Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 236-237)

Tafsir: Fatḥ al-qadīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

المراد بالجناح هنا التبعة من المهر ، ونحوه ، فرفعه رفع لذلك ، أي لا تبعة عليكم بالمهر ، ونحوه إن طلقتم النساء على الصفة المذكورة ، و « ما » في قوله { مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ } هي مصدرية ظرفية بتقدير المضاف ، أي مدّة عدم مسيسكم . ونقل أبو البقاء أنها شرطية من باب اعتراض الشرط على الشرط ليكون الثاني قيداً للأوّل كما في قولك إن تأتني إن تحسن إليّ أكرمك . أي إن تأتني محسناً إليّ ، والمعنى إن طلقتموهن غير ماسين لهنّ . وقيل إنها موصولة ، أي إن طلقتم النساء اللاتي لم تمسوهنّ ، وهكذا اختلفوا في قوله { أَوْ تَفْرِضُواْ } فقيل " أو " بمعنى " إلا " أي إلا أن تفرضوا . وقيل بمعنى حتى ، أي حتى تفرضوا . وقيل بمعنى الواو ، أي وتفرضوا . ولست أرى لهذا التطويل وجهاً . ومعنى الآية أوضح من أن يلتبس ، فإن الله سبحانه رفع الجناح عن المطلقين ما لم يقع أحد الأمرين . أي مدّة انتفاء ذلك الأحد ، ولا ينتفي الأحد المبهم إلا بإنتفاء الأمرين معاً ، فإن وجد المسيس ، وجب المسمى ، أو مهر المثل ، وإن وجد الفرض وجب نصفه مع عدم المسيس ، وكل واحد منها جناح . أي المسمى ، أو نصفه ، أو مهر المثل . واعلم أن المطلقات أربع مطلقة مدخول بها مفروض لها ، وهي التي تقدّم ذكرها قبل هذه الآية ، وفيها نهى الأزواج عن أن يأخذوا مما آتوهنّ شيئاً ، وأن عدّتهنّ ثلاثة قروء . ومطلقة غير مفروض لها ، ولا مدخول بها ، وهي المذكورة هنا ، فلا مهر لها ، بل المتعة ، وبين في سورة الأحزاب أن غير المدخول بها إذا طلقت ، فلا عدّة عليها . ومطلقة مفروض لها غير مدخول بها ، وهي المذكورة بقوله سبحانه هنا { وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً } ، ومطلقة مدخول بها غير مفروض لها ، وهي المذكورة في قوله تعالى { فَمَا ٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَـئَاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } النساء 24 والمراد بقوله { مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ } ما لم تجامعوهنّ وقرأ ابن مسعود « من قبل أن تجامعوهنّ » أخرجه عنه ابن جرير ، وقرأ نافع ، وابن كثير ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وعاصم « ما لم تمسوهنّ » وقرأ حمزة ، والكسائي « تماسوهنّ » من المفاعلة ، والمراد بالفريضة هنا تسمية المهر . قوله { وَمَتّعُوهُنَّ } أي أعطوهن شيئاً يكون متاعاً لهنّ ، وظاهر الأمر الوجوب ، وبه قال علي ، وابن عمر ، والحسن البصري ، وسعيد بن جبير ، وأبو قلابة ، والزهري ، وقتادة ، والضحاك ، ومن أدلة الوجوب قوله تعالى { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا نَكَحْتُمُ ٱلْمُؤْمِنَـٰتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتّعُوهُنَّ وَسَرّحُوهُنَّ سراحاً جميلاً } الأحزاب 49 وقال مالك ، وأبو عبيد ، والقاضي شريح ، وغيرهم إن المتعة للمطلقة المذكورة مندوبة لا واجبة لقوله تعالى { حَقّا عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ } ولو كانت واجبة لأطلقها على الخلق أجمعين ، ويجاب عنه بأن ذلك لا ينافي الوجوب بل هو تأكيد له ، كما في قوله في الآية الأخرى { حَقّاُ عَلَى ٱلْمُتَّقِينَ } البقرة 241 أي أن الوفاء بذلك ، والقيام به شأن أهل التقوى ، وكل مسلم يجب عليه أن يتقي الله سبحانه ، وقد وقع الخلاف أيضا هل المتعة مشروعة لغير هذه المطلقة قبل المسيس ، والفرض أم ليست بمشروعة إلا لها فقط ؟ فقيل إنها مشروعة لكل مطلقة ، وإليه ذهب ابن عباس ، وابن عمر ، وابن عطاء وعطاء ، وجابر بن زيد ، وسعيد بن جبير ، وأبو العالية ، والحسن البصري ، والشافعي في أحد قوليه ، وأحمد وإسحاق ، ولكنهم اختلفوا هل هي واجبة في غير المطلقة قبل البناء ، والفرض أم مندوبة فقط ، واستدلوا بقوله تعالى { وَلِلْمُطَلَّقَـٰتِ مَتَـٰعٌ بِٱلْمَعْرُوفِ حَقّا عَلَى ٱلْمُتَّقِينَ } وبقوله تعالى { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ قُل لأزْوٰجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتّعْكُنَّ وَأُسَرّحْكُنَّ سَرَاحاً جميلاً } الأحزاب 28 والآية الأولى عامة لكل مطلقة ، والثانية في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد كنّ مفروضاً لهنّ مدخولاً بهنّ . وقال سعيد بن المسيب إنها تجب للمطلقة إذا طلقت قبل المسيس ، وإن كانت مفروضاً لها لقوله تعالى { وَكِـيلاً يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا نَكَحْتُمُ ٱلْمُؤْمِنَـٰتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتّعُوهُنَّ } الأحزاب 49 قال هذه الآية التي في الأحزاب نسخت التي في البقرة . وذهب جماعة من أهل العلم إلى أن المتعة مختصة بالمطلقة قبل البناء . والتسمية لأن المدخول بها تستحق جميع المسمى ، أو مهر المثل ، وغير المدخولة التي قد فرض لها زوجها فريضة ، أي سمى لها مهراً ، وطلقها قبل الدخول تستحق نصف المسمى ، ومن القائلين بهذا ابن عمر ، ومجاهد . وقد وقع الإجماع على أن المطلقة قبل الدخول ، والفرض لا تستحق إلا المتعة إذا كانت حرة . وأما إذا كانت أمة ، فذهب الجمهور إلى أن لها المتعة ، وقال الأوزاعي ، والثوري لا متعة لها لأنها تكون لسيدها ، وهو لا يستحق مالاً في مقابل تأذي مملوكته لأن الله سبحانه إنما شرع المتعة للمطلقة قبل الدخول ، والفرض ، لكونها تتأذى بالطلاق قبل ذلك . وقد اختلفوا في المتعة المشروعة هل هي مقدّرة بقدر أم لا ؟ فقال مالك ، والشافعي في الجديد لا حدّ لها معروف بل ما يقع عليه اسم المتعة . وقال أبو حنيفة إنه إذا تنازع الزوجان في قدر المتعة وجب لها نصف مهر مثلها ، ولا ينقص من خمسة دراهم لأن أقل المهر عشرة دراهم . وللسلف فيها أقوال سيأتي ذكرها إن شاء الله . وقوله { عَلَى ٱلْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى ٱلْمُقْتِرِ قَدْرُهُ } يدل على أن الاعتبار في ذلك بحال الزوج ، فالمتعة من الغني فوق المتعة من الفقير . وقرأ الجمهور على الموسع بسكون الواو ، وكسر السين ، وهو الذي اتسعت حاله . وقرأ أبو حيوة بفتح الواو ، وتشديد السين ، وفتحها . وقرأ نافع ، وابن كثير ، وأبو عمرو ، وعاصم في رواية أبي بكر قدره بسكون الدال فيهما . وقرأ ابن عامر ، وحمزة ، والكسائي ، وعاصم في رواية حفص بفتح الدال فيهما . قال الأخفش ، وغيره هما لغتان فصيحتان ، وهكذا يقرأ في قوله تعالى { فَسَألَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا } الرعد 17 . وقوله { وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ } الأنعام 91 والمقتر المقلّ ، ومتاعاً مصدر مؤكد لقوله { وَمَتّعُوهُنَّ } . والمعروف ما عرف في الشرع ، والعادة الموافقة له . وقوله { حَقّاً } وصف لقوله { مَّتَـٰعًا } أو مصدر لفعل محذوف ، أي حق ذلك حقاً ، يقال حققت عليه القضاء ، وأحققت ، أي أوجبت . قوله { وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ } الآية ، فيه دليل على أن المتعة لا تجب لهذه المطلقة لوقوعها في مقابلة المطلقة قبل البناء ، والفرض التي تستحق المتعة . وقوله { فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ } أي قالوا وجب عليكم نصف ما سميتم لهنّ من المهر ، وهذا مجمع عليه . وقرأ الجمهور { فَنِصْفُ } بالرفع . وقرأ من عدا الجمهور بالنصب ، أي فادفعوا نصف ما فرضتم ، وقرىء أيضاً بضم النون ، وكسرها ، وهما لغتان . وقد وقع الاتفاق أيضاً على أن المرأة التي لم يدخل بها زوجها ، ومات ، وقد فرض لها مهراً تستحقه كاملاً بالموت ، ولها الميراث ، وعليها العدة . واختلفوا في الخلوة هل تقوم مقام الدخول ، وتستحق المرأة بها كمال المهر ، كما تستحقه بالدخول أم لا ؟ فذهب إلى الأول مالك ، والشافعي في القديم ، والكوفيون ، والخلفاء الراشدون ، وجمهور أهل العلم ، وتجب عندهم أيضاً العدّة . وقال الشافعي في الجديد لا يجب إلا نصف المهر ، وهو ظاهر الآية لما تقدّم من أن المسيس هو الجماع ، ولا تجب عنده العدّة ، وإليه ذهب جماعة من السلف . قوله { إَّلا أَن يَعْفُونَ } أي المطلقات ، ومعناه يتركن ، ويصفحن ، ووزنه يفعلن ، وهو استثناء مفرغ من أعمّ العام ، وقيل منقطع ، ومعناه يتركن النصف الذي يجب لهنّ على الأزواج . ولم تسقط النون مع " أن " لأن جمع المؤنث في المضارع على حالة واحدة في الرفع ، والنصب ، والجزم لكون النون ضميراً ، وليست بعلامة إعراب كما في المذكر في قولك الرجال يعفون ، وهذا عليه جمهور المفسرين . وروى عن محمد بن كعب القرظي أنه قال { إَّلا أَن يَعْفُونَ } يعني الرجال ، وهو ضعيف لفظاً . ومعنى قوله { أَوْ يَعْفُوَاْ ٱلَّذِى بِيَدِهِ عُقْدَةُ ٱلنّكَاحِ } معطوف على محل قوله « إلا أن يعفون » لأن الأول مبني ، وهذا معرب قيل هو الزوج ، وبه قال جبير بن مطعم ، وسعيد بن المسيب ، وشريح ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، والشعبي ، وعكرمة ، ونافع ، وابن سيرين ، والضحاك ، ومحمد بن كعب القرظي ، وجابر بن زيد ، وأبو مجْلَز ، والربيع بن أنس ، وإياس بن معاوية ، ومكحول ، ومقاتل بن حيان ، وهو الجديد من قول الشافعي ، وبه قال أبو حنيفة ، وأصحابه ، والثوري ، وابن شبرمة ، والأوزاعي ، ورجحه ابن جرير . وفي هذا القول قوّة وضعف أما قوته ، فلكون الذي بيده عقدة النكاح حقيقة هو الزوج لأنه هو الذي إليه رفعه بالطلاق ، وأما ضعفه فلكون العفو منه غير معقول ، وما قالوا به من أن المراد بعفوه أن يعطيها المهر كاملاً غير ظاهر . لأن العفو لا يطلق على الزيادة . وقيل المراد بقوله { أَوْ يَعْفُوَاْ ٱلَّذِى بِيَدِهِ عُقْدَةُ ٱلنّكَاحِ } هو الولي ، وبه قال النخعي ، وعلقمة ، والحسن ، وطاوس ، وعطاء ، وأبو الزناد ، وزيد بن أسلم ، وربيعة ، والزهري ، والأسود بن يزيد ، والشعبي ، وقتادة ، ومالك ، والشافعي في قوله القديم ، وفيه قوّة وضعف أما قوّته لفكون معنى العفو فيه معقولاً وأما ضعفه ، فلكون عقدة النكاح بيد الزوج لا بيده ، ومما يزيد هذا القول ضعفاً أنه ليس للولي أن يعفو عن الزوج مما لا يملكه . وقد حكى القرطبي الإجماع على أن الوليّ لا يملك شيئاً من مالها ، والمهر مالها . فالراجح ما قاله الأوّلون لوجهين الأوّل أن الزوج هو الذي بيده عقدة النكاح حقيقة . الثاني أن عفوه بإكمال المهر هو صادر عن المالك مطلق التصرف بخلاف الولي ، وتسمية الزيادة عفواً ، وإن كان خلاف الظاهر ، لكن لما كان الغالب أنهم يسوقون المهر كاملاً عند العقد كان العفو معقولاً ، لأنه تركه لها ، ولم يسترجع النصف منه ، ولا يحتاج في هذا إلى أن يقال إنه من باب المشاكلة كما في الكشاف ، لأنه عفو حقيقي أي ترك لما يستحق المطالبة به ، إلا أن يقال إنه مشاكلة ، أو يطيب في توفية المهر قبل أن يسوقه الزوج . قوله { وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ } قيل هو خطاب للرجال ، والنساء تغليباً وقرأه الجمهور بالتاء الفوقية ، وقرأ أبو نهيك ، والشعبي بالياء التحتية ، فيكون الخطاب مع الرجال . وفي هذا دليل على ما رجحناه من أن الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج لأن عفو الوليّ عن شيء لا يملكه ليس هو أقرب إلى التقوى ، بل أقرب إلى الظلم والجور . قوله { ولا تَنسَوُاْ ٱلْفَضْلَ بَيْنَكُمْ } قرأه الجمهور بضم الواو ، وقرأ يحيـى بن يعمر بكسرها ، وقرأ علي ، ومجاهد ، وأبو حيوة ، وابن أبي عبلة « ولا تناسوا » والمعنى أن الزوجين لا ينسيان التفضل من كل واحد منهما على الآخر ، ومن جملة ذلك أن تتفضل المرأة بالعفو عن النصف ، ويتفضل الرجل عليها بإكمال المهر ، وهو إرشاد للرجال ، والنساء من الأزواج إلى ترك التقصي على بعضهم بعضاً ، والمسامحة فيما يستغرقه أحدهما على الآخر للوصلة التي قد وقعت سهماً من إفضاء البعض إلى البعض ، وهي وصلة لا يشبهها ، وصلة ، فمن رعاية حقها ، ومعرفتها حق معرفتها الحرص منهما على التسامح . وقوله { إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } فيه من رغيب المحسن ، وترهيب غيره ما لا يخفى . وقد أخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله { مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً } قال المس النكاح ، والفريضة الصداق { ومتعوهنّ } قال هو على الرجل يتزوج المرأة ، ولم يسم لها صداقاً ، ثم يطلقها قبل أن يدخل بها . فأمره الله أن يمتعها على قدر عسره ، ويسره ، فإن كان موسراً متعها بخادم ، وإن كان معسراً متعها بثلاثة أثواب ، أو نحو ذلك . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عنه أنه قال متعة الطلاق أعلاها الخادم ، ودون ذلك الورق ، ودون ذلك الكسوة . وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، عن ابن عمر قال أدنى ما يكون من المتعة ثلاثون درهماً . وروى القرطبي في تفسيره عن الحسن بن علي أنه متع بعشرين ألفاً ، ورقاق من عسل . وعن شريح أنه متع بخمسمائة درهم . وأخرج الدارقطني عن الحسن بن علي أنه متع بعشرة آلاف . وأخرج عبد الرزاق ، عن ابن سيرين أنه كان يمتع بالخادم ، والنفقة أو بالكسوة . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله { طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ } قال المسّ الجماع ، فلها نصف صداقها ، وليس لها أكثر من ذلك إلا أن يعفون . وهي المرأة الثيب ، والبكر يزوجها غير أبيها ، فجعل الله العفو لهنّ إن شئن عفون بتركهن ، وإن شئن أخذن نصف الصداق { أَوْ يَعْفُوَاْ ٱلَّذِى بِيَدِهِ عُقْدَةُ ٱلنّكَاحِ } وهو أبو الجارية البكر جعل العفو إليه ليس لها معه أمر إذا طلقت ما كانت في حجره . وأخرج الشافعي ، وسعيد بن منصور ، والبيهقي عن ابن عباس قال في الرجل يتزوج المرأة ، فيخلو بها ولا يمسها ، ثم يطلقها ليس لها إلا نصف الصداق لأن الله يقول { فَإن طَلَّقْتُمُوهُنَّ } الآية . وأخرج البيهقي عن ابن مسعود قال لها نصف الصداق ، وإن جلس بين رجليها . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والطبراني في الأوسط ، والبيهقي بسند حسن ، عن ابن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " الذي بيده عقدة النكاح الزوج " وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والدارقطني ، والبيهقي ، عن عليّ مثله من قوله . وأخرج عبد بن حميد ، وابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والبيهقي عن ابن عباس مثله . وأخرج ابن أبي حاتم ، والبيهقي عنه قال هو أبوها ، وأخوها ، ومن لا تنكح إلا بإذنه . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير عن مجاهد في قوله { وَلاَ تَنسَوُاْ ٱلْفَضْلَ بَيْنَكُمْ } قال في هذا ، أو غيره . وأخرج عبد الرزاق ، وابن أبي شيبة ، وأحمد ، وأبو داود ، والترمذي وصححه ، والنسائي ، وابن ماجه ، والحاكم ، وصححه البيهقي أن قوماً أتوا ابن مسعود ، فقالوا إن رجلاً تزوج منا امرأة ، ولم يفرض لها صداقاً ، ولم يجمعها إليه حتى مات ، فقال أرى أن أجعل لها صداقاً كصداق نسائها ، لا وَكَسَ ، ولا شطط ، ولها الميراث ، وعليها العدة أربعة أشهر وعشر ، فسمع بذلك ناس من أشجع منهم مَعقِل بن سنان ، فقالوا نشهد أنك قضيت مثل الذي قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة منا يقال لها بِروَع بنت واشق . وأخرج سعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، والبيهقي عن عليّ أنه قال في المتوفي عنها زوجها ، ولم يفرض لها صداقاً لها الميراث ، وعليها العدّة ، ولا صداق لها . وقال لا يقبل قول أعرابي من أشجع على كتاب الله . وأخرج الشافعي ، والبيهقي ، عن ابن عباس قال في المرأة التي يموت عنها زوجها ، وقد فرض لها صداقاً لها الصداق ، والميراث . وأخرج مالك ، والشافعي ، وابن أبي شيبة ، والبيهقي ، عن عمر بن الخطاب أنه قضى في المرأة يتزوجها الرجل أنه إذا أرخيت الستور ، فقد وجب الصداق . وأخرج ابن أبي شيبة ، والبيهقي ، عن عُمَر ، وَعلي قال إذا أرخى ستراً ، وأغلق باباً ، فلها الصداق كاملاً ، وعليها العدّة . وأخرج سعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، والبيهقي ، عن زرارة بن أوْفى قال قضى الخلفاء الراشدون أنه مَنْ أغلق باباً ، أو أرخى ستراً ، فقد وجب الصداق ، والعدّة . وأخرج مالك ، والبيهقي عن زيد بن ثابت نحوه . وأخرج البيهقي ، عن محمد بن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من كشف امرأة ، فنظر إلى عورتها ، فقد وجب الصداق " .