Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 51-63)

Tafsir: Fatḥ al-qadīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قفّى سبحانه قصة إبراهيم بقصة موسى لأنه تلاه في الشرف . وقدّمه على إسماعيل لئلا يفصل بينه وبين ذكر يعقوب ، أي واقرأ عليهم من القرآن قصة موسى { إِنَّهُ كَانَ مُخْلِصاً } قرأ أهل الكوفة بفتح اللام ، أي جعلناه مختاراً وأخلصناه ، وقرأ الباقون بكسرها ، أي أخلص العبادة والتوحيد لله غير مراء للعباد { إِنَّهُ كَانَ رَسُولاً نبياً } أي أرسله الله إلى عباده فأنبأهم عن الله بشرائعه التي شرعها لهم ، فهذا وجه ذكر النبيّ بعد الرسول مع استلزام الرسالة للنبوّة ، فكأنه أراد بالرسول معناه اللغوي لا الشرعي ، والله أعلم . وقال النيسابوري الرسول الذي معه كتاب من الأنبياء ، والنبيّ الذي ينبىء عن الله عزّ وجلّ وإن لم يكن معه كتاب ، وكان المناسب ذكر الأعمّ قبل الأخص ، إلا أن رعاية الفاصلة اقتضت عكس ذلك كقوله في طه { ٱ رَبّ مُوسَىٰ وَهَـٰرُونَ } طه 70 انتهى . { وَنَـٰدَيْنَـٰهُ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ ٱلأيْمَنِ } أي كلمناه من جانب الطور ، وهو جبل بين مصر ومدين اسمه زبير ، ومعنى الأيمن أنه كان ذلك الجانب عن يمين موسى ، فإن الشجرة كانت في ذلك الجانب والنداء وقع منها ، وليس المراد يمين الجبل نفسه . فإن الجبال لا يمين لها ولا شمال وقيل معنى الأيمن الميمون ، ومعنى النداء أنه تمثل له الكلام من ذلك الجانب { وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً } أي أدنيناه بتقريب المنزلة حتى كلمناه ، والنجيّ بمعنى المناجي كالجليس والنديم ، فالتقريب هنا هو تقريب التشريف والإكرام ، مثلت حاله بحال من قرّبه الملك لمناجاته . قال الزجاج قربه منه في المنزلة حتى سمع مناجاته وقيل إن الله سبحانه رفعه حتى سمع صريف القلم . روي هذا عن بعض السلف . { وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا } أي من نعمتنا ، وقيل من أجل رحمتنا ، و { هَـٰرُونَ } عطف بيان ، و { نَبِيّاً } حال منه ، وذلك حين سأل ربه قال { وَٱجْعَل لّي وَزِيراً مّنْ أَهْلِى * هَـٰرُونَ أَخِي } طه 29 ــ 30 . ووصف الله سبحانه إسماعيل بصدق الوعد مع كونه جميع الأنبياء كذلك ، لأنه كان مشهوراً بذلك مبالغاً فيه ، وناهيك بأنه وعد الصبر من نفسه على الذبح فوفى بذلك ، وكان ينتظر لمن وعده بوعد الأيام والليالي ، حتى قيل إنه انتظر لبعض من وعده حولاً . والمراد بإسماعيل هنا هو إسماعيل بن إبراهيم ، ولم يخالف في ذلك إلا من لا يعتدّ به فقال هو إسماعيل بن حزقيل ، بعثه الله إلى قومه فسلخوا جلدة رأسه ، فخيره الله فيما شاء من عذابهم ، فاستعفاه ورضي بثوابه ، وقد استدل بقوله تعالى في إسماعيل { وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً } على أن الرسول لا يجب أن يكون صاحب شريعة فإن أولاد إبراهيم كانوا على شريعته . وقيل إنه وصفه بالرسالة لكون إبراهيم أرسله إلى جرهم { وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِٱلصَّـلَوٰةِ وَٱلزَّكَـوٰةِ } قيل المراد بأهله هنا أمته . وقيل جرهم ، وقيل عشيرته كما في قوله { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأقْرَبِينَ } الشعراء 214 والمراد بالصلاة والزكاة هنا هما العبادتان الشرعيتان ويجوز أن يراد معناهما اللغوي { وَكَانَ عِندَ رَبّهِ مَرْضِيّاً } أي رضياً زاكياً صالحاً . قال الكسائي والفراء من قال مرضيّ بنى على رضيت ، قالا وأهل الحجاز يقولون . مرضوّ . { وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَـٰبِ إِدْرِيسَ } اسم إدريس أخنوخ ، قيل هو جدّ نوح ، فإن نوحاً هو ابن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ ، وعلى هذا فيكون جد أبي نوح . ذكره الثعلبي وغيره ، وقد قيل إن هذا خطأ ، وامتناع إدريس للعجمة والعلمية . وهو أوّل من خط بالقلم ونظر في النجوم والحساب ، وأوّل من خاط الثياب . قيل وهو أوّل من أعطي النبوّة من بني آدم . وقد اختلف في معنى قوله { وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً } فقيل إن الله رفعه إلى السماء الرابعة . وقيل إلى السادسة . وقيل إلى الثانية . وقد روى البخاري في صحيحه من حديث الإسراء وفيه ومنهم إدريس في الثانية ، وهو غلط من رواية شريك بن عبد الله بن أبي نمر . والصحيح أنه في السماء الرابعة كما رواه مسلم في صحيحه من حديث أنس بن مالك عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، وقيل إن المراد برفعه مكاناً علياً ما أعطيه من شرف النبوّة . وقيل إنه رفع إلى الجنة . { أُولَـئِكَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مّنَ ٱلنَّبِيّيْنَ } الإشارة إلى المذكورين من أوّل السورة إلى هنا ، والموصول صفته ، و { من النبيين } بيان للموصول ، و { مِن ذُرّيَّةِ * ءادَمَ } بدل منه بإعادة الخافض . وقيل إن " من " في { من ذرية } آدم للتبعيض { وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ } أي من ذرية من حملنا معه وهم من عدا إدريس ، فإن إبراهيم كان من ذرية سام بن نوح { وَمِن ذُرّيَّةِ إِبْرٰهِيمَ } وهم الباقون { وَإِسْرٰءِيلَ } أي ومن ذرية إسرائيل ، ومنهم موسى وهارون ويحيـى وعيسى . وقيل إنه أراد بقوله { مِن ذُرّيَّةِ ءادَمَ } إدريس وحده ، وأراد بقوله { وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ } إبراهيم وحده ، وأراد بقوله { وَمِن ذُرّيَّةِ إِبْرٰهِيمَ } إسماعيل وإسحاق ويعقوب ، وأراد بقوله { وَمِن ذُرّيَّةِ إِسْرٰءيلَ } موسى وهارون وزكريا ويحيـى وعيسى { وَمِمَّنْ هَدَيْنَا } أي من جملة من هدينا إلى الإسلام { وَٱجْتَبَيْنَا } بالإيمان { إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجداً } وهذا خبر لأولئك ، ويجوز أن يكون الخبر هو { الذين أنعم الله عليهم } وهذا استئناف لبيان خشوعهم لله وخشيتهم منه . وقد تقدّم في سبحان بيان معنى خرّوا سجداً يقال بكى يبكي بكاءً وبكياً . قال الخليل إذا قصرت البكاء فهو مثل الحزن ، أي ليس معه صوت ، ومنه قول الشاعر @ بكت عيني وحقّ لها بكاها وما يغني البكاء ولا العويل @@ و { سجدا } منصوب على الحال . قال الزجاج قد بيّن الله أن الأنبياء كانوا إذا سمعوا آيات الله بكوا وسجدوا ، وقد استدلّ بهذه الآية على مشروعية سجود التلاوة . ولما مدح هؤلاء الأنبياء بهذه الأوصاف ترغيباً لغيرهم في الاقتداء بهم وسلوك طريقتهم ذكر أضدادهم تنفيراً للناس عن طريقتهم فقال { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ } أي عقب سوء . قال أهل اللغة يقال لعقب الخير خلف بفتح اللام ، ولعقب الشر خلف بسكون اللام ، وقد قدّمنا الكلام على هذا في آخر الأعراف { أضاعوا الصلاة } قال الأكثر معنى ذلك أنهم أخروها عن وقتها وقيل أضاعوا الوقت وقيل كفروا بها وجحدوا وجوبها وقيل لم يأتوا بها على الوجه المشروع . والظاهر أن من أخر الصلاة عن وقتها أو ترك فرضاً من فروضها أو شرطاً من شروطها أو ركناً من أركانها فقد أضاعها ، ويدخل تحت الإضاعة من تركها بالمرّة أو أحدها دخولاً أوّلياً . واختلفوا فيمن نزلت هذه الآية ؟ فقيل في اليهود وقيل في النصارى وقيل في قوم من أمة محمد صلى الله عليه وسلم يأتون في آخر الزمان ، ومعنى { وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوٰتِ } أي فعلوا ما تشتهيه أنفسهم وترغب إليه من المحرمات كشرب الخمر والزنا { فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيّاً } الغيّ هو الشرّ عند أهل اللغة ، كما أن الخير هو الرشاد ، والمعنى أنهم سيلقون شرّاً لا خيراً . وقيل الغيّ الضلال ، وقيل الخيبة . وقيل هو اسم وادٍ في جهنم وقيل في الكلام حذف ، والتقدير سيلقون جزاء الغيّ ، كذا قال الزجاج ، ومثله قوله سبحانه { يَلْقَ أَثَاماً } الفرقان 68 . أي جزاء أثام . { إِلاَّ مَن تَابَ وَءامَنَ وَعَمِلَ صَـٰلِحاً } أي تاب مما فرط منه من تضييع الصلوات و اتباع الشهوات فرجع إلى طاعة الله وآمن به وعمل عملاً صالحاً ، وفي هذا الاستثناء دليل على أن الآية في الكفرة لا في المسلمين { فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ } قرأ أبو جعفر وشيبة وابن كثير وابن محيصن وأبو عمرو ويعقوب وأبو بكر " يدخلون " بضم الياء وفتح الخاء ، وقرأ الباقون بفتح الياء وضم الخاء { وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئاً } أي لا ينقص من أجورهم شيء وإن كان قليلاً ، فإن الله سبحانه يوفي إليهم أجورهم . وانتصاب { جَنَّـٰتِ عَدْنٍ } على البدل من الجنة ، بدل البعض لكون جنات عدن بعض من الجنة . قال الزجاج ويجوز " جنات عدن " بالرفع على الابتداء ، وقرىء كذلك . قال أبو حاتم ولولا الخط لكان جنة عدن ، يعني بالإفراد ، مكان الجمع وليس هذا بشيء ، فإن الجنة اسم لمجموع الجنات التي هي بمنزلة الأنواع للجنس . وقرىء بنصب الجنات على المدح ، وقد قرىء جنة بالإفراد { ٱلَّتِى وَعَدَ ٱلرَّحْمَـٰنُ عِبَادَهُ بِٱلْغَيْبِ } هذه الجملة صفة لجنات عدن ، و { بالغيب } في محل نصب على الحال من الجنات ، أو من عباده ، أي متلبسة ، أو متلبسين بالغيب ، وقرىء بصرف عدن ، ومنعها على أنها علم لمعنى العدن وهو الإقامة ، أو علم لأرض الجنة { إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً } أي موعوده على العموم ، فتدخل فيه الجنات دخولاً أوّلياً . قال الفراء لم يقل آتياً ، لأن كل ما أتاك فقد أتيته ، وكذا قال الزجاج . { لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً } هو الهذر من الكلام الذي يلغى ولا طائل تحته ، وهو كناية عن عدم صدور اللغو منهم وقيل اللغو كل ما لم يكن فيه ذكر الله { إِلاَّ سَلَـٰماً } هو استثناء منقطع أي سلام بعضهم على بعض ، أو سلام الملائكة عليهم . وقال الزجاج السلام اسم جامع للخير ، لأنه يتضمن السلامة ، والمعنى أن أهل الجنة لا يسمعون ما يؤلمهم وإنما يسمعون ما يسلمهم { وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً } قال المفسرون ليس في الجنة بكرة ولا عشية ، ولكنهم يؤتون رزقهم على مقدار ما يعرفون من الغداء والعشاء { تِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِى نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً } أي هذه الجنة التي وصفنا أحوالها نورثها من كان من أهل التقوى كما يبقى على الوارث مال موروثه . قرأ يعقوب " نورّث " بفتح الواو وتشديد الراء ، وقرأ الباقون بالتخفيف . وقيل في الكلام تقديم وتأخير ، والتقدير نورّث من كان تقياً من عبادنا . وقد أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله { وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً } قال النبي الذي يكلم وينزل عليه ولا يرسل . ولفظ ابن أبي حاتم الأنبياء الذين ليسوا برسل يوحى إلى أحدهم ولا يرسل إلى أحد . والرسل الأنبياء الذين يوحى إليهم ويرسلون . وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله { جَانِبِ ٱلطُّورِ ٱلأيْمَنِ } قال جانب الجبل الأيمن { وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً } قال نجا بصدقه . وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية قال قربه حتى سمع صريف القلم ، وروي نحو هذا عن جماعة من التابعين . وأخرج الفريابي ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه عن ابن عباس في الآية قال حتى سمع صريف القلم يكتب في اللوح . وأخرجه الديلمي عنه مرفوعاً . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هَـٰرُونَ } قال كان هارون أكبر من موسى ، ولكن إنما وهب له نبوّته . وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً } قال كان إدريس خياطاً ، وكان لا يغرز غرزة إلا قال سبحان الله ، وكان يمسي حين يمسي وليس على الأرض أفضل عملاً منه ، فاستأذن ملك من الملائكة ربه فقال يا ربّ ائذن لي فأهبط إلى إدريس ، فأذن له فأتى إدريس فقال إني جئتك لأخدمك ، قال كيف تخدمني وأنت ملك وأنا إنسان ؟ ثم قال إدريس هل بينك وبين ملك الموت شيء ؟ قال الملك ذاك أخي من الملائكة ، قال هل تستطيع أن تنفعني ؟ قال أما يؤخر شيئاً أو يقدّمه فلا ، ولكن سأكلمه لك فيرفق بك عند الموت ، فقال اركب بين جناحيّ ، فركب إدريس فصعد إلى السماء العليا فلقي ملك الموت وإدريس بين جناحيه ، فقال له الملك إن لي إليك حاجة ، قال علمت حاجتك تكلمني في إدريس وقد محي اسمه من الصحيفة فلم يبق من أجله إلا نصف طرفة عين ، فمات إدريس بين جناحي الملك . وأخرج ابن أبي شيبة في الصنف ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال سألت كعباً فذكر نحوه ، فهذا هو من الإسرائيليات التي يرويها كعب . وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال « رفع إدريس إلى السماء السادسة » . وأخرج الترمذي وصححه ، وابن المنذر وابن مردويه قال حدثنا أنس بن مالك عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال " لما عرج بي رأيت إدريس في السماء الرابعة " وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه . وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال رفع إدريس كما رفع عيسى ولم يمت . وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال إدريس هو إلياس . وحسنه السيوطي . وأخرج ابن أبي حاتم عن السديّ في قوله { أُولَـئِكَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم } إلى آخره ، قال هذه تسمية الأنبياء الذين ذكرهم أما من ذرية آدم فإدريس ونوح وأما من حمل مع نوح فإبراهيم ، وأما ذرية إبراهيم فإسماعيل ، وإسحاق ويعقوب وأما ذرية إسرائيل فموسى ، وهارون ، وزكريا ، ويحيـى ، وعيسى . وأخرج ابن أبي حاتم عن السديّ في قوله { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ } قال هم اليهود والنصارى . وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في الآية قال هم من هذه الأمة يتراكبون في الطرق كما تراكب الأنعام لا يستحيون من الناس ، ولا يخافون من الله في السماء . وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود في قوله { أضاعوا الصلاة } قال ليس إضاعتها تركها قد يضيع الإنسان الشيء ولا يتركه ، ولكن إضاعتها إذا لم يصلها لوقتها . وأخرج أحمد ، وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، والبيهقي في الشعب عن أبي سعيد الخدري سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلا هذه الآية { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَـوٰةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوٰتِ } الآية قال " يكون خلف من بعد ستين سنة أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات { فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيّاً } ، ثم يكون خلف يقرؤون القرآن لا يعدو تراقيهم ، ويقرأ القرآن ثلاثة مؤمن ، ومنافق ، وفاجر " وأخرج أحمد ، والحاكم وصححه عن عقبة بن عامر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سيهلك من أمتي أهل الكتاب وأهل اللبن ، قلت يا رسول الله ما أهل الكتاب ؟ قال " قوم يتعلمون الكتاب يجادلون به الذين آمنوا " ، قلت ما أهل اللبن ؟ قال " قوم يتبعون الشهوات ويضيعون الصلوات " وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه ، والحاكم وصححه عن عائشة ، أنها كانت ترسل بالصدقة لأهل الصدقة وتقول لا تعطوا منها بربرياً ولا بربرية ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " هم الخلف الذين قال الله { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ } " وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيّاً } قال خسراً . وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وهناد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، والطبراني ، والحاكم وصححه ، والبيهقي في البعث من طرق عن ابن مسعود في قوله { فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيّاً } قال الغيّ نهر ، أو وادٍ في جهنم من قيح بعيد القعر خبيث الطعم ، يقذف فيه الذين يتبعون الشهوات . وقد قال بأنه وادٍ في جهنم البراء بن عازب . وروى ذلك عنه ابن المنذر والطبراني . وأخرج ابن جرير والطبراني والبيهقي عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لو أن صخرة زنة عشر عشر أواق قذف بها من شفير جهنم ما بلغت قعرها سبعين خريفاً ، ثم تنتهي إلى غيّ وأثام " قلت وما غيّ وأثام ؟ قال " نهران في أسفل جهنم يسيل فيهما صديد أهل النار ، وهما اللذان ذكر الله في كتابه { فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيّاً } { ومن يفعل ذلك يلق أثاماً } الفرقان 68 " وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال " الغيّ وادٍ في جهنم " وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم عنه في قوله { لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً } قال باطلاً . وأخرج سعيد ابن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله { بُكْرَةً وَعَشِيّاً } قال يؤتون به في الآخرة على مقدار ما كانوا يؤتون به في الدنيا . وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول من طريق أبان عن الحسن وأبي قلابة قالا قال رجل يا رسول الله ، هل في الجنة من ليل ؟ قال " وما هيجك على هذا " ؟ قال سمعت الله يذكر في الكتاب { وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً } فقلت الليل من البكرة والعشي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليس هناك ليل ، وإنما هو ضوء ونور ، يرد الغدوّ على الرواح والرواح على الغدوّ ، تأتيهم طرف الهدايا من الله لمواقيت الصلاة التي كانوا يصلون فيها في الدنيا ، وتسلم عليهم الملائكة " وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال " ما من غداة من غدوات الجنة ، وكل الجنة غدوات ، إلى أنه يزف إلى وليّ الله فيها زوجة من الحور العين وأدناهنّ التي خلقت من الزعفران " قال بعد إخراجه قال أبو محمد هذا حديث منكر .