Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 41-50)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قد تقدّم تحقيق معنى الهجرة في سورة النساء ، وهي ترك الأهل والأوطان ، ومعنى { هَـٰجَرُواْ فِى ٱللَّهِ } في شأن الله سبحانه وفي رضاه . وقيل { فِى ٱللَّهِ } في دين الله . وقيل في بمعنى اللام أي لله { مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ } أي عذبوا وأهينوا ، فإن أهل مكة عذبوا جماعة من المسلمين حتى قالوا ما أرادوا منهم ، فلما تركوهم هاجروا . وقد اختلف في سبب نزول الآية ، فقيل نزلت في صهيب وبلال وخباب وعمار . واعترض بأن السورة مكية ، وذلك يخالف قوله { وَٱلَّذِينَ هَـٰجَرُواْ } . وأجيب بأنه يمكن أن تكون هذه الآية من جملة الآيات المدنية في هذه السورة كما قدّمنا في عنوانها ، وقيل نزلت في أبي جندل بن سهيل ، وقيل نزلت في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لما ظلمهم المشركون بمكة وأخرجوهم حتى لحق طائفة منهم بالحبشة . { لَنُبَوّئَنَّهُمْ فِى ٱلدُّنْيَا حَسَنَة } اختلف في معنى هذا على أقوال . فقيل المراد نزولهم المدينة ، قاله ابن عباس ، والحسن ، والشعبي ، وقتادة . وقيل المراد الرزق الحسن ، قاله مجاهد . وقيل النصر على عدّوهم قاله الضحاك . وقيل ما استولوا عليه من فتوح البلاد ، وصار لهم فيها من الولايات . وقيل ما بقي لهم فيها من الثناء ، وصار لأولادهم من الشرف . ولا مانع من حمل الآية على جميع هذه الأمور . ومعنى { لَنُبَوّئَنَّهُمْ فِى ٱلدُّنْيَا حَسَنَة } لنبوئنهم مباءة حسنة ، أو تبوئة حسنة ، فحسنة صفة مصدر محذوف { وَلأَجْرُ ٱلآخِرَةِ } أي جزاء أعمالهم في الآخرة { أَكْبَرَ } من أن يعلمه أحد من خلق الله قبل أن يشاهده ، ومنه قوله تعالى { وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً } الإنسان 20 . { لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } أي لو كان هؤلاء الظلمة يعلمون ذلك . وقيل إن الضمير في { يعلمون } راجع إلى المؤمنين ، أي لو رأوا ثواب الآخرة وعاينوه لعلموا أنه أكبر من حسنة الدنيا . { ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ } الموصول في محل نصب على المدح ، أو الرفع على تقدير مبتدأ ، أو هو بدل من الموصول الأوّل ، أو من الضمير في { لنبؤئنهم } ، { وَعَلَىٰ رَبّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } أي على ربهم خاصة يتوكلون في جميع أمورهم معرضين عما سواه ، والجملة معطوفة على الصلة أو في محل نصب على الحال . { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِى إِلَيْهِمْ } . قرأ حفص عن عاصم { نوحي } بالنون ، وقرأ الباقون " يوحي " بالياء التحتية ، وهذه الآية ردّ على قريش حيث زعموا أن الله سبحانه أجلّ من أن يرسل رسولاً من البشر ، فردّ الله عليهم بأن هذه عادته وسنّته أن لا يرسل إلاّ رجالاً من البشر يوحي إليهم . وزعم أبو عليّ الجبائي أن معنى الآية أن الله سبحانه لم يرسل إلى الأنبياء بوحيه إلاّ من هو على صورة الرجال من الملائكة . ويردّ عليه بأن جبريل كان يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم على صور مختلفة . ولما كان كفار مكة مقرّين بأن اليهود والنصارى هم أهل لعلم بما أنزل الله في التوراة والإنجيل ، صرف الخطاب إليهم ، وأمرهم أن يرجعوا إلى أهل الكتاب ، فقال { فَٱسْأَلُواْ أَهْلَ ٱلذّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ } أي فاسألوا أيها المشركون مؤمن أهل الكتاب إن كنتم لا تعلمون ، فإنهم سيخبرونكم أن جميع الأنبياء كانوا بشراً ، أو اسألوا أهل الكتاب من غير تقييد بمؤمنيهم كما يفيده الظاهر ، فإنهم كانوا يعترفون بذلك ولا يكتمونه . وقيل المعنى فاسألوا أهل القرآن . و { بِٱلْبَيّنَـٰتِ وَٱلزُّبُرِ } يتعلق بـ { أرسلنا } ، فيكون داخلاً في حكم الاستثناء مع { رجالاً } ، وأنكر الفراء ذلك ، وقال إن صفة ما قبل " إلاّ " لا تتأخر إلا ما بعدها ، لأن المستثنى عنه هو مجموع ما قبل " إلاّ " مع صلته ، كما لو قيل ما أرسلنا إلاّ رجالاً بالبينات ، فلما لم يصر هذا المجموع مذكوراً بتمامه ، امتنع إدخال الاستثناء عليه . وقيل في الكلام تقديم وتأخير ، والتقدير وما أرسلنا من قبلك بالبينات والزبر إلاّ رجالاً . وقيل يتعلق بمحذوف دلّ عليه المذكور ، أي أرسلناهم بالبينات والزبر ، ويكون جواباً عن سؤال مقدّر كأنه قيل لماذا أرسلهم ؟ فقال أرسلناهم بالبينات والزبر . وقيل متعلق بـ { تعلمون } على أنه مفعوله . والباء زائدة ، أي إن كنتم لا تعلمون بالبينات والزبر وقيل متعلق بـ { رجالاً } أي رجالاً متلبسين بالبينات والزبر . وقيل بـ { نوحى } أي نوحي إليهم بالبينات والزبر . وقيل منصوب بتقدير أعني ، والباء زائدة ، وأهل الذكر هم أهل الكتاب كما تقدّم . وقال الزجاج اسألوا كل من يذكر بعلم ، والبينات الحجج والبراهين ، والزبر الكتب . وقد تقدّم الكلام على هذا في " آل عمران " { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلذّكْرَ } أي القرآن . ثم بين الغاية المطلوبة من الإنزال ، فقال { لِتُبَيّنَ لِلنَّاسِ } جميعاً { مَا نُزّلَ إِلَيْهِمْ } في هذا الذكر من الأحكام الشرعية ، والوعد والوعيد { وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } أي إرادة أن يتأملوا ويعملوا أفكارهم فيتعظوا . { أَفَأَمِنَ ٱلَّذِينَ مَكَرُواْ ٱلسَّيّئَاتِ } يحتمل أن تكون { السيئات } صفة مصدر محذوف أي مكروا المكرات السيئات ، وأن تكون مفعولة للفعل المذكور على تضمينه معنى العمل ، أي عملوا السيئات ، أو صفة لمفعول مقدّر ، أي أفأمن الماكرون العقوبات السيئات . أو على حذف حرف الجرّ ، أي مكروا بالسيئات { أَن يَخْسِفَ ٱللَّهُ بِهِمُ ٱلأَرْضَ } هو مفعول " أمن " ، أو بدل من مفعوله على القول بأن مفعوله محذوف ، وأن السيئات صفة للمحذوف ، والاستفهام للتقريع والتوبيخ . ومكر السيئات وسعيهم في إيذاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وإيذاء أصحابه على وجه الخفية ، واحتيالهم في إبطال الإسلام ، وكيد أهله { أَن يَخْسِفَ ٱللَّهُ بِهِمُ } كما خسف بقارون . يقال خسف المكان يخسف خسوفاً ، ذهب في الأرض ، وخسف الله به الأرض خسوفاً أي غاب به فيها ، ومنه قوله { فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ ٱلأَرْضَ } القصص 81 وخسف هو في الأرض ، وخسف به { أَوْ يَأْتِيَهُمُ ٱلْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ } به في حال غفلتهم عنه كما فعل بقوم لوط وغيرهم . وقيل يريد يوم بدر ، فإنهم أهلكوا ذلك اليوم ، ولم يكن في حسبانهم . { أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِى تَقَلُّبِهِمْ } . ذكر المفسرون فيه وجوهاً ، فقيل المراد في أسفارهم ومتاجرهم ، فإنه سبحانه قادر على أن يهلكهم في السفر كما يهلكهم في الحضر ، وهم لا يفوتونه بسبب ضربهم في الأرض ، وبعدهم عن الأوطان . وقيل المراد في حال تقلبهم في قضاء أوطارهم بوجود الحيل . فيحول الله بينهم وبين مقاصدهم وحيلهم . وقيل في حال تقلبهم في الليل على فرشهم . وقيل في حال إقبالهم وإدبارهم ، وذهابهم ومجيئهم بالليل والنهار . والقلب بالمعنى الأوّل مأخوذ من قوله { لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِى ٱلْبِلَـٰدِ } آل عمران 196 . وبالمعنى الثاني مأخوذ من قوله { وَقَلَّبُواْ لَكَ ٱلأَمُورَ } التوبة 48 . { فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ } أي بفائتين ولا ممتنعين . { أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَىٰ تَخَوُّفٍ } أي حال تخوّف وتوقع للبلايا بأن يكونوا متوقعين للعذاب ، حذرين منه غير غافلين عنه ، فهو خلاف ما تقدم من قوله { أَوْ يَأْتِيَهُمُ ٱلْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ } ، وقيل معنى { عَلَىٰ تَخَوُّفٍ } على تنقص . قال ابن الأعرابي أي على تنقص من الأموال والأنفس والثمرات حتى أهلكهم . قال الواحدي قال عامة المفسرين { على تخوّف } قال تنقص ، إما بقتل أو بموت ، يعني بنقص من أطرافهم ونواحيهم يأخذهم الأول فالأوّل حتى يأتي الأخذ على جميعهم . قال والتخوّف التنقص ، يقال هو يتخوف المال ، أي يتنقصه ، ويأخذ من أطرافه ، انتهى . يقال تخوّفه الدهر وتخونه بالفاء والنون تنقصه ، قال ذو الرّمة @ لا بل هو الشوق من دار تخوّفها مرا سحاب ومرا بارح ترب @@ وقال لبيد @ تخوّفها نزولي وارتحالي @@ أي تنقص لحمها وشحمها قال الهيثم بن عديّ التخوّف بالفاء التنقص . لغة لأزد شنودة . وأنشد @ تخوف عدوهم مالي وأهدي سلاسل في الحلوق لها صليل @@ وقيل { على تخوّف } على عجل ، قاله الليث بن سعد ، وقيل على تقريع بما قدّموه من ذنوبهم ، روي ذلك عن ابن عباس ، وقيل { على تخوّف } أن يعاقب ويتجاوز ، قاله قتادة { فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءوفٌ رَّحِيمٌ } لا يعاجل ، بل يمهل رأفة بكم ورحمة لكم مع استحقاقهم للعقوبة . { أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَىْء } لما خوّف سبحانه الماكرين بما خوّف ، أتبعه ذكر ما يدل على كمال قدرته في تدبير أحوال العالم العلوي والسفلي ومكانهما ، والاستفهام في { أَوَلَمْ يَرَوْاْ } للإنكار ، و " ما " مبهمة مفسرة بقوله { من شيء } ، قرأ حمزة ، والكسائي ، وخلف ، ويحيـى بن وثاب ، والأعمش " تروا " بالمثناة الفوقية ، على أنه خطاب لجميع الناس ، وقرأ الباقون بالتحتية بإرجاع الضمير إلى { الذين مكروا السيئات } ، وقرأ أبو عمرو ويعقوب تتفيؤا ظلاله بالمثناة الفوقية . وقرأ الباقون بالتحتية ، واختارها أبو عبيد ، أي يميل من جانب إلى جانب ، ويكون أوّل النهار على حال ويتقلص ، ثم يعود في آخر النهار على حالة أخرى . قال الأزهري تفيؤ الظلال رجوعها بعد انتصاف النهار ، فالتفيؤ لا يكون إلاّ بالعشيّ ، وما انصرف عنه الشمس والقمر ، والذي يكون بالغداة هو الظلّ . وقال ثعلب أخبرت عن أبي عبيدة أن رؤبة قال كل ما كانت عليه الشمس فزالت عنه فهو فيء ، وما لم تكن عليه الشمس فهو ظلّ . ومعنى { مِن شَىْء } من شيء له ظلّ ، وهي الأجسام ، فهو عام أريد به الخاص . و { ظلاله } جمع ظلّ ، وهو مضاف إلى مفرد لأنه واحد يراد به الكثرة . { عَنِ ٱلْيَمِينِ وَٱلْشَّمَآئِلِ } أي عن جهة أيمانها وشمائلها ، أي عن جانبي كل واحد منها . قال الفراء وحد اليمين لأنه أراد واحداً من ذوات الأظلال ، وجمع الشمائل لأنه أراد كلها ، لأن ما خلق الله لفظه مفرد ومعناه جمع . وقال الواحدي وحد اليمين والمراد به الجميع إيجازاً في اللفظ كقوله { وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ } القمر 45 ، ودلت الشمائل على أن المراد به الجمع . وقيل إن العرب إذا ذكرت صيغتي جمع ، عبرت عن أحدهما بلفظ الواحد كقوله { وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَـٰتِ وَٱلنُّورَ } الأنعام 1 ، و { خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ } البقرة 7 ، وقيل المراد باليمين النقطة التي هي مشرق الشمس ، وأنها واحدة . والشمائل عبارة عن الانحراف في فلك الإظلال بعد وقوعها على الأرض ، وهي كثيرة . وإنما عبر عن المشرق باليمين لأن أقوى جانبي الإنسان يمينه ، ومنه تظهر الحركة القوية . { سُجَّدًا لِلَّهِ } منتصب على الحال ، أي حال كون الظلال سجداً لله . قال الزجاج يعني أن هذه الأشياء مجبولة على الطاعة ، وقال أيضاً سجود الجسم انقياده وما يرى من أثر الصنعة { وَهُمْ دٰخِرُونَ } في محل نصب على الحال ، أي خاضعون صاغرون ، والدخور الصغار والذلّ ، يقال دخر الرجل ، فهو داخر ، وأدخره الله . قال الشاعر @ فلم يبق إلا داخر في مخيس ومنجحر في غير أرضك في حجر @@ ومخيس اسم سجن كان بالعراق { وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ مَن دَابَّةٍ } أي له وحده يخضع وينقاد ، لا لغيره ما في السموات جميعاً ، { وما في الأرض من دابة } تدبّ على الأرض . والمراد به كل دابة . قال الأخفش هو كقولك ما أتاني من رجل مثله ، وما أتاني من الرجال مثله . وقد دخل في عموم ما في السموات وما في الأرض جميع الأشياء الموجودة فيهما ، وإنما خصّ الدابة بالذكر ، لأنه قد علم من قوله { أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَىْء } انقياد الجمادات ، وعطف الملائكة على ما قبلهم ، تشريفاً لهم ، وتعظيماً لدخولهم في المعطوف عليه { وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } أي والحال أنهم لا يستكبرون عن عبادة ربهم ، والمراد الملائكة . ويحتمل أن تكون الجملة مستأنفة . وفي هذا رد على قريش حيث زعموا أن الملائكة بنات الله . ويجوز أن تكون حالاً من فاعل { يسجد } ، و " ما " عطف عليه ، أي يسجد لله ما في السموات وما في الأرض ، والملائكة ، وهم جميعاً لا يستكبرون عن السجود . { يَخَـٰفُونَ رَبَّهُمْ مّن فَوْقِهِمْ } هذه الجملة في محل نصب على الحال ، أي حال كونهم يخافون ربهم من فوقهم . أو جملة مستأنفة لبيان نفي استكبارهم ، ومن آثار الخوف عدم الاستكبار ، و { من فوقهم } متعلق بـ { يخافون } على حذف مضاف ، أي يخافون عذاب ربهم من فوقهم ، أو يكون حالاً من الربّ ، أي يخافون ربهم حال كونه من فوقهم . وقيل معنى { يَخَـٰفُونَ رَبَّهُمْ مّن فَوْقِهِمْ } يخافون الملائكة ، فيكون على حذف المضاف ، أي يخافون ملائكة ربهم كائنين من فوقهم . وهو تكلف لا حاجة إليه ، وإنما اقتضى مثل هذه التأويلات البعيدة المحاماة على مذاهب قد رسخت في الأذهان ، وتقرّرت في القلوب . قيل وهذه المخافة هي مخافة الإجلال ، واختاره الزجاج فقال { يَخَـٰفُونَ رَبَّهُمْ } خوف مجلين . ويدلّ على صحة هذا المعنى قوله { وَهُوَ ٱلْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ } الأنعام 18 . وقوله إخباراً عن فرعون { وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَـٰهِرُونَ } الأعراف 127 . { وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } أي ما يؤمرون به من طاعة الله يعني الملائكة ، أو جميع من تقدّم ذكره ، وحمل هذه الجمل على الملائكة أولى لأن في مخلوقات الله من يستكبر عن عبادته ، ولا يخافه ولا يفعل ما يؤمر به ، كالكفار والعصاة الذين لا يتصفون بهذه الصفات وإبليس وجنوده . وقد أخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله { وَٱلَّذِينَ هَـٰجَرُواْ فِى ٱللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ } قال هم قوم من أهل مكة هاجروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ظلمهم . وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن عساكر عن داود بن أبي هند قال نزلت هذه الآية في أبي جندل بن سهيل . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله { وَٱلَّذِينَ هَـٰجَرُواْ فِى ٱللَّهِ } الآية قال هؤلاء أصحاب محمد ، ظلمهم أهل مكة فأخرجوهم من ديارهم ، حتى لحق طوائف منهم بأرض الحبشة ، ثم بوّأهم الله المدينة بعد ذلك ، فجعلها لهم دار هجرة ، وجعل لهم أنصاراً من المؤمنين { وَلأَجْرُ ٱلأَخِرَةِ أَكْبَرُ } قال أي والله لما يصيبهم الله من جنته ونعمته أكبر { لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر عن الشعبي في قوله { فِى ٱلْدُّنْيَا حَسَنَةً } قال المدينة . وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال لنرزقنهم في الدنيا رزقاً حسناً . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال « لما بعث الله محمداً رسولاً أنكرت العرب ذلك ، فأنزل الله { مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِى إِلَيْهِمْ } » . وأخرج الفريابي ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه عنه في قوله { فَٱسْأَلُواْ أَهْلَ ٱلذّكْرِ } الآية ، يعني مشركي قريش ، أن محمداً رسول الله في التوراة والإنجيل . وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال نزلت في عبد الله بن سلام ونفر من أهل التوراة . وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله { بِٱلْبَيِّنَـٰتِ } قال الآيات . { وَٱلزُّبُرِ } قال الكتب . وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر عن مجاهد في قوله { أَفَأَمِنَ ٱلَّذِينَ مَكَرُواْ ٱلسَّيّئَاتِ } قال نمروذ بن كنعان وقومه . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال أي الشرك . وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك ، قال تكذيبهم الرسل ، وإعمالهم بالمعاصي . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِى تَقَلُّبِهِمْ } قال في اختلافهم . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عنه { فِى تَقَلُّبِهِمْ } قال إن شئت أخذته في سفره { أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَىٰ تَخَوُّفٍ } يقول على أثر موت صاحبه . وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً { عَلَىٰ تَخَوُّفٍ } قال تنقص من أعمالهم . وأخرج ابن جرير عن عمر أنه سألهم عن هذه الآية { أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَىٰ تَخَوُّفٍ } فقالوا ما نرى إلاّ أنه عند تنقص ما يردّده من الآيات . فقال عمر ما أرى إلا أنه على ما ينقصون من معاصي الله ، فخرج رجل ممن كان عند عمر فلقي أعرابياً ، فقال يا فلان ما فعل ربك ؟ قال قد تخيفته ، يعني انتقصته ، فرجع إلى عمر فأخبره ، فقال قد رأيته ذلك . وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر عن مجاهد في قوله { أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَىٰ تَخَوُّفٍ } قال يأخذهم بنقص بعضهم بعضاً . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { يتفيؤ } قال يتميل . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر عن قتادة في قوله { وَهُمْ دٰخِرُونَ } قال صاغرون . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن مجاهد مثله . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله { وَلِلَّهِ يَسْجُدُ } الآية قال لم يدع شيئاً من خلقه إلاّ عبده له طائعاً أو كارهاً . وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية ، قال يسجد من في السموات طوعاً ، ومن في الأرض طوعاً وكرهاً .