Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 240-242)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا عَود إلى بقية الأحكام المفصلة فيما سلف ، وقد اختلف السلف ، ومن تبعهم من المفسرين في هذه الآية هل هي محكمة ، أو منسوخة ؟ فذهب الجمهور إلى أنها منسوخة بالأربعة الأشهر والعشر كما تقدم ، وأن الوصية المذكورة فيها منسوخة بما فرض الله لهنّ من الميراث . وحكى ابن جرير ، عن مجاهد أن هذه الآية محكمة لا نسخ فيها ، وأن العدة أربعة أشهر وعشر ، ثم جعل الله لهنّ وصية منه سكنى سبعة أشهر وعشرين ليلة ، فإذا شاءت المرأة سكنت في وصيتها ، وإن شاءت خرجت . وقد حكى ابن عطية ، والقاضي عياض أن الإجماع منعقد على أن الحول منسوخ ، وأن عدتها أربعة أشهر وعشر . وقد أخرج عن مجاهد ، ما أخرجه ابن جرير عنه البخاري في صحيحه . وقوله { وَصِيَّةٍ } قرأنا نافع ، وابن كثير ، وعاصم في رواية أبي بكر ، والكسائي بالرفع على أن ذلك مبتدأ لخبر محذوف يقدر مقدماً . أي عليهم وصية ، وقيل إن الخبر قوله { لاّزْوَاجِهِم } وقيل إنه خبر مبتدأ محذوف . أي وصية الذين يتوفون وصية ، أو حكم الذين يتوفون وصية . وقرأ أبو أبو بكر ، وحمزة ، وابن عامر بالنصب على تقدير فعل محذوف . أي فليوصوا وصية ، أو أوصى الله وصية ، أو كتب الله عليهم وصية . وقوله { مَّتَـٰعًا } منصوب بوصية ، أو بفعل محذوف . أي متعوهن متاعاً ، أو جعل الله لهنّ ذلك متاعاً ، ويجوز أن يكون منتصباً على الحال . والمتاع هنا نفقة السنة . وقوله { غَيْرَ إِخْرَاجٍ } صفة لقوله { مَّتَـٰعًا } وقال الأخفش إنه مصدر كأنه قال لا إخراجاً ، وقيل إنه حال ، أي متعوهن غير مخرجات ، وقيل منصوب بنزع الخافض ، أي من غير إخراج ، والمعنى أنه يجب على الذين يتوفون أن يوصوا قبل نزول الموت بهم لأزواجهم أن يمتعن بعدهم حولاً كاملاً بالنفقة ، والسكنى من تركتهم ، ولا يُخْرَجْن من مساكنهنّ . وقوله { فَإِنْ خَرَجْنَ } يعني باختيارهنّ قبل الحول { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ } أي لا حرج على الوليّ ، والحاكم ، وغيرهما { فِيمَا فَعَلْنَ فِى أَنفُسِهِنَّ } من التعرّض للخطاب ، والتزين لهم . وقوله { مِن مَّعْرُوفٍ } أي بما هو معروف في الشرع غير منكر . وفيه دليل على أن النساء كنّ مخيرات في سكنى الحول ، وليس ذلك بحتم عليهنّ وقيل المعنى لا جناح عليكم في قطع النفقة عنهنّ ، وهو ضعيف لأن متعلق الجناح هو مذكور في الآية بقوله { فِيمَا فَعَلْنَ } وقوله { وَلِلْمُطَلَّقَـٰتِ مَتَـٰعٌ } قد اختلف المفسرون في هذه الآية ، فقيل هي المتعة ، وأنها واجبة لكل مطلقة . وقيل إن هذه الآية خاصة بالثيبات اللواتي قد جومعن لأنه قد تقدّم قبل هذه الآية ذكر المتعة للواتي لم يدخل بهنّ الأزواج . وقد قدّمنا الكلام على هذه المتعة ، والخلاف في كونها خاصة بمن طلقت قبل البناء والفرض ، أو عامة للمطلقات ، وقيل إن هذه الآية شاملة للمتعة الواجبة ، وهي متعة المطلقة قبل البناء ، والفرض ، وغير الواجبة ، وهي متعة سائر المطلقات ، فإنها مستحبة فقط . وقيل المراد بالمتعة هنا النفقة . وقد أخرج البخاري ، وغيره عن ابن الزبير ، قال قلت لعثمان بن عفان { وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوٰجًا } قد نسختها الآية الأخرى ، فلم تكتبها ، أو لم تَدَعها ؟ قال يا ابن أخي لا أغير شيئاً منه من مكانه . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في الآية ، قال كان للمتوفي عنها زوجها نفقتها ، وسكناها في الدار سنة ، فنسختها آية المواريث ، فجعل لهنّ الربع ، والثمن مما ترك الزوج . وأخرج ابن جرير ، نحوه عن عطاء . وأخرج نحوه أيضاً أبو داود ، والنسائي ، عن ابن عباس من وجه آخر . وأخرج الشافعي ، وعبد الرزاق ، عن جابر بن عبد الله ، قال ليس للمتوفى عنها زوجها نفقة حَسْبُها الميراث . وأخرج أبو داود في ناسخه ، والنسائي عن عكرمة قال نسختها { وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوٰجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا } البقرة 234 . وأخرج ابن الأنباري في المصاحف ، عن زيد بن أسلم نحوه . وأخرج أيضاً ، عن قتادة نحوه . وأخرج عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِى أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ } قال النكاح الحلال الطيب . وأخرج ابن جرير ، عن ابن زيد ، قال لما نزل قوله { مَتَـٰعاً بِٱلْمَعْرُوفِ حَقّا عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ } البقرة 236 قال رجل إن أحسنت ، فعلت ، وإن لم أرد ذلك لم أفعل ، فأنزل الله { وَلِلْمُطَلَّقَـٰتِ مَتَـٰعٌ بِٱلْمَعْرُوفِ حَقّا عَلَى ٱلْمُتَّقِينَ } . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن سعيد بن المسيب ، قال نسخت هذه الآية بقوله { وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ } البقرة 237 . وأخرج أيضاً عن عتاب بن خصيف في قوله { وَلِلْمُطَلَّقَـٰتِ مَتَـٰعٌ } قال كان ذلك قبل الفرائض . وأخرج مالك ، وعبد الرزاق ، والشافعي ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، والبيهقي عن ابن عمر قال لكل مطلقة متعة إلا التي تطلقها ، ولم تدخل بها ، وقد فرض لها ، كفى بالنصف متاعاً . وأخرج ابن المنذر ، عن عليّ بن أبي طالب قال لكل مؤمنة طلقت حرّة ، أو أمة متعة ، وقرأ { وَلِلْمُطَلَّقَـٰتِ مَتَـٰعٌ بِٱلْمَعْرُوفِ حَقّا عَلَى ٱلْمُتَّقِينَ } . وأخرج البيهقي ، عن جابر بن عبد الله ، قال « لما طلق حفص بن المغيرة امرأته فاطمة أتت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال لزوجها " متّعها " قال لا أجد ما أمتعها ، قال " فإنه لا بد من المتاع ، متِّعها ، ولو نصف صاع من تمر " وأخرج عبد بن حميد ، عن أبي العالية في الآية ، قال لكل مطلقة متعة .