Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 26-27)

Tafsir: Fatḥ al-qadīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله { قُلِ ٱللَّهُمَّ } . قال الخليل ، وسيبويه ، وجميع البصرين إن أصل اللهم يا الله ، فلما استعلمت الكلمة دون حرف النداء الذي هو « يا » جعلوا بدله هذه الميم المشددة ، فجاءوا بحرفين ، وهما الميمان عوضاً من حرفين ، وهما الياء والألف ، والضمة في الهاء هي ضمة الاسم المنادي المفرد . وذهب الفراء ، والكوفيون إلى أن الأصل في اللهم يا ألله أمنا بخير ، فحذف ، وخلط الكلمتان ، والضمة التي في الهاء هي الضمة التي كانت في أمنا لما حذفت الهمزة انتقلت الحركة . قال النحاس هذا عند البصريين من الخطأ العظيم ، والقول في هذا ما قاله الخليل ، وسيبويه ، قال الكوفين ، وقد يدخل حرف النداء على اللهم ، وأنشدوا في ذلك قول الراجز @ غفرت أو عذبت يا اللهما @@ وقول الآخر @ وَمَا عَلَيْكِ أنْ تَقُولي كُلَّمَا سَبَّحتِ أوْ هللتَ يَاللَّهُمـا @@ وقول الآخر @ إني إذَا مَـا حَدَث ألَمَّـا أقَولُ يَاللَّهُـم ياللهـما @@ قالوا ولو كان الميم عوضاً من حرف النداء لما اجتمعتا . قال الزجاج وهذا شاذ لا يعرف قائله . قال النضر بن شميل من قال اللهم ، فقد دعا الله بجميع أسمائه . قوله { مَـٰلِكَ ٱلْمُلْكِ } أي مالك جنس الملك على الإطلاق ، ومالك منصوب عند سيبويه على أنه نداء ثان ، أي يا مالك الملك ، ولا يجوز عنده أن يكون ، وصفاً لقوله { ٱللَّهُمَّ } لأن الميم عنده تمنع الوصفية . وقال محمد بن يزيد المبرد ، وإبراهيم بن السري الزجاج إنه صفة لاسم الله تعالى ، وكذلك قوله تعالى { قُلِ ٱللَّهُمَّ فَاطِرَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلاْرْضَ } الزمر 46 . قال أبو علي الفارسي وهو مذهب المبرد ، وما قاله سيبويه أصوب ، وأبين ، وذلك لأنه اسم مفرد ضم إليه صوت ، والأصوات لا توصف نحو غاق ، وما أشبهه . قال الزجاج والمعنى مالك العباد ، وما ملكوا . وقيل المعنى مالك الدنيا ، والآخرة ، وقيل الملك هنا النبوة ، وقيل الغلبة ، وقيل المال والعبيد ، والظاهر شموله لما يصدق عليه اسم الملك من غير تخصيص { تُؤْتِى ٱلْمُلْكَ مَن تَشَاء } أي من تشاء إيتاءه إياه { وَتَنزِعُ ٱلْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء } نزعه منه . والمراد بما يؤتيه من الملك ، وينزعه هو نوع من أنواع ذلك الملك العام . قوله { وَتُعِزُّ مَن تَشَاء } أي في الدنيا ، أو في الآخرة ، أو فيهما ، يقال عزّ إذا غلب ، ومنه { وَعَزَّنِى فِى ٱلْخِطَابِ } صۤ 23 . وقوله { وَتُذِلُّ مَن تَشَاء } أي في الدنيا ، أو في الآخرة ، أو فيهما ، يقال ذلّ يذلّ ذلاً إذا غلب وقهر . وقوله { بِيَدِكَ ٱلْخَيْرُ } تقديم الخبر للتخصيص ، أي بيدك الخير لا بيد غيرك ، وذكر الخير دون الشرّ لأن الخير بفضل محض بخلاف الشرّ ، فإنه يكون جزاء لعمل وصل إليه . وقيل لأن كلّ شرّ من حيث كونه من قضائه سبحانه هو متضمن للخير ، فأفعاله كلها خير ، وقيل إنه حذف ، كما حذف في قوله { سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ ٱلْحَرَّ } النحل 81 وأصله بيدك الخير والشرّ ، وقيل خص الخير لأن المقام مقام دعاء . قوله { إِنَّكَ عَلَىٰ كُلّ شَىْء قَدِيرٌ } تعليل لما سبق ، وتحقيق له . قوله { تُولِجُ ٱلَّيْلَ فِى ٱلْنَّهَارِ وَتُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِى ٱلَّيْلِ } أي تدخل ما نقص من أحدهما في الآخر ، وقيل المعنى تعاقب بينهما ، ويكون زوال أحدهما ، ولوجاً في الآخر . قوله { وَتُخْرِجُ ٱلْحَىَّ مِنَ ٱلْمَيّتِ وَتُخْرِجُ ٱلَمَيّتَ مِنَ ٱلْحَىِّ } قيل المراد إخراج الحيوان ، وهو حيّ من النطفة ، وهي ميتة ، وإخراج النطفة ، وهي ميتة من الحيوان ، وهو حيّ ، وقيل المراد إخراج الطائر ، وهو حي من البيضة ، وهي ميتة ، وإخراج البيضة ، وهي ميتة من الدجاجة ، وهي حية ، وقيل المراد إخراج المؤمن من الكافر ، والكافر من المؤمن . قوله { بِغَيْرِ حِسَابٍ } أي بغير تضييق ، ولا تقتير ، كما تقول فلان يعطي بغير حساب ، والباء متعلقة بمحذوف وقع حالاً . وقد أخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن قتادة قال ذكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم سأل ربه أن يجعل ملك فارس ، والروم في أمته ، فنزلت الآية . وأخرج الطبراني ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس قال اسم الله الأعظم { قُلِ ٱللَّهُمَّ مَـٰلِكَ ٱلْمُلْكِ } إلى قوله { بِغَيْرِ حِسَابٍ } وأخرج ابن أبي الدنيا ، والطبراني ، عن معاذ « أنه شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ديناً عليه ، فعلمه أن يتلو هذه الآية ، ثم يقول " رحمن الدنيا ، والآخرة ، ورحيمهما ، تعطي من تشاء منهما ، وتمنع من تشاء ، ارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك ، اللهم أغنني من الفقر ، واقض عني الدين " وأخرج الطبراني في الصغير من حديث أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ " ألا أعلمك دعاء تدعو به لو كان عليك مثل جبل أحد دينا لأداه الله عنك " فذكره ، وإسناده جيد ، وقد تقدم عند تفسير قوله تعالى { شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } آل عمران 18 بعض فضائل هذه الآية . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله { تُؤْتِى ٱلْمُلْكَ مَن تَشَاء } قال النبوة . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن ابن مسعود في قوله { تُولِجُ ٱلَّيْلَ فِى ٱلْنَّهَارِ } الآية ، قال تأخذ الصيف من الشتاء ، وتأخذ الشتاء من الصيف { وَتُخْرِجُ ٱلْحَىَّ مِنَ ٱلْمَيّتِ } تخرج الرجل الحيّ من النطفة الميتة { وَتُخْرِجُ ٱلَمَيّتَ مِنَ ٱلْحَىِّ } تخرج النطفة الميتة من الرجل الحيّ . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس { تُولِجُ ٱلَّيْلَ فِى ٱلْنَّهَارِ } قال ما نقص من النهار تجعله في الليل ، وما نقص من الليل تجعله في النهار . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن السدي نحوه . وأخرج عبد بن حميد ، عن مجاهد ، نحوه . وأخرج عبد بن حميد ، عن الضحاك ، نحوه أيضاً . وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس { تُخْرِجُ ٱلْحَىَّ مِنَ ٱلْمَيّتِ } قال تخرج النطفة الميتة من الحي ، ثم تخرج من النطفة بشراً حياً . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد نحوه . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن عكرمة { تُخْرِجُ ٱلْحَىَّ مِنَ ٱلْمَيّتِ } قال هي البيضة تخرج من الحيّ ، وهي ميتة ، ثم يخرج منها الحيّ . وأخرج ابن جرير عنه قال النخلة من النواة ، والنواة من النخلة ، والحبة من السنبلة ، والسنبلة من الحبة . وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن أبي مالك مثله . وأخرج ابن جرير ، وأبو الشيخ ، عن الحسن قال المؤمن من الكافر ، والكافر من المؤمن . والمؤمن عبد حيّ الفؤاد ، والكافر عبد ميت الفؤاد . وأخرج سعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي ، عن سلمان الفارسي ، نحوه . وأخرج ابن مردويه ، عنه مرفوعاً نحوه ، وأخرجه أيضاً عنه ، أو عن ابن مسعود ، مرفوعاً . وأخرج عبد الرزاق ، وابن سعد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، عن عبيد الله بن عبد الله « أن خالدة بنت الأسود بن عبد يغوث دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال " من هذه ؟ " قيل خالدة بنت الأسود ، قال " سبحان الذي يخرج الحيّ من الميت " وكانت امرأة صالحة ، وكان أبوها كافراً . وأخرج ابن سعد ، عن عائشة مثله .