Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 146-147)

Tafsir: Fatḥ al-qadīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قدّم { عَلَى ٱلَّذِينَ هَادُواْ } على الفعل للدلالة على أن هذا التحريم مختص بهم لا يجاوزهم إلى غيرهم . والذين هادوا اليهود ، ذكر الله ما حرّمه عليهم عقب ذكر ما حرّمه على المسلمين . والظفر واحد الأظفار ، ويجمع أيضاً على أظافير ، وزاد الفراء في جموع ظفر أظافر وأظافرة ، وذو الظفر ما له أصبع من دابة أو طائر ، ويدخل فيه الحافر والخف والمخلب ، فيتناول الإبل والبقر ، والغنم والنعام ، والأوز والبط ، وكل ما له مخلب من الطير ، وتسمية الحافر والخف ظفراً مجاز . والأولى حمل الظفر على ما يصدق عليه اسم الظفر في لغة العرب ، لأن هذا التعميم يأباه ما سيأتي من قوله { وَمِنَ ٱلْبَقَرِ وَٱلْغَنَمِ } فإن كان في لغة العرب بحيث يقال على البقر والغنم كان ذكرهما من بعد تخصيصاً حرّم الله ذلك عليهم عقوبة لهم على ما وقعوا فيه من الظلم كما قال تعالى { فَبِظُلْمٍ مّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيّبَـٰتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ } النساء 160 . قوله { وَمِنَ ٱلْبَقَرِ وَٱلْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا } لا غير هذه المذكورات كلحمهما ، والشحوم يدخل فيها الثروب وشحم الكلية . وقيل الثروب جمع ثرب ، وهو الشحم الرقيق الذي يكون على الكرش ، ثم استثنى الله سبحانه من الشحوم ما حملت ظهورهما من الشحم ، فإنه لم يحرمه الله عليهم ، و " مَا " في موضع نصب على الاستثناء { أَوِ ٱلْحَوَايَا } معطوف على ظهورهما ، أي إلا ما حملت ظهورهما أو حملت الحوايا ، وهي المباعر التي يجتمع البعر فيها ، فما حملته من الشحم غير حرام عليهم ، وواحدها حاوية ، مثل ضاربة وضوارب . وقيل واحدها حاوياء مثل قاصعاء وقواصع ، وقيل حوية كسفينة وسفائن . وقال أبو عبيدة الحوايا ما تحوّى من البطن أي استدار ، وهي متحوية أي مستديرة . وقيل الحوايا خزائن اللبن ، وهي تتصل بالمباعر . وقيل الحوايا الأمعاء التي عليها الشحوم . قوله { أَوْ مَا ٱخْتَلَطَ بِعَظْمٍ } معطوف على « ما » في { مَا حَمَلَتْ } كذا قال الكسائي والفراء وثعلب . وقيل إن الحوايا وما اختلط بعظم معطوفة على الشحوم . والمعنى حرّمنا عليهم شحومهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ، إلا ما حملت ظهورهما فإنه غير محرّم ، ولا وجه لهذا التكلف ، ولا موجب له ، لأنه يكون المعنى إن الله حرّم عليهم إحدى هذه المذكورات . والمراد بما اختلط بعظم ما لصق بالعظام من الشحوم في جميع مواضع الحيوان ، ومنه الإلية فإنها لاصقة بعجب الذنب ، والإشارة بقوله { ذٰلِكَ } إلى التحريم المدلول عليه بحرّمنا ، أي ذلك التحريم جزيناهم به بسبب بغيهم . وقيل إن الإشارة إلى الجزاء المدلول عليه بقوله { جَزَيْنَـٰهُم } أي ذلك الجزاء جزيناهم ، وهو تحريم ما حرّمه الله عليهم { وِإِنَّا لَصَـٰدِقُونَ } في كل ما نخبر به ، ومن جملة ذلك هذا الخبر ، وهو موجود عندهم في التوراة ، ونصها « حرّمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وكل دابة ليست مشقوقة الحافر ، وكل حوت ليس فيه سفاسف » أي بياض انتهى . والضمير في { كَذَّبُوكَ } لليهود أي فإن كذبك اليهود فيما وصفت من تحريم الله عليهم تلك الأشياء { فَقُل رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وٰسِعَةٍ } ومن رحمته حلمه عنكم ، وعدم معاجلته لكم بالعقوبة في الدنيا ، وهو وإن أمهلكم ورحمكم فـ { لا يرد بأسه عن القوم المجرمين } إذا أنزله بهم واستحقوا المعاجلة بالعقوبة . وقيل المراد لا يردّ بأسه في الآخرة عن القوم المجرمين ، والأوّل أولى ، فإنه سبحانه قد عاجلهم بعقوبات منها تحريم الطيبات عليهم في الدنيا . وقيل الضمير يعود إلى المشركين الذين قسموا الأنعام إلى تلك الأقسام ، وحللوا بعضها وحرّموا بعضها . وقيل المراد أنه ذو رحمة للمطيعين { وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ ٱلْقَوْمِ ٱلْمُجْرِمِينَ } ولا مُلجىء لهذا . وقد أخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس ، في قوله { كُلَّ ذِى ظُفُرٍ } قال هو الذي ليس بمنفرج الأصابع ، يعني ليس بمشقوق الأصابع . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في سننه ، عنه { كُلَّ ذِى ظُفُرٍ } قال البعير والنعامة . وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد قال هو كل شيء لم تنفرج قوائمه من البهائم ، وما انفرج أكلته اليهود ، قال انفرجت قوائم الدجاج ، والعصافير ، فيهود تأكله ، ولم ينفرج خفّ البعير ولا النعامة ، ولا قائمة الوزينة ، فلا تأكل اليهود الإبل ولا النعام ولا الوزينة ، ولا كل شيء لم تنفرج قائمته كذلك ، ولا تأكل حمار الوحش . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في سننه ، عن ابن عباس ، في قوله { وَمِنَ ٱلْبَقَرِ وَٱلْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا } يعني ما علق بالظهر من الشحم { أَوِ ٱلْحَوَايَا } هي المبعر . وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن أبي صالح ، في قوله { إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا } قال الإلية { أَوِ ٱلْحَوَايَا } قال المبعر { أَوْ مَا ٱخْتَلَطَ بِعَظْمٍ } قال الشحم . وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، عن مجاهد في قوله { أَوِ ٱلْحَوَايَا } قال المباعر . وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن أبي حاتم ، عن الضحاك { أَوِ ٱلْحَوَايَا } قال المرائض والمباعر . وأخرج ابن المنذر ، وأبو الشيخ ، عن ابن عباس { أَوْ مَا ٱخْتَلَطَ بِعَظْمٍ } قال الإلية اختلط شحم الإلية بالعصعص ، فهو حلال ، وكل شحم القوائم ، والجنب ، والرأس ، والعين ، والأذن ، يقولون قد اختلط ذلك بعظم فهو حلال لهم ، إنما حرّم عليهم الثرب وشحم الكلية ، وكل شيء كان كذلك ليس في عظم . وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن مجاهد ، في قوله { فَإِن كَذَّبُوكَ } قال اليهود . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن السديّ قال كانت اليهود يقولون إن ما حرّمه إسرائيل فنحن نحرّمه ، فلذلك قوله { فَإِن كَذَّبُوكَ } الآية .