Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 25-32)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله { فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى ٱسْتِحْيَاء } في الكلام حذف يدل عليه السياق . قال الزجاج تقديره فذهبتا إلى أبيهما سريعتين ، وكانت عادتهما الإبطاء في السقي ، فحدّثتاه بما كان من الرجل الذي سقى لهما ، فأمر الكبرى من بنتيه ، وقيل الصغرى أن تدعوه له ، فجاءته . وذهب أكثر المفسرين إلى أنهما ابنتا شعيب ، وقيل هما ابنتا أخي شعيب ، وأن شعيباً كان قد مات . والأوّل أرجح ، وهو ظاهر القرآن . ومحلّ { تَمْشِي } النصب على الحال من فاعل جاءت ، { وَعَلَىٰ ٱسْتِحْيَاء } حال أخرى ، أي كائنة على استحياء حالتي المشي والمجيء فقط ، وجملة { قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ } مستأنفة جواب سؤال مقدر ، كأنه قيل ماذا قالت له لما جاءته ؟ { لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا } أي جزاء سقيك لنا { فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ ٱلْقَصَصَ } القصص مصدر سمي به المفعول أي المقصوص يعني أخبره بجميع ما اتفق له من عند قتله القبطيّ إلى عند وصوله إلى ماء مدين { قَالَ } شعيب { لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ } أي فرعون وأصحابه لأن فرعون لا سلطان له على مدين ، وللرازي في هذا الموضع إشكالات باردة جدًّا لا تستحق أن تذكر في تفسير كلام الله عزّ وجلّ ، والجواب عليها يظهر للمقصر فضلاً عن الكامل ، وأشفّ ما جاء به أن موسى كيف أجاب الدعوة المعللة بالجزاء لما فعله من السقي . ويجاب عنه بأنه اتبع سنة الله في إجابة دعوة نبيّ من أنبياء الله ، ولم تكن تلك الإجابة لأجل أخذ الأجر على هذا العمل ، ولهذا ورد أنه لما قدّم إليه الطعام قال إنا أهل بيت لا نبيع ديننا بملء الأرض ذهباً . { قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يٰأَبَتِ ٱسْتَـئجِرْهُ } القائلة هي التي جاءته ، أي استأجره ليرعى لنا الغنم ، وفيه دليل على أن الإجارة كانت عندهم مشروعة . وقد اتفق على جوازها ، ومشروعيتها جميع علماء الإسلام إلا الأصم فإنه عن سماع أدلتها أصمّ ، وجملة { إِنَّ خَيْرَ مَنِ ٱسْتَئـجَرْتَ ٱلْقَوِىُّ ٱلأَمِينُ } تعليل لما وقع منها من الإرشاد لأبيها إلى استئجار موسى ، أي إنه حقيق باستئجارك له لكونه جامعاً بين خصلتي القوّة والأمانة . وقد تقدّم في المرويّ عن ابن عباس ، وعمر أن أباها سألها عن وصفها له بالقوّة والأمانة فأجابته بما تقدّم قريباً { قَالَ إِنّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ٱبْنَتَيَّ هَاتَيْنِ } فيه مشروعية عرض وليّ المرأة لها على الرجل ، وهذه سنة ثابتة في الإسلام ، كما ثبت من عرض عمر لابنته حفصة على أبي بكر وعثمان ، والقصة معروفة ، وغير ذلك مما وقع في أيام الصحابة أيام النبوّة ، وكذلك ما وقع من عرض المرأة لنفسها على رسول الله صلى الله عليه وسلم . { عَلَىٰ أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ } أي على أن تكون أجيراً لي ثماني سنين . قال الفراء يقول على أن تجعل ثوابي أن ترعى غنمي ثماني سنين ، ومحل { عَلَىٰ أَن تَأْجُرَنِي } النصب على الحال ، وهو مضارع أجرته ، ومفعوله الثاني محذوف ، أي نفسك و { ثَمَانِيَ حِجَجٍ } ظرف . قال المبرد يقال أجرت داري ومملوكي غير ممدود وممدوداً ، والأوّل أكثر { فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ } أي إن أتممت ما استأجرتك عليه من الرعي عشر سنين فمن عندك ، أي تفضلاً منك لا إلزاماً مني لك ، جعل ما زاد على الثمانية الأعوام إلى تمام عشرة أعوام ، موكولاً إلى المروءة . ومحل { فَمِنْ عِندِكَ } الرفع على تقدير مبتدأ ، أي فهي من عندك { وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ } بإلزامك إتمام العشرة الأعوام ، واشتقاق المشقة من الشقّ ، أي شق ظنه نصفين ، فتارة يقول أطيق ، وتارة يقول لا أطيق . ثم رغبه في قبول الإجارة فقال { سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّـٰلِحِينَ } في حسن الصحبة والوفاء . وقيل أراد الصلاح على العموم ، فيدخل صلاح المعاملة في تلك الإجارة تحت الآية دخولاً أولياً ، وقيد ذلك بالمشيئة تفويضاً للأمر إلى توفيق الله ومعونته . ثم لما فرغ شعيب من كلامه قرره موسى فقال { ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ } واسم الإشارة مبتدأ ، وخبره ما بعده ، والإشارة إلى ما تعاقدا عليه ، وجملة { أَيَّمَا ٱلأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ } شرطية ، وجوابها { فَلاَ عُدْوَانَ عَلَيَّ } ، والمراد بالأجلين الثمانية الأعوام والعشرة الأعوام ، ومعنى { قضيَت } وفيت به ، وأتممته ، والأجلين مخفوض بإضافة أيّ إليه ، وما زائدة . وقال ابن كيسان « ما » في موضع خفض بإضافة أيّ إليها ، والأجلين بدل منها ، وقرأ الحسن " أيما " بسكون الياء ، وقرأ ابن مسعود " أيّ الأجلين ما قضيت " ومعنى { فَلاَ عُدْوَانَ عَلَيَّ } فلا ظلم عليّ بطلب الزيادة على ما قضيته من الأجلين ، أي كما لا أطالب بالزيادة على الثمانية الأعوام لا أطالب بالنقصان على العشرة . وقيل المعنى كما لا أطالب بالزيادة على العشرة الأعوام لا أطالب بالزيادة على الثمانية الأعوام ، وهذا أظهر . وأصل العدوان تجاوز الحد في غير ما يجب . قال المبرد وقد علم موسى أنه لا عدوان عليه إذا أتمهما ، ولكنه جمعهما ليجعل الأوّل كالأتمّ في الوفاء . قرأ الجمهور { عدوان } بضم العين . وقرأ أبو حيوة بكسرها . { وَٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ } أي على ما نقول من هذه الشروط الجارية بيننا شاهد وحفيظ ، فلا سبيل لأحدنا إلى الخروج عن شيء من ذلك . قيل هو من قول موسى . وقيل من قول شعيب ، والأوّل أولى لوقوعه في جملة كلام موسى . { فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى ٱلأَجَلَ } هو أكملهما ، وأوفاهما ، وهو العشرة الأعوام ، كما سيأتي آخر البحث ، والفاء فصيحة { وَسَارَ بِأَهْلِهِ } إلى مصر ، وفيه دليل على أن الرجل يذهب بأهله حيث شاء { آنَسَ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ نَاراً قَالَ } أي أبصر من الجهة التي تلي الطور ناراً ، وقد تقدّم تفسير هذا في سورة طه مستوفًى . { قَالَ لأَهْلِهِ ٱمْكُثُواْ إِنّي ءَانَسْتُ نَاراً لَّعَلِي ءَاتِيكُمْ مّنْهَا بِخَبَرٍ } وهذا تقدّم تفسيره أيضاً في سورة طه ، وفي سورة النمل . { أَوْ جَذْوَةٍ } قرأ الجمهور بكسر الجيم ، وقرأ حمزة ويحيـى بن وثاب بضمها ، وقرأ عاصم ، والسلمي ، وذرّ بن حبيش بفتحها . قال الجوهري الجِذوة والجُذوة والجَذوة الجمرة ، والجمع جِذَى وجُذى وجَذى . قال مجاهد في الآية أن الجذوة قطعة من الجمر في لغة جميع العرب . وقال أبو عبيدة هي القطعة الغليظة من الخشب كأن في طرفها ناراً ، ولم يكن ، ومما يؤيد أن الجذوة الجمرة قول السلمي @ وبدلت بعد المسك والبان شقوة دخان الجذا في رأس أشمط شاحب @@ { لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ } أي تستدفئون بالنار { فَلَمَّا أَتَـٰهَا } أي أتى النار التي أبصرها ، وقيل أتى الشجرة ، والأوّل أولى لعدم تقدّم الذكر للشجرة { نُودِيَ مِن شَاطِيء ٱلْوَادِ ٱلأَيْمَـنَ } " من " لابتداء الغاية ، و { الأيمن } صفة للشاطىء ، وهو من اليمن وهو البركة ، أو من جهة اليمين المقابل لليسار بالنسبة إلى موسى ، أي الذي يلي يمينه دون يساره ، وشاطىء الوادي طرفه . وكذا شطه . قال الراغب وجمع الشاطىء أشطاء ، وقوله { فِي ٱلْبُقْعَةِ ٱلْمُبَارَكَةِ } متعلق بـ { نودي } أو بمحذوف على أنه حال من الشاطىء ، و { مِنَ ٱلشَّجَرَةِ } بدل اشتمال من شاطىء الواد لأن الشجرة كانت نابتة على الشاطىء . وقال الجوهري يقول شاطىء الأودية ولا يجمع . قرأ الجمهور { في البقعة } بضم الباء ، وقرأ أبو سلمة والأشهب العقيلي بفتحها ، وهي لغة حكاها أبو زيد { أَن يامُوسَىٰ إِنّي أَنَا ٱللَّهُ } " أن " هي المفسرة ، ويجوز أن تكون هي المخففة من الثقيلة ، واسمها ضمير الشأن ، وجملة النداء مفسرة له ، والأوّل أولى . قرأ الجمهور بكسر همزة { إني } على إضمار القول أو على تضمين النداء معناه . وقرىء بالفتح ، وهي قراءة ضعيفة . وقوله { وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ } معطوف على { أَن يامُوسَىٰ } وقد تقدّم تفسير هذا وما بعده في طه والنمل ، وفي الكلام حذف ، والتقدير فألقاها فصارت ثعباناً فاهتزت { فَلَمَّا رَءَاهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ } في سرعة حركتها مع عظم جسمها { وَلَّىٰ مُدْبِراً } أي منهزماً ، وانتصاب { مدبراً } على الحال وقوله { وَلَمْ يُعَقّبْ } في محل نصب أيضاً على الحال أي لم يرجع { يٰمُوسَىٰ أَقْبِلْ وَلاَ تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ ٱلآمِنِينَ } قد تقدّم تفسير جميع ما ذكر هنا مستوفى فلا نعيده ، وكذلك قوله { ٱسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوء وَٱضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ } جناح الإنسان عضده ، ويقال لليد كلها جناح ، أي اضمم إليك يديك المبسوطتين لتتقي بهما الحية كالخائف الفزع ، وقد عبر عن هذا المعنى بثلاث عبارات الأولى { اسلك يدك في جيبك } . والثانية { واضمم إليك جناحك } . والثالثة { وأدخل يدك في جيبك } . ويجوز أن يراد بالضم التجلد والثبات عند انقلاب العصا ثعباناً . ومعنى { مِنَ ٱلرَّهْبِ } من أجل الرهب ، وهو الخوف . قرأ الجمهور " الرهب " بفتح الراء والهاء ، واختار هذه القراءة أبو عبيد ، وأبو حاتم وقرأ حفص والسلمي وعيسى بن عمر وابن أبي إسحاق بفتح الراء وإسكان الهاء . وقرأ ابن عامر والكوفيون إلاّ حفصاً بضم الراء وإسكان الهاء . وقال الفراء أراد بالجناح عصاه ، وقال بعض أهل المعاني الرهب الكمّ بلغة حمير وبني حنيفة . قال الأصمعي سمعت أعرابياً يقول لآخر أعطني ما في رهبك ، فسألته عن الرهب ، فقال الكم . فعلى هذا يكون اضمم إليك يدك وأخرجها من الكمّ { فَذَانِكَ } إشارة إلى العصا واليد { بُرْهَانَـٰنِ مِن رَّبّكَ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلإِيْهِ } أي حجتان نيرتان ودليلان واضحان ، قرأ الجمهور { فذانك } بتخفيف النون ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بتشديدها ، قيل والتشديد لغة قريش . وقرأ ابن مسعود وعيسى بن عمر وشبل وأبو نوفل بياء تحتية بعد نون مكسورة ، والياء بدل من إحدى النونين ، وهي لغة هذيل ، وقيل لغة تميم ، وقوله { مِن رَبّكَ } متعلق بمحذوف ، أي كائنان منه ، وكذلك قوله { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلإِيْهِ } متعلق بمحذوف ، أي مرسلان ، أو واصلان إليهم { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَـٰسِقِينَ } متجاوزين الحدّ في الظلم ، خارجين عن الطاعة أبلغ خروج ، والجملة تعليل لما قبلها . وقد أخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن أبي الهذيل عن عمر بن الخطاب في قوله { تَمْشِي عَلَى ٱسْتِحْيَاء } قال جاءت مستترة بكمّ درعها على وجهها . وأخرجه ابن المنذر عن أبي الهذيل موقوفاً عليه . وأخرج ابن عساكر عن أبي حازم قال لما دخل موسى على شعيب إذا هو بالعشاء ، فقال له شعيب كل ، قال موسى أعوذ بالله ، قال ولم ؟ ألست بجائع ؟ قال بلى ، ولكن أخاف أن يكون هذا عوضاً عما سقيت لهما ، وأنا من أهل بيت لا نبيع شيئاً من عمل الآخرة بملء الأرض ذهباً ، قال لا والله ، ولكنها عادتي وعادة آبائي ، نقري الضيف ونطعم الطعام ، فجلس موسى فأكل . وأخرج ابن أبي حاتم عن مالك بن أنس أنه بلغه أن شعيباً هو الذي قصّ عليه القصص . وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود قال كان صاحب موسى أثرون ابن أخي شعيب النبي . وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال الذي استأجر موسى يثربي صاحب مدين . وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عنه قال كان اسم ختن موسى يثربي . وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن قال يقول أناس إنه شعيب ، وليس بشعيب ، ولكنه سيد الماء يومئذٍ . وأخرج ابن ماجه والبزار وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن عتبة بن المنذر السلمي قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقرأ سورة { طسۤمۤ } حتى إذا بلغ قصة موسى قال " إن موسى أجر نفسه ثماني سنين أو عشراً على عفة فرجه وطعام بطنه ، فلما وفى الأجل " قيل يا رسول الله ، أيّ الأجلين قضى موسى ؟ قال " أبرّهما وأوفاهما ، فلما أراد فراق شعيب أمر امرأته أن تسأل أباها أن يعطيها من غنمه ما يعيشون به ، فأعطاها ما ولدت غنمه " الحديث بطوله . وفي إسناده مسلمة بن علي الحسني الدمشقي البلاطي ضعفه الأئمة . وقد روي من وجه آخر ، وفيه نظر . وإسناده عند ابن أبي حاتم هكذا حدثنا أبو زرعة عن يحيـى بن عبد الله بن بكير ، حدّثني ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد الحضرمي عن علي بن رباح اللخمي قال سمعت عتبة ابن المنذر السلمي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره . وابن لهيعة ضعيف ، وينظر في بقية رجال السند . وأخرج ابن جرير عن أنس طرفاً منه موقوفاً عليه . وأخرج سعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة في المصنف ، وعبد بن حميد والبخاري وابن المنذر وابن مردويه من طرق عن ابن عباس أنه سئل أيّ الأجلين قضى موسى ؟ فقال قضى أكثرهما وأطيبهما ، إن رسول الله إذا قال فعل . وأخرج البزار وأبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه عنه نحوه ، وقوله " إن رسول الله إذا قال فعل " فيه نظر فإن موسى لم يقل إنه سيقضي أكثر الأجلين بل قال { أيما الأجلين قضيت فلا عدوان عليّ } . وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن موسىٰ قضى أتمّ الأجلين من طرق . وأخرج الخطيب في تاريخه عن أبي ذرّ قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا سئلت أي الأجلين قضى موسى ؟ فقل خيرهما وأبرهما ، وإن سئلت أيّ المرأتين تزوّج ؟ فقل الصغرى منهما ، وهي التي جاءت فقالت { يا أبت استأجره } " وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قال لي جبريل يا محمد إن سألك اليهود أيّ الأجلين قضى موسى ؟ فقل أوفاهما ، وإن سألوك أيهما تزوّج ؟ فقل الصغرى منهما " وأخرج البزار وابن أبن حاتم ، والطبراني في الأوسط ، وابن مردويه . قال السيوطي بسندٍ ضعيف ، عن أبي ذرّ أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أيّ الأجلين قضى موسى ؟ قال " أبرّهما وأوفاهما " ، قال " وإن سئلت أيّ المرأتين تزوّج ؟ فقل الصغرى منهما " قال البزار لا نعلم يروي عن أبي ذر إلاّ بهذا الإسناد ، وقد رواه ابن أبي حاتم من حديث عويد بن أبي عمران ، وهو ضعيف . وأما روايات أنه قضى أتمّ الأجلين فلها طرق يقوّي بعضها بعضاً . وأخرج ابن أبي حاتم من طريق السدّي قال قال ابن عباس لما قضى موسى الأجل سار بأهله ، فضلّ الطريق ، وكان في الشتاء فرفعت له نار ، فلما رآها ظنّ أنها نار ، وكانت من نور الله { فَقَالَ لأَهْلِهِ ٱمْكُثُواْ إِنّي ءَانَسْتُ نَاراً لَّعَلّي آتِيكُمْ مّنْهَا بِخَبَرٍ } فإن لم أجد خبراً آتيكم بشهاب قبس { لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ } من البرد . وأخرج ابن أبي حاتم عنه { لَّعَلِّيۤ آتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ } لعلي أجد من يدلني على الطريق ، وكانوا قد ضلوا الطريق . وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله { أَوْ جَذْوَةٍ } قال شهاب . وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله { نُودِيَ مِن شَاطِىء ٱلْوَادِ } قال كان النداء من السماء الدنيا ، وظاهر القرآن يخالف ما قاله رضي الله عنه . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه عن عبد الله بن مسعود قال ذكرت لي الشجرة التي أوى إليها موسى ، فسرت إليها يومي وليلتي حتى صبحتها ، فإذا هي سمرة خضراء ترف ، فصليت على النبي صلى الله عليه وسلم وسلمت ، فأهوى إليها بعيري وهو جائع ، فأخذ منها ملء فيه فلاكه فلم يستطع أن يسيغه ، فلفظه ، فصليت على النبيّ وسلمت ، ثم انصرفت . وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله { وَٱضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ } قال يدك .