Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 50-74)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله { فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ } معطوف على يطاف ، أي يسأل هذا ذاك ، وذاك هذا حال شربهم عن أحوالهم التي كانت في الدنيا ، وذلك من تمام نعيم الجنة ، والتقدير فيقبل بعضهم على بعض ، وإنما عبر عنه بالماضي للدلالة على تحقق وقوعه { قَالَ قَائِلٌ مّنْهُمْ } أي قال قائل من أهل الجنة في حال إقبال بعضهم على بعض بالحديث ، وسؤال بعضهم لبعض { إِنّى كَانَ لِى قَرِينٌ } أي صاحب ملازم لي في الدنيا كافر بالبعث منكر له كما يدلّ عليه قوله { أَءنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُصَدّقِينَ } يعني بالبعث ، والجزاء ، وهذا الاستفهام من القرين لتوبيخ ذلك المؤمن ، وتبكيته بإيمانه ، وتصديقه بما وعد الله به من البعث ، وكان هذا القول منه في الدنيا . ثم ذكر ما يدلّ على الاستبعاد للبعث عنده ، وفي زعمه ، فقال { أَءذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَـٰماً أَءنَّا لَمَدِينُونَ } أي مجزيون بأعمالنا ، ومحاسبون بها بعد أن صرنا تراباً ، وعظاماً ، وقيل معنى مدينون مسوسون ، يقال دانه إذا ساسه . قال سعيد بن جبير قرينه شريكه ، وقيل أراد بالقرين الشيطان الذي يقارنه ، وأنه كان يوسوس إليه بإنكار البعث ، وقد مضى ذكر قصتهما في سورة الكهف ، والاختلاف في اسميهما ، قرأ الجمهور { لمن المصدقين } بتخفيف الصاد من التصديق ، أي لمن المصدّقين بالبعث ، وقرىء بتشديدها ، ولا أدري من قرأ بها ، ومعناها بعيد لأنها من التصدّق لا من التصديق ، ويمكن تأويلها بأنه أنكر عليه التصدّق بماله لطلب الثواب ، وعلل ذلك باستبعاد البعث . وقد اختلف القراء في هذه الاستفهامات الثلاثة ، فقرأ نافع الأولى ، والثانية بالاستفهام بهمزة ، والثالثة بكسر الألف من غير استفهام . ووافقه الكسائي إلا أنه يستفهم الثالثة بهمزتين ، وابن عامر الأولى ، والثالثة بهمزتين ، والثانية بكسر الألف من غير استفهام ، والباقون بالاستفهام في جميعها . ثم اختلفوا ، فابن كثير يستفهم بهمزة واحدة غير مطوّلة ، وبعده ساكنة خفيفة ، وأبو عمرو مطوّلة ، وعاصم ، وحمزة بهمزتين . { قَالَ هَلْ أَنتُمْ مُّطَّلِعُونَ } القائل هو المؤمن الذي في الجنة بعد ما حكى لجلسائه فيها ما قاله له قرينه في الدنيا ، أي هل أنتم مطلعون إلى أهل النار ؟ لأريكم ذلك القرين الذي قال لي تلك المقالة كيف منزلته في النار ؟ قال ابن الأعرابي والاستفهام هو بمعنى الأمر أي اطلعوا ، وقيل القائل هو الله سبحانه ، وقيل الملائكة ، والأوّل أولى { فَٱطَّلَعَ فَرَءاهُ فِى سَوَاء ٱلْجَحِيمِ } أي فاطلع على النار ذلك المؤمن الذي صار يحدث أصحابه في الجنة بما قال له قرينه في الدنيا ، فرأى قرينه في وسط الجحيم . قال الزجاج سواء كل شيء وسطه . قرأ الجمهور { مطلعون } بتشديد الطاء مفتوحة ، وبفتح النون ، فاطلع ماضياً مبنياً للفاعل من الطلوع . وقرأ ابن عباس ، ورويت هذه القراءة عن أبي عمرو " مطلعون " بسكون الطاء ، وفتح النون " فأطلع " بقطع الهمزة مضمومة ، وكسر اللام ماضياً مبنياً للمفعول . قال النحاس فأطلع فيه قولان على هذه القراءة أحدهما أن يكون فعلاً مستقبلاً ، أي فأطلع أنا ، ويكون منصوباً على أنه جواب الاستفهام . والقول الثاني أن يكون فعلاً ماضياً ، وقرأ حماد بن أبي عمار " مطلعون " بتخفيف الطاء ، وكسر النون ، فاطلع مبنياً للمفعول ، وأنكر هذه القراءة أبو حاتم ، وغيره . قال النحاس هي لحن ، لأنه لا يجوز الجمع بين النون ، والإضافة ، ولو كان مضافاً لقال هل أنتم مطلعيّ ، وإن كان سيبويه ، والفراء قد حكيا مثله ، وأنشدا @ هم القائلون الخير والآمرونه إذا ما خشوا من محدث الدهر معظما @@ ولكنه شاذ خارج عن كلام العرب { قَالَ تَٱللَّهِ إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ } أي قال ذلك الذي من أهل الجنة لما اطلع على قرينه ، ورآه في النار { تالله إن كدت لتردين } أي لتهلكني بالإغواء . قال الكسائي لتردين لتهلكني ، والردي الهلاك . قال المبرد لو قيل لتردين لتوقعني في النار لكان جائزاً . قال مقاتل المعنى والله لقد كدت أن تغويني ، فأنزل منزلتك ، والمعنى متقارب ، فمن أغوى إنساناً ، فقد أهلكه { وَلَوْلاَ نِعْمَةُ رَبّى لَكُنتُ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ } أي لولا رحمة ربي ، وإنعامه عليّ بالإسلام ، وهدايتي إلى الحقّ ، وعصمتي عن الضلال لكنت من المحضرين معك في النار . قال الفراء أي لكنت معك في النار محضراً . قال الماوردي وأحضر لا يستعمل إلا في الشرّ . ولما تمم كلامه مع ذلك القرين ، الذي هو في النار عاد إلى مخاطبة جلسائه من أهل الجنة ، فقال { أَفَمَا نَحْنُ بِمَيّتِينَ } ، والهمزة للاستفهام التقريري ، وفيها معنى التعجيب ، والفاء للعطف على محذوف كما في نظائره ، أي أنحن مخلدون منعمون ، فما نحن بميتين { إِلاَّ مَوْتَتَنَا ٱلأُولَىٰ } التي كانت في الدنيا ، وقوله هذا كان على طريقة الابتهاج ، والسرور بما أنعم الله عليهم من نعيم الجنة الذي لا ينقطع ، وأنهم مخلدون لا يموتون أبداً ، وقوله { وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } هو من تمام كلامه ، أي وما نحن بمعذبين كما يعذب الكفار . ثم قال مشيراً إلى ما هم فيه من النعيم { إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } أي إن هذا الأمر العظيم ، والنعيم المقيم ، والخلود الدائم الذي نحن فيه لهو الفوز العظيم الذي لا يقادر قدره ، ولا يمكن الإحاطة بوصفه ، وقوله { لِمِثْلِ هَـٰذَا فَلْيَعْمَلِ ٱلْعَـٰمِلُونَ } من تمام كلامه ، أي لمثل هذا العطاء ، والفضل العظيم ، فليعمل العاملون ، فإن هذه هي التجارة الرابحة ، لا العمل للدنيا الزائلة ، فإنها صفقة خاسرة نعيمها منقطع ، وخيرها زائل ، وصاحبها عن قريب منها راحل . وقيل إن هذا من قول الله سبحانه ، وقيل من قول الملائكة ، والأوّل أولى . قرأ الجمهور { بميتين } ، وقرأ زيد بن عليّ " بمايتين " ، وانتصاب { إلا موتتنا } على المصدرية ، والاستثناء مفرّغ ، ويجوز أن يكون الاستثناء منقطعاً . أي لكن الموتة الأولى التي كانت في الدنيا { أَذٰلِكَ خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ ٱلزَّقُّومِ } الإشارة بقوله ذلك إلى ما ذكره من نعيم الجنة ، وهو مبتدأ ، وخبره { خير } ، و { نزلاً } تمييز ، والنزل في اللغة الرزق الذي يصلح أن ينزلوا معه ، ويقيموا فيه ، والخيرية بالنسبة إلى ما اختاره الكفار على غيره . قال الزجاج المعنى أذلك خير في باب الإنزال التي يبقون بها نزلاً ، أم نزل أهل النار ، وهو قوله { أَمْ شَجَرَةُ ٱلزَّقُّومِ } ، وهو ما يكره تناوله . قال الواحدي وهو شيء مرّ كريه يكره أهل النار على تناوله ، فهم يتزقمونه ، وهي على هذا مشتقة من التزقم ، وهو البلع على جهد لكراهتها ، ونتنها . واختلف فيها هل هي من شجر الدنيا التي يعرفها العرب أم لا ؟ على قولين أحدهما أنها معروفة من شجر الدنيا ، فقال قطرب إنها شجرة مرّة تكون بتهامة من أخبث الشجر . وقال غيره بل هو كلّ نبات قاتل . القول الثاني أنها غير معروفة في شجر الدنيا . قال قتادة لما ذكر الله هذه الشجرة افتتن بها الظلمة ، فقالوا كيف تكون في النار شجرة . فأنزل الله تعالى { إِنَّا جَعَلْنَـٰهَا فِتْنَةً لّلظَّـٰلِمِينَ } قال الزجاج حين افتتنوا بها ، وكذبوا بوجودها . وقيل معنى جعلها فتنة لهم أنها محنة لهم لكونهم يعذبون بها ، والمراد بالظالمين هنا الكفار ، أو أهل المعاصي الموجبة للنار . ثم بين سبحانه أوصاف هذه الشجرة ردًّا على منكريها ، فقال { إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِى أَصْلِ ٱلْجَحِيمِ } أي في قعرها ، قال الحسن أصلها في قعر جهنم ، وأغصانها ترفع إلى دركاتها ، ثم قال { طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءوسُ ٱلشَّيَـٰطِينِ } أي ثمرها ، وما تحمله كأنه في تناهي قبحه ، وشناعة منظره رؤوس الشياطين ، فشبه المحسوس بالمتخيل ، وإن كان غير مرئيّ ، للدلالة على أنه غاية في القبح كما تقول في تشبيه من يستقبحونه كأنه شيطان ، وفي تشبيه من يستحسنونه كأنه ملك ، كما في قوله { مَا هَـٰذَا بَشَرًا إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ } يوسف 31 ، ومنه قول امرىء القيس @ أيقتلني والمشرفيّ مضاجعي ومسنونة زرق كأنياب أغوال @@ وقال الزجاج ، والفراء الشياطين حيات لها رءوس ، وأعراف ، وهي من أقبح الحيات ، وأخبثها ، وأخفها جسماً . وقيل إن رؤوس الشياطين اسم لنبت قبيح معروف باليمن يقال له الأستن ، ويقال له الشيطان . قال النحاس وليس ذلك معروفاً عند العرب . وقيل هو شجر خشن منتن مرّ منكر الصورة يسمى ثمره رؤوس الشياطين . { فَإِنَّهُمْ لآكِلُونَ مِنْهَا } أي من الشجرة ، أو من طلعها ، والتأنيث لاكتساب الطلع التأنيث من إضافته إلى الشجرة { فَمَالِئُونَ مِنْهَا ٱلْبُطُونَ } وذلك أنهم يكرهون على أكلها حتى تمتلىء بطونهم ، فهذا طعامهم ، وفاكهتهم بدل رزق أهل الجنة { ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا } بعد الأكل منها { لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ } الشوب الخلط . قال الفراء يقال شاب طعامه ، وشرابه إذا خلطهما بشيء يشوبهما شوباً وشيابة ، والحميم الماء الحارّ . فأخبر سبحانه أنه يشاب لهم طعامهم من تلك الشجرة بالماء الحارّ ، ليكون أفظع لعذابهم ، وأشنع لحالهم كما في قوله { وَسُقُواْ مَاء حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ } محمد 15 قرأ الجمهور { شوباً } بفتح الشين ، وهو مصدر ، وقرأ شيبان النحوي بالضم . قال الزجاج المفتوح مصدر ، والمضموم اسم بمعنى المشوب ، كالنقص بمعنى المنقوص . { ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإِلَى ٱلْجَحِيمِ } أي مرجعهم بعد شرب الحميم ، وأكل الزقوم إلى الجحيم ، وذلك أنهم يوردون الحميم لشربه ، وهو خارج الجحيم كما تورد الإبل ، ثم يردّون إلى الجحيم كما في قوله سبحانه { يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ ءانٍ } الرحمٰن 44 . وقيل إن الزقوم ، والحميم نزل يقدّم إليهم قبل دخولها . قال أبو عبيدة ثم بمعنى الواو ، وقرأ ابن مسعود " ثم إن منقلبهم لإلى الجحيم " ، وجملة { إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ } أي وجدوا { آباءهم ضالين } تعليل لاستحقاقهم ما تقدّم ذكره ، أي صادفوهم كذلك ، فاقتدوا بهم تقليداً ، وضلالة لا لحجة أصلاً { فَهُمْ عَلَىٰ ءاثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ } الإهراع الإسراع . قال الفراء الإهراع الإسراع برعدة . وقال أبو عبيدة { يهرعون } يستحثون من خلفهم ، يقال جاء فلان يهرع إلى النار إذا استحثه البرد إليها . وقال المفضل يزعجون من شدّة الإسراع . قال الزجاج هرع ، وأهرع إذا استحثّ ، وانزعج ، والمعنى يتبعون آباءهم في سرعة كأنهم يزعجون إلى اتباع آبائهم { وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ ٱلأَوَّلِينَ } أي ضلّ قبل هؤلاء المذكورين أكثر الأوّلين من الأمم الماضية { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُّنذِرِينَ } أي أرسلنا في هؤلاء الأوّلين رسلاً أنذروهم العذاب ، وبينوا لهم الحقّ ، فلم ينجع ذلك فيهم { فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُنْذَرِينَ } أي الذين أنذرتهم الرسل ، فإنهم صاروا إلى النار . قال مقاتل يقول كان عاقبتهم العذاب ، يحذر كفار مكة ، ثم استثنى عباده المؤمنين ، فقال { إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } أي إلا من أخلصهم الله بتوفيقهم إلى الإيمان ، والتوحيد ، وقرىء " المخلصين " بكسر اللام ، أي الذين أخلصوا لله طاعاتهم ، ولم يشوبوها بشيء مما يغيرها . وقد أخرج ابن أبي شيبة ، وهناد ، وابن المنذر عن ابن مسعود في قوله { فَٱطَّلَعَ فَرَءاهُ فِى سَوَاء ٱلْجَحِيمِ } قال اطلع ، ثم التفت إلى أصحابه ، فقال لقد رأيت جماجم القوم تغلي . وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال قول الله لأهل الجنة { كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } الطور 19 قال { هنيئاً } أي لا تموتون فيها ، فعند ذلك قالوا { أَفَمَا نَحْنُ بِمَيّتِينَ * إِلاَّ مَوْتَتَنَا ٱلأُولَىٰ وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } قال هذا قول الله { لِمِثْلِ هَـٰذَا فَلْيَعْمَلِ ٱلْعَـٰمِلُونَ } . وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب قال « كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في يدي ، فرأى جنازة فأسرع المشي حتى أتى القبر ، ثم جثى على ركبتيه ، فجعل يبكي حتى بلّ الثرى ، ثم قال { لِمِثْلِ هَـٰذَا فَلْيَعْمَلِ ٱلْعَـٰمِلُونَ } . وأخرج ابن مردويه عن أنس قال دخلت مع النبي صلى الله عليه وسلم على مريض يجود بنفسه ، فقال { لِمِثْلِ هَـٰذَا فَلْيَعْمَلِ ٱلْعَـٰمِلُونَ } . وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال مرّ أبو جهل برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو جالس ، فلما بعد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ * ثُمَّ أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ } القيامة 34 ، 35 ، فلما سمع أبو جهل قال من توعد يا محمد ؟ قال " إياك " قال بما توعدني ؟ قال " أوعدك بالعزيز الكريم " فقال أبو جهل أليس أنا العزيز الكريم ؟ فأنزل الله { شَجَرَةُ ٱلزَّقُّومِ * طَعَامُ ٱلأَثِيمِ } إلى قوله { ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ } الدخان 43 - 49 فلما بلغ أبا جهل ما نزل فيه جمع أصحابه ، فأخرج إليهم زبداً ، وتمراً ، فقال تزقموا من هذا ، فوالله ما يتوعدكم محمد إلا بهذا ، فأنزل الله { إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِى أَصْلِ ٱلْجَحِيمِ } إلى قوله { ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ } . وأخرج ابن أبي شيبة عنه قال لو أن قطرة من زقوم جهنم أنزلت إلى الأرض لأفسدت على الناس معايشهم . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر عنه أيضاً { ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً } قال لمزجاً . وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً قال في قوله { لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ } يخالط طعامهم ، ويشاب بالحميم . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل هؤلاء ، ويقيل هؤلاء أهل الجنة ، وأهل النار ، وقرأ " ثم إن منقلبهم لإلى الجحيم " . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ ءابَاءهُمْ ضَالّينَ } قال وجدوا آباءهم .