Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 53, Ayat: 27-42)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله { إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ ٱلْمَلَـٰئِكَةَ تَسْمِيَةَ ٱلآنثَىٰ } أي أن هؤلاء الذين لا يؤمنون بالبعث ، وما بعده من الدار الآخرة ، وهم الكفار يضمون إلى كفرهم مقالة شنعاء ، وجهالةً جهلاء ، وهي أنهم يسمون الملائكة المنزهين عن كل نقص تسمية الأنثى ، وذلك أنهم زعموا أنها بنات الله ، فجعلوهم إناثاً ، وسموهم بنات { وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ } هذه الجملة في محل نصب على الحال ، أي يسمونهم هذه التسمية ، والحال أنهم غير عالمين بما يقولون ، فإنهم لم يعرفوهم ، ولا شاهدوهم ، ولا بلِّغ إليهم ذلك من طريق من الطرق التي يخبر المخبرون عنها ، بل قالوا ذلك جهلاً وضلالةً وجرأة . وقرىء ما لهم بها أي بالملائكة ، أو التسمية { إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ } أي ما يتبعون في هذه المقالة إلاّ مجرّد الظنّ ، والتوهم . ثم أخبر سبحانه عن الظنّ وحكمه ، فقال { وَإِنَّ ٱلظَّنَّ لاَ يُغْنِى مِنَ ٱلْحَقّ شَيْئاً } أي إن جنس الظنّ لا يغني من الحق شيئًا من الإغناء ، والحقّ هنا العلم . وفيه دليل على أن مجرّد الظن لا يقوم مقام العلم ، وأن الظانّ غير عالم . وهذا في الأمور التي يحتاج فيها إلى العلم ، وهي المسائل العلمية لا فيما يكتفي فيه بالظنّ ، وهي المسائل العملية ، وقد قدّمنا تحقيق هذا . ولا بدّ من هذا التخصيص ، فإن دلالة العموم والقياس وخبر الواحد ، ونحو ذلك ظنية ، فالعمل بها عمل بالظن ، وقد وجب علينا العمل به في مثل هذه الأمور ، فكانت أدلة وجوبه العمل به فيها مخصصة لهذا العموم ، وما ورد في معناه من الذمّ لمن عمل بالظن والنهي عن اتباعه . { فَأَعْرَضَ عمن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا } أي أعرض عن ذكرنا ، والمراد بالذكر هنا القرآن ، أو ذكر الآخرة ، أو ذكر الله على العموم ، وقيل المراد بالذكر هنا الإيمان ، والمعنى اترك مجادلتهم ، فقد بلغت إليهم ما أمرت به ، وليس عليك إلاّ البلاغ ، وهذا منسوخ بآية السيف { وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا } أي لم يرد سواها ، ولا طلب غيرها بل قصر نظره عليها ، فإنه غير متأهل للخير ، ولا مستحقّ للاعتناء بشأنه . ثم صغر سبحانه شأنهم وحقر أمرهم ، فقال { ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مّنَ ٱلْعِلْمِ } أي إن ذلك التولي وقصر الإرادة على الحياة الدنيا هو مبلغهم من العلم ليس لهم غيره ، ولا يلتفتون إلى سواه من أمر الدين . قال الفرّاء أي ذلك قدر عقولهم ، ونهاية علمهم أن آثروا الدنيا على الآخرة ، وقيل الإشارة بقوله { ذٰلِكَ } إلى جعلهم للملائكة بنات الله ، وتسميتهم لهم تسمية الأنثى ، والأوّل أولى . والمراد بالعلم هنا مطلق الإدراك الذي يندرج تحته الظنّ الفاسد ، والجملة مستأنفة لتقرير جهلهم ، واتباعهم مجرّد الظن ، وقيل معترضة بين المعلل والعلة وهي قوله { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱهْتَدَىٰ } ، فإن هذا تعليل للأمر بالإعراض ، والمعنى أنه سبحانه أعلم بمن حاد عن الحق ، وأعرض عنه ، ولم يهتد إليه ، وأعلم بمن اهتدى ، فقبل الحق ، وأقبل إليه ، وعمل به ، فهو مجاز كل عامل بعمله ، إن خيراً فخير ، وإن شراً فشرّ . وفيه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإرشاد له بأن لا يتعب نفسه في دعوة من أصرّ على الضلالة ، وسبقت له الشقاوة ، فإن الله قد علم حال هذا الفريق الضال ، كما علم حال الفريق الراشد . ثم أخبر سبحانه عن سعة قدرته ، وعظيم ملكه ، فقال { وَللَّهِ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأرْضِ } أي هو المالك لذلك ، والمتصرّف فيه لا يشاركه فيه أحد ، واللام في { لِيَجْزِىَ ٱلَّذِينَ أَسَاءواْ بِمَا عَمِلُواْ } متعلقة بما دلّ عليه الكلام ، كأنه قال هو مالك ذلك يضلّ من يشاء ، ويهدي من يشاء ليجزي المسيء بإساءته ، والمحسن بإحسانه . وقيل إن قوله { وَللَّهِ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأرْضِ } معترضة ، والمعنى إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله ، وهو أعلم بمن اهتدى ليجزي ، وقيل هي لام العاقبة ، أي وعاقبة أمر الخلق الذين فيهم المحسن والمسيء أن يجزي الله كلاً منهما بعمله . وقال مكي إن اللام متعلقة بقوله { لاَ تُغْنِى شَفَـٰعَتُهُمْ } وهو بعيد من حيث اللفظ ، ومن حيث المعنى . قرأ الجمهور { ليجزي } بالتحتية . وقرأ زيد بن عليّ بالنون ، ومعنى { بِٱلْحُسْنَى } أي بالمثوبة الحسنى ، وهي الجنة ، أو بسبب أعمالهم الحسنى . ثم وصف هؤلاء المحسنين ، فقال { ٱلَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَـٰئِرَ ٱلإثْمِ وَٱلْفَوٰحِشَ } فهذا الموصول في محل نصب على أنه نعت للموصول الأوّل في قوله { ٱلَّذِينَ أَحْسَنُواْ } وقيل بدل منه ، وقيل بيان له ، وقيل منصوب على المدح بإضمار أعني ، أو في محل رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف ، أي هم الذين يجتنبون كبائر الإثم . قرأ الجمهور { كبائر } على الجمع . وقرأ حمزة ، والكسائي ، والأعمش ، ويحيى بن وثاب { كبير } على الإفراد ، والكبائر كل ذنب توعد الله عليه بالنار ، أو ذمّ فاعله ذماً شديداً ، ولأهل العلم في تحقيق الكبائر كلام طويل . وكما اختلفوا في تحقيق معناها وماهيتها اختلفوا في عددها ، والفواحش جمع فاحشة وهي ما فحش من كبائر الذنوب كالزنا ، ونحوه . وقال مقاتل كبائر الإثم كل ذنب ختم بالنار ، والفواحش كل ذنب فيه الحد ، وقيل الكبائر الشرك ، والفواحش الزنا ، وقد قدّمنا في سورة النساء ما هو أبسط من هذا ، وأكثر فائدة ، والاستثناء بقوله { إِلاَّ ٱللَّمَمَ } منقطع ، وأصل اللمم في اللغة ما قلّ وصغر ، ومنه ألمّ بالمكان قلّ لبثه فيه ، وألمّ بالطعام قل أكله منه . قال المبرد أصل اللمم أن تلمّ بالشيء من غير أن تركبه يقال ألم بكذا إذا قاربه ولم يخالطه . قال الأزهري العرب تستعمل الإلمام في معنى الدنوّ والقرب ، ومنه قول جرير @ بنفسي من تجنبه عزيز عليّ ومن زيارته لمام @@ وقول الآخر @ متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا تجد حطباً جزلاً وناراً تأججاً @@ قال الزجاج أصل اللمم والإلمام ما يعمله الإنسان المرّة بعد المرّة ، ولا يتعمق فيه ، ولا يقيم عليه ، يقال ألممت به إذا زرته ، وانصرفت عنه ، ويقال ما فعلته إلاّ لماماً وإلماماً ، أي الحين بعد الحين ، ومنه إلمام الخيال . قال الأعشى @ ألمّ خيال من قبيلة بعد ما وهَى حبلها من حبلنا فتصرّما @@ قال في الصحاح ألمّ الرجل من ألمم وهو صغائر الذنوب ، ويقال هو مقاربة المعصية من غير مواقعة ، وأنشد غيره @ بزينب ألمم قبل أن يرحل الركب وقلّ أن تملينا فما ملك القلب @@ وقد اختلفت أقوال أهل العلم في تفسير هذا اللمم المذكور في الآية ، فالجمهور على أنه صغائر الذنوب ، وقيل هو ما كان دون الزنا من القبلة ، والغمزة ، والنظرة ، وقيل هو الرجل يلم بذنب ، ثم يتوب ، وبه قال مجاهد ، والحسن ، والزهري ، وغيرهم ، ومنه @ إن تغفر اللَّهم تغفر جمّا وأيّ عبد لك إلاّ ألمّا @@ اختار هذا القول الزجاج ، والنحاس ، وقيل هو ذنوب الجاهلية ، فإن الله لا يؤاخذ بها في الإسلام ، وقال نفطويه هو أن يأتي بذنب لم يكن له بعادة . قال والعرب تقول ما تأتينا إلاّ إلماماً ، أي في الحين بعد الحين ، قال ولا يكون أن يلمّ ولا يفعل لأن العرب لا تقول ألمّ بنا إلاّ إذا فعل ، لا إذا همّ ولم يفعل ، والراجح الأول ، وجملة { إِنَّ رَبَّكَ وٰسِعُ ٱلْمَغْفِرَةِ } تعليل لما تضمنه الاستثناء ، أي إن ذلك وإن خرج عن حكم المؤاخذة ، فليس يخلو عن كونه ذنباً يفتقر إلى مغفرة الله ، ويحتاج إلى رحمته ، وقيل إنه سبحانه يغفر لمن تاب عن ذنبه . ثم ذكر سبحانه إحاطة علمه بأحوال عباده ، فقال { هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُمْ مّنَ ٱلأرْضِ } أي خلقكم منها في ضمن خلق أبيكم آدم . وقيل المراد آدم ، فإنه خلقه من طين { وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ } أي هو أعلم بأحوالكم وقت كونكم أجنة ، والأجنة جمع جنين وهو الولد ما دام في البطن سمي بذلك لاجتنانه ، أي استتاره ، ولهذا قال { فِى بُطُونِ أُمَّهَـٰتِكُـمْ } فلا يسمى من خرج عن البطن جنيناً ، والجملة مستأنفة لتقرير ما قبلها { فَلاَ تُزَكُّواْ أَنفُسَكُمْ } أي لا تمدحوها ولا تبرئوها عن الآثام ولا تثنوا عليها ، فإن ترك تزكية النفس أبعد من الرياء ، وأقرب إلى الخشوع ، وجملة { هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰ } مستأنفة مقررة للنهي ، أي هو أعلم بمن اتقى عقوبة الله ، وأخلص العمل له . قال الحسن وقد علم سبحانه من كل نفس ما هي عاملة ، وما هي صانعة ، وإلى ما هي صائرة . ثم لما بيّن سبحانه جهالة المشركين على العموم خصّ بالذمّ بعضهم فقال { أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِى تَوَلَّىٰ } أي تولى عن الخير ، وأعرض عن اتباع الحق { وَأَعْطَىٰ قَلِيلاً وَأَكْدَىٰ } أي أعطى عطاءً قليلاً ، أو أعطى شيئًا قليلاً ، وقطع ذلك وأمسك عنه ، وأصل أكدى من الكدية وهي الصلابة ، يقال لمن حفر بئراً ثم بلغ فيها إلى حجر لا يتهيأ له فيه حفر قد أكدى ، ثم استعملته العرب لمن أعطى فلم يتمّ ، ولمن طلب شيئًا فلم يبلغ آخره ، ومنه قول الحطيئة @ فأَعطى قليلاً ثم أكْدَى عطاؤه ومن يَبْذُلِ المعروف في الناس يحمد @@ قال الكسائي ، وأبو زيد ، ويقال كديت أصابعه إذا محلت من الحفر ، وكدت يده إذا كلت ، فلم تعمل شيئًا ، وكدت الأرض إذا قل نباتها ، وأكديت الرجل عن الشيء رددته ، وأكدى الرجل إذا قلّ خيره . قال الفراء معنى الآية أمسك من العطية وقطع . وقال المبرد منع منعاً شديداً . قال مجاهد ، وابن زيد ، ومقاتل نزلت في الوليد بن المغيرة ، وكان قد اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم على دينه ، فعيره بعض المشركين ، فترك ورجع إلى شركه . قال مقاتل كان الوليد مدح القرآن ، ثم أمسك عنه ، فأعطى قليلاً من لسانه من الخير ثم قطعه . وقال الضحاك نزلت في النضر بن الحارث . وقال محمد بن كعب القرظي نزلت في أبي جهل { أعنده عِلْمُ ٱلْغَيْبِ فَهُوَ يَرَىٰ } الاستفهام للتقريع والتوبيخ ، والمعنى أعند هذا المكدي علم ما غاب عنه من أمر العذاب ، فهو يعلم ذلك { أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِى صُحُفِ مُوسَىٰ * وَإِبْرٰهِيمَ ٱلَّذِى وَفَّىٰ } أي ألم يخبر ، ولم يحدّث بما في صحف موسى ، يعني أسفاره ، وهي التوراة ، وبما في صحف إبراهيم ، الذي وفى أي تمم وأكمل ما أمر به . قال المفسرون أي بلغ قومه ما أمر به وأدّاه إليهم ، وقيل بالغ في الوفاء بما عاهد الله عليه ، ثم بيّن سبحانه ما في صحفهما ، فقال { أَلاَّ تَزِرُ وٰزِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } أي لا تحمل نفس حاملة حمل نفس أخرى ، ومعناه لا تؤخذ نفس بذنب غيرها ، وأن هي المخففة من الثقيلة ، واسمها ضمير شأن مقدّر ، وخبرها الجملة بعدها ، ومحل الجملة الجرّ على أنها بدل من صحف موسى ، وصحف إبراهيم ، أو الرفع على أنها خبر مبتدأ محذوف ، وقد مضى تفسير هذه الآية في سورة الأنعام { وَأَن لَّيْسَ لِلإنسَـٰنِ إِلاَّ مَا سَعَىٰ } عطف على قوله { أَلاَّ تَزِرُ } وهذا أيضاً مما في صحف موسى ، والمعنى ليس له إلاّ أجر سعيه ، وجزاء عمله ، ولا ينفع أحداً عمل أحد ، وهذا العموم مخصوص بمثل قوله سبحانه { أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرّيَّتَهُمْ } الطور 21 ، وبمثل ما ورد في شفاعة الأنبياء ، والملائكة للعباد ، ومشروعية دعاء الأحياء للأموات ، ونحو ذلك ، ولم يصب من قال إن هذه الآية منسوخة بمثل هذه الأمور ، فإن الخاصّ لا ينسخ العام بل يخصصه ، فكل ما قام الدليل على أن الإنسان ينتفع به وهو من غير سعيه ، كان مخصصاً لما في هذه الآية من العموم { وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ } أي يعرض عليه ويكشف له يوم القيامة { ثُمَّ يُجْزَاهُ } أي يجزى الإنسان سعيه ، يقال جزاه الله بعمله ، وجزاء على عمله ، فالضمير المرفوع عائد إلى الإنسان ، والمنصوب إلى سعيه . وقيل إن الضمير المنصوب راجع إلى الجزاء المتأخر وهو قوله { ٱلْجَزَاء ٱلأوْفَىٰ } فيكون الضمير راجعاً إلى متأخر عنه هو مفسر له ، ويجوز أن يكون الضمير المنصوب راجعاً إلى الجزاء الذي هو مصدر يجزاه ، ويجعل الجزاء الأوفى تفسيراً للجزاء المدلول عليه بالفعل ، كما في قوله { ٱعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ } المائدة 8 قال الأخفش يقال جزيته الجزاء ، وجزيته بالجزاء سواءً لا فرق بينهما . { وَأَنَّ إِلَىٰ رَبّكَ ٱلْمُنتَهَىٰ } أي المرجع والمصير إليه سبحانه لا إلى غيره ، فيجازيهم بأعمالهم . وقد أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله { ٱلَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَـٰئِرَ ٱلإثْمِ وَٱلْفَوٰحِشَ } قال الكبائر ما سمى الله فيه النار ، والفواحش ما كان فيه حدّ الدنيا . وأخرج البخاري ، ومسلم ، وغيرهما عن ابن عباس قال ما رأيت شيئًا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال " إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة ، فزنا العين النظر ، وزنا اللسان النطق ، والنفس تتمنى وتشتهي ، والفرج يصدّق ذلك ، أو يكذبه " وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والحاكم وصححه ، والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود في قوله { إِلاَّ ٱللَّمَمَ } قال زنا العينين النظر ، وزنا الشفتين التقبيل ، وزنا اليدين البطش ، وزنا الرجلين المشي ، ويصدّق ذلك الفرج ، أو يكذبه ، فإن تقدم بفرجه كان زانياً ، وإلاّ فهو اللمم . وأخرج مسدد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم عن أبي هريرة أنه سئل عن قوله { إِلاَّ ٱللَّمَمَ } قال هي النظرة ، والغمزة ، والقبلة ، والمباشرة ، فإذا مسّ الختان الختان ، فقد وجب الغسل ، وهو الزنا . وأخرج سعيد بن منصور ، والترمذي وصححه ، والبزار ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، والبيهقي في الشعب عن ابن عباس قال في قوله { إِلاَّ ٱللَّمَمَ } هو الرجل يلم بالفاحشة ، ثم يتوب منها . قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم @ إن تغفر اللَّهم تغفر جما وأيّ عبد لك لا ألما @@ وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عنه في قوله { اللمم } يقول إلاّ ما قد سلف . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة في قوله { إِلاَّ ٱللَّمَمَ } قال اللمة من الزنا ثم يتوب ولا يعود ، واللمة من شرب الخمر ثم يتوب ولا يعود ، فذلك الإلمام . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير عن ابن عباس قال اللمم كل شيء بين الحدّين حدّ الدنيا وحدّ الآخرة يكفره الصلاة ، وهو دون كلّ موجب ، فأما حدّ الدنيا ، فكلّ حدّ فرض الله عقوبته في الدنيا وأما حدّ الآخرة ، فكلّ شيء ختمه الله بالنار ، وأخر عقوبته إلى الآخرة . وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، وابن مردويه ، وأبو نعيم في المعرفة عن ثابت بن الحارث الأنصاري قال كانت اليهود إذا هلك لهم صبيّ صغير قالوا هو صدّيق ، فبلغ ذلك النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال " كذبت يهود ما من نسمة يخلقها في بطن أمها إلاّ أنه شقيّ ، و سعيد " ، فأنزل الله عند ذلك { هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُمْ مّنَ ٱلأرْضِ } الآية كلها . وأخرج أحمد ، ومسلم ، وأبو داود عن زينب بنت أبي سلمة أنها سميت برّة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تزكوا أنفسكم الله أعلم بأهل البرّ منكم ، سموها زينب " وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله { وَأَعْطَىٰ قَلِيلاً وَأَكْدَىٰ } قال قطع ، نزلت في العاص بن وائل . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عنه قال أطاع قليلاً ثم انقطع . وأخرج سعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والشيرازي في الألقاب ، والديلمي قال السيوطي بسند ضعيف عن أبي أمامة عن النبيّ قال " أتدرون ما قوله { وَإِبْرٰهِيمَ ٱلَّذِى وَفَّىٰ } ؟ " قالوا الله ورسوله أعلم ، قال " وفّى عمل يومه بأربع ركعات كان يصليهنّ ، وزعم أنها صلاة الضحى " ، وفي إسناده جعفر بن الزبير ، وهو ضعيف . وأخرج الحاكم وصححه ، وابن مردويه عن ابن عباس قال سهام الإسلام ثلاثون سهماً لم يتممها أحد قبل إبراهيم عليه السلام قال الله { وَإِبْرٰهِيمَ ٱلَّذِى وَفَّىٰ } . وأخرج ابن جرير عنه في الآية قال يقول إبراهيم الذي استكمل الطاعة فيما فعل بابنه حين رأى الرؤيا ، والذي في صحف موسى ، { أَلاَّ تَزِرُ وٰزِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } إلى آخر الآية . وأخرج ابن أبي حاتم عن سهل بن معاذ بن أنس ، عن أبيه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " ألا أخبركم لم سمى الله إبراهيم خليله الذي وفى ؟ إنه كان يقول كلما أصبح وأمسى { فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ } إلى آخر الآية الروم 17 " ، وفي إسناده ابن لهيعة . وأخرج عبد بن حميد ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه عن ابن عباس . قال لما نزلت { وَٱلنَّجْمِ } فبلغ { وَإِبْرٰهِيمَ ٱلَّذِى وَفَّىٰ } قال وفّى { أَلاَّ تَزِرُ وٰزِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } إلى قوله { مّنَ ٱلنُّذُرِ ٱلأوْلَىٰ } . وأخرج أبو داود ، والنحاس كلاهما في الناسخ ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن مردويه عنه قال { وَأَن لَّيْسَ لِلإنسَـٰنِ إِلاَّ مَا سَعَىٰ } فأنزل الله بعد ذلك { وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَٱتَّبَعَتْهُمْ ذُرّيَّتُهُم بِإِيمَـٰنٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرّيَّتَهُمْ } الطور 21 ، فأدخل الله الأبناء الجنة بصلاح الآباء . وأخرج ابن مردويه عنه أيضاً قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ { وَأَن لَّيْسَ لِلإنسَـٰنِ إِلاَّ مَا سَعَىٰ * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ * ثُمَّ يُجْزَاهُ ٱلْجَزَاء ٱلأوْفَىٰ } استرجع واستكان . وأخرج الدارقطني في الأفراد ، والبغوي في تفسيره عن أبيّ بن كعب عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله { وَأَنَّ إِلَىٰ رَبّكَ ٱلْمُنتَهَىٰ } قال " لا فكرة في الرب " .