Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 118-120)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما تقدم ذكر ما يصنعه الكفار في الأنعام من تلك السنن الجاهلية ، أمر الله المسلمين بأن يأكلوا مما ذكر اسم الله عليه . وقيل إنها نزلت في سبب خاص وسيأتي ، ولكن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فكل ما ذكر الذابح عليه اسم الله حلّ إن كان مما أباح الله أكله . وقال عطاء في هذه الآية الأمر بذكر الله على الشراب والذبح وكل مطعوم ، والشرط في { إِن كُنتُم بِآيَـٰتِهِ مُؤْمِنِينَ } للتهييج والإلهاب ، أي بأحكامه من الأوامر والنواهي التي من جملتها الأمر بالأكل مما ذكر اسم الله عليه ، والاستفهام في { وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ } للإنكار ، أي ما المانع لكم من أكل ما سميتم عليه بعد أن أذن الله لكم بذلك ؟ والحال أن { قَدْ فَصَّل لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ } أي بين لكم بياناً مفصلاً يدفع الشك ، ويزيل الشبهة بقوله { قُل لا أَجِدُ فِيمَا أُوحِىَ إِلَي مُحَرَّمًا } الأنعام 145 إلى آخر الآية ، ثم استثنى فقال { إِلاَّ مَا ٱضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ } أي من جميع ما حرّمه عليكم ، فإن الضرورة تحلل الحرام ، وقد تقدّم تحقيقه في البقرة . قرأ نافع ، ويعقوب " وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ " بفتح الفعلين على البناء للفاعل ، وهو الله سبحانه . وقرأ أبو عمرو ، وابن عامر ، وابن كثير ، بالضم فيهما على البناء للمفعول . وقرأ عطية العوفي « فصل » بالتخفيف ، أي أبان وأظهر . قوله { وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ } هم الكفار الذين كانوا يحرّمون البحيرة والسائبة ونحوهما ، فإنهم بهذه الأفعال المبنية على الجهل ، كانوا يضلون الناس ، فيتبعونهم ، ولا يعلمون أن ذلك جهل وضلالة ، لا يرجع إلى شيء من العلم ، ثم أمرهم الله أن يتركوا ظاهر الإثم وباطنه . والظاهر ما كان يظهر كأفعال الجوارح . والباطن ما كان لا يظهر كأفعال القلب وقيل ما أعلنتم وما أسررتم . وقيل الزنا الظاهر ، والزنا المكتوم وأضاف الظاهر والباطن إلى الإثم ، لأنه يتسبب عنهما ، ثم توعد الكاسبين للإثم بالجزاء بسبب افترائهم على الله سبحانه . وقد أخرج أبو داود ، والترمذي وحسنه ، والبزار ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، عن ابن عباس ، قال جاءت اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم قالوا إنا نأكل مما قتلنا ولا نأكل مما قتل الله ، فأنزل الله { فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ } إلى قوله { وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ } . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن سعيد بن جبير { فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ } فإنه حلال { إِن كُنتُم بِآيَـٰتِهِ } يعني القرآن { مُّؤْمِنِينَ } قال مصدقين { وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ } يعني الذبائح { وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ } يعني ما حرّم عليكم من الميتة { وَإِنَّ كَثِيرًا } يعني من مشركي العرب { لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ } يعني في أمر الذبائح . وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن قتادة في قوله { إِلاَّ مَا ٱضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ } أي من الميتة ، والدم ، ولحم الخنزير . وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس { وَذَرُواْ ظَـٰهِرَ ٱلإِثْمِ } قال هو نكاح الأمهات والبنات { وَبَاطِنَهُ } قال هو الزنا . وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن سعيد بن جبير قال الظاهر منه { لا تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءابَاؤُكُمْ مّنَ ٱلنّسَاء } النساء 22 و { حُرّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَـٰتُكُمْ وَبَنَـٰتُكُمْ وَأَخَوٰتُكُمْ } النساء 23 الآية ، والباطن الزنا . وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال علانيته وسرّه .