Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 31-34)

Tafsir: Fatḥ al-qadīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الحب والمحبة ميل النفس إلى الشيء ، يقال أحبه ، فهو محبّ ، وحبه يحبه بالكسر ، فهو محبوب . قال الجوهري وهذا شاذ لأنه لا يأتي في المضاعف يفعل بالكسر . قال ابن الدهان في حبّ لغتان حبّ وأحبّ ، وأصل حبّ في هذا الباب حبب كطرق ، وقد فسرت المحبة لله سبحانه بإرادة طاعته . قال الأزهري محبة العبد لله ورسوله طاعته لهما ، واتباعه أمرهما ، ومحبة الله للعباد إنعامه عليهم بالغفران . وقرأ أبو رجاء العطاردي « فاتبعوني » بفتح الباء . وروي عن أبي عمرو بن العلاء أنه أدغم الراء من يغفر في اللام . قال النحاس لا يجيز الخليل ، وسيبويه إدغام الراء في اللام ، وأبو عمرو أجلّ من أن يغلط في هذا ، ولعله كان يخفي الحركة ، كما يفعل في أشياء كثيرة . قوله { قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ } حذف المتعلق مشعر بالتعميم ، أي في جميع الأوامر ، والنواهي . قوله { فَإِن تَوَلَّوْاْ } يحتمل أن يكون من تمام مقول القول ، فيكون مضارعاً حذفت فيه إحدى التاءين ، أي تتولوا ، ويحتمل أن يكون من كلام الله تعالى ، فيكون ماضياً . وقوله { فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْكَـٰفِرِينَ } نفي المحبة كناية عن البغض ، والسخط . ووجه الإظهار في قوله { فَإِنَّ ٱللَّهَ } مع كون المقام مقام إضمار لقصد التعظيم ، أو التعميم . قوله { إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَى آدَمَ } الخ لما فرغ سبحانه من بيان أن الدين المرضي هو الإسلام ، وأن محمداً صلى الله عليه وسلم ، هو الرسول الذي لا يصح لأحد أن يحب الله إلا باتباعه ، وأن اختلاف أهل الكتابين فيه إنما هو لمجرد البغي عليه ، والحسد له - شرع في تقرير رسالة النبي صلى الله عليه وسلم ، وبين أنه من أهل بيت النبوة ، ومعدن الرسالة . والاصطفاء الاختيار . قال الزجاج اختارهم بالنبوة على عالمي زمانهم ، وقيل إن الكلام على تقدير مضاف ، أي اصطفى دين آدم الخ ، وقد تقدم الكلام على تفسير العالمين ، وتخصيص آدم بالذكر لأنه أبو البشر ، وكذلك نوح ، فإنه آدم الثاني ، وأما آل إبراهيم ، فلكون النبي صلى الله عليه وسلم منهم مع كثرة الأنبياء منهم . وأما آل عمران فهم وإن كانوا من آل إبراهيم ، فلما كان عيسى عليه السلام منهم كان لتخصيصهم بالذكر وجه . وقيل المراد بآل إبراهيم إبراهيم نفسه ، وبآل عمران عمران نفسه . قوله { ذُرّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ } نصب ذرية على البدلية مما قبله قاله الزجاج ، أو على الحالية قاله الأخفش . وقد تقدم تفسير الذرية ، و { بعضها من بعض } في محل نصب على صفة الذرية ، ومعناه متناسلة متشعبة ، أو متناصرة متعاضدة في الدين . وقد أخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن الحسن من طرق قال قال أقوام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والله يا محمد إنا لنحبّ ربنا ، فأنزل الله { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ } الآية . وأخرج الحكيم الترمذي عن يحيـى بن كثير نحوه . وأخرج أيضاً ابن جرير ، وابن المنذر ، عن ابن جريج ، نحوه . وأخرج ابن جرير ، عن محمد بن جعفر بن الزبير في قوله { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ } أي إن كان هذا من قولكم في عيسى حباً لله ، وتعظيماً له { فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } أي ما مضى من كفركم { وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن أبي الدرداء في قوله { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ } قال على البرّ ، والتقوى ، والتواضع ، وذلة النفس . وأخرجه أيضاً الحكيم الترمذي ، وأبو نعيم ، والديلمي ، وابن عساكر عنه . أخرج ابن عساكر ، مثله عن عائشة . وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو نعيم في الحلية ، والحاكم ، عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الشرك أخفى من دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء ، وأدناه أن يحبّ على شيء من الجور ، ويبغض على شيء من العدل ، وهل الدين إلا الحبّ ، والبغض في الله " قال الله تعالى { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ } الآية . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله { وآل إبراهيم وآل عمران } قال هم المؤمنون من آل إبراهيم ، وآل عمران ، وآل ياسين ، وآل محمد . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن قتادة في قوله { ذُرّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ } قال في النية ، والعمل ، والإخلاص ، والتوحيد .