Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 34-34)

Tafsir: Fatḥ al-qadīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

" إِذْ " متعلق بمحذوف تقديره واذكر إذ قلنا . وقال أبو عبيدة " إذ " زائدة ، وهو ضعيف . وقد تقدم الكلام في الملائكة ، وآدم . السجود معناه في كلام العرب التذلل والخضوع . وغايته وضع الوجه على الأرض . قال ابن فارس سجد إذا تطامن ، وكل ما سجد ، فقد ذلّ ، والإسجاد إدامة النظر . وقال أبو عمر وسجد إذا طأطأ رأسه . وفي هذه الآية فضيلة لآدم عليه السلام عظيمة حيث أسجد الله له ملائكته . وقيل إن السجود كان لله ولم يكن لآدم ، وإنما كانوا مستقبلين له عند السجود ، ولا ملجىء لهذا ، فإن السجود للبشر قد يكون جائزاً في بعض الشرائع بحسب ما تقتضيه المصالح . وقد دلت هذه الآية على أن السجود لآدم ، وكذلك الآية الأخرى أعني قوله { فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِى فَقَعُواْ لَهُ سَـٰجِدِينَ } الحجر 29 وقال تعالى { وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى ٱلْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدَا } يوسف 100 فلا يستلزم تحريمه لغير الله في شريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن يكون كذلك في سائر الشرائع . ومعنى السجود هنا هو وضع الجبهة على الأرض ، وإليه ذهب الجمهور . وقال قوم هو مجرد التذلل ، والانقياد . وقد وقع الخلاف هل كان السجود من الملائكة لآدم قبل تعليمه الأسماء أم بعده ؟ وقد أطال البحث في ذلك البقاعي في تفسيره . وظاهر السياق أنه وقع التعليم ، وتعقبه الأمر بالسجود ، وتعقبه إسكانه الجنة ، ثم إخراجه منها ، وإسكانه الأرض . وقوله { إِلاَّ إِبْلِيسَ } استثناء متصل لأنه كان من الملائكة على ما قاله الجمهور . وقال شهر بن حوشب ، وبعض الأصوليين كَانَ مِنَ ٱلْجِنّ الذين كانوا في الأرض . فيكون الاستثناء على هذا منقطعاً . واستدلوا على هذا بقوله تعالى { لا يَعْصُونَ ٱللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } التحريم 6 وبقوله تعالى { إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلْجِنّ } الكهف 50 والجنّ غير الملائكة ، وأجاب الأوّلون بأنه لا يمتنع أن يخرج إبليس عن جملة الملائكة ، لما سبق في علم الله من شقائه عدلاً منه { لا يُسْـألُ * عَمَّا يَفْعَلُ } الأنبياء 23 وليس في خلقه من نار ولا تركيب الشهوة فيه حين غضب عليه ما يدفع بأنه من الملائكة وأيضاً على تسليم ذلك لا يمتنع أن يكون الاستثناء متصلاً ، تغليباً للملائكة الذين هم ألوف مؤلفة على إبليس الذي هو فرد واحد بين أظهرهم . ومعنى { أَبَىٰ } امتنع من فعل ما أمر به . والاستكبار الاستعظام للنفس ، وقد ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم " أن الكبر بطَرَ الحق ، وغمط الناس " وفي رواية « غمص » بالصاد المهملة { وَكَانَ مِنَ ٱلْكَـٰفِرِينَ } أي من جنسهم . قيل إن { كان } هنا بمعنى صار . وقال ابن فورك إنه خطأ ترده الأصول . وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال كانت السجدة لآدم ، والطاعة لله . وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال سجدوا كرامة من الله أكرم بها آدم . وأخرج ابن عساكر عن إبراهيم المزني قال إن الله جعل آدم كالكعبة . وأخرج ابن أبي الدنيا ، وابن أبي حاتم وابن الأنباري عن ابن عباس قال كان إبليس اسمه عزازيل ، وكان من أشراف الملائكة من ذوي الأجنحة الأربعة ، ثم أبلس بعد . وروى ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عنه قال إنما سمي إبليس لأن الله أبلسه من الخير كله أي آيسه منه . وأخرج ابن إسحاق ، وابن جرير ، وابن الأنباري ، عنه ، قال كان إبليس قبل أن يرتكب المعصية من الملائكة اسمه عزازيل ، وكان من سكان الأرض ، وكان من أشدّ الملائكة اجتهاداً ، وأكثرهم علماً ، فذلك دعاه إلى الكبر ، وكان من حيّ يسمون جناً . وأخرج ابن المنذر ، والبيهقي في الشعب عنه قال كان إبليس من خزان الجنة ، وكان يدبر أمر سماء الدنيا . وأخرج محمد بن نصر عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله أمر آدم بالسجود ، فسجد ، فقال لك الجنة ، ولمن سجد من ولدك ، وأمر إبليس بالسجود ، فأبى أن يسجد ، فقال لك النار ، ولمن أبى من ولدك أن يسجد " وأخرج ابن المنذر ، عن ابن عباس في قوله { وَكَانَ مِنَ ٱلْكَـٰفِرِينَ } قال جعله الله كافراً لا يستطيع أن يؤمن . وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي ، قال ابتدأ الله خلق إبليس على الكفر ، والضلالة ، وعمل بعمل الملائكة ، فصيره إلى ما ابتدىء إليه خلقه من الكفر قال الله { وَكَانَ مِنَ ٱلْكَـٰفِرِينَ } .