حجج الله ، ولا يفهمونها ولا يدرون ما هي . ومبلغهم من العلم الحكاية لقول قائل من هذه الأمة قد قلدوه في دينهم ، وجعلوه شارعاً مستقلاً . ما عمل به من الكتاب والسنة ، فهو المعمول به عندهم . وما لم يبلغه أو بلغه ولم يفهمه حق فهمه ، أو فهمه وأخطأ الصواب في اجتهاده وترجيحه ، فهو في حكم المنسوخ عندهم المرفوع حكمه عن العباد ، مع كون من قلدوه متعبّداً بهذه الشريعة ، كما هم متعبدون بها ومحكوماً عليه بأحكامها ، كما هو محكوم عليهم بها ، وقد اجتهد رأيه وأدّى ما عليه ، وفاز بأجرين مع الإصابة وأجر مع الخطأ ، إنما الشأن في جعلهم لرأيه الذي أخطأ فيه شريعة مستقلة ، ودليلاً معمولاً به . وقد أخطئوا في هذا خطأ بيناً . واغلطوا غلطاً فاحشاً . فإن الترخيص للمجتهد في اجتهاد رأيه يخصه وحده ، ولا قائل من أهل الإسلام المعتمد بأقوالهم أنه يجوز لغيره أن يعمل به تقليداً له واقتداء به ، وما جاء به المقلدة في تقوّم هذا الباطل ، فهو من الجهل العاطل ، اللهمّ كما رزقتنا من العلم ما نميز به بين الحق والباطل ، فارزقنا من الإنصاف ما نظفر عنده بما هو الحق عندك يا واهب الخير . ثم قال { وَمَا ظَنُّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } أي أيّ شيء ظنهم في هذا اليوم ، وما يصنع بهم فيه ، وهذه الجملة الاستفهامية المتضمنة لتعظيم الوعيد لهم غير داخلة تحت القول الذي أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقوله لهم ، بل مبتدأة مسوقة لبيان ما سيحلّ بهم من عذاب الله ، و { يوم القيامة } منصوب بالظنّ ، وذكر الكذب بعد الافتراء ، مع أن الافتراء لا يكون إلا كذباً لزيادة التأكيد . وقرأ عيسى بن عمر « وما ظنّ » على أنه فعل { إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ } يتفضل عليهم بأنواع النعم في الدنيا والآخرة { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ } الله على نعمه الواصلة إليهم منه سبحانه في كل وقت من الأوقات ، وطرفة من الطرفات . قوله { وَمَا تَكُونُ فِى شَأْنٍ } الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، و " ما " نافية ، والشأن الأمر بمعنى القصد ، وأصله الهمز ، وجمعه شؤون . قال الأخفش تقول العرب ما شأنت شأنه أي ما عملت عمله { وَمَا تَتْلُواْ مِنْهُ مِن قُرْآن } قال الفراء والزجاج الضمير في منه يعود على الشأن ، والجار والمجرور صفة لمصدر محذوف أي تلاوة كائنة منه ، إذ التلاوة للقرآن من أعظم شؤونه صلى الله عليه وسلم والمعنى أنه يتلو من أجل الشأن الذي حدّث القرآن ، فيعلم كيف حكمه ، أو يتلو القرآن الذي ينزل في ذلك الشأن . وقال ابن جرير الطبري الضمير عائد في { منه } إلى الكتاب أي ما يكون من كتاب الله من قرآن ، وأعاده تفخيماً له كقوله { إنني أَنَا ٱللَّهُ } طه 14 ، والخطاب في { وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ } لرسول الله وللأمة ، وقيل الخطاب لكفار قريش { إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُم شُهُوداً } استثناء مفرّغ من أعمّ الأحوال للمخاطبين أي شهوداً عليكم بعمله منكم ، والضمير . في { فيه } من قوله { تُفِيضُونَ فِيهِ } عائد على العمل ، يقال أفاض فلان في الحديث والعمل إذا اندفع فيه . وقال الضحاك الضمير في { فيه } عائد على القرآن . والمعنى إذ تشيعون في القرآن الكذب . قوله { وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبّكَ مِن مّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِى ٱلسَّمَاء } قرأ الكسائي « يعزب » بكسر الزاي ، وقرأ الباقون بالضم وهما لغتان فصيحتان ، ومعنى يعزب يغيب ، وقيل يبعد . وقال ابن كيسان يذهب ، وهذه المعاني متقاربة ، و " من " في { مِن مّثْقَالِ } زائدة للتأكيد أي وما يغيب عن ربك وزن ذرة . أي نملة حمراء ، وعبر بالأرض والسماء مع أنه سبحانه لا يغيب عنه شيء ، لا فيهما ولا فيما هو خارج عنهما ، لأن الناس لا يشاهدون سواهما وسوى ما فيهما من المخلوقات ، وقدّم الأرض على السماء لأنها محل استقرار العالم فهم يشاهدون ما فيها من قرب ، والواو في { وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذٰلِكَ وَلا أَكْبَرَ } لعطف على لفظ مثقال ، وانتصبا لكونهما ممتنعين ، ويجوز أن يكون العطف على ذرة وقيل انتصابهما بلا التي لنفي الجنس ، والواو للاستئناف ، وليس من متعلقات وما يعزب ، وخبر لا { إِلاَّ فِى كِتَـٰبٍ } والمعنى ولا أصغر من مثقال الذرّة ولا أكبر منه إلا وهو في كتاب مبين ، فكيف يغيب عنه ؟ وقرأ يعقوب وحمزة برفع أصغر وأكبر ، ووجه ذلك أنه معطوف على محل من مثقال ، ومحله الرفع ، وقد أورد على توجيه النصب والرفع على العطف على لفظ مثقال ومحله ، أو على لفظ ذرّة إشكال ، وهو أنه يصير تقدير الآية لا يعزب عنه شيء في الأرض ، ولا في السماء إلا في كتاب ، ويلزم منه أن يكون ذلك الشيء الذي في الكتاب خارجاً عن علم الله وهو محال . وقد أجيب عن هذا الإشكال بأن الأشياء المخلوقة قسمان قسم أوجده الله ابتداء من غير واسطة ، كخلق الملائكة والسموات والأرض وقسم آخر أوجده بواسطة القسم الأوّل من حوادث عالم الكون والفساد ، ولا شك أن هذا القسم الثاني متباعد في سلسلة العلية عن مرتبة الأوّل ، فالمراد من الآية أنه لا يبعد عن مرتبة وجوده ، سبحانه شيء في الأرض ولا في السماء إلا وهو في كتاب مبين أثبت فيه صورة تلك المعلومات ، والغرض الردّ على من يزعم أنه غير عالم بالجزئيات . وأجيب أيضاً بأن الاستثناء منقطع أي لكن هو في كتاب مبين . وذكر أبو علي الجرجاني أن " إلا " بمعنى الواو ، على أن الكلام قد تمّ عند قوله { وَلا أَكْبَرَ } ثم وقع الابتداء بقوله { إِلاَّ فِى كِتَـٰبٍ مُّبِينٍ } أي وهو أيضاً في كتاب مبين . والعرب قد تضع إلا موضع الواو ، ومنه قوله تعالى { إِنّى لاَ يَخَافُ لَدَىَّ ٱلْمُرْسَلُونَ * إَلاَّ مَن ظَلَمَ } النمل10 ، 11 يعني ومن ظلم ، وقوله { لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } البقرة 150 أي والذين ظلموا ، وقدّر هو بعد الواو التي جاءت إلا بمعناها ، كما في قوله { وَقُولُواْ حِطَّةٌ } البقرة 58 أي هي حطة ، ومثله { وَلاَ تَقُولُواْ ثَلَـٰثَةٌ } النساء 171 { وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِى ظُلُمَـٰتِ ٱلأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِى كِتَـٰبٍ مُّبِينٍ } الأنعام 59 . وقال الزجاج إن الرفع على الابتداء في قراءة من قرأ بالرفع ، وخبره { إِلاَّ فِى كِتَـٰبٍ } واختاره صاحب الكشاف ، واختار في قراءة النصب التي قرأ بها الجمهور أنهما منصوبان بلا التي لنفي الجنس ، واستشكل العطف بنحو ما قدّمنا . ثم لما بين سبحانه إحاطته بجميع الأشياء ، وكان في ذلك تقوية لقلوب المطيعين ، وكسر لقلوب العاصين ذكر حال المطيعين ، فقال { أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء ٱللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } الوليّ في اللغة القريب . والمراد بأولياء الله خلص المؤمنين كأنهم قربوا من الله سبحانه بطاعته واجتناب معصيته . وقد فسر سبحانه ، هؤلاء الأولياء بقوله { ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ } أي يؤمنون بما يجب الإيمان به ، ويتقون ما يجب عليهم اتقاؤه من معاصي الله سبحانه ، والمراد بنفي الخوف عنهم أنهم لا يخافون أبداً كما يخاف غيرهم لأنهم قد قاموا بما أوجب الله عليهم ، وانتهوا عن المعاصي التي نهاهم عنها ، فهم على ثقة من أنفسهم ، وحسن ظنّ بربهم ، وكذلك لا يحزنون على فوت مطلب من المطالب ، لأنهم يعلمون أن ذلك بقضاء الله وقدره ، فيسلمون للقضاء والقدر ، ويريحون قلوبهم عن الهمّ والكدر ، فصدورهم منشرحة ، وجوارحهم نشطة ، وقلوبهم مسرورة ، ومحل الموصول النصب على أنه بدل من أولياء أو الرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف ، أو هو مبتدأ وخبره لهم البشرى ، فيكون غير متصل بما قبله ، أو النصب أيضاً على المدح ، أو على أنه وصف لأولياء . قوله { لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ فِي ٱلْحَيوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَفِى ٱلآخِرَةِ } تفسير لمعنى كونهم أولياء الله أي لهم البشرى من الله ما داموا في الحياة بما يوحيه إلى أنبيائه ، وينزله في كتبه ، من كون حال المؤمنين عنده هو إدخالهم الجنة ورضوانه عنهم ، كما وقع كثير من البشارات للمؤمنين في القرآن الكريم ، وكذلك ما يحصل لهم من الرؤيا الصالحة ، وما يتفضل الله به عليهم من إجابة دعائهم ، وما يشاهدونه من التبشير لهم عند حضور آجالهم بتنزل الملائكة عليهم قائلين لهم لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة وأما البشرى في الآخرة ، فتلقى الملائكة لهم مبشرين بالفوز بالنعيم والسلامة من العذاب . والبشرى مصدر أريد به المبشر به ، والظرفان في محل نصب على الحال أي حال كونهم في الدنيا ، وحال كونهم في الآخرة ، ومعنى { لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ ٱللَّهِ } لا تغيير لأقواله على العموم ، فيدخل فيها ما وعد به عباده الصالحين دخولاً أوّلياً ، والإشارة بقوله { ذٰلِكَ } إلى المذكور قبله من كونهم مبشرين بالبشارتين في الدارين { هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } الذي لا يقادر قدره ، ولا يماثله غيره ، والجملتان أعني { لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ ٱللَّهِ } و { ذٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } اعتراض في آخر الكلام عند من يجوّزه ، وفائدتهما تحقيق المبشر به وتعظيم شأنه ، أو الأولى اعتراضية ، والثانية تذييلية . وقد أخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، عن ابن عباس ، في قوله { قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّا أَنزَلَ ٱللَّهُ لَكُمْ مّن رّزْقٍ } قال هم أهل الشرك كانوا يحلون من الأنعام والحرث ، ما شاءوا ويحرّمون ما شاءوا . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عنه ، في قوله { إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ } قال إذ تفعلون . وأخرج الفريابي ، وابن جرير ، عن مجاهد ، مثله . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن السديّ ، في قوله { وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبّكَ } قال لا يغيب عنه وزن ذرّة { وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذٰلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِى كِتَابٍ مُّبِينٍ } قال هو الكتاب الذي عند الله . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن زيد ، في قوله { أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء ٱللَّهِ } قيل من هم يا ربّ ؟ قال هم { الذين آمنوا وكانوا يتقون } . وأخرج أبو الشيخ ، عن سعيد بن جبير ، قال هم الذين إذا رؤوا ذكر الله . وأخرج الطبراني ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، والضياء في المختارة ، عن ابن عباس ، مرفوعاً وموقوفاً قال هم الذين إذا رؤوا يذكر الله لرؤيتهم . وأخرج عنه ابن المبارك ، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، والبزار ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه مرفوعاً ، مثله . وأخرجه ابن المبارك ، وابن شيبة ، وابن جرير ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، عن سعيد بن جبير ، مرفوعاً وهو مرسل . وروي نحوه من طرق أخرى مرفوعاً وموقوفاً . وأخرج أحمد ، والحكيم الترمذي ، عن عمرو بن الجموح ، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول " لا يحقّ العبد حقّ صريح الإيمان حتى يحبّ لله ويبغض لله ، فإذا أحبّ لله وأبغض لله فقد استحقّ الولاء من الله ، وإنّ أوليائي من عبادي وأحبائي من خلقي الذين يذكرون بذكري وأذكر بذكرهم " وأخرج أحمد عن عبد الرحمن بن غنم يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم " خيار عباد الله الذين إذا رؤوا ذكر الله ، وشرار عباده المشاءون بالنميمة المفرّقون بين الأحبة الباغون البرآء العنت " وأخرج الحكيم الترمذي ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " خياركم من ذكركم الله رؤيته ، وزاد في علمكم منطقه ، ورغبكم في الآخرة عمله " وأخرج الحكيم الترمذي ، عن ابن عباس ، مرفوعاً نحوه . وأخرج الحاكم وصححه ، عن ابن عمر ، مرفوعاً " إن لله عباداً ليسوا بالأنبياء ولا شهداء يغبطهم النبيون والشهداء يوم القيامة بقربهم ومجلسهم منه " ، فجثا أعرابي على ركبتيه فقال يا رسول الله صفهم لنا حلهم لنا ؟ قال " قوم من أفناء الناس من نزاع القبائل ، تصافوا في الله وتحابوا في الله ، يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور فيجلسهم . يخاف الناس ولا يخافون ، هم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون " وأخرج أبو داود ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، وأبو نعيم في الحلية ، والبيهقي في شعب الإيمان ، عن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه . قال ابن كثير وإسناده جيد . وأخرج ابن أبي الدنيا ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، والبيهقي ، عن أبي هريرة مرفوعاً نحوه . وأخرج أحمد ، وابن أبي الدنيا ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والبيهقي ، عن أبي مالك الأشعري مرفوعاً نحوه . وأخرج ابن مردويه ، عن أبي هريرة ، قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله { أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء ٱللَّهِ } الآية فقال " الذين يتحابون في الله " وأخرج ابن مردويه ، عن جابر ، مرفوعاً مثله . وقد ورد في فضل المتحابين في الله أحاديث ليس فيها أنهم المرادون بالآية . وأخرج سعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وأحمد ، والترمذي وحسنه ، والحكيم في نوادر الأصول ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، وابن مرودويه ، والبيهقي في شعب الإيمان ، عن عطاء بن يسار ، عن رجل من أهل مصر قال سألت أبا الدرداء عن معنى قوله { لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ فِي ٱلْحَيوٰةِ ٱلدُّنْيَا } فقال ما سألني عنها أحد منذ سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " ما سألني عنها أحد غيرك منذ أنزلت عليّ هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم ، أو ترى له ، فهي بشراه في الحياة الدنيا ، وبشراه في الآخرة الجنة " ، وفي إسناده هذا الرجل المجهول . وأخرج أبو داود الطيالسي ، وأحمد ، والدارمي ، والترمذي ، وابن ماجه ، والحكيم الترمذي ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والطبراني ، وأبو الشيخ ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، والبيهقي ، عن عبادة بن الصامت قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله { لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ فِي ٱلْحَيوٰةِ ٱلدُّنْيَا } قال " هي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو ترى له " وأخرج أحمد ، وابن جرير ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، والبيهقي عن عبد الله بن عمرو ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله { لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ فِي ٱلْحَيوٰةِ ٱلدُّنْيَا } قال " الرؤيا الصالحة يبشر بها المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوّة ، فمن رأى ذلك فليخبر بها " الحديث . وأخرج ابن جرير ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الآية قال " هي في الدنيا الرؤيا الصالحة يراها العبد الصالح أو ترى له ، وفي الآخرة الجنة " وأخرج ابن أبي الدنيا ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، وابن منده ، من طريق أبي جعفر ، عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فسر البشرى في الحياة الدنيا بالرؤيا الحبيبة ، وفي الآخرة ببشارة المؤمن عند الموت إن الله قد غفر لك ولمن حملك إلى قبرك . وأخرج ابن مردويه ، عنه ، مرفوعاً مثل حديث جابر . وأخرج ابن مردويه ، عن ابن مسعود ، مرفوعاً الشطر الأوّل من حديث جابر . وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، عن ابن عباس ، مثله . وقد وردت أحاديث صحيحة بأن الرؤيا الصالحة من المبشرات ، وأنها جزء من أجزاء النبوّة ، ولكنها لم تقيد بتفسير هذه الآية . وقد روي أن المراد بالبشرى في الآية هي قوله { وَبَشّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مّنَ ٱللَّهِ فَضْلاً كِبِيراً } الأحزاب 47 أخرج ذلك ابن جرير ، وابن المنذر ، من طريق عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس . وأخرج ابن المنذر ، عنه ، من طريق مقسم أنها قوله { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَـٰمُواْ } فصلت 30 . وأخرج ابن جرير ، والحاكم ، والبيهقي عن نافع ، قال خطب الحجاج فقال إن ابن الزبير بدّل كتاب الله ، فقال ابن عمر لا تستطيع ذلك أنت ولا ابن الزبير ، { لا تبديل لكلمات الله } .