Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 84-90)

Tafsir: Fatḥ al-qadīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما بين سبحانه من حال هؤلاء أنهم عرفوا نعمة الله ثم أنكروها ، وأن أكثرهم كافرون ، أتبعه بأصناف وعيد يوم القيامة ، فقال { وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلّ أُمَّةٍ شَهِيدًا } أي واذكر يوم نبعث ، أو يوم نبعث وقعوا فيما وقعوا فيه ، وشهيد كل أمة نبيها ، يشهد لهم بالإيمان والتصديق ، وعليهم بالكفر والجحود والتكذيب { ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي في الاعتذار ، إذ لا حجة لهم ولا عذر ، كقوله سبحانه { وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } المرسلات 36 أو في كثرة الكلام ، أو في الرجوع إلى دار الدنيا ، وإيراد " ثم " ها هنا للدلالة على أن ابتلاءهم بالمنع عن الاعتذار المنبيء عن الإقناط الكلي أشد من ابتلائهم بشهادة الأنبياء { وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ } لأن العتاب إنما يطلب لأجل العود إلى الرضا ، فإذا كان على عزم السخط ، فلا فائدة في العتاب . والمعنى أنهم لا يسترضون أي لا يكلفون أن يرضوا ربهم ، لأن الآخرة ليست بدار تكليف ، ولا يتركون إلى رجوع الدنيا فيتوبون ، وأصل الكلمة من العتب وهو الموجد ، يقال عتب عليه يعتب إذا وجد عليه ، فإذا أفاض عليه ما عتب فيه عليه قيل عاتبه ، فإذا رجع إلى مسرّته قيل أعتبه ، والاسم العتبى ، وهو رجوع المعتوب عليه إلى ما يرضي العاتب قاله الهروي ، ومنه قول النابغة @ فإن كنت مظلوماً فعبداً ظلمته وإن كنت ذا عتبى فمثلك يعتب @@ { وَإِذَا رَأى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ٱلْعَذَابَ } أي وإذا رأى الذين أشركوا العذاب الذي يستحقونه بشركهم ، وهو عذاب جهنم { فَلاَ يُخَفَّفُ } ذلك العذاب { عَنْهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } أي ولا هم يمهلون ليتوبوا ، إذ لا توبة هنالك { وَإِذَا رَءا ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ شُرَكَآءهُمْ } أي أصنامهم وأوثانهم التي عبدوها ، لما تقرّر من أنهم يبعثون مع المشركين ليقال لهم " من كان يعبد شيئاً فليتبعه " ، كما ثبت في الصحيح من قوله صلى الله عليه وسلم . { قَالُواْ رَبَّنَا هَـؤُلآء شُرَكَآؤُنَا ٱلَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوْا مِن دُونِكَ } أي الذين كنا نعبدهم من دونك . قال أبو مسلم الأصفهاني مقصود المشركين بهذا القول إحالة الذنب على تلك الأصنام تعللاً بذلك ، واسترواحاً ، مع كونهم يعلمون أن العذاب واقع بهم لا محالة ، ولكن الغريق يتعلق بكل ما تقع يده عليه . { فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ ٱلْقَوْلَ } أي ألقى أولئك الأصنام والأوثان والشياطين ونحوهم إلى المشركين القول { إِنَّكُمْ لَكَـٰذِبُونَ } أي قالوا لهم إنكم أيها المشركون لكاذبون فيما تزعمون من إحالة الذنب علينا الذي هو مقصودكم من هذا القول . فإن قيل إن المشركين أشاروا إلى الأصنام ونحوها أن هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعوا من دونك ، وقد كانوا صادقين في ذلك ، فكيف كذبتهم الأصنام ونحوها ؟ فالجواب بأن مرادهم من قولهم { هؤلاء شركاؤنا } هؤلاء شركاء الله في المعبودية ، فكذبتهم الأصنام في دعوى هذه الشركة . والأصنام والأوثان وإن كانت لا تقدر على النطق ، فإن الله سبحانه ينطقها في تلك الحال ، لتخجيل المشركين وتوبيخهم ، وهذا كما قالت الملائكة { بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ ٱلْجِنَّ } سبأ 41 . يعنون أن الجنّ هم الذين كانوا راضين بعبادتهم لهم . { وَأَلْقَوْاْ إِلَىٰ ٱللَّهِ يَوْمَئِذٍ ٱلسَّلَمَ } أي ألقى المشركون يوم القيامة الاستسلام والانقياد لعذابه ، والخضوع لعزته . وقيل استسلم العابد والمعبود وانقادوا لحكمه فيهم { وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } أي ضاع وبطل ما كانوا يفترونه من أن لله سبحانه شركاء وما كانوا يزعمون من شفاعتهم لهم ، وأن عبادتهم لهم تقرّبهم إلى الله سبحانه . { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } في أنفسهم { وَصُدُّواْ } غيرهم { عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } أي عن طريق الحق ، وهي طريق الإسلام والإيمان بأن منعوهم من سلوكها وحملوهم على الكفر . وقيل المراد بالصدّ عن سبيل الله الصدّ عن المسجد الحرام . والأولى العموم . ثم أخبر عن هؤلاء الذين صنعوا هذا الصنع بقوله { زِدْنَـٰهُمْ عَذَابًا فَوْقَ ٱلْعَذَابِ } أي زادهم الله عذاباً لأجل الإضلال لغيرهم فوق العذاب الذي استحقوه لأجل ضلالهم . وقيل المعنى زدنا القادة عذاباً فوق عذاب أتباعهم ، أي أشد منه . وقيل إن هذه الزيادة هي إخراجهم من النار إلى الزمهرير ، وقيل غير ذلك . { وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِى كُلّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ } أي نبياً يشهد عليهم { مّنْ أَنفُسِهِمْ } من جنسهم ، إتماماً للحجة وقطعاً للمعذرة ، وهذا تكرير لما سبق لقصد التأكيد والتهديد { وَجِئْنَا بِكَ } يا محمد { شَهِيدًا عَلَىٰ هَـؤُلآء } أي تشهد على هذه الأمم وتشهد لهم . وقيل على أمتك ، وقد تقدّم مثل هذا في البقرة والنساء { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ } أي القرآن . والجملة مستأنفة أو في محل نصب على الحال بتقدير قد { تِبْيَانًا لّكُلّ شَىْء } أي بياناً له ، والتاء للمبالغة ، ونظيره من المصادر التلقاء ، ولم يأت غيرهما . ومثل هذه الآية قوله سبحانه { مَّا فَرَّطْنَا فِى ٱلكِتَـٰبِ مِن شَىْء } الأنعام 38 . ومعنى كونه { تبياناً لكلّ شيء } أن فيه البيان لكثير من الأحكام ، والإحالة فيما بقي منها على السنة ، وأمرهم باتباع رسوله صلى الله عليه وسلم فيما يأتي به من الأحكام ، وطاعته كما في الآيات القرآنية الدالة على ذلك . وقد صحّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال " إني أوتيت القرآن ومثله معه " { وَهَدَىٰ } للعباد { وَرَحْمَةً } لهم { وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ } خاصة دون غيرهم ، أو يكون الهدى والرحمة والبشرى خاصة بهم لأنهم المنتفعون بذلك . ثم لما ذكر سبحانه أن في القرآن تبيان كل شيء ذكر عقبة آية جامعة لأصول التكليف كلها تصديقاً لذلك ، فقال { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإْحْسَانِ } . وقد اختلف أهل العلم في تفسير العدل والإحسان فقيل العدل لا إلٰه إلاّ الله ، والإحسان أداء الفرائض . وقيل العدل الفرض . والإحسان النافلة . وقيل العدل استواء العلانية والسريرة ، والإحسان . أن تكون السريرة أفضل من العلانية . وقيل العدل الإنصاف ، والإحسان التفضل ، والأولى تفسير العدل بالمعنى اللغوي ، وهو التوسط بين طرفي الإفراط والتفريط . فمعنى أمره سبحانه بالعدل أن يكون عباده في الدين على حالة متوسطة ، ليست بمائلة إلى جانب الإفراط ، وهو الغلوّ المذموم في الدين ، ولا إلى جانب التفريط ، وهو الإخلال بشيء مما هو من الدين . وأما الإحسان فمعناه اللغوي يرشد إلى أنه التفضل بما لم يجب ، كصدقة التطوّع ، ومن الإحسان فعل ما يثاب عليه العبد مما لم يوجبه الله عليه في العبادات وغيرها . وقد صحّ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه فسر الإحسان بأن يعبد الله العبد حتى كأنه يراه ، فقال في حديث ابن عمر الثابت في الصحيحين " والإحسان أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك " وهذا هو معنى الإحسان شرعاً . { وَإِيتَآء ذِى ٱلْقُرْبَىٰ } أي إعطاء القرابة ما تدعو إليه حاجتهم . وفي الآية إرشاد إلى صلة الأقارب وترغيب في التصدق عليهم . وهو من باب عطف الخاص على العام ، إن كان إعطاء الأقارب قد دخل تحت العدل والإحسان . وقيل من باب عطف المندوب على الواجب . ومثل هذه الآية قوله { وَءاتِ ذَا ٱلْقُرْبَىٰ حَقَّهُ } الإسراء 26 . وإنما خصّ ذوي القربى لأن حقهم آكد ، فإن الرحم قد اشتق الله اسمها من اسمه ، وجعل صلتها من صلته ، وقطيعتها من قطيعته . { وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاء } هي الخصلة المتزايدة في القبح من قول أو فعل . وقيل هي الزنا . وقيل البخل { وَٱلْمُنْكَرِ } ما أنكره الشرع بالنهي عنه ، وهو يعمّ جميع المعاصي على اختلاف أنواعها . وقيل هو الشرك وأما { ٱلْبَغْىُ } فقيل هو الكبر ، وقيل الظلم . وقيل الحقد ، وقيل التعدّي ، وحقيقته تجاوز الحدّ فيشمل هذه المذكورة ، ويندرج بجميع أقسامه تحت المنكر . وإنما خصّ بالذكر اهتماماً به لشدّة ضرره ووبال عاقبته . وهو من الذنوب التي ترجع على فاعلها لقوله سبحانه { إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ } يونس 23 ، وهذه الآية هي من الآيات الدالة على وجوب الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر . ثم ختم سبحانه هذه الآية بقوله { يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } أي يعظكم بما ذكره في هذه الآية مما أمركم به ونهاكم عنه . فإنها كافية في باب الوعظ والتذكير ، { لعلكم تذكرون } إرادة أن تتذكروا ما ينبغي تذكره ، فتتعظوا بما وعظكم الله به . وقد أخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله { وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلّ أُمَّةٍ شَهِيدًا } قال شهيدها نبيّها على أنه قد بلغ رسالات ربه ، قال الله { وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَىٰ هَـؤُلآء } قال ذكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ هذه الآية ، فاضت عيناه . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله { فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ ٱلْقَوْلَ } قال حدّثوهم . وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج { وَأَلْقَوْاْ إِلَىٰ ٱللَّهِ يَوْمَئِذٍ ٱلسَّلَمَ } قال استسلموا . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة نحوه . وأخرج عبد الرزاق ، والفريابي ، وسعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وهناد بن السرّي ، وأبو يعلى ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، والحاكم وصححه ، والبيهقي في البعث والنشور ، عن ابن مسعود في قوله { زِدْنَـٰهُمْ عَذَابًا فَوْقَ ٱلْعَذَابِ } قال زيدوا عقارب لها أنياب كالنخل الطوال . وأخرج ابن مردويه والخطيب عن البراء « أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن قول الله تعالى { زِدْنَـٰهُمْ عَذَابًا فَوْقَ ٱلْعَذَابِ } ، فقال " عقارب أمثال النخل الطوال ينهشونهم في جهنم " وأخرج أبو يعلى ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { زِدْنَـٰهُمْ عَذَابًا فَوْقَ ٱلْعَذَابِ } أنهار من نار صبها الله عليهم يعذبون ببعضها بالليل ، وببعضها بالنهار ، وقد روى ابن مردويه من حديث جابر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال " الزيادة خمسة أنهار تجري من تحت العرش على رءوس أهل النار ، ثلاثة أنهار على مقدار الليل ، ونهران على مقدار النهار فذلك قوله { زِدْنَـٰهُمْ عَذَابًا فَوْقَ ٱلْعَذَابِ } " وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود ، قال إن الله أنزل في هذا الكتاب تبياناً لكل شيء ، ولكن علمنا يقصر عما بين لنا في القرآن ، ثم قرأ { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ تِبْيَانًا لّكُلّ شَىْء } . وأخرج سعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وابن الضريس في فضائل القرآن ، ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة ، والطبراني ، والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود ، قال من أراد العلم ، فليثور القرآن ، فإن فيه علم الأوّلين والآخرين . وأخرج أحمد عن عثمان بن أبي العاص ، قال « كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً ، إذ شخص بصره فقال " أتاني جبريل فأمرني أن أضع هذه الآية بهذا الموضع من السورة { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإْحْسَانِ } الآية " وفي إسناده شهر بن حوشب . وقال ابن كثير في تفسيره إسناده لا بأس به . وقد أخرجه مطوّلاً أحمد ، والبخاري في الأدب ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، وابن مردويه من حديث ابن عباس . وحسن ابن كثير إسناده . وأخرج الماوردي ، وابن السكن ، وابن منده ، وأبو نعيم في معرفة الصحابة عن عبد الملك بن عمير ، أن هذه الآية لما بلغت أكثم بن صيفي ، حكيم العرب قال إني أراه يأمر بمكارم الأخلاق ، وينهى عن ملائمها ، ثم قال لقومه كونوا في هذا الأمر رؤوساً ، ولا تكونوا فيه أذناباً ، وكونوا فيه أوّلاً ولا تكونوا فيه آخراً . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ } قال شهادة أن لا إلٰه إلاّ الله . { والإحسان } أداء الفرائض { وَإِيتَآء ذِى ٱلْقُرْبَىٰ } قال إعطاء ذوي الأرحام الحق الذي أوجبه الله عليك بسبب القرابة والرحم . { وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاء } قال الزنا { وَٱلْمُنْكَرِ } قال الشرك { وَٱلْبَغْىَ } قال الكبر والظلم { يَعِظُكُمُ } قال يوصيكم { لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } . وأخرج سعيد بن منصور ، والبخاري في الأدب ، ومحمد بن نصر في الصلاة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، والحاكم وصححه ، والبيهقي في الشعب قال أعظم آية في كتاب الله { ٱللَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَىُّ ٱلْقَيُّومُ … } البقرة 255 . وأجمع آية في كتاب الله للخير والشر الآية التي في النحل { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإْحْسَانِ … } . وأكثر آية في كتاب الله تفويضاً { وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ } الطلاق 2 - 3 . وأشدّ آية في كتاب الله رجاء { يٰعِبَادِىَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ … } الزمر 53 الآية . وأخرج البيهقي في الشعب عن الحسن أنه قرأ هذه الآية { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإْحْسَانِ … } إلى آخرها ، ثم قال إن الله عزّ وجلّ جمع لكم الخير كله ، والشرّ كله ، في آية واحدة ، فوالله ما ترك العدل والإحسان من طاعة الله شيئاً إلاّ جمعه ، ولا ترك الفحشاء والمنكر والبغي من معصية الله شيئاً إلاّ جمعه . وأخرج البخاري في تاريخه من طريق الكلبي عن أبيه قال مرّ عليّ بن أبي طالب بقوم يتحدثون ، فقال فيم أنتم ؟ قالوا نتذاكر المروءة . فقال أو ما كفاكم الله عزّ وجلّ ذلك في كتابه ، إذ يقول { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإْحْسَانِ } فالعدل الإنصاف ، والإحسان التفضل ، فما بقي بعد هذا ! .