Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 35-39)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ٱسْكُنْ } أي اتخذ الجنة مسكناً وهو محل السكون . وأما ما قاله بعض المفسرين من أن في قوله { اسكن } تنبيهاً على الخروج لأن السكنى لا تكون ملكاً ، وأخذ ذلك من قول جماعة من العلماء أن من أسكن رجلاً منزلاً له ، فإنه لا يملكه بذلك ، وإن له أن يخرجه منه ، فهو معنى عرفي ، والواجب الأخذ بالمعنى العربي ، إذا لم تثبت في اللفظ حقيقة شرعية . و { أَنتَ } تأكيد للضمير المستكن في الفعل ، ليصح العطف عليه ، كما تقرّر في علم النحو ، أنه لا يجوز العطف على الضمير المرفوع المستكنّ إلا بعد تأكيده بمنفصل . وقد يجيء العطف نادراً بغير تأكيد كقول الشاعر @ قلتُ إذَا أقْبَلتْ وزُهْرُ تَهَادى كَنِعاج المَلا تَعسَّفْنَ رَمْلا @@ وقوله { وَزَوْجُكَ } أي حوّاء ، وهذه هي اللغة الفصيحة زوج بغير هاء ، وقد جاء بها قليلاً كما في صحيح مسلم من حديث أنس " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مع إحدى نسائه ، فمرّ به رجل ، فدعاه وقال يا فلان هذه زوجتي فلانة " الحديث ، ومنه قول الشاعر @ وإن الذي يسعى ليفسد زوجتي كساع إلى أسد الشرى يستميلها @@ و { رَغَدًا } بفتح المعجمة ، وقرأ النخعي ، وابن وثاب بسكونها ، والرغد العيش الهنيء الذي لا عناء فيه ، وهو منصوب على الصفة لمصدر محذوف . و { حَيْثُ } مبنية على الضم ، وفيها لغات كثيرة مذكورة في كتب العربية . والقرب الدنّو ، قال في الصحاح قرب الشيء بالضم يَقْرُب قُرْباً أي دنا ، وقَرِبته بالكسر أقربه قرباناً أي دنوت منه ، وقَرَبْتُ أقْرب قِرِابَةً مثل كتبت أكتب كتابة إذا سرت إلى الماء ، وبينك ، وبينه ليلة . والاسم القرب . قال الأصمعي قلت لأعرابي ما القرب ؟ قال سير الليل لورود الغد . والنهي عن القرب فيه سدّ للذريعة ، وقطع للوسيلة ، ولهذا جاء به عوضاً عن الأكل ، ولا يخفى أن النهي عن القرب لا يستلزم النهي عن الأكل ، لأنه قد يأكل من ثمر الشجرة من هو بعيد عنها إذا يحمل إليه ، فالأولى أن يقال المنع من الأكل مستفاد من المقام . والشجر ما كان له ساق من نبات الأرض ، وواحده شجرة ، وقرىء بكسر الشين ، وبالياء المثناة من تحت مكان الجيم . وقرأ ابن محيصن « هذي » بالياء بدل الهاء وهو الأصل . واختلف أهل العلم في تفسير هذه الشجرة ، فقيل هي الكرم . وقيل السنبلة ، وقيل التين ، وقيل الحنطة ، وسيأتي ما روى عن الصحابة ، فمن بعدهم في تعيينها . وقوله { فَتَكُونَا } معطوف على { تَقْرَبَا } في الكشاف ، أو نصب في جواب النهي ، وهو الأظهر . والظلم أصله وضع الشيء في غير موضعه . والأرض المظلومة التي لم تحفر قط ، ثم حفرت ، ورجل ظليم شديد الظلم . والمراد هنا { فَتَكُونَا مِنَ ٱلْظَّـٰلِمِينَ } لأنفسهم بالمعصية ، وكلام أهل العلم في عصمة الأنبياء ، واختلاف مذاهبهم في ذلك مدوّن في مواطنه ، وقد أطال البحث في ذلك الرازي في تفسيره في هذا الموضع ، فليرجع إليه ، فإنه مفيد . وأزلهَّما من الزلة ، وهي الخطيئة ، أي استزلهما ، وأوقعهما فيها . وقرأ حمزة « فأزالهما » بإثبات الألف من الإزالة ، وهي التنحية ، أي نحاهما . وقرأ الباقون بحذف الألف . قال ابن كيسان هو من الزوال ، أي صرفهما عما كانا عليه من الطاعة إلى المعصية . قال القرطبي وعلى هذا تكون القراءتان بمعنى ، إلاّ أن قراءة الجماعة أمكن في المعنى يقال منه أزللته فزّل و { عَنْهَا } متعلق بقوله { أزلهما } على تضمينه معنى أصدر ، أي أصدر الشيطان زلتهما عنها ، أي بسببها ، يعني الشجرة . وقيل الضمير للجنة ، وعلى هذا ، فالفعل مضمن معنى أبعدهما أي أبعدهما عن الجنة . وقوله { فَأَخْرَجَهُمَا } تأكيد لمضمون الجملة الأولى أي أزلهما ، إن كان معناه زال عن المكان ، وإن لم يكن معناه كذلك ، فهو تأسيس ، لأن الإخراج فيه زيادة على مجرد الصرف ، والإبعاد ، ونحوهما لأن الصرف عن الشجرة ، والإبعاد عنها قد يكون مع البقاء في الجنة ، بخلاف الإخراج لهما عما كانا فيه من النعيم ، والكرامة ، أو من الجنة ، وإنما نسب ذلك إلى الشيطان لأنه الذي تولى إغواء آدم حتى أكل من الشجرة . وقد اختلف أهل العلم في الكيفية التي فعلها الشيطان في إزلالهما ، فقيل إنه كان ذلك بمشافهة منه لهما ، وإليه ذهب الجمهور ، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى { وَقَاسَمَهُمَا إِنّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّـٰصِحِينَ } الأعراف 21 والمقاسمة ظاهرها المشافهة . وقيل لم يصدر منه إلا مجرد الوسوسة ، وقيل غير ذلك مما سيأتي في المروي عن السلف . وقوله { ٱهْبِطُواْ } خطاب لآدم وحواء ، وخوطبا بما يخاطب به الجمع لأن الاثنين أقلّ الجمع عند البعض من أئمة العربية ، وقيل إنه خطاب لهما ، ولذريتهما لأنهما لما كانا أصل هذا النوع الانساني جعلا بمنزلته ، ويدل على ذلك قوله { بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ } فإن هذه الجملة الواقعة حالاً مبيناً للهيئة الثابتة للمأمورين بالهبوط تفيد ذلك . والعدوّ خلاف الصديق ، وهو من عدا إذا ظلم ، ويقال ذئب عدوان ، أي يعدو على الناس ، والعدوان الظلم الصراح وقيل إنه مأخوذ من المجاوزة ، يقال عداه إذا جاوزه ، والمعنيان متقاربان ، فإن من ظلم ، فقد تجاوز . وإنما أخبر عن قوله { بَعْضُكُمْ } بقوله { عَدُوٌّ } مع كونه مفرداً لأن لفظ بعض ، وإن كان معناه محتملاً للتعدد ، فهو مفرد فروعي جانب اللفظ ، وأخبر عنه بالمفرد ، وقد يراعى المعنى ، فيخبر عنه بالمتعدد . وقد يجاب بأن { عَدُوٌّ } وإن كان مفرداً ، فقد يقع موقع المتعدد كقوله تعالى { وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ } الكهف 50 وقوله { يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ ٱلْعَدُوُّ } المنافقون 4 قال ابن فارس العدوّ اسم جامع للواحد ، والاثنين ، والثلاثة . والمراد بالمستقرّ موضع الاستقرار ، ومنه { أَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً } الفرقان 24 وقد يكون بمعنى الاستقرار ، ومنه { إِلَىٰ رَبّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمُسْتَقَرُّ } القيامة 12 فالآية محتملة للمعنيين ، ومثلها قوله { جَعَـلَ لَكُـمُ ٱلأرْضَ قَـرَاراً } غافر 64 والمتاع ما يستمتع به من المأكول ، والمشروب ، والملبوس ، ونحوها . واختلف المفسرون في قوله { إِلَىٰ حِينٍ } فقيل إلى الموت ، وقيل إلى قيام الساعة . وأصل معنى الحين في اللغة الوقت البعيد ، ومنه { هَلْ أَتَىٰ عَلَى ٱلإِنسَـٰنِ حِينٌ مّنَ ٱلدَّهْرِ } الإنسان 1 والحين الساعة ، ومنه { أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى ٱلْعَذَابَ } الزمر 58 والقطعة من الدهر ، ومنه { فَذَرْهُمْ فِى غَمْرَتِهِمْ حَتَّىٰ حِينٍ } المؤمنون 54 أي حتى تفنى آجالهم ، ويطلق على السنة ، وقيل على ستة أشهر ، ومنه { تُؤْتِى أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ } إبراهيم 25 ويطلق على الصباح ، والمساء ، ومنه { حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ } الروم 17 وقال الفراء الحين حينان حين لا يوقف على حده ، ثم ذكر الحين الآخر ، واختلافه بحسب اختلاف المقامات كما ذكرنا . وقال ابن العربي الحين المجهول لا يتعلق به حكم ، والحين المعلوم سنة . ومعنى تلقي آدم للكلمات أخذه لها ، وقبوله لما فيها ، وعمله بها ، وقيل فهمه لها ، وفطانته لما تضمنته . وأصل معنى التلقي الاستقبال ، أي استقبل الكلمات الموحاة إليه . ومن قرأ بنصب « آدم » جعل معناه استقبلته الكلمات . وقيل إن معنى تلقي تلقن . ولا وجه له في العربية . واختلف السلف في تعيين هذه الكلمات وسيأتي . والتوبة الرجوع ، يقال تاب العبد إذا رجع إلى طاعة مولاه ، وعبد توّاب كثير الرجوع ، فمعنى تاب عليه رجع عليه بالرحمة ، فقبل توبته ، أو وفَقَّه للتوبة . واقتصر على ذكر التوبة على آدم دون حواء مع اشتراكهما في الذنب لأن الكلام من أوّل القصة معه ، فاستمر على ذلك ، واستغنى بالتوبة عليه عن ذكر التوبة عليها لكونها تابعة له ، كما استغنى بنسبة الذنب إليه عن نسبته إليها في قوله { وَعَصَىٰ ءَادَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ } طه 121 . وأما قوله { قُلْنَا ٱهْبِطُواْ } بعد قوله { قُلْنَا ٱهْبِطُواْ } ، فكررّه للتوكيد ، والتغليظ . وقيل إنه لما تعلق به حكم غير الحكم الأوّل كرره ، ولا تزاحم بين المقتضيات . فقد يكون التكرير للأمرين معاً . وجواب الشرط في قوله { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مّنّى هُدًى } هو الشرط الثاني مع جوابه قاله سيبويه . وقال الكسائي إن جواب الشرط الأوّل ، والثاني قوله { فَلاَ خَوْفٌ } واختلفوا في معنى الهدى المذكور ، فقيل هو كتاب الله . وقيل التوفيق للهداية . والخوف هو الذعر ، ولا يكون إلا في المستقبل . وقرأ الزهري ، والحسن وعيسى بن عمار ، وابن أبي إسحاق ، ويعقوب « فلا خوف » بفتح الفاء ، والحزن ضد السرور . قال اليزيدي حزنه لغة قريش ، وأحزنه لغة تميم . وقد قرىء بهما . وصحبة أهل النار لها بمعنى الاقتران ، والملازمة . وقد تقدّم ذكر تفسير الخلود . وقد أخرج أبو الشيخ ، وابن مردويه ، عن أبي ذر قال " قلت يا رسول الله أرأيت آدم نبياً كان ؟ قال نعم كان نبياً رسولاً كلمه الله ، قال له { يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة } " وأخرج ابن أبي شيبة ، والطبراني ، عن أبي ذر قال « قلت يا رسول الله ، من أوّل الأنبياء ؟ قال " آدم " قلت نبي ؟ قال " نعم " . قلت ثم من ؟ قال " نوح وبينهما عشرة آباء " وأخرج أحمد ، والبخاري في تاريخه ، والبيهقي في الشعب نحوه من حديث أبي ذر مرفوعاً وزاد « كم كان المرسلون ؟ قال " ثلثمائة وخمسة عشر جماً غفيراً " وأخرج ابن أبي حاتم ، وابن حبان ، والطبراني ، والحاكم وصححه ، والبيهقي ، عن أبي أمامة الباهلي ، أن رجلاً قال « يا رسول الله أنبيّ كان آدم ؟ قال " نعم " قال كم بينه وبين نوح ؟ قال " عشرة قرون " قال كم بين نوح ، وبين إبراهيم ؟ قال " عشرة قرون " قال يا رسول الله كم الأنبياء ؟ قال " مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً " قال يا رسول الله كم كانت الرسل من ذلك ؟ قال " ثلثمائة وخمسة عشر جماً غفيراً " وأخرج أحمد ، وابن المنذر ، والطبراني ، وابن مردويه من حديث أبي أمامة نحوه ، وصرح بأن السائل أبو ذرّ . وأخرج عبد بن حميد ، والحاكم وصححه عن ابن عباس قال ما سكن آدم الجنة إلا ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس . وأخرج عبد الرزاق ، وابن المنذر ، وابن مردويه ، والبيهقي عنه ، قال « ما غابت الشمس من ذلك اليوم حتى أهبط من الجنة » . وأخرج الفريابي ، وأحمد في الزهد ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر عن الحسن قال لبث آدم في الجنة ساعة من نهار ، تلك الساعة مائة وثلاثون سنة من أيام الدنيا . وقد روي تقدير اللُّبث في الجنة عن سعيد بن جبير بمثل ما تقدّم ، عن ابن عباس كما رواه أحمد في الزهد . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي ، وابن عساكر ، عن ابن عباس ، وابن مسعود ، وناس من الصحابة قالوا لما سكن آدم الجنة كان يمشي فيها وحشاً ليس له زوج يسكن إليها ، فنام نومة فاستيقظ ، وإذا عند رأسه امرأة قاعدة خلقها الله من ضلعه . وأخرج البخاري ، ومسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " استوصوا بالنساء خيراً ، فإن المرأة خلقت من ضلع ، وإن أعوج شيء من الضلع رأسه ، فإن ذهبت تقيمه كسرته ، وإن تركته تركته ، وفيه عوج " وروى أبو الشيخ ، وابن عساكر ، عن ابن عباس قال إنما سميت حواء لأنها أمّ كل حي . وأخرج ابن عدي ، وابن عساكر ، عن النخعي قال لما خلق الله آدم ، وخلق له زوجه بعث إليه ملكاً ، وأمره بالجماع ففعل ، فلما فرغ قالت له حواء يا آدم هذا طيب زدنا منه . وأخرج ابن جرير ، وابن عساكر ، عن ابن مسعود ، وناس من الصحابة قال الرغد الهنيء . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال الرغد سعة المعيشة . وأخرجا عنه في قوله { وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا } قال لا حساب عليكم . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، وابن عساكر من طرق ، عن ابن عباس قال الشجرة التي نهى الله عنها آدم السنبلة وفي لفظ البرّ . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير ، وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عنه قال هي الكرم . وأخرج ابن جرير ، عن ابن مسعود مثله . وأخرج أبو الشيخ ، عنه قال هي اللوز . وأخرج ابن جرير ، عن بعض الصحابة قال هي التينة . وروى مثله أبو الشيخ عن مجاهد وابن أبي حاتم عن قتادة . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن وهب بن منبه قال هي البرّ . وأخرج أبو الشيخ ، عن أبي مالك قال هي النخلة . وأخرج أبو الشيخ ، عن يزيد بن عبد الله بن قُسَيْط قال هي الأترجّ . وأخرج أحمد في الزهد ، عن شعيب الجبائي قال هي تشبه البرّ ، وتسمى الدّعة ، وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله { فَأَزَلَّهُمَا } قال فأغواهما . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن عاصم بن بهدلة قال { فَأَزَلَّهُمَا } فنحاهما . وأخرج أبو داود في المصاحف ، عن الأعمش قال قراءتنا في البقرة مكان { فأزلهما } " فوسوس " . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن مسعود وناس من الصحابة قالوا أراد إبليس أن يدخل عليهما الجنة ، فمنعته الخزنة ، فأتى الحية ، وهي دابة لها أربع قوائم ، كأنها البعير ، وهي كأحسن الدواب ، فكلمها أن تدخله في فمها حتى تدخل به إلى آدم ، فأدخلته في فمها ، فمرّت الحية على الخزنة فدخلت ، ولا يعلمون لما أراد الله من الأمر ، فكلمه من فمها فلم يبال بكلامه ، فخرج إليه فقال { يا آدم هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَىٰ } طه 120 وحلف لهما بالله { إِنّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّـٰصِحِينَ } الأعراف 21 فأبى آدم أن يأكل منها ، فتقدّمت حواء ، فأكلت ، ثم قالت يا آدم كل ، فإني قد أكلت ، فلم يضرني ، فلما أكلا { بَدَتْ لَهُمَا سَوْءتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ } الأعراف 22 . وقد أخرج قصة الحية ، ودخول إبليس معها ، عبد الرزاق ، وابن جرير ، عن ابن عباس . وأخرج ابن سعد ، وأحمد في الزهد ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، والبيهقي عن أبيّ بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن آدم كان رجلاً طوالاً كأنه نخلة سحوق طوله ستون ذراعاً كثير شعر الرأس ، فلما ركب الخطيئة بدت له عورته " الحديث . وأخرج ابن منيع ، وابن المنذر ، وأبو الشيخ ، والحاكم وصححه ، والبيهقي في الشعب ، عن ابن عباس . قال قال الله لآدم ما حملك على أن أكلت من الشجرة التي نهيتك عنها ؟ قال يا ربّ زينته لي حوّاء ، قال فإني عاقبتها بألا تحمل إلا كرهاً ، ولا تضع إلا كرهاً ، وأدميتها في كل شهر مرتين . وأخرج البخاري ، والحاكم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم ، ولولا حوّاء لم تخن أنثى زوجها " وقد ثبتت أحاديث كثيرة عن جماعة من الصحابة في الصحيحين ، وغيرهما في محاجة آدم ، وموسى ، وحجّ آدم موسى بقوله أتلومني على أمر قدّره الله عليّ قبل أن أخلق ؟ وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله { قُلْنَا ٱهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ } قال آدم ، وحواء ، وإبليس ، والحية { وَلَكُمْ فِى ٱلأرْضِ مُسْتَقَرٌّ } قال القبور { وَمَتَـٰعٌ إِلَىٰ حِينٍ } قال الحياة . وروى نحو ذلك عن مجاهد ، وأبي صالح وقتادة . كما أخرجه عن الأول ، والثاني أبو الشيخ ، وعن الثالث عبد بن حميد . وأخرج أبو الشيخ ، عن ابن مسعود في قوله { وَلَكُمْ فِى ٱلأرْضِ مُسْتَقَرٌّ } قال القبور { وَمَتَـٰعٌ إِلَىٰ حِينٍ } قال إلى يوم القيامة . وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر قال أهبط آدم بالصفا ، وحوّاء بالمروة . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه عن ابن عباس قال أوّل ما أهبط الله آدم إلى أرض الهند وفي لفظ « بدجنى أرض الهند » . وأخرج ابن أبي حاتم عنه أنه أهبط إلى أرض بين مكة ، والطائف . وأخرج ابن جرير ، والحاكم وصححه ، والبيهقي عنه ، قال قال عليّ بن أبي طالب أطيب ريح الأرض الهند ، هبط بها آدم ، فعلق شجرها من ريح الجنة . وأخرج ابن سعد ، وابن عساكر ، عن ابن عباس قال أهبط آدم بالهند ، وحواء بجدّة ، فجاء في طلبها حتى أتى جمعاً ، فازدلفت إليه حواء ، فلذلك سميت المزدلفة ، واجتمعا بجمع . وأخرج الطبراني ، وأبو نعيم في الحلية عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنزل آدم عليه السلام بالهند ، فاستوحش ، فنزل جبريل ، فنادى بالأذان ، فلما سمع ذكر محمد قال له ومن محمد هذا ؟ قال هذا آخر ، ولدك من الأنبياء " وقد روى عن جماعة من الصحابة أن آدم أهبط إلى أرض الهند ، منهم جابر أخرجه ابن أبي الدنيا ، وابن المنذر ، وابن عساكر ، ومنهم ابن عمر أخرجه الطبراني . وأخرج ابن عساكر ، عن عليّ قال قال النبي صلى الله عليه وسلم " إن الله لما خلق الدنيا لم يخلق فيها ذهباً ، ولا فضة ، فلما أهبط آدم ، وحواء أنزل معهما ذهبا ، وفضة ، فسلكه ينابيع في الأرض ، منفعة لأولادهما من بعدهما ، وجُعِل ذلك صداقاً لحواء فلا ينبغي لأحد أن يتزوج إلا بصداق " وأخرج ابن عساكر بسند ضعيف ، عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " هبط آدم ، وحواء عريانين جميعاً عليهم ورق الجنة ، قعد يبكي ، ويقول لها يا حوّاء قد آذاني الحر ، فجاءه جبريل بقطن ، وأمرها أن تغزل ، وعلمها ، وأمر آدم بالحياكة ، وعلمه " وأخرج الديلمي في مسند الفردوس عن أنس مرفوعاً « أوّل من حاك آدم عليه السلام » . وقد روى عن جماعة من الصحابة ، والتابعين ، ومن بعدهم حكايات في صفة هبوط آدم من الجنة ، وما أهبط معه ، وما صنع عند وصوله إلى الأرض ، ولا حاجة لنا ببسط جميع ذلك . وأخرج الفريابي ، وعبد بن حميد ، وابن أبي الدنيا ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، عن ابن عباس في قوله { فَتَلَقَّى ءادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ } قال أي رب ألم تخلقني بيدك ؟ قال بلى ، قال أي ربّ ألم تنفخ فيّ من روحك ؟ بلى قال بلى . قال أي رب ألم تسبق إليّ رحمتك قبل غضبك ؟ قال بلى . قال أي ربّ ألم تسكني جنتك ؟ قال بلى . قال أي رب أرأيت إن تبتُ وأصلحتُ أراجعي أنت إلى الجنة ؟ قال نعم . وأخرج الطبراني في الأوسط ، وابن عساكر بسند ضعيف ، عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لما أهبط الله آدم إلى الأرض قام وجاه الكعبة فصلى ركعتين " الحديث . وقد روى نحوه بإسناد لا بأس به أخرجه الأزرقي في تاريخ مكة ، والطبراني في الأوسط ، والبيهقي في الدعوات ، وابن عساكر من حديث بريدة مرفوعاً . وأخرج الثعلبي عن ابن عباس في قوله { فَتَلَقَّى ءادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ } قال قوله { رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ } الأعراف 23 . وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جرير عنه مثله . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في شعب الإيمان عن محمد بن كعب القرظي في قوله { فَتَلَقَّى ءادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ } مثله وأخرج عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد مثله . وأخرج عبد بن حميد عن الحسن ، والضحاك مثله . وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قيل له ما الكلمات التي تلقى آدم من ربه ؟ قال علم شأن الحج ، فهي الكلمات . وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن زيد في قوله { فَتَلَقَّى ءادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ } قال لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك ، عملت سوءاً ، وظلمت نفسي ، فاغفر لي إنك أنت خير الغافرين ، لا إله إلا أنت سبحانك ، وبحمدك ، رب عملت سوءاً ، وظلمت نفسي ، فارحمني إنك أنت أرحم الراحمين ، لا إله إلا أنت سبحانك ، وبحمدك رب عملت سوءاً ، وظلمت نفسي ، فتب عليّ إنك أنت التوّاب الرحيم . وأخرج نحوه البيهقي في شعب الإيمان ، وابن عساكر ، عن أنس . وأخرج نحوه هنا ، وفي الزهد عن سعيد بن جبير . وأخرج نحوه ابن عساكر من طريق جويبر ، عن الضحاك ، عن ابن عباس . وأخرج نحوه الديلمي في مسند الفردوس بسند ضعيف عن عليّ مرفوعاً . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مّنّى هُدًى } قال الهدى الأنبياء ، والرسل ، والبيان . وأخرج ابن الأنباري ، في المصاحف عن أبي الطفيل قال قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم { فَمَن تَبِعَ * هُدِىَ } بتثقيل الياء ، وفتحها . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن سعيد بن جبير في قوله { فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } يعني في الآخرة { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } يعني لا يحزنون للموت .