Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 10-25)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
نبه عباده على عظيم نعمته عليهم بقوله { لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَـٰباً } يعني القرآن { فِيهِ ذِكْرُكُمْ } صفة لـ { كتاباً } ، والمراد بالذكر هنا الشرف ، أي فيه شرفكم كقوله { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ } الزخرف 44 وقيل { فيه ذكركم } أي ذكر أمر دينكم ، وأحكام شرعكم وما تصيرون إليه من ثواب أو عقاب . وقيل فيه حديثكم ، قاله مجاهد . وقيل مكارم أخلاقكم ومحاسن أعمالكم . وقيل فيه العمل بما فيه حياتكم . قاله سهل بن عبد الله . وقيل فيه موعظتكم ، والاستفهام في { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } للتوبيخ والتقريع ، أي أفلا تعقلون أن الأمر كذلك ، أو لا تعقلون شيئاً من الأشياء التي من جملتها ما ذكر . ثم أوعدهم وحذرهم ما جرى على الأمم المكذبة ، فقال { وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَـٰلِمَةً } " كم " في محل نصب على أنها مفعول { قصمنا } وهي الخبرية المفيدة للتكثير . والقصم كسر الشيء ودقه ، يقال قصمت ظهر فلان إذا كسرته ، واقتصمت سنه إذا انكسرت ، والمعنى هنا الإهلاك والعذاب . وأما الفصم بالفاء فهو الصدع في الشيء من غير بينونة ، وجملة { كَانَتْ ظَـٰلِمَةً } في محل جرّ صفة لقرية ، وفي الكلام مضاف محذوف ، أي وكم قصمنا من أهل قرية كانوا ظالمين ، أي كافرين بالله مكذبين بآياته ، والظلم في الأصل وضع الشيء في غير موضعه ، وهم وضعوا الكفر في موضع الإيمان { وأنشأنا بعدها قوماً آخرين } أي أوجدنا وأحدثنا بعد إهلاك أهلها قوماً ليسوا منهم . { فَلَمَّا أَحَسُّواْ بَأْسَنَا } أي أدركوا أو رأوا عذابنا ، وقال الأخفش خافوا وتوقعوا ، أو البأس العذاب الشديد { إِذَا هُمْ مّنْهَا يَرْكُضُونَ } الركض الفرار والهرب والانهزام ، وأصله من ركض الرجل الدابة برجليه ، يقال ركض الفرس إذا كدّه بساقيه ، ثم كثر حتى قيل ركض الفرس إذا عدا ، ومنه " ٱرْكُضْ بِرِجْلِكَ " صۤ 42 والمعنى أنهم يهربون منها راكضين دوابهم . فقيل لهم { لاَ تَرْكُضُواْ } أي لا تهربوا . قيل إن الملائكة نادتهم بذلك عند فرارهم . وقيل إن القائل لهم ذلك هم من هنالك من المؤمنين استهزاء بهم وسخرية منهم { وَٱرْجِعُواْ إِلَىٰ مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ } أي إلى نعمكم التي كانت سبب بطركم وكفركم ، والمترف المنعم ، يقال أترف فلان ، أي وسع عليه في معاشه { وَمَسَـٰكِنِكُمْ } أي وارجعوا إلى مساكنكم التي كنتم تسكنونها وتفتخرون بها { لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ } أي تقصدون للسؤال والتشاور والتدبير في المهمات ، وهذا على طريقة التهكم بهم والتوبيخ لهم . وقيل المعنى لعلكم تسألون عما نزل بكم من العقوبة فتخبرون به وقيل لعلكم تسألون أن تؤمنوا كما كنتم تسألون ذلك قبل نزول العذاب بكم . قال المفسرون وأهل الأخبار إن المراد بهذه الآية أهل حضور من اليمن ، وكان الله سبحانه قد بعث إليهم نبياً اسمه شعيب بن مهدم ، وقبره بجبل من جبال اليمن يقال له ضنن ، وبينه وبين حضور نحو بريد ، قالوا وليس هو شعيباً صاحب مدين . قلت وآثار القبر بجبل ضين موجودة ، والعامة من أهل تلك الناحية يزعمون أنه قبر قدم بن قادم . { قَالُواْ إِنَّا كُنَّا ظَـٰلِمِينَ } أي قالوا لما قالت لهم الملائكة { لا تركضوا } يا ويلنا ، أي ياهلاكنا إنا كنا ظالمين لأنفسنا مستوجبين العذاب بما قدّمنا . فاعترفوا على أنفسهم بالظلم الموجب للعذاب . { فَمَا زَالَت تِلْكَ دَعْوَاهُمْ } أي ما زالت هذه الكلمة دعواهم أي دعوتهم ، والكلمة هي قولهم { يا ويلنا } أي يدعون بها ويردّدونها { حَتَّىٰ جَعَلْنَـٰهُمْ حَصِيداً } أي بالسيوف كما يحصد الزرع بالمنجل ، والحصيد هنا بمعنى المحصود ، ومعنى { خَـٰمِدِينَ } أنهم ميتون من خمدت النار إذا طفئت ، فشبه خمود الحياة بخمود النار ، كما يقال لمن مات قد طفىء . { وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَاء وَٱلاْرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ } أي لم نخلقهما عبثاً ولا باطلاً ، بل للتنبيه على أن لهما خالقاً قادراً يجب امتثال أمره . وفيه إشارة إجمالية إلى تكوين العالم ، والمراد بما بينهما سائر المخلوقات الكائنة بين السماء والأرض على اختلاف أنواعها وتباين أجناسها { لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً } اللهو ما يتلهى به . قيل اللهو الزوجة والولد . وقيل الزوجة فقط . وقيل الولد فقط . قال الجوهري قد يكفي باللهو عن الجماع ، يدل على ما قاله قول امرىء القيس @ ألا زعمت بسباسة اليوم أنني كبرت وألا يحسن اللهو أمثالي @@ ومنه قول الآخر @ وفيهنّ ملهى للصديق ومنظر @@ والجملة مستأنفة لتقرير مضمون ما قبلها ، وجواب لقوله { لاَّتَّخَذْنَـٰهُ مِن لَّدُنَّا } أي من عندنا ومن جهة قدرتنا لا من عندكم . قال المفسرون أي من الحور العين ، وفي هذا رد على من قال بإضافة الصاحبة والولد إلى الله ، تعالى عن ذلك علوّاً كبيراً . وقيل أراد الردّ على من قال الأصنام أو الملائكة بنات الله . وقال ابن قتيبة الآية ردٌّ على النصارى . { إِن كُنَّا فَـٰعِلِينَ } قال الواحدي قال المفسرون ما كنا فاعلين . قال الفراء والمبرد والزجاج يجوز " أن " تكون إن للنفي كما ذكره المفسرون ، أي ما فعلنا ذلك ولم نتخذ صاحبة ولا ولداً ويجوز أن تكون للشرط ، أي إن كنا ممن يفعل ذلك لاتخذناه من لدنا . قال الفراء وهذا أشبه الوجهين بمذهب العربية . { بَلْ نَقْذِفُ بِٱلْحَقّ عَلَى ٱلْبَـٰطِلِ } هذا إضراب عن اتخاذ اللهو ، أي دع ذلك الذي قالوا فإنه كذب وباطل ، بل شأننا أن نرمي بالحق على الباطل { فَيَدْمَغُهُ } أي يقهره ، وأصل الدمغ شج الرأس حتى يبلغ الدماغ ، ومنه الدامغة . قال الزجاج المعنى نذهبه ذهاب الصغار والإذلال ، وذلك أن أصله إصابة الدماغ بالضرب . قيل أراد بالحق الحجة ، وبالباطل شبههم . وقيل الحق المواعظ ، والباطل المعاصي . وقيل الباطل الشيطان . وقيل كذبهم ووصفهم الله سبحانه بغير صفاته { فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ } أي زائل ذاهب ، وقيل هالك تالف ، والمعنى متقارب ، و " إذا " هي الفجائية { وَلَكُمُ ٱلْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ } أي العذاب في الآخرة بسبب وصفكم لله بما لا يجوز عليه ، وقيل الويل وادٍ في جهنم ، وهو وعيد لقريش بأن لهم من العذاب مثل الذي لأولئك ومن هي التعليلية . { وَلَهُ مَن فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ } عبيداً وملكاً ، وهو خالقهم ورازقهم ومالكهم ، فكيف يجوز أن يكون له بعض مخلوقاته شريكاً يعبد كما يعبد ، وهذه الجملة مقررة لما قبلها { وَمَنْ عِندَهُ } يعني الملائكة ، وفيه ردّ على القائلين بأن الملائكة بنات الله ، وفي التعبير عنهم بكونهم { عنده } إشارة إلى تشريفهم وكرامتهم ، وأنهم بمنزلة المقربين عند الملوك ، ثم وصفهم بقوله { لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ } أي لا يتعاظمون ولا يأنفون عن عبادة الله سبحانه والتذلل له { وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ } أي لا يعيون ، مأخوذ من الحسير ، وهو البعير المنقطع بالإعياء والتعب ، يقال حسر البعير يحسر حسوراً أعيا وكلّ ، واستحسر وتحسر مثله وحسرته أنا حسراً ، يتعدى ولا يتعدى . قال أبو زيد لا يكلون ، وقال ابن الأعرابي لا يفشلون . قال الزجاج معنى الآية أن هؤلاء الذين ذكرتم أنهم أولاد الله ، عباد الله لا يأنفون عن عبادته ولا يتعظمون عنها كقوله { إِنَّ ٱلَّذِينَ عِندَ رَبّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ } الأعراف 206 . وقيل المعنى لا ينقطعون عن عبادته . وهذه المعاني متقاربة . { يُسَبّحُونَ ٱلْلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ } أي ينزهون الله سبحانه دائماً لا يضعفون عن ذلك ولا يسأمون . وقيل يصلون الليل والنهار . قال الزجاج مجرى التسبيح منهم كمجرى النفس منا لا يشغلنا عن النفس شيء ، فكذلك تسبيحهم دائم ، وهذه الجملة إما مستأنفة جواب سؤال مقدّر ، أو في محل نصب على الحال { أَمِ ٱتَّخَذُواْ الِهَةً مّنَ ٱلأَرْضِ } قال المفضل مقصود هذا الاستفهام الجحد ، أي لم يتخذوا آلهة تقدر على الإحياء ، و " أم " هي المنقطعة ، والهمزة لإنكار الوقوع . قال المبرد إن " أم " هنا بمعنى هل ، أي هل اتخذ هؤلاء المشركون آلهة من الأرض يحيون الموتى ، ولا تكون " أم " هنا بمعنى بل ، لأن ذلك يوجب لهم إنشاء الموتى إلا أن تقدّر " أم " مع الاستفهام ، فتكون " أم " المنقطعة ، فيصح المعنى ، و { من الأرض } متعلق باتخذوا ، أو بمحذوف هو صفة لآلهة ، ومعنى { هُمْ يُنشِرُونَ } هم يبعثون الموتى ، والجملة صفة لآلهة ، وهذه الجملة هي التي يدور عليها الإنكار والتجهيل ، لا نفس الاتخاذ ، فإنه واقع منهم لا محالة . والمعنى بل اتخذوا آلهة من الأرض هم خاصة مع حقارتهم ينشرون الموتى ، وليس الأمر كذلك ، فإن ما اتخذوها آلهة بمعزل عن ذلك . قرأ الجمهور { ينشرون } بضم الياء وكسر الشين من أنشره أي أحياه ، وقرأ الحسن بفتح الياء ، أي يحيون ولا يموتون . ثم إنه سبحانه أقام البرهان على بطلان تعدّد الآلهة ، فقال { لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ ٱللَّهُ لَفَسَدَتَا } أي لو كان في السمٰوات والأرض آلهة معبودون غير الله لفسدتا ، أي لبطلتا ، يعني السمٰوات والأرض بما فيهما من المخلوقات ، قال الكسائي وسيبويه والأخفش والزجاج وجمهور النحاة إن " إلا " هنا ليست للاستثناء بل بمعنى غير صفة لآلهة ، ولذلك ارتفع الاسم الذي بعدها وظهر فيه إعراب غير التي جاءت " إلا " بمعناها ، ومنه قول الشاعر @ وكل أخ مفارقه أخوه لعمر أبيك إلا الفرقدان @@ وقال الفراء إن " إلا " هنا بمعنى سوى ، والمعنى لو كان فيهما آلهة سوى الله لفسدتا ، ووجه الفساد أن كون مع الله إلٰهاً آخر يستلزم أن يكون كل واحد منهما قادراً على الاستبداد بالتصرف ، فيقع عند ذلك التنازع والاختلاف ويحدث بسببه الفساد { فَسُبْحَـٰنَ ٱللَّهِ رَبّ ٱلْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ } الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها من ثبوت الوحدانية بالبرهان ، أي تنزّه عزّ وجلّ عما لا يليق به من ثبوت الشريك له ، وفيه إرشاد للعباد أن ينزّهوا الربّ سبحانه عما لا يليق به . { لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ } هذه الجملة مستأنفة مبينة أنه سبحانه لقوّة سلطانه وعظيم جلاله لا يسأله أحد من خلقه عن شيء من قضائه وقدره { وَهُمْ } أي العباد { يُسْـئَلُونَ } عما يفعلون أي يسألهم الله عن ذلك لأنهم عبيده . وقيل إن المعنى أنه سبحانه لا يؤاخذ على أفعاله وهم يؤاخذون . قيل والمراد بذلك أنه سبحانه بين لعباده أن من يسأل عن أعماله كالمسيح والملائكة لا يصلح لأن يكون إلٰهاً . { أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ ءالِهَةً } أي بل اتخذوا ، وفيه إضراب وانتقال من إظهار بطلان كونها آلهة بالبرهان السابق ، إلى إظهار بطلان اتخاذها آلهة مع توبيخهم بطلب البرهان منهم ، ولهذا قال { قُلْ هَاتُواْ بُرْهَـٰنَكُمْ } على دعوى أنها آلهة ، أو على جواز اتخاذ آلهة سوى الله ، ولا سبيل لهم إلى شيء من ذلك ، لا من عقل ولا نقل ، لأن دليل العقل قد مرّ بيانه ، وأما دليل النقل فقد أشار إليه بقوله { هَـٰذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي } أي هذا الوحي الوارد في شأن التوحيد المتضمن للبرهان القاطع ذكر أمتي وذكر الأمم السالفة وقد أقمته عليكم وأوضحته لكم ، فأقيموا أنتم برهانكم . وقيل المعنى هذا القرآن وهذه الكتب التي أنزلت قبلي فانظروا هل في واحد منها أن الله أمر باتخاذ إلٰه سواه . قال الزجاج قيل لهم هاتوا برهانكم بأن رسولاً من الرسل أنبأ أمته بأن لهم إلٰهاً غير الله ، فهل في ذكر من معي وذكر من قبلي إلا توحيد الله ؟ وقيل معنى الكلام الوعيد والتهديد ، أي افعلوا ما شئتم فعن قريب ينكشف الغطاء . وحكى أبو حاتم أن يحيـى بن يعمر وطلحة بن مصرف قرآ " هذا ذكر من معي وذكر من قبلي " بالتنوين وكسر الميم ، وزعم أنه لا وجه لهذه القراءة . وقال الزجاج في توجيه هذه القراءة إن المعنى هذا ذكر مما أنزل إليّ ومما هو معي وذكر من قبلي . وقيل ذكر كائن من قبلي ، أي جئت بما جاءت به الأنبياء من قبلي . ثم لما توجهت الحجة عليهم ذمهم بالجهل بمواضع الحق فقال { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ٱلْحَقَّ } وهذا إضراب من جهته سبحانه وانتقال من تبكيتهم بمطالبتهم بالبرهان إلى بيان أنه لا يؤثر فيهم إقامة البرهان ، لكونهم جاهلين للحق لا يميزون بينه وبين الباطل . وقرأ ابن محيصن والحسن " الحق " بالرفع على معنى هذا الحق ، أو هو الحق ، وجملة { فَهُمْ مُّعْرِضُونَ } تعليل لما قبله من كون أكثرهم لا يعلمون أي فهم لأجل هذا الجهل المستولي على أكثرهم معرضون عن قبول الحق مستمرّون على الإعراض عن التوحيد واتباع الرسول ، فلا يتأملون حجة ، ولا يتدبرون في برهان ، ولا يتفكرون في دليل . { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ يُوحَى إِلَيْهِ } قرأ حفص وحمزة والكسائي { نوحي } بالنون ، وقرأ الباقون بالياء أي نوحي إليه { أَنَّهُ لا إِلَـٰهَ إِلا أَنَاْ } وفي هذا تقرير لأمر التوحيد وتأكيد لما تقدّم من قوله { هَـٰذَا ذِكْرُ مَن مَّعِىَ } وختم الآية بالأمر لعباده بعبادته ، فقال { فَٱعْبُدُونِ } فقد اتضح لكم دليل العقل ، ودليل النقل وقامت عليكم حجة الله . وقد أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه ، والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله { لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَـٰباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ } قال شرفكم . وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال فيه حديثكم . وفي رواية عنه قال فيه دينكم . وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال بعث الله نبياً من حمير يقال له شعيب ، فوثب إليه عبد فضربه بعصا ، فسار إليهم بختنصر فقاتلتهم فقتلهم حتى لم يبق منهم شيء ، وفيهم أنزل الله { وَكَمْ قَصَمْنَا } إلى قوله { خَـٰمِدِينَ } . وأخرج عبد الرزاق وعبد ابن حميد ، وابن المنذر عن الكلبي في قوله { وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ } قال هي حضور بني أزد ، وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله { وَٱرْجِعُواْ إِلَىٰ مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ } قال ارجعوا إلى دوركم وأموالكم . وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله { فَمَا زَالَت تِلْكَ دَعْوَاهُمْ } قال هم أهل حضور كانوا قتلوا نبيهم ، فأرسل الله عليهم بختنصر فقتلهم ، وفي قوله { فَجَعَلْنَـٰهُمْ حَصِيداً خَـٰمِدِينَ } قال بالسيف ضرب الملائكة وجوههم حتى رجعوا إلى مساكنهم . وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن وهب قال حدّثني رجل من الجزريين قال كان اليمن قريتان ، يقال لإحداهما حضور ، وللأخرى قلابة ، فبطروا وأترفوا حتى ما كانوا يغلقون أبوابهم ، فلما أترفوا بعث الله إليهم نبياً فدعاهم فقتلوه ، فألقى الله في قلب بختنصر أن يغزوهم ، فجهز لهم جيشاً ، فقاتلوهم فهزموا جيشه فرجعوا منهزمين إليه ، فجهز إليهم جيشاً آخر أكثف من الأوّل ، فهزموهم أيضاً فلما رأى بختنصر ذلك غزاهم هو بنفسه ، فقاتلوهم فهزمهم حتى خرجوا منها يركضون ، فسمعوا منادياً يقول { لاَ تَرْكُضُواْ وَٱرْجِعُواْ إِلَىٰ مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَـٰكِنِكُمْ } فرجعوا فسمعوا صوتاً منادياً يقول يا لثارات النبي فقتلوا بالسيف ، فهي التي قال الله { وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ } إلى قوله { خَـٰمِدِينَ } قلت وقرى حضور معروفة الآن بينها وبين مدينة صنعاء نحو بريد في جهة الغرب منها . وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله { حَصِيداً خَـٰمِدِينَ } . قال كخمود النار إذا طفئت . وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله { لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً } قال اللهو الولد . وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن في قوله { لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً } قال النساء . وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ } يقول لا يرجعون . وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله { لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ } قال بعباده { وَهُمْ يُسْـئَلُونَ } قال عن أعمالهم . وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك نحوه . وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن ابن عباس قال ما في الأرض قوم أبغض إليّ من القدرية ، وما ذاك إلا أنهم لا يعلمون قدرة الله ، قال الله { لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْـئَلُونَ } .