Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 154-155)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الأمنة ، والأمن سواء ، وقيل الأمنة إنما تكون مع أسباب الخوف ، والأمن مع عدمه ، وهي منصوبة بأنزل . و { نعاساً } بدل منها ، أو عطف بيان ، أو مفعول له ، وأما ما قيل من أن { أمنة } حال من { نعاساً } مقدّمة عليه ، أو حال من المخاطبين ، أو مفعول له ، فبعيد . وقرأ ابن محيصن « أمنه » بسكون الميم . قوله { يَغْشَىٰ } قريء بالتحتية على أن الضمير للنعاس ، وبالفوقية على أن الضمير لأمنة ، والطائفة تطلق على الواحد ، والجماعة ، والطائفة الأولى هم المؤمنون الذين خرجوا للقتال طلباً للأجر ، والطائفة الأخرى هم مُعَتِّب بن قشير ، وأصحابه ، وكانوا خرجوا طمعاً في الغنيمة ، وجعلوا يناشدون على الحضور ، ويقولون الأقاويل . ومعنى { أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ } حملتهم على الهمّ ، أهمني الأمر أقلقني ، والواو في قوله { وَطَائِفَةٌ } للحال ، وجاز الابتداء بالنكرة لاعتمادها على واو الحال ، وقيل إن معنى { أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ } صارت همهم لا همّ لهم غيرها . { يَظُنُّونَ بِٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقّ } هذه الجملة في محل نصب على الحال ، أي يظنون بالله غير الحق الذي يجب أن يظن به ، وظنّ الجاهلية بدل منه . وهو الظنّ المختص بملة الجاهلية ، أو ظن أهل الجاهلية ، وهو ظنهم أن أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم باطل ، وأنه لا ينصر ، ولا يتمّ ما دعا إليه من دين الحق . وقوله { يَقُولُونَ } بدل من « يظنون » ، أي يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم { هَل لَّنَا مِنَ ٱلأمْرِ مِن شَىْء } أي هل لنا من أمر الله نصيب ، وهذا الاستفهام معناه الجحد ، أي ما لنا شيء من الأمر . وهو النصر والاستظهار على العدوّ ، وقيل هو الخروج ، أي إنما خرجنا مكرهين ، فردّ الله سبحانه ذلك عليهم بقوله { قُلْ إِنَّ ٱلأمْرَ كُلَّهُ للَّهِ } وليس لكم ، ولا لعدوّكم منه شيء ، فالنصر بيده ، والظفر منه . وقوله { يُخْفُونَ فِى أَنْفُسِهِم } أي يضمرون في أنفسهم النفاق ، ولا يبدون لك ذلك ، بل يسألونك سؤال المسترشدين . وقوله { يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ ٱلأمْرِ شَىْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَـٰهُنَا } استئناف ، كأنه قيل ما هو الأمر الذي يخفون في أنفسهم ؟ فقيل يقولون فيما بينهم ، أو في أنفسهم { لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ ٱلأمْرِ شَىْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَـٰهُنَا } أي ما قتل من قتل منا في هذه المعركة ، فردّ الله سبحانه ذلك عليهم بقوله { قُل لَّوْ كُنتُمْ فِى بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ ٱلَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ ٱلْقَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ } أي لو كنتم قاعدين في بيوتكم لم يكن بدّ من خروج من كتب عليه القتل إلى هذه المصارع التي صرعوا فيها ، فإن قضاء الله لا يردّ . وقوله { وَلِيَبْتَلِىَ ٱللَّهُ مَا فِى صُدُورِكُمْ } علة لفعل مقدر قبلها معطوفة على علل له أخرى مطوية للإيذان بكثرتها ، كأنه قيل فعل ما فعل لمصالح جمة { وَلِيَبْتَلِىَ } الخ ، وقيل إنه معطوف على علة مطوية لبرز ، والمعنى ليمتحن ما في صدوركم من الإخلاص ، وليمحص ما في قلوبكم من وساوس الشيطان . قوله { إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ } أي انهزموا يوم أحد ، وقيل المعنى إن الذين تولوا المشركين يوم أحد { إِنَّمَا ٱسْتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ } استدعى زللهم بسبب بعض ما كسبوا من الذنوب التي منها مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم { وَلَقَدْ عَفَا ٱللَّهُ عَنْهُمْ } لتوبتهم ، واعتذارهم . وقد أخرج ابن جرير ، عن ابن عباس في الآية قال أمنهم الله يومئذ بنعاس غشاهم ، وإنما ينعس من يأمن . وقد ثبت في صحيح البخاري ، وغيره أن أبا طلحة قال غشينا ، ونحن في مصافنا يوم أحد ، فجعل سيفي يسقط من يدي وآخذه ، ويسقط وآخذه ، فذلك قوله { ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مّن بَعْدِ ٱلْغَمّ أَمَنَةً نُّعَاساً … } الآية . وأخرج الترمذي وصححه ، وابن جرير ، وأبو الشيخ ، والبيهقي في الدلائل ، عن الزبير بن العوّام قال رفعت رأسي يوم أحد ، فجعلت انظر ، وما منهم من أحد إلا وهو يميل تحت جحفته من النعاس ، وتلا هذه الآية . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، عن ابن جريج قال إن المنافقين قالوا لعبد الله بن أبيّ ، وكان سيد المنافقين قتل اليوم بنو الخزرج ، فقال وهل لنا من الأمر شيء ؟ أما ، والله لئن رجعنا إلى المدينة ، ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ . وأخرج ابن جرير ، عن قتادة والربيع في قوله { ظَنَّ ٱلْجَـٰهِلِيَّةِ } قال ظنّ أهل الشرك . وأخرج ابن إسحاق ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس قال معتب هو الذي قال يوم أحد لو كان لنا من الأمر شيء . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن الحسن أن الذي قال ذلك عبد الله بن أبيّ . وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن عبد الرحمن بن عوف في قوله { إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ } قال هم ثلاثة واحد من المهاجرين ، واثنان من الأنصار . وأخرج ابن منده ، وابن عساكر ، عن ابن عباس في الآية قال نزلت في عثمان ورافع بن المعلى ، وخارجة بن زيد . وقد روى في تعيين « من » في الآية روايات كثيرة .