Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 12-21)

Tafsir: Fatḥ al-qadīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله { قُل لّمَن مَّا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأرْضَ } هذا احتجاج عليهم وتبكيت لهم ، والمعنى قل لهم هذا القول فإن قالوا فقل لله ، وإذا ثبت أن له ما في السموات والأرض إما باعترافهم ، أو بقيام الحجة عليهم ، فالله قادر على أن يعاجلهم بالعقاب ، ولكنه كتب على نفسه الرحمة ، أي وعد بها فضلاً منه وتكرّماً ، وذكر النفس هنا عبارة عن تأكد وعده ، وارتفاع الوسائط دونه ، وفي الكلام ترغيب للمتولين عنه إلى الإقبال إليه وتسكين خواطرهم بأنه رحيم بعباده لا يعاجلهم بالعقوبة ، وأنه يقبل منهم الإنابة والتوبة ، ومن رحمته لهم إرسال الرسل ، وإنزال الكتب ، ونصب الأدلة . قوله { لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ } اللام جواب قسم محذوف . قال الفراء وغيره يجوز أن يكون تمام الكلام عند قوله { ٱلرَّحْمَةِ } ويكون ما بعدها مستأنفاً على جهة التبيين ، فيكون المعنى { لَيَجْمَعَنَّكُمْ } ليمهلنكم وليؤخرنّ جمعكم . وقيل المعنى ليجمعنكم في القبور إلى اليوم الذي أنكرتموه . وقيل " إِلَىٰ " بمعنى في ، أي ليجمعنكم في يوم القيامة . وقيل يجوز أن يكون موضع { لَيَجْمَعَنَّكُمْ } النصب على البدل من الرحمة ، فتكون اللام بمعنى " أن " . والمعنى كتب ربكم على نفسه الرحمة أن يجمعنكم كما قالوا في قوله تعالى { ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ ٱلآيَـٰتِ لَيَسْجُنُنَّهُ } يوسف 35 أي أن يسجنوه . وقيل إن جملة { لَيَجْمَعَنَّكُمْ } مسوقة للترهيب بعد الترغيب ، وللوعيد بعد الوعد ، أي إن أمهلكم برحمته فهو مجازيكم بجمعكم في معاقبة من يستحق عقوبته من العصاة ، والضمير في { لاَ رَيْبَ فِيهِ } لليوم أو للجمع . قوله { ٱلَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } . قال الزجاج إن الموصول مرتفع على الابتداء وما بعده خبره كما تقول الذي يكرمني فله درهم ، فالفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط . وقال الأخفش إن شئت كان { ٱلَّذِينَ } في موضع نصب على البدل من الكاف والميم في { لَيَجْمَعَنَّكُمْ } أي ليجمعنّ المشركين الذين خسروا أنفسهم ، وأنكره المبرد ، وزعم أنه خطأ ، لأنه لا يبدل من المخاطب ولا من المخاطب . لا يقال مررت بك زيد ولا مررت بي زيد . وقيل يجوز أن يكون { ٱلَّذِينَ } مجروراً على البدل من المكذبين الذين تقدّم ذكرهم ، أو على النعت لهم . وقيل إنه منادى وحرف النداء مقدّر . قوله { وَلَهُ مَا سَكَنَ فِى ٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ } أي لله ، وخصّ الساكن بالذكر ، لأن ما يتصف بالسكون أكثر مما يتصف بالحركة وقيل المعنى ما سكن فيهما أو تحرّك فاكتفى بأحد الضدّين عن الآخر ، وهذا من جملة الاحتجاج على الكفرة . قوله { قُلْ أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً } الاستفهام للإنكار ، قال لهم ذلك لما دعوه إلى عبادة الأصنام ، ولما كان الإنكار لاتخاذ غير الله ولياً ، لا لاتخاذ الولي مطلقاً دخلت الهمزة على المفعول لا على الفعل . والمراد بالوليّ هنا المعبود أي كيف أتخذ غير الله معبوداً ؟ و { فَاطِرَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأرْضَ } مجرور على أنه نعت لاسم الله ، وأجاز الأخفش الرفع على إضمار مبتدأ ، وأجاز الزجاج النصب على المدح ، وأجاز أبو عليّ الفارسي نصبه بفعل مضمر ، كأنه قيل أترك فاطر السموات والأرض . قوله { وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ } قرأ الجمهور بضم الياء وكسر العين في الأوّل ، وضمها وفتح العين في الثاني ، أي يرزق ولا يرزق ، وقرأ سعيد بن جبير ، ومجاهد ، والأعمش بفتح الياء في الثاني وفتح العين ، وقرىء بفتح الياء والعين في الأوّل ، وضمها وكسر العين في الثاني على أن الضمير يعود إلى الوليّ المذكور ، وخصّ الإطعام دون غيره من ضروب الإنعام لأن الحاجة إليه أمسّ . قوله { قُلْ إِنّى أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ } أمره سبحانه بعد ما تقدّم من اتخاذ غير الله ولياً أن يقول لهم إنه مأمور بأن يكون أوّل من أسلم وجهه لله من قومه ، وأخلص من أمته وقيل معنى { أَسْلَمَ } استسلم لأمر الله ، ثم نهاه الله عزّ وجلّ أن يكون من المشركين . والمعنى أمرت بأن أكون أوّل من أسلم ونهيت عن الشرك ، أي يقول لهم هذا ، ثم أمره أن يقول { إِنّى أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبّى عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } أي إن عصيته بعبادة غيره أو مخالفة أمره و نهيه . والخوف توقع المكروه وقيل هو هنا بمعنى العلم ، أي إني أعلم إن عصيت ربي أن لي عذاباً عظيماً . قوله { مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ } قرأ أهل المدينة وأهل مكة ، وابن عامر ، على البناء للمفعول ، أي من يصرف عنه العذاب ، واختار هذه القراءة سيبويه . وقرأ الكوفيون على البناء للفاعل ، وهو اختيار أبي حاتم ، فيكون الضمير على هذه القراءة لله . ومعنى { يَوْمَئِذٍ } يوم العذاب العظيم ، { فَقَدْ رَحِمَهُ } الله أي نجاه وأنعم عليه وأدخله الجنة ، والإشارة بذلك إلى الصرف أو إلى الرحمة ، أي فذلك الصرف أو الرحمة { ٱلْفَوْزُ ٱلْمُبِينُ } أي الظاهر الواضح ، وقرأ أبيّ { مَّن يُصْرَفْ عَنْه } . قوله { وَإِن يَمْسَسْكَ ٱللَّهُ بِضُرّ } أي إن ينزل الله بك ضراً من فقر أو مرض { فَلاَ كَـٰشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ } أي لا قادر على كشفه سواه { وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ } من رخاء أو عافية { فَهُوَ عَلَىٰ كُلّ شَىْء قَدُيرٌ } ومن جملة ذلك المسّ بالشرّ والخير . قوله { وَهُوَ ٱلْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ } القهر الغلبة ، والقاهر الغالب ، وأقهر الرجل إذا صار مقهوراً ذليلاً ، ومنه قول الشاعر @ تمنى حصين أن يسود خزاعة فأمسى حصين قد أذلّ وأقهرا @@ ومعنى { فَوْقَ عِبَادِهِ } فوقية الاستعلاء بالقهر والغلبة عليهم ، لا فوقية المكان كما تقول السلطان فوق رعيته ، أي بالمنزلة والرفعة . وفي القهر معنى زائد ليس في القدرة ، وهو منع غيره عن بلوغ المراد { وَهُوَ ٱلْحَكِيمُ } في أمره { ٱلْخَبِيرُ } بأفعال عباده . قوله { قُلْ أَىُّ شَىْء أَكْبَرُ شَهَـٰدةً } أيّ مبتدأ ، وأكبر خبره ، وشهادة تمييز ، والشيء يطلق على القديم والحادث ، والمحال والممكن . والمعنى أيّ شهيد أكبر شهادة ، فوضع شيء موضع شهيد . وقيل إن { شَىْء } هنا موضوع موضع اسم الله تعالى . والمعنى الله أكبر شهادة ، أي انفراده بالربوبية ، وقيام البراهين على توحيده أكبر شهادة ، وأعظم فهو شهيد بيني وبينكم . وقيل إن قوله { ٱللَّهِ شَهِيدٌ بِيْنِى وَبَيْنَكُمْ } هو الجواب ، لأنه إذا كان الشهيد بينه وبينهم كان أكبر شهادة له صلى الله عليه وسلم . وقيل إنه قد تمّ الجواب عند قوله { قُلِ ٱللَّهُ } يعني الله أكبر شهادة ، ثم ابتدأ فقال { شَهِيدٌ بِيْنِى وَبَيْنَكُمْ } أي شهيد بيني وبينكم . قوله { وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغ } أي أوحى الله إليّ هذا القرآن الذي تلوته عليكم لأجل أن أنذركم به ، وأنذر به من بلغ إليه ، أي كل من بلغ إليه من موجود ومعدوم سيوجد في الأزمنة المستقبلة ، وفي هذه الآية من الدلالة على شمول أحكام القرآن لمن سيوجد ، كشمولها لمن قد كان موجوداً وقت النزول ، ما لا يحتاج معه إلى تلك الخزعبلات المذكورة في علم أصول الفقه ، وقرأ أبو نهيك " وَأُوحِىَ " على البناء للفاعل ، وقرأ ابن عدي على البناء للمفعول . قوله { أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ ٱللَّهِ آلِهَةً أُخْرَىٰ } الاستفهام للتوبيخ والتقريع على قراءة من قرأ بهمزتين على الأصل أو بقلب الثانية ، وأما من قرأ على الخبر فقد حقّق عليهم شركهم ، وإنما قال { آلِهَةً أُخْرَىٰ } لأن الآلهة جمع ، والجمع يقع عليه التأنيث ، كذا قال الفراء ، ومثله قوله تعالى { وَللَّهِ ٱلأسْمَاء ٱلْحُسْنَىٰ } الأعراف 180 وقال { فَمَا بَالُ ٱلْقُرُونِ ٱلاْولَىٰ } طه 51 { قُل لاَّ أَشْهَدُ } أي فأنا لا أشهد معكم فحذف لدلالة الكلام عليه ، وذلك لكون هذه الشهادة باطلة ، ومثله { فَإِن شَهِدُواْ فَلاَ تَشْهَدْ مَعَهُمْ } الأنعام 150 و " ما " في { مّمَّا تُشْرِكُونَ } موصولة أو مصدرية ، أي من الأصنام التي تجعلونها آلهة ، أو من إشراككم بالله . قوله { ٱلَّذِينَ آتَيْنَـٰهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ } الكتاب للجنس فيشمل التوراة والإنجيل وغيرهما ، أي يعرفون رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال به جماعة من السلف ، وإليه ذهب الزجاج . وقيل إن الضمير يرجع إلى الكتاب ، أي يعرفونه معرفة محققة ، بحيث لا يلتبس عليهم منه شيء ، و { كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمُ } بيان لتحقيق تلك المعرفة وكمالها وعدم وجود شك فيها ، فإن معرفة الآباء للأبناء هي المبالغة إلى غاية الإتقان إجمالاً وتفصيلاً . قوله { ٱلَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُم } في محل رفع على الابتداء ، وخبره { فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } ودخول الفاء في الخبر ، لتضمن المبتدأ معنى الشرط . وقيل إن الموصول خبر مبتدأ محذوف . وقيل هو نعت للموصول الأوّل . وعلى الوجهين الأخيرين يكون { فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } معطوفاً على جملة { ٱلَّذِينَ ءاتَيْنَـٰهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ } . والمعنى على الوجه الأوّل أن الكفار الخاسرين لأنفسهم بعنادهم وتمرّدهم لا يؤمنون بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلى الوجهين الأخيرين أن أولئك الذين آتاهم الله الكتاب هم الذين خسروا أنفسهم بسبب ما وقعوا فيه من البعد عن الحق ، وعدم العمل بالمعرفة التي ثبتت لهم فهم لا يؤمنون . قوله { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } أي اختلق على الله الكذب فقال إن في التوراة و الإنجيل ما لم يكن فيهما { أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِه } التي يلزمه الإيمان بها من المعجزة الواضحة البينة ، فجمع بين كونه كاذباً على الله ، ومكذباً بما أمره الله بالإيمان به ، ومن كان هكذا فلا أحد من عباد الله أظلم منه ، والضمير في { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّـٰلِمُونَ } للشأن . وقد أخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن سلمان الفارسيّ قال إنا نجد في التوراة أن الله خلق السموات والأرض ، ثم جعل مائة رحمة قبل أن يخلق الخلق ، ثم خلق الخلق فوضع بينهم رحمة واحدة ، وأمسك عنده تسعاً وتسعين رحمة ، فبها يتراحمون ، وبها يتعاطفون ، وبها يتبادلون ، وبها يتزاورون وبها تحنّ الناقة ، وبها تنتج البقرة ، وبها تيعر الشاة ، وبها تتابع الطير ، وبها تتابع الحيتان في البحر ، فإذا كان يوم القيامة جمع تلك الرحمة إلى ما عنده ، ورحمته أفضل وأوسع . وقد أخرج مسلم ، وأحمد ، وغيرهما ، عن سلمان عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال " خلق الله يوم خلق السموات والأرض مائة رحمة منها رحمة يتراحم بها الخلق ، وتسعة وتسعون ليوم القيامة ، فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة " وثبت في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لما قضى الله الخلق كتب كتاباً فوضعه عنده فوق العرش إن رحمتي سبقت غضبي " وقد روي من طرق أخرى بنحو هذا . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن السديّ في قوله { وَلَهُ مَا سَكَنَ فِى ٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ } يقول ما استقرّ في الليل والنهار ، وفي قوله { قُلْ أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً } قال أما الولي فالذي تولاه ، ويقرّ له بالربوبية . وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن ابن عباس في قوله { فَاطِرَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأرْضَ } قال بديع السموات والأرض . وأخرج أبو عبيد في فضائله وابن جرير ، وابن الأنباري ، عنه قال كنت لا أدري ما فاطر السموات والأرض ؟ حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر فقال أحدهما أنا فطرتها ، يقول أنا ابتدأتها . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن السديّ في قوله { وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ } قال يرزق ولا يرزق . وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن قتادة في قوله { مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ } قال من يصرف عنه العذاب . وأخرج أبو الشيخ عن السديّ في قوله { وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ } يقول بعافية . وأخرج ابن إسحاق ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عن ابن عباس قال جاء التمام بن زيد ، وقردم بن كعب ، وبحري بن عمرو فقالوا يا محمد ما تعلم مع الله إلٰهاً غيره ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا إلٰه إلا الله ، بذلك بعثت وإلى ذلك أدعو " ، فأنزل الله { قُلْ أَىُّ شَىْء أَكْبَرُ شَهَـٰدةً } الآية . وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، والبيهقي في الأسماء والصفات عن مجاهد قال أمر محمد صلى الله عليه وسلم أن يسأل قريشاً أيّ شيء أكبر شهادة ؟ ثم أمره أن يخبرهم فيقول الله شهيد بيني وبينكم . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في الأسماء والصفات ، عن ابن عباس في قوله { وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ لأُنذِرَكُمْ بِهِ } يعني أهل مكة { وَمَن بَلَغَ } يعني من بلغه هذا القرآن من الناس فهو له نذير . وأخرج أبو الشيخ ، وابن مردويه ، عن أنس قال لما نزلت هذه الآية { وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ } كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كسرى ، وقيصر ، والنجاشي ، وكل جبار يدعوهم إلى الله عزّ وجل ، وليس بالنجاشي الذي صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم . وأخرج ابن مردويه ، وأبو نعيم ، والخطيب وابن النجار ، عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من بلغه القرآن فكأنما شافهته به " ، ثم قرأ ، { وأوحي إليّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ } . وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن الضريس ، وابن جرير ، وابن المنذر وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن محمد بن كعب القرظي قال « من بلغه القرآن فكأنما رأى النبي صلى الله عليه وسلم . وفي لفظ من بلغه القرآن حتى تفهمه وتعقله كان كمن عاين رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلمه . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، والبيهقي في الأسماء والصفات ، عن مجاهد في قوله { وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ لأُنذِرَكُمْ بِه } قال العرب { وَمَن بَلَغَ } قال العجم . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن عكرمة قال قال النضر وهو من بني عبد الدار إذا كان يوم القيامة شفعت لي اللات والعزى ، فأنزل الله { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } الآية .