Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 38-44)

Tafsir: Fatḥ al-qadīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله { هُنَالِكَ } ظرف يستعمل للزمان والمكان ، وأصله للمكان ، وقيل إنه للزمان خاصة ، وهناك للمكان ، وقيل يجوز استعمال كل واحد منهما مكان الآخر ، واللام للدلالة على البعد ، والكاف للخطاب . والمعنى أنه دعا في ذلك المكان الذي هو قائم فيه عند مريم ، أو في ذلك الزمان أن يهب الله له ذرية طيبة ، والذي بعثه على ذلك ما رآه من ولادة حنة لمريم ، وقد كانت عاقراً ، فحصل له رجاء الولد ، وإن كان كبيراً ، وامرأته عاقراً ، أو بعثه على ذلك ما رآه من فاكهة الشتاء في الصيف ، والصيف في الشتاء عند مريم لأن من أوجد ذلك في غير وقته يقدر على إيجاد الولد من العاقر ، وعلى هذا يكون هذا الكلام قصة مستأنفة سيقت في غضون قصة مريم لما بينهما من الارتباط . والذرية النسل ، يكون للواحد ، ويكون للجمع ، ويدل على أنها هنا للواحد . قوله { فَهَبْ لِى مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً } مريم 5 ولم يقل أولياء ، وتأنيث طِّيبة لكون لفظ الذرية مؤنثاً . قوله { فَنَادَتْهُ ٱلْمَلَـئِكَةُ } قرأ حمزة ، والكسائي « فناداه » ، وبذلك قرأ ابن عباس وابن مسعود . وقرأ الباقون « فنادته الملائكة » ، قيل المراد هنا جبريل ، والتعبير بلفظ الجمع عن الواحد جائز في العربية ، ومنه " ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ " آل عمران 173 وقيل ناداه جميع الملائكة ، وهو الظاهر من إسناد الفعل إلى الجمع والمعنى الحقيقي مقدّم ، فلا يصار إلى المجاز إلا لقرينة . قوله { وَهُوَ قَائِمٌ } جملة حالية ، و { يُصَلّى فِى ٱلْمِحْرَابِ } صفة لقوله { قَائِمٌ } أو خبر ثان لقوله { وَهُوَ } . قوله { إِنَّ ٱللَّهَ يُبَشّرُكِ } قريء بفتح أنّ ، والتقدير بأن الله ، وقريء بكسرها على تقدير القول . وقرأ أهل المدينة " يبشرك " بالتشديد . وقرأ حمزة بالتخفيف . وقرأ حميد بن قيس المكي بكسر الشين ، وضم حرف المضارعة . قال الأخفش هي ثلاث لغات بمعنى واحد ، والقراءة الأولى هي التي وردت كثيراً في القرآن ، ومنه { فَبَشِّرْ عِبَادِ } الزمر 17 { فَبَشّرْهُم بِمَغْفِرَةٍ } يۤس 11 { فَبَشَّرْنَـٰهَا بِإِسْحَـٰقَ } هود 71 { قَالُواْ بَشَّرْنَـٰكَ بِٱلْحَقّ } الحجر 55 وهي قراءة الجمهور . والثانية لغة أهل تهامة ، وبها قرأ أيضاً عبد الله بن مسعود ، والثالثة من أبشر يبشر إبشاراً . ويحيـى ممتنع إما لكونه أعجمياً أو لكون فيه وزن الفعل ، كيعمر مع العلمية . قال القرطبي حاكياً عن النقاش كان اسمه في الكتاب الأول حنا . انتهى . والذي رأيناه في مواضع من الإنجيل أنه يوحنا . قيل سمي بذلك لأن الله أحياه بالإيمان ، والنبوّة . وقيل لأن الله أحيا به الناس بالهدى . والمراد هنا التبشير بولادته ، أي يبشرك بولادة يحيـى . وقوله { مُصَدّقاً بِكَلِمَةٍ مّنَ ٱللَّهِ } أي بعيسى عليه السلام ، وسمي كلمة الله لأنه كان بقوله سبحانه " كن " ، وقيل سمي كلمة الله لأن الناس يهتدون به ، كما يهتدون بكلام الله . وقال أبو عبيد معنى { بِكَلِمَةٍ مّنَ ٱللَّهِ } بكتاب من الله ، قال والعرب تقول أنشدني كلمته ، أي قصيدته ، كما روي أن الحويدرة ذكر لحسان ، فقال لعن الله كلمته ، يعني قصيدته . انتهى . ويحيـى أوّل من آمن بعيسى ، وصدّق ، وكان أكبر من عيسى بثلاث سنين ، وقيل بستة أشهر . والسيد الذي يسود قومه . قال الزجاج السيد الذي يفوق أقرانه في كل شيء من الخير . والحصور أصله من الحصر ، وهو الحبس ، يقال حصرني الشيء ، وأحصرني إذا حبسني ، ومنه قول الشاعر @ وَمَا هَجْرُ لَيْلَى أنْ تكون تَبَاعَدتْ عَلَيْكَ وَلا أن أحْصَرتك شُغولُ @@ والحصور الذي لا يأتي النساء ، كأنه يحجم عنهن ، كما يقال رجل حصور ، وحصير إذا حبس رفده ، ولم يخرجه ، فيحيـى عليه السلام كان حصوراً عن إتيان النساء ، أي محصوراً لا يأتيهنّ ، كغيره من الرجال ، إما لعدم القدرة على ذلك ، أو لكونه يكف عنهنّ منعاً لنفسه عن الشهوة مع القدرة . وقد رجّح الثاني بأن المقام مقام مدح ، وهو لا يكون إلا على أمر مكتسب يقدر فاعله على خلافه ، لا على ما كان من أصل الخلقة ، وفي نفس الجبلة . وقوله { مّنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ } أي ناشئاً من الصالحين ، لكونه من نسل الأنبياء ، أو كائناً من جملة الصالحين ، كما في قوله { وَإِنَّهُ فِى ٱلأخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ } البقرة 130 . قال الزجاج الصالح الذي يؤدي لله ما افترض عليه ، وإلى الناس حقوقهم ، قوله { قَالَ رَبّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَـٰمٌ } ظاهر هذا أن الخطاب منه لله سبحانه ، وإن كان الخطاب الواصل إليه هو بواسطة الملائكة ، وذلك لمزيد التضرّع ، والجدّ في طلب الجواب ، عن سؤاله ، وقيل إنه أراد بالربّ جبريل ، أي يا سيدي ، قيل وفي معنى هذا الاستفهام ، وجهان أحدهما أنه سأل هل يرزق هذا الولد من امرأته العاقر ، أو من غيرها ؟ وقيل معناه بأيّ سبب استوجب هذا ، وأنا ، وامرأتي على هذه الحال ؟ والحاصل أنه استبعد حدوث الولد منهما مع كون العادة قاضية بأنه لا يحدث من مثلهما لأنه كان يوم التبشير كبيراً ، قيل في تسعين سنة ، وقيل ابن عشرين ومائة سنة ، وكانت امرأته في ثمان وتسعين سنة ، ولذلك قال { وََقَدْ بَلَغَنِي ٱلْكِبَرُ } أي والحال ذلك ، جعل الكبر ، كالطالب له لكونه طليعة من طلائع الموت ، فأسند الفعل إليه . والعاقر التي لا تلد ، أي ذات عقر على النسب ، ولو كان على الفعل لقال عقيرة ، أي بها عقر يمنعها من الولد ، وإنما وقع منه هذا الاستفهام بعد دعائه بأن يهب الله له ذرية طِّيبة ، ومشاهدته لتلك الآية الكبرى في مريم استعظاماً لقدرة الله سبحانه لا لمحض الاستبعاد ، وقيل إنه قد مرّ بعد دعائه إلى وقت يشاء ربه أربعون سنة ، وقيل عشرون سنة ، فكان الاستبعاد من هذه الحيثية . قوله { كَذٰلِكَ ٱللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاء } أي يفعل الله ما يشاء من الأفعال العجيبة مثل ذلك الفعل ، وهو إيجاد الولد من الشيخ الكبير ، والمرأة العاقر ، والكاف في محل نصب نعتاً لمصدر محذوف ، والإشارة إلى مصدر يفعل ، أو الكاف في محل رفع على أنها خبر ، أي على هذا الشأن العجيب شأن الله ، ويكون قوله { يَفْعَلُ مَا يَشَاء } بياناً له ، أو الكاف في محل نصب على الحال ، أي يفعل الله الفعل كائناً مثل ذلك . قوله { قَالَ رَبّ ٱجْعَل لِّى ءايَةً } أي علامة أعرف بها صحة الحبل ، فأتلقى هذه النعمة بالشكر { قال آيتك ألا تُكَلّمَ ٱلنَّاسَ ثَلَـٰثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزًا } أي علامتك أن تحبس لسانك عن تكليم الناس ثلاثة أيام لا عن غيره من الأذكار ، ووجه جعل الآية هذا لتخلص تلك الأيام لذكر الله سبحانه شكراً على ما أنعم به عليه ، وقيل بأن ذلك عقوبة من الله سبحانه له بسبب سؤاله الآية بعد مشافهة الملائكة إياه ، حكاه القرطبي عن أكثر المفسرين . والرمز في اللغة الإيماء بالشفتين ، أو العينين ، أو الحاجبين ، أو اليدين ، وأصله الحركة ، وهو استثناء منقطع ، لكون الرمز من غير جنس الكلام ، وقيل هو متصل على معنى أن الكلام ما حصل به الافهام من لفظ ، أو إشارة ، أو كتابة ، وهو بعيد . والصواب الأوّل ، وبه قال الأخفش ، والكسائي . قوله { وَسَبّحْ } أي سبحه { بِٱلْعَشِىّ } وهو جمع عشية ، وقيل هو واحد ، وهو من حين تزول الشمس إلى أن تغيب . وقيل من العصر إلى ذهاب صدر الليل ، وهو ضعيف جداً { وَٱلإبْكَـٰرِ } من طلوع الفجر إلى وقت الضحى . وقيل المراد بالتسبيح الصلاة . قوله { إِذْ قَالَتِ ٱلْمَلَـئِكَةُ يٰمَرْيَمُ } الظرف متعلق بمحذوف ، كالظرف الأول { إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَـٰكِ } اختارك { وَطَهَّرَكِ } من الكفر ، أو من الأدناس على عمومها { وَٱصْطَفَـٰكِ عَلَىٰ نِسَاء ٱلْعَـٰلَمِينَ } قيل هذا الاصطفاء الآخر غير الاصطفاء الأوّل ، فالأوّل هو حيث تقبلها بقبول حسن ، والآخر لولادة عيسى . والمراد بالعالمين هنا قيل نساء عالم زمانها ، وهو الحق ، وقيل نساء جميع العالم إلى يوم القيامة ، واختاره الزجاج ، وقيل الاصطفاء الآخر تأكيد للاصطفاء الأول ، والمراد بهما جميعاً واحد . قوله { يٰمَرْيَمُ ٱقْنُتِى لِرَبّكِ } أي أطيلي القيام في الصلاة ، أو أديميه وقد تقدّم الكلام على معاني القنوت ، وقدّم السجود على الركوع ، لكونه أفضل ، أو لكون صلاتهم لا ترتيب فيها مع كون الواو لمجرد الجمع بلا ترتيب . وقوله { وَٱرْكَعِى مَعَ ٱلركِعِينَ } ظاهره أن ركوعها يكون مع ركوعهم ، فيدل على مشروعية صلاة الجماعة . وقيل المعنى أنها تفعل مثل فعلهم ، وإن لم تصلّ معهم . والإشارة بقوله { ذٰلِكَ } إلى ما سبق من الأمور التي أخبره الله بها . والوحي في اللغة الإعلام في خفاء ، يقال وحي ، وأوحى بمعنى . قال ابن فارس الوحي الإشارة ، والكتابة ، والرسالة ، وكل ما ألقيته إلى غيرك حتى تعلمه . قوله { وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ } أي تحضرنهم يعني المتنازعين في تربية مريم ، وإنما نفي حضوره عندهم مع كونه معلوماً لأنهم أنكروا الوحي ، فلو كان ذلك الإنكار صحيحاً لم يبق طريق للعلم به إلا المشاهدة ، والحضور ، وهم لا يدّعون ذلك ، فثبت كونه ، وحياً مع تسليمهم أنه ليس ممن يقرأ التوراة ، ولا ممن يلابس أهلها . والأقلام جمع قلم ، من قلمه إذا قطعه ، أي أقلامهم التي يكتبون بها ، وقيل قداحهم { أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ } أي يحضنها ، أي يلقون أقلامهم ليعلموا أيهم يكفلها ، وذلك عند اختصامهم في كفالتها ، فقال زكريا هو أحق بها لكون خالتها عنده ، وهي أشيع أُخت حنة أمّ مريم . وقال بنو إسرائيل نحن أحق بها لكونها بنت عالمنا ، فاقترعوا ، وجعلوا أقلامهم في الماء الجاري على أن من وقف قلمه ، ولم يجر مع الماء ، فهو صاحبها ، فجرت أقلامهم ، ووقف قلم زكريا ، وقد استدل بهذا من أثبت القرعة ، والخلاف في ذلك معروف ، وقد ثبتت أحاديث صحيحة في اعتبارها . وقد أخرج ابن جرير ، عن ابن عباس قال لما رأى زكريا ذلك ، يعني فاكهة الصيف في الشتاء ، وفاكهة الشتاء في الصيف ، عند مريم قال إن الذي أتى بهذا مريم في غير زمانه قادر أن يرزقني ولداً ، فذلك حين دعا ربه . وأخرج ابن عساكر ، عن الحسن نحوه ، وأخرج ابن أبي حاتم ، عن السدي { ذُرّيَّةً طَيّبَةً } يقول مباركة . وأخرج ابن جرير ، عن عبد الرحمن بن أبي حماد قال في قراءة ابن مسعود " فناداه جبريل ، وهو قائم يصلي في المحراب " ، وروى ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن السدي أنه قال { فَنَادَتْهُ ٱلْمَلَـئِكَةُ } أي جبريل . وأخرج ابن المنذر ، عن السدي قال المحراب المصلى . وقد أخرج الطبراني ، والبيهقي ، عن ابن عمرو أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال " اتقوا هذه المذابح " يعني المحاريب . وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف ، عن موسى الجهني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تزال أمتي بخير ما لم يتخذوا في مساجدهم مذابح كمذابح النصارى " وقد رويت كراهة ذلك عن جماعة من الصحابة . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن قتادة قال إنما سمي يحيـى لأن الله أحياه بالإيمان . وأخرجوا ، عن ابن عباس قال { مُصَدّقاً بِكَلِمَةٍ مّنَ ٱللَّهِ } قال عيسى بن مريم هو الكلمة . وأخرج ابن جرير ، من طريق ابن جريج ، عنه قال كان يحيـى ، وعيسى ابني الخالة ، وكانت أم يحيـى تقول لمريم إني أجد الذي في بطني يسجد للذي في بطنك ، فذلك تصديقه بعيسى سجوده في بطن أمه ، وهو أوّل من صدق بعيسى . وأخرج أحمد في الزهد ، وابن جرير ، عن مجاهد نحوه . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس { وَسَيّدًا } قال حليماً تقياً . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن مجاهد قال السيد الكريم على الله . وأخرج ابن جرير ، عن ابن المسيب قال السيد الفقيه العالم . وأخرج عبد الرزاق ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله { وَسَيّدًا وَحَصُورًا } قال السيد الحليم ، والحصور الذي لا يأتي النساء . وأخرج أحمد في الزهد ، عن سعيد بن جبير في الحصور مثله . وأخرج أحمد في الزهد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس قال الحصور الذي لا ينزل الماء . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " كان ذكره مثل هدبة الثوب " وأخرجه ابن أبي شيبة ، وأحمد في الزهد ، من وجه آخر ، عن ابن عمرو موقوفاً ، وهو أقوى . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن شعيب الجبائي قال اسم أم يحيـى أشيع . وأخرج ابن المنذر ، عن ابن جريج في قوله { ٱجْعَل لِّى ءايَةً } قال بالحمل به . وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن قتادة في قوله { آيتك ألاّ تُكَلّمَ ٱلنَّاسَ ثَلَـٰثَةَ أَيَّامٍ } قال إنما عوقب بذلك ، لأن الملائكة شافهته بذلك مشافهة ، فبشرته بيحيـى ، فسأل الآية بعد كلام الملائكة إياه ، فأخذ عليه بلسانه . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله { إِلاَّ رَمْزًا } قال الرمز بالشفتين . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن مجاهد نحوه . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن سعيد بن جبير قال الرمز الإشارة . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله { وَسَبّحْ بِٱلْعَشِىّ وَٱلإبْكَـٰرِ } قال العشيّ ميل الشمس إلى أن تغيب ، والإبكار أوّل الفجر . وقد ثبت في الصحيحين ، وغيرهما من حديث علي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " خير نسائها مريم بنت عمران ، وخير نسائها خديجة بنت خويلد " وأخرج الحاكم وصححه ، عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أفضل نساء العالمين خديجة ، وفاطمة ، ومريم ، وآسية امرأة فرعون " وأخرج ابن مردويه ، عن أنس مرفوعاً نحوه . وأخرج نحوه ، أحمد ، والترمذي وصححه ، وابن المنذر ، وابن حبان ، والحاكم ، من حديثه مرفوعاً ، وفي الصحيحين ، وغيرهما من حديث أبي موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كمل من الرجال كثير ، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران ، وآسية امرأة فرعون ، وفضل عائشة على النساء ، كفضل الثريد على الطعام " وفي المعنى أحاديث كثيرة ، وكلها تفيد أن مريم عليها السلام سيدة نساء عالمها ، لا نساء جميع العالم . ويؤيده ما أخرجه ابن عساكر ، عن مقاتل ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال " أربع نسوة سادات نساء عالمهن مريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، وأفضلهن عالماً فاطمة " وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن مجاهد في قوله { يٰمَرْيَمُ ٱقْنُتِى لِرَبّكِ } قال أطيلي الركوع يعني القيام . وأخرج ابن جرير ، عن سعيد بن جبير { ٱقْنُتِى لِرَبّكِ } قال أخلصي . وأخرج عن قتادة قال أطيعي ربك . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، من طريق العوفي ، عن ابن عباس في قوله { وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلَـٰمَهُمْ } قال إن مريم لما وضعت في المسجد اقترع عليها أهل المصلى ، وهم يكتبون الوحي ، فاقترعوا بأقلامهم أيهم يكفلها . قال الله لمحمد { وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ } الآية . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن عكرمة قال ألقوا أقلامهم في الماء ، فذهبت مع الجرية ، وصعد قلم زكريا ، فكفلها زكريا . وأخرج ابن جرير ، عن الربيع نحوه . وأخرج عبد بن حميد ، عن مجاهد ، وكذلك أخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن جريج ، أن الأقلام هي التي يكتبون بها التوراة . وأخرج عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، عن عطاء أنها القداح .