Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 64-72)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله { وَمَا نَتَنَزَّلُ } أي قال الله سبحانه قل يا جبريل . وما نتنزل ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استبطأ نزول جبريل عليه ، فأمر جبريل أن يخبره بأن الملائكة ما تتنزل عليه إلا بأمر الله . قيل احتبس جبريل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين يوماً وقيل خمسة عشر وقيل اثني عشر وقيل ثلاثة أيام وقيل إن هذا حكاية عن أهل الجنة ، وأنهم يقولون عند دخولها وما نتنزل هذه الجنان { إِلاَّ بِأَمْرِ رَبّكَ } والأوّل أولى بدلالة ما قبله ، ومعناه يحتمل وجهين الأوّل وما نتنزّل عليك إلا بأمر ربك لنا بالتنزل . والثاني وما نتنزّل عليك إلا بأمر ربك الذي يأمرك به بما شرعه لك ولأمتك ، والتنزل النزول على مهل ، وقد يطلق على مطلق النزول . ثم أكد جبريل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم فقال { لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذٰلِكَ } أي من الجهات والأماكن ، أو من الأزمنة الماضية والمستقبلة ، وما بينهما من الزمان أو المكان الذي نحن فيه ، فلا نقدر على أن ننتقل من جهة إلى جهة ، أو من زمان إلى زمان إلا بأمر ربك ومشيئته ، وقيل المعنى له ما سلف من أمر الدنيا وما يستقبل من أمر الآخرة وما بين ذلك ، وهو ما بين النفختين وقيل الأرض التي بين أيدينا إذا نزلنا ، والسماء التي وراءنا وما بين السماء والأرض وقيل ما مضى من أعمارنا وما غبر منها والحالة التي نحن فيها . وعلى هذه الأقوال كلها يكون المعنى أن الله سبحانه هو المحيط بكل شيء لا يخفى عليه خافية ، ولا يعزب عن علمه مثقال ذرّة ، فلا نقدم على أمر إلا بإذنه ، وقال { وما بين ذلك } ولم يقل وما بين ذينك ، لأن المراد وما بين ما ذكرنا كما في قوله سبحانه { عَوَانٌ بَيْنَ ذٰلِكَ } البقرة 68 . { وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً } أي لم ينسك وإن تأخر عنك الوحي ، وقيل المعنى إنه عالم بجميع الأشياء لا ينسى منها شيئاً وقيل المعنى وما كان ربك ينسى الإرسال إليك عند الوقت الذي يرسل فيه رسله . { رَبّ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا } أي خالقهما وخالق ما بينهما ، ومالكهما ومالك ما بينهما ، ومن كان هكذا فالنسيان محال عليه . ثم أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بعبادته والصبر عليها فقال { فَٱعْبُدْهُ وَٱصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ } والفاء للسببية لأن كونه ربّ العالمين سبب موجب لأن يعيد ، وعدى فعل الصبر باللام دون على التي يتعدّى بها لتضمنه معنى الثبات { هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً } الاستفهام للإنكار . والمعنى أنه ليس له مثل ولا نظير حتى يشاركه في العبادة ، فيلزم من ذلك أن تكون غير خالصة له سبحانه ، فلما انتفى المشارك استحق الله سبحانه أن يفرد بالعبادة وتخلص له ، هذا مبنيّ على أن المراد بالسميّ هو الشريك في المسمى وقيل المراد به الشريك في الاسم كما هو الظاهر من لغة العرب ، فقيل المعنى إنه لم يسمّ شيء من الأصنام ولا غيرها بالله قط ، يعني بعد دخول الألف واللام التي عوّضت عن الهمزة ولزمت . وقيل المراد هل تعلم أحداً اسمه الرحمٰن غيره ؟ قال الزجاج تأويله والله أعلم هل تعلم له سمياً يستحق أن يقال له خالق وقادر وعالم بما كان وبما يكون ، وعلى هذا لا سميّ لله في جميع أسمائه ، لأن غيره وإن سمي بشيء من أسمائه ، فللّه سبحانه حقيقة ذلك الوصف ، والمراد بنفي العلم المستفاد من الإنكار هنا نفي المعلوم على أبلغ وجه وأكمله . { وَيَقُولُ ٱلإِنْسَـٰنُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً } قرأ الجمهور على الاستفهام ، وقرأ ابن ذكوان " إذا ما متّ " على الخبر ، والمراد بالإنسان ها هنا الكافر ، لأن هذا الاستفهام هنا للإنكار والاستهزاء والتكذيب بالبعث وقيل اللام في الإنسان للجنس بأسره وإن لم يقل هذه المقالة إلا البعض ، وهم الكفرة فقد يسند إلى الجماعة ما قام بواحد منهم ، والمراد بقوله { أخرج } أي من القبر ، والعامل في الظرف فعل دلّ عليه أخرج ، لأن ما بعد اللام لا يعمل فيما قبلها . { أَوَ لاَ يَذْكُرُ إلإِنْسَـٰنُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً } الهمزة للإنكار التوبيخي ، والواو لعطف الجملة التي بعدها على الجملة التي قبلها ، والمراد بالذكر هنا إعمال الفكر ، أي ألا يتفكر هذا الجاحد في أوّل خلقه فيستدلّ بالابتداء على الإعادة ، والابتداء أعجب وأغرب من الإعادة ، لأن النشأة الأولى هي إخراج لهذه المخلوقات من العدم إلى الوجود ابتداعاً واختراعاً ، لم يتقدّم عليه ما يكون كالمثال له ، وأما النشأة الآخرة فقد تقدّم عليها النشأة الأولى فكانت كالمثال لها ، ومعنى { مِن قَبْلُ } قبل الحالة التي هو عليها الآن ، وجملة { ولم يك شيئاً } في محل نصب على الحال ، أي والحال أنه لم يكن حينئذٍ شيئاً من الأشياء أصلاً ، فإعادته بعد أن كان شيئاً موجوداً أسهل وأيسر . قرأ أهل مكة وأبو عمرو وأبو جعفر وأهل الكوفة إلا عاصماً " { أو لا يذكر } بالتشديد ، وأصله يتذكر . وقرأ شيبة ونافع وعاصم وابن عامر " يذكر " بالتخفيف ، وفي قرءاة أبيّ " أو لا يتذكر " . ثم لما جاء سبحانه وتعالى بهذه الحجة التي أجمع العقلاء على أنه لم يكن في حجج البعث حجة أقوى منها ، أكدها بالقسم باسمه سبحانه مضافاً إلى رسوله تشريفاً له وتعظيماً ، فقال { فَوَرَبّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ } ومعنى { لنحشرنهم } لنسوقنهم إلى المحشر بعد إخراجهم من قبورهم أحياء كما كانوا ، والواو في قوله { وَٱلشَّيَـٰطِينَ } للعطف على المنصوب ، أو بمعنى مع . والمعنى أن هؤلاء الجاحدين يحشرهم الله مع شياطينهم الذين أغووهم وأضلوهم ، وهذا ظاهر على جعل اللام في الإنسان للعهد ، وهو الإنسان الكافر ، وأما على جعلها للجنس فكونه قد وجد في الجنس من يحشر مع شيطانه { ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً } الجثي جمع جاث ، من قولهم جثا على ركبتيه يجثو جثواً ، وهو منتصب على الحال ، أي جاثين على ركبهم لما يصيبهم من هول الموقف وروعة الحساب ، أو لكون الجثي على الركب شأن أهل الموقف كما في قوله سبحانه { وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً } الجاثية 28 . وقيل المراد بقوله { جثياً } جماعات ، وأصله ، جمع جثوة ، والجثوة هي المجموع من التراب أو الحجارة . قال طرفة @ أرى جثوتين من تراب عليهما صفائح صم من صفيح منضد @@ { ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلّ شِيعَةٍ } الشيعة الفرقة التي تبعت ديناً من الأديان ، وخصص ذلك الزمخشري فقال هي الطائفة التي شاعت أي تبعت غاوياً من الغواة قال الله تعالى { إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا } الأنعام 159 . ومعنى { أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ عِتِيّاً } من كان أعصى لله وأعتى فإنه ينزع من كل طائفة من طوائف الغيّ والفساد أعصاهم وأعتاهم ، فإذا اجتمعوا طرحهم في جهنم . والعتيّ ها هنا مصدر كالعتوّ ، وهو التمرّد في العصيان . وقيل المعنى لننزعن من أهل كلّ دين قادتهم ورؤساءهم في الشرّ . وقد اتفق القراء على قراءة { أيهم } بالضم إلا هارون الغازي فإنه قرأها بالفتح . قال الزجاج في رفع أيهم ثلاثة أقوال الأوّل قول الخليل بن أحمد إنه مرفوع على الحكاية ، والمعنى ثم لننزعن من كل شيعة الذين يقال لهم أيهم أشدّ . وأنشد الخليل في ذلك قول الشاعر @ وقد أبيت من الفتاة بمنزل فأبيت لا حرج ولا محروم @@ أي فأبيت بمنزلة الذي يقال له هو لا حرج ولا محروم . قال النحاس ورأيت أبا إسحاق ، يعني الزجاج ، يختار هذا القول ويستحسنه . القول الثاني قول يونس وهو أن { لننزعنّ } بمنزلة الأفعال التي تلغى وتعلق . فهذا الفعل عنده معلق عن العمل في أيّ ، وخصص الخليل وسيبويه وغيرهما التعليق بأفعال الشك ونحوها مما لم يتحقق وقوعه . القول الثالث قول سيبويه إن أيهم ها هنا مبنيّ على الضم ، لأنه خالف أخواته في الحذف ، وقد غلط سيبويه في قوله هذا جمهور النحويين حتى قال الزجاج ما تبين لي أن سيبويه غلط في كتابه إلا في موضعين هذا أحدهما ، وللنحويين في إعراب { أيهم } هذه في هذا الموضع كلام طويل . { ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِٱلَّذِينَ هُمْ أَوْلَىٰ بِهَا صِلِيّاً } يقال صلى يصلي صلياً مثل مضى الشيء يمضي مضياً ، قال الجوهري يقال صليت الرجل ناراً إذا أدخلته النار وجعلته يصلاها ، فإن ألقيته إلقاءً كأنك تريد الإحراق قلت أصليته بالألف وصليته تصلية ومنه { وَيَصْلَىٰ سَعِيراً } الإنشقاق 12 ومن خفف فهو من قولهم صلي فلان النار بالكسر يصلى صلياً احترق ، قال الله تعالى { ٱلَّذِينَ هُمْ أَوْلَىٰ بِهَا صِلِيّاً } قال العجاج @ والله لولا النار أن تصلاها @@ ومعنى الآية أن هؤلاء الذين هم أشدّ على الرحمٰن عتياً هم أولى بصليها ، أو صليهم أولى بالنار . { وَإِن مّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } الخطاب للناس من غير التفات ، أو للإنسان المذكور ، فيكون التفاتاً ، أي ما منكم من أحد إلا واردها ، أي واصلها . وقد اختلف الناس في هذا الورود . فقيل الورود الدخول ويكون على المؤمنين برداً وسلاماً كما كانت على إبراهيم . وقالت فرقة الورود هو المرور على الصراط وقيل ليس الورود الدخول إنما هو كما يقول وردت البصرة ولم أدخلها ، وقد توقف كثير من العلماء عن تحقيق هذا الورود ، وحمله على ظاهره لقوله تعالى { إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ أُوْلَـئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } الأنبياء 101 . قالوا فلا يدخل النار من ضمن الله أن يبعده عنها ، ومما يدلّ على أن الورود لا يستلزم الدخول قوله تعالى { وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ } القصص 23 فإن المراد أشرف عليه لا أنه دخل فيه ، ومنه قول زهير @ فلما وردن الماء زرقاً حمامه وضعن عصي الحاضر المتخيم @@ ولا يخفى أن القول بأن الورود هو المرور على الصرط ، أو الورود على جهنم وهي خامدة فيه ، جمع بين الأدلة من الكتاب والسنّة ، فينبغي حمل هذه الآية على ذلك ، لأنه قد حصل الجمع بحمل الورود على دخول النار مع كون الداخل من المؤمنين مبعداً من عذابهما ، أو بحمله على المضيّ فوق الجسر المنصوب عليها ، وهو الصراط { كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً } أي كان ورودهم المذكور أمراً محتوماً قد قضى سبحانه أنه لا بدّ من وقوعه لا محالة . وقد استدلت المعتزلة بهذه الآية على أن العقاب واجب على الله ، وعند الأشاعرة أن هذا مشبه بالواجب من جهة استحالة تطرّق الخلف إليه . { ثُمَّ نُنَجّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ } أي اتقوا ما يوجب النار ، وهو الكفر بالله ومعاصيه ، وترك ما شرعه ، وأوجب العمل به . قرأ عاصم الجحدري ومعاوية بن قرة " ننجي " بالتخفيف من أنجى ، وبها قرأ حميد ويعقوب والكسائي ، وقرأ الباقون بالتشديد ، وقرأ ابن أبي ليلى " ثُمَّ نذر " بفتح الثاء من ثم ، والمراد بالظالمين الذين ظلموا أنفسهم بفعل ما يوجب النار ، أو ظلموا غيرهم بمظلمة في النفس أو المال أو العرض ، والجثيّ جمع جاثٍ وقد تقدّم قريباً تفسير الجثيّ وإعرابه . وقد أخرج البخاري وغيره عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل " ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا ؟ " فنزلت { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبّكَ } إلى آخر الآية . وزاد ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، وكان ذلك الجواب لمحمد . وأخرج ابن مردويه من حديث أنس قال « سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيّ البقاع أحبّ إلى الله ، وأيها أبغض إلى الله ؟ قال " ما أدري حتى أسأل " ، فنزل جبريل ، وكان قد أبطأ عليه ، فقال " لقد أبطأت عليّ حتى ظننت أن بربي عليّ موجدة " ، فقال { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبّكَ } . وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة قال أبطأ جبريل على النبيّ صلى الله عليه وسلم أربعين يوماً ثم نزل ، فقال له النبيّ صلى الله عليه وسلم " ما نزلت حتى اشتقت إليك " ، فقال له جبريل أنا كنت إليك أشوق ، ولكني مأمور ، فأوحى الله إلى جبريل أن قل له { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبّكَ } . وهو مرسل . وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال أبطأت الرسل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أتاه جبريل فقال له " ما حبسك عني " ؟ قال وكيف نأتيكم وأنتم لا تقصون أظفاركم ، ولا تنقون براجمكم ، ولا تأخذون شواربكم ، ولا تستاكون ؟ وقرأ { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبّكَ } » . وهو مرسل أيضاً . وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير { لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا } قال من أمر الآخرة { وَمَا خَلْفَنَا } قال من أمر الدنيا { وَمَا بَيْنَ ذٰلِكَ } قال ما بين الدنيا والآخرة . وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة { وَمَا بَيْنَ ذٰلِكَ } قال ما بين النفختين . وأخرج ابن المنذر عن أبي العالية مثله . وأخرج البزار وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والطبراني والبيهقي ، والحاكم وصححه عن أبي الدرداء رفع الحديث قال " ما أحلّ الله في كتابه فهو حلال ، وما حرّم فهو حرام ، وما سكت عنه فهو عافية ، فاقبلوا من الله عافيته ، فإن الله لم يكن لينسى شيئاً ، ثم تلا { وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً } " وأخرج ابن مردويه من حديث جابر مثله . وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه ، والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله { هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً } قال هل تعرف للربّ شبهاً أو مثلاً ؟ وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه ، والبيهقي في الشعب عنه { هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً } ؟ قال ليس أحد يسمى الرحمٰن غيره . وأخرج ابن مردويه عنه أيضاً في الآية قال يا محمد هل تعلم لإلٰهك من ولد ؟ وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله { وَيَقُولُ ٱلإِنْسَـٰنُ } قال العاص بن وائل ، وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { جِثِيّاً } قال قعوداً ، وفي قوله { عِتِيّاً } قال معصية . وأخرج ابن جرير عنه في قوله { عِتِيّاً } قال عصياً . وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله { ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ } قال لننزعن من أهل كل دين قادتهم ورؤوسهم في الشرّ . وأخرج ابن أبي حاتم ، والبيهقي في البعث عن ابن مسعود قال نحشر الأوّل على الآخر حتى إذا تكاملت العدة أثارهم جميعاً ، ثم بدأ بالأكابر فالأكابر جرماً ، ثم قرأ { فَوَرَبّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ } إلى قوله { عِتِيّاً } . وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله { ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِٱلَّذِينَ هُمْ أَوْلَىٰ بِهَا صِلِيّاً } قال يقول إنهم أولى بالخلود في جهنم . وأخرج أحمد وعبد بن حميد والحكيم الترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه والبيهقي عن أبي سمية قال اختلفنا في الورود ، فقال بعضنا لا يدخلها مؤمن ، وقال بعضنا يدخلونها جميعاً { ثُمَّ نُنَجّى ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ } فلقيت جابر بن عبد الله فذكرت له ، فقال وأهوى بأصبعه إلى أذنيه صُمَّتاً إن لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " لا يبقى برٌّ ولا فاجر إلا دخلها ، فتكون على المؤمن برداً وسلاماً كما كانت على إبراهيم حتى إن للنار ضجيجاً من بردها . { ثُمَّ نُنَجّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّنَذَرُ ٱلظَّـٰلِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً } " وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وهناد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن مجاهد قال خاصم نافع بن الأزرق ابن عباس ، فقال ابن عباس الورود الدخول ، وقال نافع لا ، فقرأ ابن عباس { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } الأنبياء 98 . وقال وردوا أم لا ؟ وقرأ { يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ فَأَوْرَدَهُمُ ٱلنَّارَ } هود 98 أوردوا أم لا ؟ أما أنا وأنت فسندخلها فانظر هل نخرج منها أم لا ؟ وأخرج الحاكم عن ابن مسعود في قوله { وَإِن مّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } قال وإن منكم إلا داخلها . وأخرج هناد والطبراني عنه في الآية قال ورودها الصراط . وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي وابن الأنباري وابن مردويه عن ابن مسعود في قوله { وَإِن مّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليرد الناس كلهم النار ، ثم يصدرون عنها بأعمالهم ، فأوّلهم كلمح البرق ، ثم كالريح ، ثم كحضر الفرس ، ثم كالراكب في رحله ، ثم كشدّ الرحل ، ثم كمشيه " وقد روي نحو هذا من حديث ابن مسعود من طرق . وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " { وَإِن مّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } " يقول " مجتاز فيها " وأخرج مسلم وغيره عن أم مبشر قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يدخل النار أحد شهد بدراً والحديبية " قالت حفصة أليس الله يقول { وَإِن مّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } قالت ألم تسمعيه يقول { ثُمَّ نُنَجّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ } . وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يموت لمسلم ثلاثة من الولد فيلج النار إلا تحلة القسم " ، ثم قرأ سفيان { وَإِن مّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } . وأخرج أحمد والبخاري في تاريخه ، وأبو يعلى والطبراني وابن مردويه عن معاذ بن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من حرس من وراء المسلمين في سبيل الله متطوّعاً لا يأخذه سلطان لم ير النار بعينيه إلا تحلة القسم ، فإن الله يقول { وَإِن مّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } " والأحاديث في تفسير هذه الآية كثيرة جدّاً . وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله { حَتْماً مَّقْضِيّاً } قال قضاء من الله . وأخرج الخطيب في تالي التلخيص عن عكرمة حتماً مقضياً قال قسماً واجباً . وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { وَّنَذَرُ ٱلظَّـٰلِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً } قال باقين فيها .