Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 41, Ayat: 25-36)

Tafsir: Fatḥ al-qadīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله { وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاء } أي هيأنا قرناء من الشياطين . وقال الزجاج سببنا لهم قرناء حتى أضلوهم . وقيل سلطنا عليهم قرناء . وقيل قدّرنا ، والمعاني متقاربة ، وأصل التقييض التيسير ، والتهيئة ، والقرناء جمع قرين ، وهم الشياطين ، جعلهم بمنزلة الأخلاء لهم . وقيل إن الله قيض لهم قرناء في النار ، والأولى أن ذلك في الدنيا لقوله { فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ } فإن المعنى زينوا لهم ما بين أيديهم من أمور الدنيا وشهواتها ، وحملوهم على الوقوع في معاصي الله بانهماكهم فيها ، وزينوا لهم ما خلفهم من أمور الآخرة ، فقالوا لا بعث ، ولا حساب ، ولا جنة ، ولا نار . وقال الزجاج ما بين أيديهم ما عملوه ، وما خلفهم ما عزموا على أن يعملوه . وروي عن الزجاج أيضاً ، أنه قال ما بين أيديهم من أمر الآخرة أنه لا بعث ، ولا جنة ، ولا نار ، وما خلفهم من أمر الدنيا { وَحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ } أي وجب ، وثبت عليهم العذاب ، وهو قوله سبحانه { لأَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ } صۤ 85 و { فِى أُمَمٍ } في محل نصب على الحال من الضمير في عليهم ، والمعنى كائنين في جملة أمم . وقيل في بمعنى مع ، أي مع أمم من الأمم الكافرة التي { قَدْ خَلَتْ } ومضت { مِن قَبْلِهِمْ مّنَ ٱلْجِنّ وَٱلإِنْسِ } على الكفر ، وجملة { إِنَّهُمْ كَانُواْ خَـٰسِرِينَ } تعليل لاستحقاقهم العذاب . { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لِهَـٰذَا ٱلْقُرْءانِ } أي قال بعضهم لبعض لا تسمعوه ، ولا تنصتوا له . وقيل معنى لا تسمعوا لا تطيعوا ، يقال سمعت لك ، أي أطعتك { وَٱلْغَوْاْ فِيهِ } أي عارضوه باللغو والباطل ، أو ارفعوا أصواتكم ليتشوش القارىء له . وقال مجاهد الغوا فيه بالمكاء ، والتصدية ، والتصفيق ، والتخليط في الكلام حتى يصير لغواً . وقال الضحاك أكثروا الكلام ليختلط عليه ما يقول . وقال أبو العالية قعوا فيه ، وعيبوه . قرأ الجمهور { والغوا } بفتح الغين ، من لغا إذا تكلم باللغو ، وهو ما لا فائدة فيه ، أو من لغى بالفتح يلغى بالفتح أيضاً كما حكاه الأخفش ، وقرأ عيسى بن عمر ، والجحدري ، وابن أبي إسحاق ، وأبو حيوة ، وبكر بن حبيب السهمي ، وقتادة ، والسماك ، والزعفراني بضم الغين . وقد تقدّم الكلام في اللغو في سورة البقرة { لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ } أي لكي تغلبوهم ، فيسكتوا . ثم توعدهم سبحانه على ذلك ، فقال { فَلَنُذِيقَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَذَاباً شَدِيداً } ، وهذا وعيد لجميع الكفار ، ويدخل فيهم الذين السياق معهم دخولاً أوّلياً { وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ ٱلَّذِى كَانُواْ يَعْمَلُونَ } أي ولنجزينهم في الآخرة جزاء أقبح أعمالهم التي عملوها في الدنيا . قال مقاتل وهو الشرك . وقيل المعنى أنه يجازيهم بمساوىء أعمالهم لا بمحاسنها كما يقع منهم من صلة الأرحام ، وإكرام الضيف ، لأن ذلك باطل لا أجر له مع كفرهم ، والإشارة بقوله { ذٰلِكَ } إلى ما تقدّم ، وهو مبتدأ وخبره جزاء أعداء الله ، أو خبر مبتدأ محذوف ، أي الأمر ذلك ، وجملة { جَزَاء أَعْدَاء ٱللَّهِ ٱلنَّارُ } مبينة للجملة التي قبلها ، والأوّل أولى ، وتكون النار عطف بيان للجزاء ، أو بدلاً منه ، أو خبر مبتدأ محذوف ، أو مبتدأ والخبر { لَهُمْ فِيهَا دَارُ الخُلْدِ } . وعلى الثلاثة الوجوه الأولى تكون جملة لهم فيها دار الخلد مستأنفة مقرّرة لما قبلها ، ومعنى دار الخلد دار الإقامة المستمرة التي لا انقطاع لها { جَزَاء أَعْدَاء ٱللَّهِ ٱلنَّارُ لَهُمْ } أي يجزون جزاء بسبب جحدهم بآيات الله . قال مقاتل يعني القرآن يجحدون أنه من عند الله ، وعلى هذا يكون التعبير عن اللغو بالجحود لكونه سبباً له ، إقامة للسبب مقام المسبب . { وَقَال الَّذِينَ كَفَرُواْ رَبَّنَا أَرِنَا ٱللَّذَيْنِ أَضَلَّـٰنَا مِنَ ٱلْجِنّ وَٱلإِنسِ } قالوا هذا وهم في النار ، وذكره بلفظ الماضي تنبيهاً على تحقق وقوعه ، والمراد أنهم طلبوا من الله سبحانه أن يريهم من أضلهم من فريق الجن ، والإنس من الشياطين الذين كانوا يسوّلون لهم ، ويحملونهم على المعاصي ، ومن الرؤساء الذين كانوا يزينون لهم الكفر . وقيل المراد إبليس ، وقابيل لأنهما سنا المعصية لبني آدم . قرأ الجمهور { أرنا } بكسر الراء . وقرأ ابن محيصن ، والسوسي عن أبي عمرو ، وابن عامر بسكون الراء ، وبها قرأ أبو بكر ، والمفضل ، وهما لغتان بمعنى واحد . وقال الخليل إذا قلت أرني ثوبك بالكسر ، فمعناه بصرنيه ، وبالسكون أعطنيه { نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا } أي ندسهما بأقدامنا ، لنشتفي منهم . وقيل نجعلهم أسفل منا في النار { لِيَكُونَا مِنَ ٱلأَسْفَلِينَ } فيها مكاناً ، أو ليكونا من الأذلين المهانين . وقيل ليكونوا أشد عذاباً منا . ثم لما ذكر عقاب الكافرين ، وما أعدّه لهم ذكر حال المؤمنين ، وما أنعم عليهم به ، فقال { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ } أي وحده لا شريك له { ثُمَّ ٱسْتَقَـٰمُواْ } على التوحيد ، ولم يلتفتوا إلى إلاه غير الله . قال جماعة من الصحابة ، والتابعين معنى الاستقامة إخلاص العمل لله . وقال قتادة ، وابن زيد ثم استقاموا على طاعة الله . وقال الحسن استقاموا على أمر الله ، فعملوا بطاعته ، واجتنبوا معصيته . وقال مجاهد ، وعكرمة استقاموا على شهادة أن لا إلٰه إلاّ الله حتى ماتوا . وقال الثوري عملوا على وفاق ما قالوا . وقال الربيع أعرضوا عما سوى الله . وقال الفضيل بن عياض زهدوا في الفانية ، ورغبوا في الباقية { تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلَـئِكَةُ } من عند الله سبحانه بالبشرى التي يريدونها من جلب نفع ، أو دفع ضرر ، أو رفع حزن . قال ابن زيد ، ومجاهد تتنزل عليهم عند الموت . وقال مقاتل ، وقتادة إذا قاموا من قبورهم للبعث . وقال وكيع البشرى في ثلاثة مواطن عند الموت ، وفي القبر ، وعند البعث { ألا تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ } أن هي المخففة ، أو المفسرة ، أو الناصبة ، و « لا » على الوجهين الأوّلين ناهية ، وعلى الثالث نافية ، والمعنى لا تخافوا مما تقدمون عليه من أمور الآخرة ، ولا تحزنوا على ما فاتكم من أمور الدنيا من أهل ، وولد ، ومال . قال مجاهد لا تخافوا الموت ، ولا تحزنوا على أولادكم ، فإن الله خليفتكم عليهم . وقال عطاء لا تخافوا ردّ ثوابكم ، فإنه مقبول ، ولا تحزنوا على ذنوبكم ، فإني أغفرها لكم . والظاهر عدم تخصيص تنزل الملائكة عليهم بوقت معين ، وعدم تقييد نفي الخوف ، والحزن بحالة مخصوصة كما يشعر به حذف المتعلق في الجميع { وَأَبْشِرُواْ بِٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ } بها في الدنيا ، فإنكم واصلون إليها مستقرّون بها خالدون في نعيمها . ثم بشرهم سبحانه بما هو أعظم من ذلك كله ، فقال { نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَفِى ٱلأَخِرَةِ } أي نحن المتولون لحفظكم ، ومعونتكم في أمور الدنيا ، وأمور الآخرة ، ومن كان الله وليه فاز بكلّ مطلب ، ونجا من كلّ مخافة . وقيل إن هذا من قول الملائكة . قال مجاهد يقولون لهم نحن قرناؤكم الذين كنا معكم في الدنيا ، فإذا كان يوم القيامة قالوا لا نفارقكم حتى تدخلوا الجنة . وقال السدّي نحن الحفظة لأعمالكم في الدنيا ، وأولياؤكم في الآخرة . وقيل إنهم يشفعون لهم في الآخرة ، ويتلقونهم بالكرامة { وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِى أَنفُسُكُمْ } من صنوف اللذات ، وأنواع النعم { وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ } أي ما تتمنون ، افتعال من الدعاء بمعنى الطلب ، وقد تقدّم بيان معنى هذا في قوله { وَلَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ } يسۤ 57 مستوفى ، والفرق بين الجملتين أن الأولى باعتبار شهوات أنفسهم ، والثانية باعتبار ما يطلبونه أعم من أن يكون مما تشتهيه أنفسهم أولاً . وقال الرازي الأقرب عندي أن قوله { وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِى أَنفُسُكُمْ } إشارة إلى الجنة الروحانية المذكورة في قوله { دَعْوٰهُمْ فِيهَا سُبْحَـٰنَكَ ٱللَّهُمَّ } يونس 10 الآية ، وانتصاب { نُزُلاً مّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ } على الحال من الموصول ، أو من عائده ، أو من فاعل تدّعون ، أو هو مصدر مؤكد لفعل محذوف ، أي أنزلناه نزلاً ، والنزل ما يعدّ لهم حال نزولهم من الرزق ، والضيافة ، وقد تقدم تحقيقه في سورة آل عمران . { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مّمَّن دَعَا إِلَى ٱللَّهِ } أي إلى توحيد الله ، وطاعته . قال الحسن هو المؤمن أجاب الله دعوته ، ودعا الناس إلى ما أجاب الله فيه من طاعته { وَعَمِلَ صَـٰلِحَاً } في إجابته { وَقَالَ إِنَّنِى مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } لربي . وقال ابن سيرين ، والسدّي ، وابن زيد هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وروي هذا أيضاً عن الحسن . وقال عكرمة ، وقيس بن أبي حازم ، ومجاهد نزلت في المؤذنين . ويجاب عن هذا بأن الآية مكية ، والأذان إنما شرع بالمدينة . والأولى حمل الآية على العموم كما يقتضيه اللفظ ، ويدخل فيها من كان سبباً لنزولها دخولاً أولياً ، فكل من جمع بين دعاء العباد إلى ما شرعه الله ، وعمل عملاً صالحاً ، وهو تأدية ما فرضه الله عليه مع اجتناب ما حرمه عليه ، وكان من المسلمين ديناً لا من غيرهم ، فلا شيء أحسن منه ، ولا أوضح من طريقته ، ولا أكثر ثواباً من عمله . ثم بيّن سبحانه الفرق بين محاسن الأعمال ، ومساويها ، فقال { وَلاَ تَسْتَوِى ٱلْحَسَنَةُ وَلاَ ٱلسَّيّئَةُ } أي لا تستوي الحسنة التي يرضى الله بها ، ويثيب عليها ، ولا السيئة التي يكرهها الله ، ويعاقب عليها ، ولا وجه لتخصيص الحسنة بنوع من أنواع الطاعات ، وتخصيص السيئة بنوع من أنواع المعاصي ، فإن اللفظ أوسع من ذلك . وقيل الحسنة التوحيد ، والسيئة الشرك . وقيل الحسنة المداراة ، والسيئة الغلظة . وقيل الحسنة العفو ، والسيئة الانتصار . وقيل الحسنة العلم ، والسيئة الفحش . قال الفراء « لا » في قوله ، { ولا السيئة } زائدة { ٱدْفَعْ بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ } أي ادفع السيئة إذا جاءتك من المسيء بأحسن ما يمكن دفعها به من الحسنات ، ومنه مقابلة الإساءة بالإحسان ، والذنب بالعفو ، والغضب بالصبر ، والإغضاء عن الهفوات ، والاحتمال للمكروهات . وقال مجاهد ، وعطاء بالتي هي أحسن يعني بالسلام إذا لقي من يعاديه . وقيل بالمصافحة عند التلاقي { فَإِذَا ٱلَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَمِيمٌ } هذه هي الفائدة الحاصلة من الدفع بالتي هي أحسن ، والمعنى أنك إذا فعلت ذلك الدفع صار العدوّ كالصديق ، والبعيد عنك كالقريب منك . وقال مقاتل نزلت في أبي سفيان بن حرب كان معادياً للنبي صلى الله عليه وسلم ، فصار له ولياً بالمصاهرة التي وقعت بينه وبينه ، ثم أسلم ، فصار ولياً في الإسلام حميماً بالصهارة . وقيل غير ذلك ، والأولى حمل الآية على العموم . { وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ } قال الزجاج ما يلقى هذه الفعلة ، وهذه الحالة ، وهي دفع السيئة بالحسنة إلاّ الذين صبروا على كظم الغيظ ، واحتمال المكروه { وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظّ عَظِيمٍ } في الثواب والخير . وقال قتادة الحظ العظيم الجنة ، أي ما يلقاها إلاّ من وجبت له الجنة . وقيل الضمير في يلقاها عائد إلى الجنة . وقيل راجع إلى كلمة التوحيد . قرأ الجمهور { يلقاها } من التلقية ، وقرأ طلحة بن مصرف ، وابن كثير في رواية عنه يلاقاها من الملاقاة ، ثم أمره سبحانه بالاستعاذة من الشيطان ، فقال { وَإِمَّا يَنَزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَـٰنِ نَزْغٌ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ } النزغ شبيه النخس شبه به الوسوسة ، لأنها تبعث على الشرّ والمعنى وإن صرفك الشيطان عن شيء مما شرعه الله لك ، أو عن الدفع بالتي هي أحسن ، فاستعذ بالله من شرّه ، وجعل النزغ نازغاً على المجاز العقلي كقولهم جدّ جدّه ، وجملة { إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } تعليل لما قبلها ، أي السميع لكلّ ما يسمع ، والعليم بكلّ ما يعلم ، ومن كان كذلك ، فهو يعيذ من استعاذ به . وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو بمكة إذا قرأ القرآن يرفع صوته ، فكان المشركون يطردون الناس عنه ، ويقولون { لاَ تَسْمَعُواْ لِهَـٰذَا ٱلْقُرْءانِ وَٱلْغَوْاْ فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ } وكان إذا أخفى قراءته لم يسمع من يحبّ أن يسمع القرآن ، فأنزل الله { وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا } الإسراء 110 . وأخرج عبد الرزاق ، والفريابي ، وسعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، وابن عساكر عن عليّ بن أبي طالب أنه سئل عن قوله { رَبَّنَا أَرِنَا ٱللَّذَيْنِ أَضَلَّـٰنَا مِنَ ٱلْجِنّ وَٱلإِنسِ } قال هو ابن آدم الذي قتل أخاه ، وإبليس . وأخرج الترمذي ، والنسائي ، والبزار ، وأبو يعلى ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن عديّ ، وابن مردويه عن أنس قال « قرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَـٰمُواْ } قال قد قالها ناس من الناس ، ثم كفر أكثرهم ، فمن قالها حين يموت ، فهو ممن استقام عليها » . وأخرج ابن المبارك ، وعبد الرزاق ، والفريابي ، وسعيد بن منصور ، ومسدد ، وابن سعد ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم من طريق سعيد بن عمران ، عن أبي بكر الصديق في قوله { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَـٰمُواْ } قال الاستقامة أن لا يشركوا بالله شيئاً . وأخرج ابن راهويه ، وعبد بن حميد ، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، وأبو نعيم في الحلية من طريق الأسود بن هلال عن أبي بكر الصديق أنه قال ما تقولون في هاتين الآيتين { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَـٰمُواْ } ، و { ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَـٰنَهُمْ بِظُلْمٍ } الأنعام 82 ؟ قالوا الذين قالوا ربنا الله ، ثم عملوا بها ، واستقاموا على أمره ، فلم يذنبوا ، ولم يلبسوا إيمانهم بظلم لم يذنبوا ، قال لقد حملتموهما على أمر شديد { ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَـٰنَهُمْ بِظُلْمٍ } يقول بشرك ، والذين قالوا ربنا الله ، ثم استقاموا ، فلم يرجعوا إلى عبادة الأوثان . وأخرج ابن مردويه عن بعض الصحابة ثم استقاموا على فرائض الله . وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس { ثُمَّ ٱسْتَقَـٰمُواْ } قال على شهادة أن لا إلٰه إلاّ الله . وأخرج ابن المبارك ، وسعيد بن منصور ، وأحمد في الزهد ، وعبد بن حميد ، والحكيم الترمذي ، وابن المنذر عن عمر بن الخطاب { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَـٰمُواْ } قال استقاموا بطاعة الله ، ولم يروغوا روغان الثعلب . وأخرج أحمد ، وعبد بن حميد ، والدارمي ، والبخاري في تاريخه ، ومسلم ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، وابن حبان ، عن سفيان الثقفي ، أن رجلاً قال يا رسول الله مرني بأمر في الإسلام لا أسأل عنه أحداً بعدك ، قال قل آمنت بالله ، ثم استقم ، قلت فما أتقي ؟ فآوى إلى لسانه . قال الترمذي حسن صحيح . وأخرج عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه عن عائشة في قوله { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مّمَّن دَعَا إِلَى ٱللَّهِ } قالت المؤذن { وَعَمِلَ صَـٰلِحَاً } قالت ركعتان فيما بين الأذان ، والإقامة . وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف ، وابن المنذر ، وابن مردويه من وجه آخر عنها قالت ما أرى هذه الآية نزلت إلاّ في المؤذنين . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله { وَلاَ تَسْتَوِى ٱلْحَسَنَةُ وَلاَ ٱلسَّيّئَةُ ٱدْفَعْ بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ } قال أمر المسلمين بالصبر عند الغضب ، والحلم عند الجهل ، والعفو عند الإساءة ، فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان ، وخضع لهم عدوّهم { كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَمِيمٌ } . وأخرج ابن مردويه عنه { ٱدْفَعْ بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ } قال القه بالسلام ، فإذا الذي بينك ، وبينه عداوة كأنه وليّ حميم . وأخرج ابن المنذر عن أنس في قوله { وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ } قال الرجل يشتمه أخوه ، فيقول إن كنت صادقاً ، فغفر الله لي ، وإن كنت كاذباً ، فغفر الله لك . وأخرج البخاري ، ومسلم ، وغيرهما عن سليمان بن صرد قال استبّ رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فاشتدّ غضب أحدهما ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه الغضب أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " فقال الرجل أمجنون تراني ؟ ، فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم { وَإِمَّا يَنَزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَـٰنِ نَزْغٌ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ مِنَ ٱلشَّيْطَـٰنِ ٱلرَّجِيمِ } » .