Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 40-42)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اعلم أن كثيراً من المفسرين جاءوا بعلم متكلف ، وخاضوا في بحر لم يكلفوا سباحته ، واستغرقوا أوقاتهم في فنّ لا يعود عليهم بفائدة ، بل أوقعوا أنفسهم في التكلف بمحض الرأي المنهي عنه في الأمور المتعلقة بكتاب الله سبحانه ، وذلك أنهم أرادوا أن يذكروا المناسبة بين الآيات القرآنية ، المسرودة على هذا الترتيب الموجود في المصاحف ، فجاءوا بتكلفات ، وتعسفات يتبرأ منها الإنصاف ، ويتنزه عنها كلام البلغاء ، فضلاً عن كلام الرب سبحانه ، حتى أفردوا ذلك بالتصنيف ، وجعلوه المقصد الأهمّ من التأليف ، كما فعله البقاعي في تفسيره ، ومن تقدّمه ، حسبما ذكر في خطبته ، وإن هذا لمن أعجب ما يسمعه من يعرف أن هذا القرآن ما زال ينزل مفرّقاً على حسب الحوادث المقتضية لنزوله ، منذ نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن قبضه الله - عزّ وجل - إليه ، وكل عاقل فضلاً ، عن عالم ، لا يشك أن هذه الحوادث المقتضية نزول القرآن متخالفة باعتبار نفسها ، بل قد تكون متناقضة ، كتحريم أمرٍ كان حلالاً ، وتحليل أمر كان حراماً ، وإثبات أمر لشخص أو أشخاص يناقض ما كان قد ثبت لهم قبله ، وتارة يكون الكلام مع المسلمين ، وتارة مع الكافرين ، وتارة مع من مضى ، وتارة مع من حضر ، وحيناً في عبادة ، وحيناً في معاملة ، ووقتاً في ترغيب ، ووقتاً في ترهيب ، وآونة في بشارة ، وآونة في نذارة ، وطوراً في أمر دنيا ، وطوراً في أمر آخرة ، ومرة في تكاليف آتية ، ومرة في أقاصيص ماضية ، وإذا كانت أسباب النزول مختلفة هذا الاختلاف ، ومتباينة هذا التباين الذي لا يتيسر معه الائتلاف ، فالقرآن النازل فيها هو باعتباره نفسه مختلف كاختلافها ، فكيف يطلب العاقل المناسبة بين الضب ، والنون ، والماء والنار ، والملاح ، والحادي ؟ وهل هذا إلا من فتح أبواب الشك ، وتوسيع دائرة الريب على من في قلبه مرض ، أو كان مرضه مجرد الجهل ، والقصور ، فإنه إذا وجد أهل العلم يتكلمون في التناسب بين جميع آي القرآن ، ويفردون ذلك بالتصنيف ، تقرّر عنده أن هذا أمر لا بد منه ، وأنه لا يكون القرآن بليغاً معجزاً إلا إذا ظهر الوجه المقتضى للمناسبة ، وتبين الأمر الموجب للارتباط ، فإن وجد الاختلاف بين الآيات ، فرجع إلى ما قاله المتكلمون في ذلك ، فوجده تكلفاً محضاً ، وتعسفاً بيناً انقدح في قلبه ما كان عنه في عافية ، وسلامة ، هذا على فرض أن نزول القرآن كان مترتباً على هذا الترتيب الكائن في المصحف فكيف ، وكل من له أدنى علم بالكتاب ، وأيسر حظ من معرفته يعلم علماً يقيناً أنه لم يكن كذلك ، ومن شك في هذا ، وإن لم يكن مما يشك فيه أهل العلم ، رجع إلى كلام أهل العلم العارفين بأسباب النزول ، المطلعين على حوادث النبوّة ، فإنه ينثلج صدره ، ويزول عنه الريب ، بالنظر في سورة من السور المتوسطة ، فضلاً عن المطوّلة لأنه لا محالة يجدها مشتملة على آيات نزلت في حوادث مختلفة ، وأوقات متباينة لا مطابقة بين أسبابها وما نزل فيها في الترتيب ، بل يكفي المقصر أن يعلم أن أوّل ما نزل { ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبّكَ ٱلَّذِى خَلَقَ } العلق 1 وبعده { يأَيُّهَا ٱلْمُدَّثّرُ } المدثر 1 { يأَيُّهَا ٱلْمُزَّمّلُ } المزمل 1 وينظر أين موضع هذه الآيات ، والسور في ترتيب المصحف ؟ وإذا كان الأمر هكذا ، فأيّ معنى لطلب المناسبة بين آيات نعلم قطعاً أنه قد تقدّم في ترتيب المصحف ما أنزله الله متأخراً ، وتأخر ما أنزله الله متقدماً ، فإن هذا عمل لا يرجع إلى ترتيب نزول القرآن ، بل إلى ما وقع من الترتيب عند جمعه ، ممن تصدّى لذلك من الصحابة ، وما أقل نفع مثل هذا ، وأنزر ثمرته ، وأحقر فائدته ، بل هو عند من يفهم ما يقول ، وما يقال له من تضييع الأوقات ، وإنفاق الساعات في أمر لا يعود بنفع على فاعله ، ولا على من يقف عليه من الناس ، وأنت تعلم أنه لو تصدى رجل من أهل العلم للمناسبة بين ما قاله رجل من البلغاء من خطبه ، ورسائله وإنشاءاته ، أو إلى ما قاله شاعر من الشعراء من القصائد التي تكون تارة مدحاً ، وأخرى هجاء ، وحيناً نسيباً ، وحيناً رثاءً ، وغير ذلك من الأنواع المتخالفة ، فعمد هذا المتصدي إلى ذلك المجموع ، فناسب بين فقره ومقاطعه ، ثم تكلَّف تكلفاً آخر ، فناسب بين الخطبة التي خطبها في الجهاد ، والخطبة التي خطبها في الحج ، والخطبة التي خطبها في النكاح ، ونحو ذلك ، وناسب بين الإنشاء الكائن في العزاء ، والإنشاء الكائن في الهناء وما يشابه ذلك ، لعدّ هذا المتصدي لمثل هذا مصاباً في عقله ، متلاعباً بأوقاته ، عابثاً بعمره الذي هو رأس ماله . وإذا كان مثل هذا بهذه المنزلة وهو ركوب الأحموقة في كلام البشر ، فكيف تراه يكون في كلام الله سبحانه الذي أعجزت بلاغته بلغاء العرب ، وأبكمت فصاحته فصحاء عدنان ، وقحطان ؟ وقد علم كل مقصر وكامل أن الله سبحانه وصف هذا القرآن بأنه عربيّ ، وأنزله بلغة العرب ، وسلك فيه مسالكهم في الكلام ، وجرى به مجاريهم في الخطاب . وقد علمنا أن خطيبهم كان يقوم المقام الواحد فيأتي بفنون متخالفة ، وطرائق متباينة فضلاً عن المقامين ، فضلاً عن المقامات ، فضلاً عن جميع ما قاله ما دام حياً ، وكذلك شاعرهم . ولنكتف بهذا التنبيه على هذه المفسدة التي تعثَّر في ساحتها كثير من المحققين ، وإنما ذكرنا هذا البحث في هذا الموطن لأن الكلام هنا قد انتقل مع بني إسرائيل بعد أن كان قبله مع أبي البشر آدم عليه السلام ، فإذا قال متكلف كيف ناسب هذا ما قبله ؟ قلنا لا كيف @ فَدعْ عَنْكَ نَهباً صِيح في حُجَراته وَهات حَدِيثاً مَا حَدِيثُ الرواحِل @@ قوله { يا بَنِى إِسْرٰءيلَ } اتفق المفسرون على أن إسرائيل هو يعقوب بن إبراهيم عليهم السلام ، ومعناه عبد الله لأن " إسر " في لغتهم هو العبد ، " وإيل " هو الله ، قيل إن له اسمين . وقيل إسرائيل لقب له ، وهو اسم عجمي غير منصرف . وفيه سبع لغات إسرائيل بزنة إبراهيم ، وإسرائِيل بمدّة مهموزة مختلسة رواها ابن شنبوذ ، عن ورش ، وإسرائيل بمدّة بعد الياء من غير ، همز وهي قراءة الأعمش ، وعيسى بن عمر ، وقرأ الحسن من غير همز ، ولا مدّ ، وإسرائل بهمزة مكسورة . وإسراءَل بهمزة مفتوحة ، وتميم يقولون إسرائين . والذكر هو ضد الإنصات ، وجعله بعض أهل اللغة مشتركاً بين ذكر القلب واللسان . وقال الكسائي ما كان بالقلب ، فهو مضموم الذال ، وما كان باللسان ، فهو مكسور الذال . قال ابن الأنباري والمعنى في الآية اذكروا شكر نعمتي ، فحذف الشكر اكتفاءً بذكر النعمة ، وهي اسم جنس ، ومن جملتها أنه جعل منهم أنبياء ، وأنزل عليهم الكتب ، والمنّ والسلوى ، وأخرج لهم الماء من الحجر ، ونجاهم من آل فرعون وغير ذلك . والعهد قد تقدم تفسيره . واختلف أهل العلم في العهد المذكور في هذه الآية ما هو ؟ فقيل هو المذكور في قوله تعالى { خُذُواْ مَا ءاتَيْنَـٰكُم بِقُوَّةٍ } البقرة 63 وقيل هو ما في قوله { وَلَقَدْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَـٰقَ بَنِى إِسْرٰءيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ ٱثْنَىْ عَشَرَ نَقِيباً } المائدة 12 وقيل هو قوله { وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَـٰقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ } آل عمران 187 . وقال الزجاج هو ما أخذ عليهم في التوراة من اتباع محمد صلى الله عليه وسلم ، وقيل هو أداء الفرائض ، ولا مانع من حمله على جميع ذلك . ومعنى قوله { أُوفِ بِعَهْدِكُمْ } أي بما ضمنت لكم من الجزاء ، والرهب ، والرهبة الخوف ، ويتضمن الأمر به معنى التهديد ، وتقديم معمول الفعل يفيد الاختصاص كما تقدّم في { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } الفاتحة 5 وإذا كان التقديم على طريقة الإضمار ، والتفسير ، مثل زيداً ضربته { وَإِيَّـٰىَ فَٱرْهَبُونِ } كان أوكد في إفادة الاختصاص ، ولهذا قال صاحب الكشاف وهو أوكد في إفادة الاختصاص من { إياك نعبد } الفاتحة 5 وسقطت الياء من قوله { فَٱرْهَبُونِ } لأنها رأس آية و { مُصَدّقًا } حال من « ما » في قوله { مَا أُنزِلَتْ } أو من ضميرها المقدّر بعد الفعل ، أي أنزلته . وقوله { أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ } إنما جاء به مفرداً ، ولم يقل كافرين حتى يطابق ما قبله لأنه وصف لموصوف محذوف مفرد اللفظ ، متعدد المعنى نحو فريق ، أو فوج . وقال الأخفش ، والفراء إنه محمول على معنى الفعل لأن المعنى أوّل من كفر . وقد يكون من باب قولهم هو ، أظرف الفتيان ، وأجمله ، كما حكى ذلك سيبويه ، فيكون هذا المفرد قائماً مقام الجمع ، وإنما قال { أوّل } مع أنه قد تقدّمهم إلى الكفر به كفار قريش لأن المراد أوّل كافر به من أهل الكتاب لأنهم العارفون بما يجب للأنبياء ، وما يلزم من التصديق ، والضمير في " به " عائد إلى النبي صلى الله عليه وسلم أي لا تكونوا أوّل كافر بهذا النبي مع كونكم قد وجدتموه مكتوباً عندكم في التوراة ، والإنجيل ، ميسراً به في الكتب المنزلة عليكم ، وقد حكى الرازي في تفسيره في هذا الموضع ما وقف عليه من البشارات برسول الله صلى الله عليه وسلم في الكتب السابق . وقيل إنه عائد إلى القرآن المدلول عليه بقوله { بِمَا أَنزَلْتُ } وقيل عائد إلى التوراة المدلول عليها بقوله { لّمَا مَعَكُمْ } وقوله { وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَـٰتِي } أي بأوامري ونواهيّ { ثَمَناً قَلِيلاً } أي عيشاً نزراً ، ورئاسة لا خطر لها ، جعل ما اعتاضوه ثمناً ، وأوقع الاشتراء عليه ، وإن كان الثمن هو المشترى به ، لأن الاشتراء هنا مستعار للاستبدال ، أي لا تستبدلوا بآياتي ثمناً قليلاً ، وكثيراً ما يقع مثل هذا في كلامهم ، وقد قدّمنا الكلام عليه في تفسير قوله تعالى { ٱشْتَرَوُاْ ٱلضَّلَـٰلَةَ بِٱلْهُدَىٰ } البقرة 16 ، ومن إطلاق اسم الثمن على نيل عرض من أعراض الدنيا قول الشاعر @ إن كُنتَ حَاوْلتَ دُنْيَا أوْ ظَفِرتَ بِها فَمَا أصَبْت بترك الحج مِنْ ثَمن @@ وهذه الآية ، وإن كانت خطاباً لبني إسرائيل ، ونهياً لهم ، فهي متناولة لهذه الأمة بفحوى الخطاب ، أو بلحنه ، فمن أخذ من المسلمين رشوة على إبطال حق أمر الله به ، أو إثبات باطل نهى الله عنه ، أو امتنع من تعليم ما علمه الله ، وكتم البيان أخذ الله عليه ميثاقه به ، فقد اشترى بآيات الله ثمناً قليلاً ، وقوله { وَإِيَّـٰىَ فَٱتَّقُونِ } الكلام فيه كالكلام في قوله تعالى { وَإِيَّـٰىَ فَٱرْهَبُونِ } البقرة 40 وقد تقدم قريباً . واللبس الخلط ، يقال لبست عليه الأمر ألبسه إذا خلطت حقه بباطله ، وواضحه بمشكله ، قال الله تعالى { وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ } الأنعام 9 قالت الخنساء @ ترى الجليس يقول الحقَّ تحسبه رُشْداً وهيهات فانظر ما به التبسا صدق مقالته واحذَر عداوته والبس عليه أموراً مثلَ ما لَبَسا @@ وقال العجاج @ لَما لَبَسنَ الحقَّ بِالتَّجَنيّ غَنِين فاسْتبدلن زيداً منيّ @@ ومنه قول عنترة @ وكتيبة لبستهـا بكتيبة حتى إذا التبست نفضت لها يدي @@ وقيل هو مأخوذ من التغطية أي لا تغطوا الحق بالباطل ، ومنه قول الجعدي @ إذا ما الضجيع ثنى جيدها تثنت عليه وكانت لباسا @@ وقول الأخطل @ فوقد لبست لهذا الأمر أعصره حتى تجلل رأسي الشيب فاشتعلا @@ والأوّل أولى . والباطل في كلام العرب الزائل ، ومنه قو لبيد @ ألا كل شيء ما خلا الله باطل @@ وبطل الشيء يبطل بطولاً أو بطلاناً ، وأبطله غيره ، ويقال ذهب دمه بطلاً أي هدراً ، والباطل الشيطان ، وسمي الشجاع بطلاً لأنه يبطل شجاعة صاحبه ، والمراد به هنا خلاف الحق . والباء في قوله بالباطل يحتمل أن تكون صلة ، وأن تكون للاستعانة ذكر معناه في الكشاف ، ورجّح الرازي في تفسيره الثاني . وقوله { وَتَكْتُمُواْ } يجوز أن يكون داخلاً تحت حكم النهي ، أو منصوباً بإضمار أن ، وعلى الأوّل يكون كل واحد من اللبس ، والكتم منهياً عنه ، وعلى الثاني يكون المنهي عنه هو الجمع بين الأمرين ، ومن هذا يلوح رجحان دخوله تحت حكم النهي ، وأن كل واحد منهما لا يجوز فعله على انفراده ، والمراد النهي عن كتم حجج الله التي أوجب عليهم تبليغها ، وأخذ عليهم بيانها ، ومن فسر اللبس أو الكتمان بشيء معين ، ومعنى خاص ، فلم يصب أن أراد أن ذلك هو المراد دون غيره ، لا إن أراد أنه مما يصدق عليه . وقوله { وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } جملة حالية ، وفيه أن كفرهم كفر عناد لا كفر جهل ، وذلك أغلظ للذنب ، وأوجب للعقوبة ، وهذا التقييد لا يفيد جواز اللبس ، والكتمان مع الجهل لأن الجاهل يجب عليه أن لا يقدم على شيء حتى يعلم بحكمه خصوصاً في أمور الدين ، فإن التكلم فيها ، والتصدّي للإصدار ، والإيراد في أبوابها إنما أذن الله به لمن كان رأساً في العلم فرداً في الفهم ، وما للجهال ، والدخول فيما ليس من شأنهم ، والقعود في غير مقاعدهم . وقد أخرج ابن إسحاق ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله { مَعِىَ بَنِى إِسْرٰءيلَ } قال للأحبار من اليهود { ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ ٱلَّتِى أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ } أي بلائي عندكم ، وعند آبائكم لما كان نجاهم به من فرعون ، وقومه { وَأَوْفُواْ بِعَهْدِى } الذي أخذت في أعناقكم للنبي صلى الله عليه وسلم إذا جاءكم { أُوفِ بِعَهْدِكُمْ } أنجز لكم ما وعدتكم عليه بتصديقه ، واتباعه بوضع ما كان عليكم من الإصر ، والأغلال { وَإِيَّـٰىَ فَٱرْهَبُونِ } أن أنزل بكم ما أنزلت بمن كان قبلكم من آبائكم من النقمات { وَءامِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدّقًا لّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ } وعندكم فيه من العلم ما ليس عند غيركم { وَتَكْتُمُواْ ٱلْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } أي لا تكتموا ما عندكم من المعرفة برسولي ، وبما جاءكم به وأنتم تجدونه عندكم فيما تعلمون من الكتب التي بأيديكم ، وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عنه في قوله { أَوْفُواْ * بِعَهْدِى } يقول ما أمرتكم به من طاعتي ، ونهيتكم عنه من معصيتي في النبي صلى الله عليه وسلم ، وغيره { أُوفِ بِعَهْدِكُمْ } يقول أرض عنكم ، وأدخلكم الجنة . وأخرج ابن المنذر ، عن ابن مسعود مثله . وأخرج ابن المنذر ، عن مجاهد في قوله { أَوْفُواْ * بِعَهْدِى } قال هو الميثاق الذي أخذه عليهم في سورة المائدة { لَقَدْ أَخَذْنَا * ٱللَّهُ مِيثَـٰقَ بَنِى إِسْرٰءيلَ } المائدة 12 الآية . وأخرج عبد بن حميد عن قتادة نحوه . وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال أوفوا لي بما افترضت عليكم أوف لكم بما وعدتكم . وأخرج عبد بن حميد ، وأبو الشيخ ، عن الضحاك نحوه . وأخرج ابن جرير ، عن أبي العالية في قوله { وَإِيَّـٰىَ فَٱرْهَبُونِ } قال فاخشون . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جريج ، عن مجاهد في قوله { وَءامِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ } قال القرآن { مُصَدّقاً لّمَا مَعَكُمْ } قال التوراة والإنجيل . وأخرج ابن جريج ، عن ابن جرير في قوله { أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ } قال بالقرآن . وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في الآية قال يقول يا معشر أهل الكتاب آمنوا بما أنزلت على محمد مصدقاً لما معكم لأنهم يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة ، والإنجيل { وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ } أي أوّل من كفر بمحمد { وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَـٰتِي } يقول لا تأخذا عليه أجراً ، قال وهو مكتوب عندهم في الكتاب الأوّل يابن آدم علم مجاناً كما علمت مجاناً . وأخرج أبو الشيخ عنه قال لا تأخذ على ما علمت أجراً ، إنما أجر العلماء ، والحكماء ، والحلماء على الله . وأخرج ابن جرير ، عن ابن عباس في قوله { وَلاَ تَلْبِسُواْ ٱلْحَقَّ بِٱلْبَـٰطِلِ } قال لا تخلطوا الصدق بالكذب { وَتَكْتُمُواْ ٱلْحَقَّ } قال لا تكتموا الحق ، وأنتم قد علمتم أن محمداً رسول الله . وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله { وَلاَ تَلْبِسُواْ } الآية ، قال لا تلبسوا اليهودية ، والنصرانية بالإسلام { وَتَكْتُمُواْ ٱلْحَقَّ } قال كتموا محمداً وهم يعلمون أنه رسول الله يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة ، والإنجيل . وأخرج ابن جرير عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال الحق التوراة ، والباطل الذي كتبوه بأيديهم .