Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 63-69)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
بيّن سبحانه أن مثل صنيع قريش قد وقع من سائر الأمم ، فقال مسلياً لرسول الله صلى الله عليه وسلم { تَٱللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰ أُمَمٍ مّن قَبْلِكَ } أي رسلاً { فَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَـِّنُ أَعْمَالَهُمْ } الخبيثة { فَهُوَ وَلِيُّهُمُ ٱلْيَوْمَ } يحتمل أن يكون ليوم عبارة عن زمان الدنيا ، فيكون المعنى فهو قرينهم في الدنيا ، ويحتمل أن يكون اليوم عبارة عن يوم القيامة وما بعده ، فيكون للحال الآتية ، ويكون الوليّ بمعنى الناصر . والمراد نفي الناصر عنهم على أبلغ الوجوه ، لأن الشيطان لا يتصوّر منه النصرة أصلاً في الدار الآخرة ، وإذا كان الناصر منحصراً فيه ، لزم أن لا نصرة من غيره . ويحتمل أن يراد باليوم بعض زمان الدنيا ، وهو على وجهين الأوّل أن يراد البعض الذي قد مضى ، وهو الذي وقع فيه التزيين من الشيطان للأمم الماضية ، فيكون على طريق الحكاية للحال الماضية . الثاني أن يراد البعض الحاضر ، وهو وقت نزول الآية . والمراد تزيين الشيطان لكفار قريش ، فيكون الضمير في { وليهم } لكفار قريش أي فهو وليّ هؤلاء اليوم . أو على حذف مضاف ، أي فهو وليّ أمثال أولئك الأمم اليوم { وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي في الآخرة ، وهو عذاب النار . ثم ذكر سبحانه أنه ما هلك من هلك إلاّ بعد إقامة الحجة عليهم وإزاحة العلة منهم ، فقال { وَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ إِلاَّ لِتُبَيّنَ لَهُمُ ٱلَّذِى ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ } وهذا خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، والمراد بالكتاب القرآن ، والاستثناء مفرّغ من أعمّ الأحوال أي ما أنزلناه عليك لحال من الأحوال ، ولا لعلة من العلل إلاّ لعلة التبيين لهم ، أي للناس الذي اختلفوا فيه من التوحيد ، وأحوال البعث ، وسائر الأحكام الشرعية ، وانتصاب { هُدًى وَرَحْمَةً } على أنهما مفعول لهما معطوفان على محل لتبين . ولا حاجة إلى اللام ، لأنهما فعلاً فاعل الفعل المعلل ، بخلاف التبيين ، فإنه فعل المخاطب ، لا فعل المنزل { لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } بالله سبحانه ، ويصدّقون ما جاءت به الرسل ونزلت به الكتب . ثم عاد سبحانه إلى تقرير وجوده وتفرّده بالإلهية بذكر آياته العظام فقال { وَٱللَّهُ أَنزَلَ مِنَ ٱلْسَّمَاء مَآء } أي من السحاب ، أو من جهة العلو كما مرّ ، أي نوعاً من أنواع الماء { فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا } أي أحياها بالنبات بعد أن كانت يابسة لا حياة بها { إِنَّ فِى ذَلِكَ } الإنزال والإحياء { لآيَةً } أي علامة دالة على وحدانيته ، وعلى بعثه للخلق ومجازاتهم { لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } كلام الله ويفهمون ما يتضمنه من العبر ، ويتفكرون في خلق السموات والأرض . { وَإِنَّ لَكُمْ فِى ٱلأَنْعَـٰمِ لَعِبْرَةً } الأنعام هي الإبل والبقر والغنم ويدخل في الغنم المعز . والعبرة أصلها تمثيل الشيء بالشيء ليعرف حقيقته بطريق المشاكلة . ومنه { فَٱعْتَبِرُواْ يٰأُوْلِى ٱلأَبْصَـٰرِ } الحشر 2 . وقال أبو بكر الوارق العبرة في الأنعام تسخيرها لأربابها وطاعتها لهم ، والظاهر أن العبرة هي قوله { نُّسْقِيكُمْ مّمَّا فِى بُطُونِهِ } فتكون الجملة مستأنفة لبيان العبرة . قرأ أهل المدينة ، وابن عامر ، وعاصم في رواية أبي بكر " نسقيكم " بفتح النون ، من سقى يسقي . وقرأ الباقون وحفص عن عاصم بضم النون من أسقى يسقي ، قيل هما لغتان . قال لبيد @ سقى قومي بني مجد وأسقى نميراً والقبائل من هلال @@ وقرىء بالتاء الفوقية ، على أن الضمير راجع إلى الأنعام . وقرىء بالتحتية على إرجاع الضمير إلى الله سبحانه ، وهما ضعيفتان . وجميع القراء على القراءتين الأوليين ، والفتح لغة قريش ، والضم لغة حمير . وقيل إن بين سقى وأسقى فرقاً ، فإذا كان الشراب من يد الساقي إلى فم المسقى فيقال سقيته ، وإن كان بمجرّد عرضه عليه وتهيئته له ، قيل أسقاه . والضمير في قوله { مّمَّا فِى بُطُونِهِ } راجع إلى الأنعام . قال سيبويه العرب تخبر عن الأنعام بخبر الواحد . وقال الزجاج لما كان لفظ الجمع يذكر ويؤنث ، فيقال هو الأنعام ، وهي الأنعام جاز عود الضمير بالتذكير . وقال الكسائي معناه مما في بطون ما ذكرنا ، فهو على هذا عائد إلى المذكور . قال الفراء وهو صواب . وقال المبرد هذا فاش في القرآن كثير ، مثل قوله للشمس { هَـٰذَا رَبّى } الأنعام 78 يعني هذا الشيء الطالع . وكذلك { وَإِنّى مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ } النمل 35 ، ثم قال { فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ } النمل 36 ، ولم يقل جاءت لأن المعنى جاء الشيء الذي ذكرنا . انتهى ، ومن ذلك قوله { كَلاَّ إِنَّه تَذْكِرَةٌ * فَمَن شَاء ذَكَرَهُ } المدثر 54 ، 55 ومثله قول الشاعر @ مثل الفراخ نتفت حواصله @@ ولم يقل حواصلها . وقول الآخر @ وطاب ألبان اللقاح وبرد @@ ولم يقل وبردت . وحكي عن الكسائي أن المعنى مما في بطون بعضه وهي الإناث لأن الذكور لا ألبان لها ، وبه قال أبو عبيدة وحكي عن الفراء أنه قال النعم والأنعام واحد ، يذكر ويؤنث ، ولهذا تقول العرب هذه نعم وارد ، فرجع الضمير إلى لفظ النعم الذي هو بمعنى الأنعام . وهو كقول الزجاج . ورجحه ابن العربي فقال إنما يرجع التذكير إلى معنى الجمع ، والتأنيث إلى معنى الجماعة . فذكره هنا باعتبار لفظ الجمع ، وأنثه في سورة المؤمنين باعتبار لفظ الجماعة { مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ } الفرث الزبل الذي ينزل إلى الكرش ، فإذا خرج منه لم يسم فرثاً . يقال أفرثت الكرش إذا أخرجت ما فيها . والمعنى أن الشيء الذي تأكله يكون منه ما في الكرش ، وهو الفرث ، ويكون منه الدم ، فيكون أسفله فرثاً ، وأعلاه دماً وأوسطه لبنا فيجري الدم في العروق ، واللبن في الضروع ، ويبقى الفرث كما هو { خَالِصًا } يعني من حمرة الدم ، وقذارة الفرث بعد أن جمعهما وعاء واحد { سَآئِغًا لِلشَّارِبِينَ } أي لذيذاً هنيئاً ، لا يغصّ به من شربه يقال ساغ الشراب ، يسوغ سوغاً ، أي سهل مدخله في الحلق . { وَمِن ثَمَرٰتِ ٱلنَّخِيلِ وَٱلأَعْنَـٰبِ } قال ابن جرير التقدير ومن ثمرات النخيل والأعناب ما تتخذون ، فحذف " ما " ودلّ على حذفه قوله { منه } . وقيل هو معطوف على الأنعام ، والتقدير وإن لكم من ثمرات النخيل والأعناب لعبرة . ويجوز أن يكون معطوفاً على { مما في بطونه } أي نسقيكم مما في بطونه ومن ثمرات النخيل . ويجوز أن يتعلق بمحذوف دلّ عليه ما قبله ، تقديره ونسقيكم من ثمرات النخيل ، ويكون على هذا { تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا } بياناً للإسقاء وكشفاً عن حقيقته ، ويجوز أن يتعلق بـ { تتخذون } ، تقديره ومن ثمرات النخيل والأعناب ثمر تتخذون منه سكراً ، ويكون تكرير الظرف ، وهو قوله منه للتأكيد كقولك زيد في الدار فيها ، وإنما ذكر الضمير في { منه } لأنه يعود إلى المذكور ، أو إلى المضاف المحذوف ، وهو العصير ، كأنه قيل ومن عصير ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه ، والسكر ما يسكر من الخمر ، والرزق الحسن جميع ما يؤكل من هاتين الشجرتين كالثمر والدبس والزبيب والخل . وكان نزول هذه الآية قبل تحريم الخمر . وقيل إن السكر الخلّ بلغة الحبشة ، والرزق الحسن الطعام من الشجرتين . وقيل السكر العصير الحلو الحلال ، وسمي سكراً لأنه قد يصير مسكراً إذا بقي ، فإذا بلغ الإسكار حرم . والقول الأوّل أولى وعليه الجمهور ، وقد صرّح أهل اللغة بأن السكر اسم للخمر ، ولم يخالف في ذلك إلاّ أبو عبيدة ، فإنه قال السكر الطعم ، ومما يدل على ما قاله جمهور أهل اللغة قول الشاعر @ بئس الصحاب وبئس الشرب شربهم إذا جرى فيهم الهذي والسكر @@ ومما يدل على ما قاله أبو عبيدة ما أنشده @ جعلت عيب الأكرمين سكرا @@ أي جعلت ذمهم طعماً ، ورجح هذا ابن جرير فقال إن السكر ما يطعم من الطعام ويحل شربه من ثمار النخيل والأعناب ، وهو الرزق الحسن ، فاللفظ مختلف . والمعنى واحد ، مثل { إِنَّمَا أَشْكُو بَثّى وَحُزْنِى إِلَى ٱللَّهِ } يوسف 86 . قال الزجاج قول أبي عبيدة هذا لا يعرف ، وأهل التفسير على خلافه . ولا حجة في البيت الذي أنشده لأن معناه عند غيره أنه يصف أنها تتخمر بعيوب الناس ، وقد حمل السكر جماعة من الحنفية على ما لا يسكر من الأنبذة وعلى ما ذهب ثلثاه بالطبخ . قالوا وإنما يمتنّ الله على عباده بما أحله لهم ، لا بما حرّمه عليهم ، وهذا مردود بالأحاديث الصحيحة المتواترة على فرض تأخره عن آية تحريم الخمر . ا هـ . { إِنَّ فِى ذٰلِكَ لآيَةً لّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } أي لدلالة لمن يستعمل العقل ، ويعمل بما يقتضيه عند النظر في الآيات التكوينية . { وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَىٰ ٱلنَّحْلِ } قد تقدّم الكلام في الوحي ، وأنه يكون بمعنى الإلهام ، وهو ما يخلقه في القلب ابتداء من غير سبب ظاهر ، ومنه قوله سبحانه { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا } الشمس 7 - 8 . ومن ذلك إلهام البهائم لفعل ما ينفعها وترك ما يضرها ، وقرأ يحيـى بن وثاب " إلى النحل " بفتح الحاء . قال الزجاج وسمي نحلاً ، لأن الله سبحانه نحله العسل الذي يخرج منه . قال الجوهري والنحل والنحلة الدبر ، يقع على الذكر والأنثى { أَنِ ٱتَّخِذِى مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتًا } أي بأن اتخذي على أن « أن » هي المصدرية ، ويجوز أن تكون تفسيرية لأن في الإيحاء معنى القول ، وأنث الضمير في اتخذي لكونه أحد الجائزين كما تقدّم ، أو للحمل على المعنى ، أو لكون النحل جمعاً . وأهل الحجاز يؤنثون النحل « ومن » في { من الجبال بيوتاً } وكذا في { مّنَ ٱلشَّجَرِ } وكذا في { مّمَّا يَعْرِشُونَ } للتبعيض ، أي مساكن توافقها وتليق بها في كوى الجبال ، وتجويف الشجر ، وفي العروش التي يعرشها بنو آدم من الأجناح والحيطان وغيرها . وأكثر ما يستعمل فيما يكون من الخشب ، يقال عرش يعرش بكسر الراء وضمها . وبالضم قرأ ابن عامر وشعبة ، وقرأ الباقون بالكسر . وقرىء أيضاً " بيوتاً " بكسر الباء وضمها . { ثُمَّ كُلِى مِن كُلّ ٱلثَّمَرٰتِ } " من " للتبغيض ، لأنها تأكل النور من الأشجار ، فإذا أكلتها { فَٱسْلُكِى سُبُلَ رَبّكِ } أي الطرق التي فهمك الله وعلمك ، وأضافها إلى الربّ لأنه خالقها وملهم النحل أن تسلكها ، أي ادخلي طرق ربك لطلب الرزق في الجبال وخلال الشجر ، أو اسلكي ما أكلت في سبل ربك ، أي في مسالكه التي يحيل فيها بقدرته النور عسلاً ، أو إذا أكلت الثمار في الأمكنة البعيدة ، فاسلكي إلى بيوتك راجعة سبل ربك ، لا تضلين فيها ، وا نتصاب { ذُلُلاً } على الحال من السبل ، وهي جمع ذلول ، أي مذللة ، غير متوعرة ، واختار هذا الزجاج وابن جرير . وقيل حال من النحل ، يعني مطيعة للتسخير ، وإخراج العسل من بطونها ، واختار هذا ابن قتيبة . وجملة { يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا } مستأنفة عدل به عن خطاب النحل ، تعديداً للنعم ، وتعجيباً لكل سامع ، وتنبيهاً على الغير ، وإرشاداً إلى الآيات العظيمة الحاصلة من هذا الحيوان الشبيه بالذباب . والمراد بالشراب هو العسل ، ومعنى { مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ } أن بعضه أبيض ، وبعضه أحمر ، وبعضه أزرق ، وبعضه أصفر باختلاف ذوات النحل وألونها ومأكولاتها . وجمهور المفسرين على أن العسل يخرج من أفواه النحل . وقيل من أسفلها . وقيل لا يدري من أين يخرج منها ، والضمير في قوله { فِيهِ شِفَآء لِلنَّاسِ } راجع إلى الشراب الخارج من بطون النحل ، وهو العسل ، وإلى هذا ذهب الجمهور . وقال الفراء ، وابن كيسان ، وجماعة من السلف إن الضمير راجع إلى القرآن ، ويكون التقدير فيما قصصنا عليكم من الآيات والبراهين شفاء للناس ، ولا وجه للعدول عن الظاهر ومخالفة المرجع الواضح والسياق البين . وقد اختلف أهل العلم هل هذا الشفاء الذي جعله الله في العسل عام لكل داء ، أو خاص ببعض الأمراض ؟ فقالت طائفة هو على العموم ، وقالت طائفة إن ذلك خاص ببعض الأمراض . ويدل على هذا أن العسل نكرة في سياق الإثبات فلا يكون عاماً ، وتنكيره إن أريد به التعظيم لا يدل إلاّ على أن فيه شفاءً عظيماً لمرض أو أمراض ، لا لكل مرض ، فإن تنكير التعظيم لا يفيد العموم ، والظاهر المستفاد من التجربة ومن قوانين علم الطب ، أنه إذا استعمل منفرداً ، كان دواء لأمراض خاصة وإن خلط مع غيره كالمعاجين ونحوها ، كان مع ما خلط به دواء لكثير من الأمراض . وبالجملة فهو من أعظم الأغذية وأنفع الأدوية ، وقليلاً ما يجتمع هذان الأمران في غيره { إِنَّ فِى ذَلِكَ } المذكور من أمر النحل { لآيَةً لّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } أي يعملون أفكارهم عند النظر في صنع الله سبحانه وعجائب مخلوقاته . فإن أمر النحل من أعجبها وأغربها وأدقها وأحكمها . وقد أخرج عبد الرزاق ، والفريابي ، وسعيد بن منصور ، وأبو داود في ناسخه ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والنحاس ، والحاكم وصححه ، والبيهقي في سننه ، وابن مردويه عن ابن عباس أنه سئل عن قوله { تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا } قال السكر ما حرم من ثمرتهما ، والرزق الحسن ما حلّ . وأخرج الفريابي ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه عنه قال السكر الحرام ، والرزق الحسن زبيبه وخله وعنبه ومنافعه . وأخرج أبو داود في ناسخه ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عنه أيضاً قال السكر النبيذ ، والرزق الحسن الزبيب . فنسختها هذه الآية { إِنَّمَا ٱلْخَمْرُ وَٱلْمَيْسِرُ } المائدة 90 . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي عنه أيضاً في الآية قال فحرّم الله بعد ذلك السكر منع تحريم الخمر لأنه منه ، ثم قال { وَرِزْقًا حَسَنًا } فهو الحلال من الخلّ والزبيب والنبيذ وأشباه ذلك ، فأقرّه الله وجعله حلالاً للمسلمين . وأخرج الفريابي ، وابن أبي شيبة ، وابن أبي حاتم عن ابن عمر أنه سئل عن السكر ، فقال الخمر بعينها . وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر عن ابن مسعود قال السكر خمر . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس { وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَىٰ ٱلنَّحْلِ } قال ألهمها . وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله { فَٱسْلُكِى سُبُلَ رَبّكِ ذُلُلاً } قال طرقاً لا يتوعر عليها مكان سلكته . وأخرج عبد الرازق ، وابن جرير ، وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن قتادة { ذللاً } قال مطيعة . وأخرج ابن أبي حاتم عن السدّي قال ذليلة . وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله { يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ } قال العسل . وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال هو العسل فيه الشفاء ، وفي القرآن . وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير عن ابن مسعود قال إن العسل شفاء من كل داء . والقرآن شفاء لما في الصدور . وأخرج سعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، وابن مردويه عن ابن مسعود قال عليكم بالشفاءين العسل والقرآن . وأخرج ابن ماجه ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، والبيهقي في الشعب ، وابن السني ، وأبو نعيم ، والخطيب عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " عليكم بالشفاءين العسل والقرآن " وقد وردت أحاديث في كون العسل شفاء منها ما أخرجه البخاري من حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " الشفاء في ثلاثة في شرطة محجم ، أو شربة عسل ، أو كية بنار ، وأنا أنهي أمتي عن الكيّ " وأخرج البخاري ، ومسلم وغيرهما من حديث أبي سعيد « أن رجلاً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن أخي استطلق بطنه ، فقال " اسقه عسلاً " فسقاه عسلاً ، ثم جاء فقال سقيته عسلاً ، فما زاده إلاّ استطلاقاً ، قال " إذهب فاسقه عسلاً " فذهب فسقاه ، ثم جاء فقال ما زاده إلاّ استطلاقاً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " صدق الله وكذب بطن أخيك ، اذهب فاسقه عسلاً " ، فذهب فسقاه عسلاً فبرأ .