Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 219-220)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
السائلون في قوله { يَسْـئَلُونَكَ عَنِ ٱلْخَمْرِ والميسر } هم المؤمنون كما سيأتي بيانه عند ذكر سبب نزول الآية ، والخمر مأخوذة من خمر إذا ستر ، ومنه خمار المرأة ، وكل شيء غطى شيئاً ، فقد خمره ، ومنه « خمروا آنيتكم » وسمي خمراً ، لأنه يخمر العقل ، أي يغطيه ويستره ، ومن ذلك الشجر الملتفّ يقال له الخمر بفتح الميم ، لأنه يغطي ما تحته ويستره ، يقال منه أخمرت الأرض كثر خمرها . قال الشاعر @ ألا يا زَيْدُ والضَّحَاك سِيرَا فَقَد جَاوَزْتُما خَمْر الطَّرِيقِ @@ أي جاوزتما الوهد . وقيل إنما سميت الخمر خمراً لأنها تركت حتى أدركت ، كما يقال قد اختمر العجين أي بلغ إدراكه ، وخمر الرأي أي ترك حتى تبين فيه الوجه ، وقيل إنما سميت الخمر خمراً لأنها تخالط العقل من المخامرة ، وهي المخالطة . وهذه المعاني الثلاثة متقاربة موجودة في الخمر لأنها تركت حتى أدركت ، ثم خالطت العقل ، فخمرته أي سترته . والخمر ماء العنب الذي غلا ، واشتدّ ، وقذف بالزَّبدَ ، وما خامر العقل من غيره ، فهو في حكمه كما ذهب إليه الجمهور . وقال أبو حنيفة ، والثوري ، وابن أبي ليلى ، وابن شبرمة ، وجماعة من فقهاء الكوفة ما أسكر كثيره من غير خمر العنب ، فهو حلال أي ما دون المسكر فيه . وذهب أبو حنيفة إلى حِل ما ذهب ثلثاه بالطبخ ، والخلاف في ذلك مشهور . وقد أطلت الكلام على الخمر في شرحي للمنتقى ، فليرجع إليه . والميسر مأخوذ من اليسر ، وهو وجوب الشيء لصاحبه ، يقال يسر لي كذا إذا وجب ، فهو ييسر يسراً ، وميسراً ، والياسر اللاعب بالقداح . وقد يسر ييسر . قال الشاعر @ فَأعِنهُم وَأيْسرْ كما يَسَرُوا به وإذا هُمُ نَزلوُا بضَنْك فَانْزِلِ @@ وقال الأزهري الميسر الجَزُور التي كانوا يتقامرون عليه ، سمي ميسراً لأنه يجزأ أجزاء ، فكأنه موضع التجزئة ، وكل شيء جزأته ، فقد يسرته ، والياسر الجازر ، قال وهذا الأصل في الياسر ، ثم يقال للضاربين بالقداح ، والمتقامرين على الجزور ياسرون ، لأنهم جازرون ، إذ كانوا سبياً لذلك . وقال في الصحاح ويسر القوم الجزور إذا اجتزروها ، واقتسموا أعضاءها ، ثم قال ويقال يسر القوم إذا قامروا ، ورجل ميسر وياسر بمعنى ، والجمع أيسار ، قال النابغة @ إني أتمِّم أيسارِى وأمْنَحُهم مَثْنَى الأيادِي وأكْسوا الحفْنَة الأدَمَا @@ والمراد بالميسر في الآية قمار العرب بالأزلام ، قال جماعة من السلف من الصحابة ، والتابعين ، ومن بعدهم كل شيء فيه قمار من نَرْدٍ ، أو شطرنج ، أو غيرهما ، فهو الميسر ، حتى لعب الصبيان بالجوز ، والكِعَاب إلا ما أبيح من الرهان في الخيل ، والقرعة في إفراز الحقوق . وقال مالك الميسر ميسران ميسر اللهو ، وميسر القمار ، فمن ميسر اللهو النرد ، والشطرنج ، والملاهي كلها ، وميسر القمار ما يتخاطر الناس عليه ، وكل ما قومر به ، فهو ميسر ، وسيأتي البحث مطوّلاً في هذا في سورة المائدة عند قوله { إِنَّمَا ٱلْخَمْرُ وَٱلْمَيْسِرُ } المائدة 90 . قوله { قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ } يعني الخمر والميسر ، فإثم الخمر أي إثم تعاطيها ينشأ من فساد عقل مستعملها ، فيصدر عنه ما يصدر عن فاسد العقل من المخاصمة ، والمشاتمة ، وقول الفحش ، والزور ، وتعطيل الصلوات ، وسائر ما يجب عليه ، وأما إثم الميسر أي إثم تعاطيه ، فما ينشأ عن ذلك من الفقر ، وذهاب المال في غير طائل ، والعدواة ، وإيحاش الصدور . وأما منافع الخمر فربح التجارة فيها ، وقيل ما يصدر عنها من الطرب والنشاط وقوّة القلب ، وثبات الجنان ، وإصلاح المعدة ، وقوّة الباءة ، وقد أشار شعراء العرب إلى شيء من ذلك قال @ وَإذَا شَرِبْتُ فَإِنَّني رَبُّ الخَوَرْنَق والسَّدِير وإذَا صَحُوْتُ فَإِنني رَبُّ الشَّوَيهةِ وَالبعير @@ وقال آخر @ ونشر بها فتتركنا ملوكاً وأسداً ما يهنهنا اللقاء @@ وقال من أشار إلى ما فيها من المفاسد ، والمصالح @ رأيتُ الخمرَ صالحة وَفيها خِصَالُ تُفْسِدُ الرَّجُلُ الحَليما فلا والله أشْرَبْها صحيحاً ولا أشفَى بها أبداً سقيماً ولا أعْطى بها ثمناً حَيَاتي ولا أدعو لَها أبَداً نَدِيَماً @@ ومنافع الميسر مصير الشيء إلى الإنسان بغير تعب ، ولا كدّ ، وما يحصل من السرور ، والأريحية عند أن يصير له منها سهم صالح . وسهام الميسر أحد عشر ، منها سبعة لها فروض على عدد ما فيها من الحظوظ الأول الفَذ بفتح الفاء بعدها معجمة ، وفيه علامة واحدة ، وله نصيب ، وعليه نصيب . الثاني التوأم بفتح المثناة الفوقية ، وسكون الواو وفتح الهمزة ، وفيه علامتان ، وله وعليه نصيبان . الثالث الرقيب ، وفيه ثلاث علامات ، وله وعليه ثلاثة أنصباء . الرابع الحلس بمهملتين ، الأولى مكسورة ، واللام ساكنة ، وفيه أربع علامات ، وله وعليه أربعة أنصباء ، الخامس النافر بالنون ، والفاء ، والمهملة ، ويقال النافس بالسين المهملة مكان الراء ، وفيه خمس علامات ، وله وعليه خمسة أنصباء . السادس المُسْبَل بضم الميم ، وسكون المهملة ، وفتح الباء الموحدة ، وفيه ست علامات ، وله وعليه ستة أنصباء . السابع المعلَّى بضم الميم ، وفتح المهملة ، وتشديد اللام المفتوحة ، وفيه سبع علامات ، وله وعليه سبعة أنصباء ، وهو أكثر السهام حظاً ، وأعلاها قدراً ، فجملة ذلك ثمانية وعشرون فرداً . والجزور تجعل ثمانية وعشرين جزءاً ، هكذا قال الأصمعي ، وبقي من السهام أربعة أغفالاً ، لا فروض لها ، وهي المنيح ، بفتح الميم ، وكسر النون وسكون الياء التحتية ، وبعدها مهملة ، والسفيح بفتح المهملة ، وكسر الفاء ، وسكون الياء التحتية بعدها مهملة ، والوغد بفتح الواو وسكون المعجمة بعدها مهملة ، والضعف بالمعجمة بعدها مهملة ثم فاء ، وإنما أدخلوا هذه الأربعة التي لا فروض لها بين ذوات الفروض لتكثر السهام على الذي يجيلها ، ويضرب بها ، فلا يجد إلى الميل مع أحد سبيلاً . وقد كان المجيل للسهام يلتحف بثوب ، ويجِثوا على ركبتيه ، ويخرج رأسه من الثوب ، ثم يدخل يده في الربابة بكسر المهملة ، وبعدها باء موحدة ، وبعد الألف باء موحدة أيضاً ، وهي الخريطة التي يجعل فيها السهام ، فيخرج منها باسم كل رجل سهماً ، فمن خرج له سهم له فرض أخذ فرضه ، ومن خرج له سهم لا فرض له لم يأخذ شيئاً ، وغرم قيمة الجزور ، وكانوا يدفعون تلك الأنصباء إلى الفقراء . وقد قال ابن عطية إن الأصمعي أخطأ في قوله إن الجزور تقسم على ثمانية وعشرين جزءاً ، وقال إنما تقسم على عشرة أجزاء . قوله تعالى { وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا } أخبر سبحانه بأن الخمر ، والميسر ، وإن كان فيهما نفع ، فالإثم الذي يلحق متعاطيهما أكثر من هذا النفع لأنه لا خير يساوي فساد العقل الحاصل بالخمر ، فإنه ينشأ عنه من الشرور ما لا يأتي عليه الحصر ، وكذلك لا خير في الميسر يساوي ما فيها من المخاطرة بالمال ، والتعرض للفقر ، واستجلاب العداوات المفضية إلى سفك الدماء ، وهتك الحرم . وقرأ حمزة ، والكسائي « كثير » بالمثلثة . وقرأ الباقون بالباء الموحدة . وقرأ أبيّ « وإثمهما أقرب من نفعها » . قوله { قُلِ ٱلْعَفْوَ } قرأه الجمهور بالنصب . وقرأ أبو عمرو وحده بالرفع . واختلف فيه عن ابن كثير ، وبالرفع قرأه الحسن ، وقتادة قال النحاس إن جعلت " ذا " بمعنى الذي كان الاختيار الرفع على معنى الذي ينفقون هو العفو ، وإن جعلت " ما " و " ذا " شيئاً واحداً كان الاختيار النصب على معنى قل ينفقون العفو ، والعفو ما سهل ، وتيسر ، ولم يشق على القلب ، والمعنى أنفقوا ما فضل عن حوائجكم ، ولم تجهدوا فيه أنفسكم ، وقيل هو ما فضل عن نفقة العيال . وقال جمهور العلماء هو نفقات التطوّع ، وقيل إن هذه الآية منسوخة بآية الزكاة المفروضة ، وقيل هي محكمة ، وفي المال حق سوى الزكاة . قوله { كَذٰلِكَ يُبيّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلآيَـٰتِ } أي في أمر النفقة . وقوله { فِى ٱلدُّنُيَا وَٱلأخِرَةِ } متعلق بقوله { تَتَفَكَّرُونَ } أي تتفكرون في أمرهما ، فتحبسون من أموالكم ما تصلحون به معايش دنياكم ، وتنفقون الباقي في الوجوه المقرّبة إلى الآخرة . وقيل في الكلام تقديم وتأخير أي كذلك يبين الله لكم الآيات في الدنيا ، والآخرة لعلكم تتفكرون في الدنيا ، وزوالها ، في الآخرة ، وبقائها ، فترغبون عن العاجلة إلى الآجلة . وقيل يجوز أن يكون إشارة إلى { وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا } أي لتتفكروا في أمر الدنيا ، والآخرة ، وليس هذا بجيد . قوله { ويسألونك عن اليتامى } هذه الآية نزلت بعد نزول قوله تعالى { وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ } الأنعام 152 وقوله { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوٰلَ ٱلْيَتَـٰمَىٰ } النساء 10 وقد كان ضاق على الأولياء الأمر - كما سيأتي بيانه إن شاء الله - فنزلت هده الآية . والمراد بالإصلاح هنا مخالطتهم على وجه الإصلاح لأموالهم ، فإن ذلك أصلح من مجانبتهم وفي ذلك دليل على جواز التصرف في أموال الأيتام من الأولياء ، والأوصياء بالبيع ، والمضاربة والإجارة ونحو ذلك . قوله { وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوٰنُكُمْ } اختلف في تفسير المخالطة لهم ، فقال أبو عبيدة مخالطة اليتامى أن يكون لأحدهم المال ، ويشقّ على كافله أن يفرد طعامه عنه ، ولا يجد بداً من خلطه بعياله ، فيأخذ من مال اليتيم ما يرى أنه كافيه بالتحري ، فيجعله مع نفقة أهله ، وهذا قد تقع فيه الزيادة ، والنقصان ، فدلت هذه الآية على الرخصة ، وهي ناسخة لما قبله . وقيل المراد بالمخالطة المعاشرة للأيتام . وقيل المراد بها المصاهرة لهم ، والأولى عدم قصر المخالطة على نوع خاص ، بل تشمل كل مخالطة كما يستفاد من الجملة الشرطية . وقوله { فَإِخوَانُكُمْ } خبر لمبتدأ محذوف أي فهم إخوانكم في الدين . وفي قوله { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ ٱلْمُفْسِدَ مِنَ ٱلْمُصْلِحِ } تحذير للأولياء أي لا يخفى على الله من ذلك شيء ، فهو يجازي كل أحد بعمله من أصلح ، فلنفسه ، ومن أفسد فعلى نفسه . وقوله { لأعْنَتَكُمْ } أي ولو شاء لجعل ذلك شاقاً عليكم ، ومتعباً لكم ، وأوقعكم فيما فيه الحرج ، والمشقة . وقيل العنت هنا معناه الهلاك . قاله أبو عبيدة ، وأصل العنت المشقة . وقال ابن الأنباري أصل العنت التشديد ، ثم نقل إلى معنى الهلاك . وقوله { عَزِيزٌ } أي لا يمتنع عليه شيء لأنه غالب لا يُغَالَب { حَكِيمٌ } يتصرف في ملكه بما تقتضيه مشيئته ، وحكمته ، وليس لكم أن تختاروا لأنفسكم . وقد أخرج أحمد ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وأبو داود ، والترمذي وصححه ، والنسائي ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه ، والضياء في المختارة ، عن عمر أنه قال اللهم بيِّن لنا في الخمر بياناً شافياً ، فإنها تذهب بالمال والعقل ، فنزلت { يَسْـئَلُونَكَ عَنِ ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ } يعني هذه الآية ، فدعى عمر ، فقرئت عليه فقال اللهمّ بين لنا في الخمر بياناً شافياً ، فنزلت التي في سورة النساء { يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنتُمْ سُكَـٰرَىٰ } النساء 43 فكان منادى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة نادى " أن لا يقربن الصلاة " سكران ، فدعى عمر ، فقرئت عليه فقال اللهمّ بين لنا في الخمر بياناً شافياً ، فنزلت الآية التي في المائدة ، فدعي عمر ، فقرئت عليه ، فلما بلغ { فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ } المائدة 91 قال عمر انتهينا انتهينا . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن أنس قال كنا نشرب الخمر ، فأنزلت { يَسْـئَلُونَكَ عَنِ ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ } الآية ، فقلنا نشرب منها ما ينفعنا ، فنزلت في المائدة { إِنَّمَا ٱلْخَمْرُ وَٱلْمَيْسِرُ } المائدة 90 الآية فقالوا اللهمّ انتهينا . وأخرج أبو عبيد ، والبخاري في الأدب المفرد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عمر قال الميسر القمار . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن مجاهد مثله . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن المنذر ، عن ابن عباس مثله قال كان الرجل في الجاهلية يخاطر عن أهله ، وماله ، فأيهما قمر صاحبه ذهب بأهله ، وماله . وقوله { قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ } يعني ما ينقص من الدين عند شربها { وَمَنَـٰفِعُ لِلنَّاسِ } يقول فيما يصيبون من لذتها ، وفرحها إذا شربوا { وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا } يقول ما يذهب من الدين ، فالإثم فيه أكبر مما يصيبون من لذتها ، وفرحها إذا شربوها ، فأنزل الله بعد ذلك { لا تَقْرَبُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنتُمْ سُكَـٰرَىٰ } النساء 43 الآية ، فكانوا لا يشربونها عند الصلاة ، فإذا صلوا العشاء ، شربوها ، ثم إن ناساً من المسلمين شربوها فقاتل بعضهم بعضاً ، وتكلموا بما لم يرض الله من القول ، فأنزل الله { إِنَّمَا ٱلْخَمْرُ وَٱلْمَيْسِرُ وَٱلأنصَابُ } الآية المائدة 90 ، فحرّم الخمر ، ونهى عنها . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عنه قال منافعهما قبل التحريم ، وإثمهما بعد ما حرّمهما . وأخرج ابن إسحاق ، وابن أبي حاتم عنه أن نفراً من الصحابة حين أمروا بالنفقة في سبيل الله أتوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا إنا لا ندري ما هذه النفقة التي أمرنا بها في أموالنا ، فما ننفق منها ؟ فأنزل الله { يسئلونك ماذا ينفقون قل العفو } وكان قبل ذلك ينفق ماله حتى ما يجد ما يتصدق به ، ولا ما يأكل حتى يُتصدّق عليه . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عنه قال العفو هو ما لا يتبين في أموالكم ، وكان هذا قبل أن تفرض الصدقة . وأخرج سعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، والبيهقي في الشعب عنه في الآية قال { ٱلْعَفْوَ } ما يفضل عن أهلك وفي لفظ قال الفضل عن العيال . وأخرج ابن جرير عنه في قوله { قُلِ ٱلْعَفْوَ } قال لم تفرض فيه فريضة معلومة ثم قال { خُذِ ٱلْعَفْوَ وَأْمُرْ بِٱلْعْرُفِ } الأعراف 199 ثم نزلت في الفرائض بعد ذلك مسماة . وقد ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى ، وابدأ بمن تعول " وثبت نحوه في الصحيح مرفوعاً من حديث حكيم بن حزام . وفي الباب أحاديث كثيرة ، وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ * فِى ٱلدُّنُيَا وَٱلأخِرَةِ } قال يعني في زوال الدنيا ، وفنائها ، وإقبال الآخرة ، وبقائها . وأخرج أبو داود ، والنسائي ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والحاكم وصححه ، والبيهقي في سننه عنه قال لما أنزل الله { وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ إِلاَّ بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ } الأنعام 152 { وَأَنَّ ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوٰلَ ٱلْيَتَـٰمَىٰ } النساء 10 الآية ، انطلق من كان عنده يتيم يعزل طعامه عن طعامه ، وشرابه عن شرابه ، فجعل يفصل له الشيء من طعامه ، فيحبس له حتى يأكله ، أو يفسد فيرمى به ، فاشتد ذلك عليهم ، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله { ويسألونك عن اليتامى } الآية . فخلطوا طعامهم بطعامهم ، وشرابهم بشرابهم . وقد روى نحو ذلك ، عن جماعة من التابعين . وأخرج عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { وَإِن تُخَالِطُوهُمْ } قال المخالطة أن يشرب من لبنك ، وتشرب من لبنه ، ويأكل من قصعتك ، وتأكل من قصعته ، ويأكل من ثمرتك ، وتأكل من ثمرته { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ ٱلْمُفْسِدَ مِنَ ٱلْمُصْلِحِ } قال يعلم من يتعمد أكل مال اليتيم ، ومن يتحرج منه ، ولا يألو عن إصلاحه { وَلَوْ شَاء ٱللَّهُ لأعْنَتَكُمْ } يقول لو شاء ما أحلّ لكم ما أعنتكم مما لا تتعمدون . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عنه في قوله { لأعْنَتَكُمْ } يقول لأحرجكم ، وضيق عليكم ، ولكنه وسع ، ويسر . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عنه في قوله { وَلَوْ شَاء ٱللَّهُ لاعْنَتَكُمْ } قال ، ولو شاء لجعل ما أصبتم من أموال اليتامى موبقاً .