Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 25-34)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله { وَيَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلسَّمَاءُ بِٱلْغَمَـٰمِ } وصف سبحانه هاهنا بعض حوادث يوم القيامة ، والتشقق التفتح ، قرأ عاصم والأعمش ويحيى بن وثاب وحمزة والكسائي وأبو عمرو { تشقق } بتخفيف الشين ، وأصله تتشقق ، وقرأ الباقون بتشديد الشين على الإدغام . واختار القراءة الأولى أبو عبيد ، واختار الثانية أبو حاتم ، ومعنى تشققها بالغمام أنها تتشقق عن الغمام . قال أبو علي الفارسي تشقق السماء ، وعليها غمام كما تقول ركب الأمير بسلاحه أي وعليه سلاحه ، وخرج بثيابه أي وعليه ثيابه . ووجه ما قاله أن الباء وعن يتعاقبان كما تقول رميت بالقوس . وعن القوس ، وروي أن السماء تتشقق عن سحاب رقيق أبيض ، وقيل إن السماء تتشقق بالغمام الذي بينها وبين الناس . والمعنى أنه يتشقق السحاب بتشقق السماء ، وقيل إنها تشقق لنزول الملائكة ، كما قال سبحانه بعد هذا { وَنُزّلَ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ تَنزِيلاً } وقيل إن " الباء " في { بالغمام } سببية أي بسبب الغمام ، يعني بسبب طلوعه منها كأنه الذي تتشقق به السماء ، وقيل إن الباء متعلقة بمحذوف أي ملتبسة بالغمام . قرأ ابن كثير " وننزل الملائكة " مخففاً ، من الإنزال بنون بعدها نون ساكنة ، وزاي مخففة بكسرة مضارع أنزل ، والملائكة منصوبة على المفعولية . وقرأ الباقون من السبعة { ونُزِل } بضم النون ، وكسر الزاي المشدّدة ماضياً مبنياً للمفعول ، وقرأ ابن مسعود ، وأبو رجاء " نزل " بالتشديد ماضياً مبنياً للفاعل ، وفاعله الله سبحانه ، وقرأ أبيّ بن كعب . " أنزل الملائكة " وروي عنه أنه قرأ " تنزلت الملائكة " ، وقد قرىء في الشواذ بغير هذه ، وتأكيد هذا الفعل بقوله { تَنْزِيلاً } يدلّ على أن هذا التنزيل على نوع غريب ، ونمط عجيب . قال أهل العلم إن هذا تنزيل رضا ورحمة لا تنزيل سخط وعذاب . { ٱلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ لِلرَّحْمَـٰنِ } الملك مبتدأ ، والحق صفة له وللرحمن . الخبر ، كذا قال الزجاج أي الملك الثابت الذي لا يزول للرحمن يومئذٍ ، لأن الملك الذي يزول وينقطع ليس بملك في الحقيقة ، وفائدة التقييد بالظرف أن ثبوت الملك المذكور له سبحانه خاصة في هذا اليوم . وأما فيما عداه من أيام الدنيا ، فلغيره ملك في الصورة ، وإن لم يكن حقيقياً . وقيل إن خبر المبتدأ هو الظرف ، والحق نعت للملك . والمعنى الملك الثابت للرحمن خاص في هذا اليوم { وَكَانَ يَوْماً عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ عَسِيراً } أي وكان هذا اليوم مع كون الملك فيه لله وحده شديداً على الكفار لما يصابون به فيه ، وينالهم من العقاب بعد تحقيق الحساب ، وأمّا على المؤمنين فهو يسير غير عسير ، لما ينالهم فيه من الكرامة والبشرى العظيمة . { وَيَوْمَ يَعَضُّ ٱلظَّـٰلِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ } الظرف منصوب بمحذوف أي واذكر ، كما انتصب بهذا المحذوف الظرف الأول ، أعني { يوم تشقق } ، { ويوم يعضّ الظالم على يديه } ، الظاهر أن العضّ هنا حقيقة ، ولا مانع من ذلك ، ولا موجب لتأويله . وقيل هو كناية عن الغيظ والحسرة ، والمراد بالظالم كلّ ظالم يرد ذلك المكان ، وينزل ذلك المنزل ، ولا ينافيه ورود الآية على سبب خاص ، فالإعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب { يَقُولُ يٰلَيْتَنِى ٱتَّخَذْتُ مَعَ ٱلرَّسُولِ سَبِيلاً } { يقول } في محل نصب على الحال ، ومقول القول هو يا ليتني ، إلخ ، والمنادى محذوف أي يا قوم { ليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً } طريقاً ، وهو طريق الحق ، ومشيت فيه حتى أخلص من هذه الأمور المضلة ، والمراد اتباع النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء به . { يٰوَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً } دعاء على نفسه بالويل والثبور على مخاللة الكافر الذي أضله في الدنيا ، وفلان كناية عن الأعلام . قال النيسابوري زعم بعض أئمة اللغة أنه لم يثبت استعمال فلان في الفصيح إلاّ حكاية ، لا يقال جاءني فلان . ولكن يقال قال زيد جاءني فلان ، لأنه اسم اللفظ الذي هو علم الاسم ، وكذلك جاء في كلام الله . وقيل فلان كناية عن علم ذكور من يعقل ، وفلانة عن علم إناثهم . وقيل كناية عن نكرة من يعقل من الذكور . وفلانة عمن يعقل من الإناث ، وأما الفلان والفلانة فكناية عن غير العقلاء ، وفل يختص بالنداء إلاّ في ضرورة كقول الشاعر @ في لجة أمسك فلاناً عن فل @@ وقوله @ حدّثاني عن فلان وفل @@ وليس فل مرخماً من فلان خلافاً للفراء . وزعم أبو حيان أن ابن عصفور وابن مالك وهما في جعل فلان كناية علم من يعقل . وقرأ الحسن " يا ويلتي " بالياء الصريحة ، وقرأ الدوري بالإمالة . قال أبو علي وترك الإمالة أحسن ، لأن أصل هذه اللفظة الياء ، فأبدلت الكسرة فتحة ، والياء التاء فراراً من الياء ، فمن أمال رجع إلى الذي فرّ منه . { لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ ٱلذّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِى } أي والله لقد أضلني هذا الذي اتخذته خليلاً عن القرآن ، أو عن الموعظة ، أو كلمة الشهادة ، أو مجموع ذلك . بعد إذ جاءني ، وتمكنت منه ، وقدرت عليه { وَكَانَ ٱلشَّيْطَـٰنُ لِلإِنْسَـٰنِ خَذُولاً } الخذل ترك الإغاثة ، ومنه خذلان إبليس للمشركين حيث يوالونه ، ثم يتركهم عند استغاثتهم به ، وهذه الجملة مقرّرة لمضمون ما قبلها ، ويحتمل أن تكون من كلام الله تعالى ، أو من تمام كلام الظالم ، وأنه سمى خليله شيطاناً بعد أن جعله مضلاً . أو أراد بالشيطان إبليس لكونه الذي حمله على مخاللة المضلين . { وَقَالَ ٱلرَّسُولُ يٰرَبّ إِنَّ قَوْمِي ٱتَّخَذُواْ هَـٰذَا ٱلْقُرْءاَنَ مَهْجُوراً } معطوف على { وَقَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا } ، والمعنى إنّ قومي اتخذوا هذا القرآن الذي جئت به إليهم ، وأمرتني بإبلاغه ، وأرسلتني به مهجوراً متروكاً لم يؤمنوا به ، ولا قبلوه بوجه من الوجوه . وقيل هو من هجر إذا هذى . والمعنى أنهم اتخذوه هجراً ، وهذياناً . وقيل معنى مَهْجُوراً مهجوراً فيه ، ثم حذف الجار ، وهجرهم فيه قولهم إنه سحر ، وشعر ، وأساطير الأوّلين ، وهذا القول يقوله الرسول صلى الله عليه وسلم يوم القيامة وقيل إنه حكاية لقوله في الدنيا { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيّ عَدُوّاً مّنَ ٱلْمُجْرِمِينَ } هذا تسلية من الله سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم ، والمعنى أن الله سبحانه جعل لكلّ نبيّ من الأنبياء الداعين إلى الله عدوًّا يعاديه من مجرمي قومه ، فلا تجزع يا محمد ، فإن هذا دأب الأنبياء قبلك ، واصبر كما صبروا { وَكَفَىٰ بِرَبّكَ هَادِياً وَنَصِيراً } قال المفسرون الباء زائدة أي كفى ربك ، وانتصاب { نصيراً } و { هادياً } على الحال ، أو التمييز أي يهدي عباده إلى مصالح الدين ، والدنيا ، وينصرهم على الأعداء . { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ نُزّلَ عَلَيْهِ ٱلْقُرْءانُ جُمْلَةً وٰحِدَةً } هذا من جملة اقتراحاتهم وتعنتاتهم أي هلا نزّل الله علينا هذا القرآن دفعة واحدة غير منجم . واختلف في قائل هذه المقالة فقيل كفار قريش ، وقيل اليهود ، قالوا هلا أتيتنا بالقرآن جملة واحدة كما أنزلت التوراة ، والإنجيل ، والزبور ؟ وهذا زعم باطل ، ودعوى داحضة ، فإن هذه الكتب نزلت مفرّقة كما نزل القرآن ، ولكنهم معاندون ، أو جاهلون لا يدرون بكيفية نزول كتب الله سبحانه على أنبيائه ، ثم ردّ الله سبحانه عليهم ، فقال { كَذَلِكَ لِنُثَبّتَ بِهِ فُؤَادَكَ } أي نزلنا القرآن كذلك مفرّقاً ، والكاف في محل نصب على أنها نعت مصدر محذوف ، وذلك إشارة إلى ما يفهم من كلامهم ، أي مثل ذلك التنزيل المفرّق الذي قدحوا فيه ، واقترحوا خلافه نزلناه لنقوّي بهذا التنزيل على هذه الصفة فؤادك ، فإن إنزاله مفرّقاً منجماً على حسب الحوادث أقرب إلى حفظك له ، وفهمك لمعانيه ، وذلك من أعظم أسباب التثبيت ، واللام متعلقة بالفعل المحذوف الذي قدّرناه . وقال أبو حاتم إن الأخفش قال إنها جواب قسم محذوف . قال وهذا قول مرجوح . وقرأ عبد الله " ليثبت " بالتحتية أي الله سبحانه ، وقيل إن هذه الكلمة أعني كذلك ، هي من تمام كلام المشركين ، والمعنى كذلك أي كالتوراة والإنجيل والزبور ، فيوقف على قوله { كَذٰلِكَ } ، ثم يبتدأ بقوله { لِنُثَبّتَ بِهِ فُؤَادَكَ } على معنى أنزلناه عليك متفرّقاً لهذا الغرض . قال ابن الأنباري وهذا أجود وأحسن . قال النحاس وكان ذلك أي إنزال القرآن منجماً من أعلام النبوّة لأنهم لا يسألونه عن شيء إلاّ أجيبوا عنه ، وهذا لا يكون إلاّ من نبيّ ، فكان ذلك تثبيتاً لفؤاده وأفئدتهم . { وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً } هذا معطوف على الفعل المقدّر أي كذلك نزلناه ورتلناه ترتيلاً ، ومعنى الترتيل أن يكون آية بعد آية ، قاله النخعي والحسن وقتادة . وقيل إن المعنى بيناه تبييناً ، حكى هذا عن ابن عباس . وقال مجاهد بعضه في إثر بعض . وقال السدّي فصلناه تفصيلاً . قال ابن الأعرابي ما أعلم الترتيل إلاّ التحقيق والتبيين . ثم ذكر سبحانه أنهم محجوجون في كلّ أوان مدفوع قولهم بكل وجه ، وعلى كل حالة ، فقال { وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَـٰكَ بِٱلْحَقّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً } أي لا يأتيك يا محمد المشركون بمثل من أمثالهم التي من جملتها اقتراحاتهم المتعنتة إلاّ جئناك في مقابلة مثلهم بالجواب الحق الثابت الذي يبطل ما جاءوا به من المثل ويدمغه ويدفعه . فالمراد بالمثل هنا السؤال والإقتراح ، و بالحق جوابه الذي يقطع ذريعته ، ويبطل شبهته ، ويحسم مادّته . ومعنى { أَحْسَنُ تَفْسِيراً } جئناك بأحسن تفسير ، فأحسن تفسيراً معطوف على الحق ، والاستثناء بقوله { إِلاَّ جِئْنَـٰكَ } مفرّغ ، والجملة في محل نصب على الحال أي لا يأتونك بمثل إلاّ في حال إيتائنا إياك ذلك . ثم أوعد هؤلاء الجهلة ، وذمهم ، فقال { ٱلَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ } أي يحشرون كائنين على وجوههم ، والموصول مبتدأ ، وخبره أولئك ، أو هو خبر مبتدأ محذوف أي هم الذين ، يجوز نصبه على الذمّ . ومعنى { يُحْشَرُونَ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ } يسحبون عليها إلى جهنم { أُوْلَـئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً } أي منزلاً ومصيراً { وَأَضَلُّ سَبِيلاً } ، وأخطأ طريقاً ، وذلك لأنهم قد صاروا في النار . وقد تقدّم تفسير مثل هذه الآية في سورة سبحان ، وقد قيل إن هذا متصل بقوله { أَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً } . وقد أخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم عن ابن عباس في قوله { وَيَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلسَّمَاء بِٱلْغَمَـٰمِ وَنُزّلَ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ تَنزِيلاً } قال يجمع الله الخلق يوم القيامة في صعيد واحد الجنّ والإنس والبهائم والسباع والطير وجميع الخلق ، فتنشقّ السماء الدنيا ، فينزل أهلها ، وهم أكثر ممن في الأرض من الجنّ والإنس وجميع الخلق ، فيحيطون بالجنّ والإنس وجميع الخلق ، فيقول أهل الأرض أفيكم ربنا ؟ فيقولون لا ، ثم تنشق السماء الثانية ، وذكر مثل ذلك ، ثم كذلك في كلّ سماء إلى السماء السابعة ، وفي كل سماء أكثر من السماء التي قبلها ، ثم ينزل ربنا في ظلل من الغمام وحوله الكروبيون ، وهم أكثر من أهل السماوات السبع والإنس والجنّ وجميع الخلق ، لهم قرون ككعوب القثاء ، وهم تحت العرش ، لهم زجل بالتسبيح والتهليل والتقديس لله تعالى ، ما بين إخمص قدم أحدهم إلى كعبه مسيرة خمسمائة عام ، ومن ركبته إلى فخذه مسيرة خمسمائة عام ، ومن فخذه إلى ترقوته مسيرة خمسمائة عام ، وما فوق ذلك مسيرة خمسمائة عام . وإسناده عند ابن جرير هكذا قال حدّثنا القاسم ، وحدّثنا الحسين ، حدّثني الحجاج بن مبارك بن فضالة عن عليّ بن زيد بن جدعان عن يوسف بن مهران أنه سمع ابن عباس ، فذكره . وأخرجه ابن أبي حاتم بإسناد هكذا قال حدّثنا محمد بن عمار بن الحارث مأمول ، حدّثنا حماد بن سلمة عن عليّ بن زيد به . وأخرج ابن مردويه ، وأبو نعيم في الدلائل بسندٍ ، قال السيوطي صحيح ، من طريق سعيد بن جبير ، عن ابن عباس أن أبا معيط كان يجلس مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة لا يؤذيه ، وكان رجلاً حليماً ، وكان بقية قريش إذا جلسوا معه آذوه ، وكان لأبي معيط خليل غائب عنه بالشام ، فقالت قريش صبأ أبو معيط ، وقدم خليله من الشام ليلاً ، فقال لامرأته ما فعل محمد مما كان عليه ؟ فقالت أشدّ ما كان أمراً ، فقال ما فعل خليلي أبو معيط ؟ فقالت صبأ ، فبات بليلة سوء ، فلما أصبح أتاه أبو معيط ، فحياه ، فلم يردّ عليه التحية ، فقال مالك لا تردّ عليّ تحيتي ؟ ، فقال كيف أردّ عليك تحيتك ، وقد صبوت ؟ قال أو قد فعلتها قريش ؟ قال نعم ، قال فما يبريء صدورهم إن أنا فعلته ؟ قال تأتيه في مجلسه فتبزق في وجهه ، وتشتمه بأخبث ما تعلم من الشتم ، ففعل فلم يردّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن مسح وجهه من البزاق ، ثم التفت إليه فقال " إن وجدتك خارجاً من جبال مكة أضرب عنقك صبراً " ، فلما كان يوم بدر ، وخرج أصحابه أبى أن يخرج ، فقال له أصحابه أخرج معنا ، قال وعدني هذا الرجل إن وجدني خارجاً من جبال مكة أن يضرب عنقي صبراً ، فقالوا لك جمل أحمر لا يدرك ، فلو كانت الهزيمة طرت عليه ، فخرج معهم ، فلما هزم الله المشركين ، وحمل به جمله في جدود من الأرض ، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم أسيراً في سبعين من قريش ، وقدم إليه أبو معيط ، فقال أتقتلني من بين هؤلاء ؟ قال " نعم بما بزقت في وجهي " ، فأنزل الله في أبي معيط { وَيَوْمَ يَعَضُّ ٱلظَّـٰلِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ } إلى قوله { وَكَانَ ٱلشَّيْطَـٰنُ لِلإِنْسَـٰنِ خَذُولاً } . وأخرج أبو نعيم هذه القصة من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ، وذكر أن خليل أبي معيط ، هو أبيّ بن خلف . وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس أيضاً في قوله { يَوْمٍ يَعَضُّ ٱلظَّـٰلِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ } قال أبيّ بن خلف وعقبه بن أبي معيط ، وهما الخليلان في جهنم . وأخرج ابن مردويه عنه أيضاً في قوله { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلّ نَبِيّ عَدُوّاً مّنَ ٱلْمُجْرِمِينَ } قال كان عدوّ النبيّ صلى الله عليه وسلم أبو جهل ، وعدوّ موسى قارون ، وكان قارون ابن عمّ موسى . وأخرج ابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، والضياء في المختارة عن ابن عباس قال قال المشركون لو كان محمد كما يزعم نبياً ، فلم يعذبه ربه ؟ ألا ينزل عليه القرآن جملة واحدة ينزل عليه الآية والآيتين ، والسورة والسورتين ، فأنزل الله على نبيه جواب ما قالوا { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ نُزّلَ عَلَيْهِ ٱلْقُرْءانُ جُمْلَةً وٰحِدَةً } إلى { وَأَضَلُّ سَبِيلاً } . وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس { لِنُثَبّتَ بِهِ فُؤَادَكَ } قال لنشدد به فؤادك ونربط على قلبك { وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً } قال رسلناه ترسيلاً ، يقول شيئاً بعد شيء { وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ } يقول لو أنزلنا عليك القرآن جملة واحدة ، ثم سألوك لم يكن عنده ما يجيب ، ولكنا نمسك عليك ، فإذا سألوك أجبت .